الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بقوله [ص 401]: (وفرقة لا بسببها كطلاق) و"الحاوي" بقوله [ص 484]: (ولمفارقة لا بسببها) وأورد على ذلك: ما إذا اشترى زوجته .. فإنه لا متعة في الأصح، وقد صرح بالمسألة "التنبيه" مع أنها فرقة لا بسببها (1)، ولذلك وجب لها الشطر إذا كان قبل الدخول في الأصح، وعليه مشى "الحاوي"(2)، لكن "التنبيه" ذهب إلى سقوطه كما تقدم (3)، وهو ظاهر ببادئ الرأي؛ فإن الضابط في وجوبها وفي التشطير شيء واحد، وهو كون الفرقة منسوبة للزوج؛ فيقال: إن نسبت إليه .. فينبغي إيجابهما، أو إليها .. فينبغي نفيهما.
لكن قال الرافعي في نكاح العبد: الفرق بين المسمى والمتعة: أن المسمى وجب بالعقد، والعقد جرى في ملك البائع؛ فإذا ملكها الزوج .. كان له الشطر، والمتعة إنما تجب بالفراق، والفراق حصل في ملك الزوج، فكيف نوجب له على نفسه المتعة؟ ولذلك لو باعها من أجنبي ثم طلقها الزوج قبل المسيس .. يكون نصف المهر للبائع، ولو كانت مفوضة .. تكون المتعة للمشتري (4).
ويرد على "الحاوي" أنه أطلق المتعة للمفارقة، ومحله: في المفارقة بغير الموت، أما به .. فلا متعة، وقد نقل الرافعي والنووي الإجماع على ذلك (5)، لكن حكى الواحدي في تفسيره "البسيط" قولين في المفوضة إذا مات عنها زوجها قبل الدخول والفرض.
3800 -
قول "التنبيه"[ص 168]: (وتقدير المتعة إلى الحاكم يقدرها على حسب ما يرى، على الموسع قدره وعلى المقتر قدره) يقتضي اعتبار حال الزوج فقط، والأصح: اعتبار حالهما، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(6).
فصل [في الاختلاف]
3801 -
قول "التنبيه"[ص 168]: (وإن اختلفا في قدر المسمى
…
تحالفا) كذلك لو اختلفا في صفته، وقد صرح به "المنهاج"(7)، واستغنى بالصفة عن الجنس كدراهم أو دنانير؛ فإنهما
(1) التنبيه (ص 168).
(2)
الحاوي (482).
(3)
التنبيه (ص 168).
(4)
انظر "فتح العزيز"(8/ 208).
(5)
انظر "فتح العزيز"(8/ 329)، و"الروضة"(7/ 321).
(6)
الحاوي (ص 484)، المنهاج (ص 402).
(7)
المنهاج (ص 402).
يتحالفان أيضاً، وقد تناول ذلك جميعه قول "الحاوي" في البيع [ص 288]:(في صفة عقد).
3802 -
قول "التنبيه"[ص 168]: (ويبدأ بيمين الزوج، وقيل: فيه ثلاثة أقوال) الأصح: طريقة الأقوال، وأصحها: البداءة بالزوج، والخلاف في الاستحباب في الأصح، وقد صرح به "الحاوي"(1).
3803 -
قول "المنهاج"[ص 168]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 484]: (ويتحالف وارثاهما)، قد يفهم أنه كتحالف الزوجين، وليس كذلك؛ فإن الزوجين يحلفان على البت في النفي والإثبات، والوارثان يحلفان على البت في الإثبات، ونفي العلم في النفي، قال الرافعي: وأحسن بعض الشارحين فقال في الوارث: عندي أنه يحلف على البت فيهما؛ لأن من قطع بألف .. قطع بأنه غير ألفين، فلا معنى لقوله: لا أعلم أنه نكحها بألفين مع قوله: ولقد نكحها بألف (2).
ويجوز أنه جرى عقدان، وذلك يمنعه من القطع بالنفي، بخلاف العاقد نفسه، وفي "النهاية" وغيرها: تحلف المرأة يميناً يشتمل على الجزم ونفي العلم فتقول: لا أعلم أبي زوجني بألف، ولقد زوجني بألفين (3).
قال شيخنا ابن النقيب: وهو ظاهر؛ لأنها تحلف على فعل غيرها لا سيما من زوجت صغيرة (4).
3804 -
قول "التنبيه"[ص 168]: (فإذا حلفا .. لم ينفسخ النكاح، ووجب مهر مثل) يفهم أن الصداق ينفسخ بنفس التحالف، وليس كذلك؛ بل لا بد من فسخه، وحينئذ .. فيجب مهر مثل؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص 402]:(ثم يُفسخ المهر ويجب مهر مثل) و"الحاوي"[ص 288]: (ثم فسخ الحاكم أو من أراد منهما).
3805 -
قول "المنهاج"[ص 402]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 484]: (ولو ادعت تسمية فأنكرها .. تحالفا في الأصح)، قال الرافعي: إنما يحسن وضع المسألة إذا ادعت أكثر من مهر المثل؛ أي؛ لأنه بإنكار التسمية يقول: الواجب مهر المثل، فيتفقان (5).
قال ابن الرفعة: بل يحسن الإيراد، وإن ادعت قدر مهر المثل إذا كان من غير نقد البلد.
قال شيخنا الإمام البلقيني: ويحسن وضعها إذا كان المسمى معيناً، ولو كان يساوي مهر المثل أو أنقص منه.
(1) الحاوي (ص 288).
(2)
انظر "فتح العزيز"(8/ 334).
(3)
نهاية المطلب (13/ 134).
(4)
انظر "السراج على نكت المنهاج"(6/ 189).
(5)
انظر "فتح العزيز"(8/ 334، 335).
قال الرافعي: والقياس: مجيء الوجهين في عكسه (1).
قال شيخنا ابن النقيب: وينبغي أن يصور بما إذا ادعى دون مهر المثل على قياس ما تقدم (2).
قلت: أو قدره من غير نقد البلد أو عيناً معينة كما تقدم.
واعلم: أن صورة المسألة: ألَاّ يدعي التفويض؛ فإن ادعاه .. فكذلك إن أوجبنا المهر في التفويض بالعقد، وإلا .. فالأصل عدم التسمية من جانب والتفويض من جانب، كذا في "أصل الروضة"(3).
قال شيخنا الإمام البلقيني: لم يبين فيه الحكم، وكأنه أحاله على ما إذا اختلفا في عقدين؛ فإن كلاً يحلف على نفي مدعى الآخر.
3806 -
قولهما أيضاً: (ولو ادعت نكاحاً ومهر مثل فأقر بالنكاح وأنكر المهر أو سكت .. فالأصح: تكليفه البيان)(4) عبارة "أصل الروضة": حكى الغزالي وجهين - أي: في "الوجيز" - أحدهما - وينسب إلى القاضي حسين -: لها المهر إذا حلفت، وأصحهما عند الغزالي: لا، بل يتحالفان؛ لأنه قد ينكحها بأقل متمول، وما قاله لا يكاد يتصور؛ فإن التحالف: أن يحلف كل على إثبات ما يدعيه ونفي ما زعمه صاحبه، والمفروض من الزوج إنكار مطلق، ولم يذكر الروياني الخلاف هكذا بل قال: قال مشايخ طبرستان: يصدق الزوج وعليها البينة، والحق: أنه لا يسمع إنكاره؛ لاعترافه بما يقتضي المهر، ولكن يكلف البيان، قال: ورأيت جماعة من المحققين بخراسان والعراق يفتون به، وهو القويم. انتهى (5).
وهو بالواو من الاستقامة، وصحفه بعضهم بالدال، وبهال: فالجديد إذاً خلافه، وقد ظهر أن مقابل الأصح: تصديق الزوج أو هي أو التحالف، قيل: ولا يعرف حكاية التحالف وجهاً إلا في "الوجيز"(6)، وذكره في "الوسيط" و"البسيط" إشكالاً بعد نقله مقالة القاضي (7).
وقال شيخنا ابن النقيب: هذه المسألة قريبة الشبه من التي قبلها في المعنى وإن اختلفا في الصورة، فليحرر الفرق بينهما (8).
(1) انظر "فتح العزيز"(8/ 335).
(2)
انظر "السراج على نكت المنهاج"(6/ 190).
(3)
الروضة (7/ 324).
(4)
انظر "الحاوي"(ص 485)، و"المنهاج"(ص 402).
(5)
الروضة (7/ 325)، وانظر "الوجيز"(2/ 37).
(6)
الوجيز (2/ 37).
(7)
الوسيط (5/ 271).
(8)
انظر "السراج على نكت المنهاج"(6/ 192).
قلت: هناك إنما أنكر التسمية، ومقتضاه: لزوم مهر المثل، فإذا كان مدعاها زائداً عليه أو من غير جنسه .. فقد اختلفا في المهر فتحالفا، وأما هنا .. فإنه أنكر المهر أصلاً، ولا سبيل إليه مع الاعتراف بالنكاح؛ فلهذا كان الأصح: تكليفه البيان، فإن ذكر أنقص مما ذكرت .. جاء التحالف، وإن أصر على الإنكار .. حلفت وقضى لها.
3807 -
قول " المنهاج "[ص 402]: (ولو اختلف في قدره زوجٌ ووليُّ صغيرةٍ أو مجنونةٍ .. تحالفا في الأصح) إنما يحلف الولي إذ ادعى زيادة على مهر المثل والزوج معترف بمهر المثل، أما إذا اعترف الزوج بزيادة على مهر المثل .. فلا تحالف؛ لئلا يرد إلى مهر المثل، وكذا إذا ادعى دون مهر المثل؛ فإن مهر المثل يجب بلا تحالف؛ ولهذا قال " الحاوي" [ص 484]:(أو ولي الصغيرة والمجنونة زيادة على مهر المثل، والزوج قدره).
وقال في " المهمات ": لا يستقيم ذلك إذا فرعنا على الصحيح المنصوص: أن الزوج هو الذي يبدأ؛ فإنه إذا حلف .. فقد أثبت بيمينه مهر المثل، فلا يحتاج في إثباته إلى يمين الولي، ويصير كما إذا اتفقا على زيادة المسمى على مهر المثل ولكن اختلفا في قدرها .. فإنه لا تحالف، قال: وينبغي في صورة ادعائه أقل من مهر المثل التحالف.
قلت: إنما منع التحالف في صورة اتفاقهما على زيادة على مهر المثل واختلافهما في قدرها؛ لأنه يفضي إلى النقص عما يقوله الزوج بالرجوع إلى مهر المثل، وأما في دعوى الزوج قدرهُ والولي زيادة عليه .. فلا ضرر في التحالف، وقد يحصل النفع بمشروعيته؛ بأن ينكل الزوج فينفرد الولي بالحلف ويأخذ لها الزيادة.
وقول شيخنا: إن الصحيح: أن الزوج هو البادئ، فهذا أولاً: استحباب كما تقدم، وثانياً: أنه سواء بدأ أو ثنى لا تكمل القضية إلا بوجود اليمينين، وأما صورة ادعائه أقل من مهر المثل .. فيظهر ما قاله الرافعي: إن كان الذي ادعاه الولي مهر المثل (1)، وما قاله شيخنا: إن كان أكثر منه؛ لما قررناه من عدم الضرر مع احتمال النفع بتقدير النكول، وإذا جعلت هذا ضابط التحالف هنا .. اتضح لك أمره، والله أعلم.
ثم حكى الرافعي عن الحناطي في دعوى الولي مهر المثل أو أكثر وذكر الزوج أكثر من ذلك وجهين في أنهما يتحالفان أو يؤخذ بما يقوله الزوج (2)، قال شيخنا في " المهمات ": لا وجه للتحالف.
قلت: هو كما قال، والله أعلم.
3808 -
قول "الحاوي"[ص 484]: (أو قال: " أصدقتك أباك "، وقالت:" أمي " ..
(1) انظر "فتح العزيز"(8/ 338).
(2)
انظر "فتح العزيز"(8/ 338).
تحالفا) حكى الرافعي في " الكبير " تصحيحه عن الغزالي (1)، وأرسل تصحيحه في " الصغير " وفي " أصل الروضة "(2)، وفي " المهمات ": أنه ينبغي الجزم به؛ لأن في الرافعي في التحالف في البيع: أنه إن كان الثمن معيناً .. تحالفا بلا خلاف، والبضع هنا معين.
3809 -
قول " المنهاج "[ص 402]: (ولو قالت: " نكحني يوم كذا بألف، ويوم كذا بألف"، وثبت العقدان بإقراره أو بينة .. لزم ألفان) كذا لو ثبتا بيمينها بعد نكوله، وقول " الحاوي " [ص 485]:(وإن أتت ببينة ألفين) .. لم يذكر فيه الإقرار ولا اليمين المردودة.
وقد يقال: أراد بالبينة: بيان ذلك بأحد الطرق الثلاثة لا خصوص البينة، ولا يمكن ذلك في عبارة " المنهاج " لضمه الإقرار إلى البينة.
وقال شيخنا الإمام البلقيني: لزوم الألفين مشكل؛ لأن الفرقة لا بد منها لصحة العقد الثاني، والأصل عدم الدخول، فإلزام ألف عن العقد الأول مع إثبات الفرقة يخالف الأصل المذكور؛ لا يقال: قد تحقق مسمى العقد والأصل البقاء؛ لأن الفرقة المقدرة تمنع هذا الأصل، لا يقال: فعلى الزوج دعوى المسقط؛ لأنا نقول: على القاضي أن يحتاط لحكمه بالإلزام فيستفصل أهناك دخول أم لا؟ وقد قال الماوردي: إنه لا ينبغي للحاكم أن ينبهه عليه (3)، ومقتضاه: أن الحاكم يلزم بالألفين، ولا ينبه الزوج، وهو من المشكلات، وفي الرافعي تشبيهه بمطالبة المودع بالوديعة حتى يدعي تلفاً أو رداً (4) وفيه نظر؛ للزوم تقدير الفرقة هنا، فلزم الاستفصال، والزوج يدعي أن لا فرقة .. فكيف يحسن أن يقول: لم أدخل؟
3810 -
قولهما أيضاً: (وإن قال: " كان الثاني تجديد لفظٍ لا عقداً " .. لم يقبل (5) لكن له تحليفها على نفي ذلك في الأصح، وقد صرح به " الحاوي "(6).
استشكله شيخنا الإمام البلقيني: بأنه تعارض هنا أصل - وهو بقاء النكاح الأول وبراءة ذمة الزوج من صداق الثاني - وظاهر - وهو أن النكاح الثاني جرى على الصحة - فينبغي تخريجه على تقابل الأصل والظاهر، قال: وأيضاً فيجوز أن يكون الطلاق رجعياً، واستعمل الزوج مع الولي لفظ الإنكاح بصداق، فيتجه خلاف دعوى الصحة والفساد.
(1) فتح العزيز (8/ 341).
(2)
الروضة (7/ 329).
(3)
انظر " الحاوي الكبير "(9/ 466).
(4)
انظر " فتح العزيز "(8/ 340).
(5)
انظر " الحاوي "(485)، و" المنهاج "(402).
(6)
الحاوي (ص 485).