الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2781 -
قول "التَّنبيه"[ص 122]: (ولا يجوز ذلك إلَّا على جزء معلوم من الزرع كالمساقاة) قد يفهم اشتراط تساوي جزء الزرع وجزء المساقاة، وكذا صحَّحه النووي في "نكت التَّنبيه"، لكن الأصح: خلافه، وعليه مشى "المنهاج"(1)، وهو ظاهر إطلاق "الحاوي"(2)، وصوبه في "المهمات".
2782 -
قول "المنهاج"[ص 304]: (فإن أفردت الأرض بالزارعة .. فالمغل للمالك) أخرج ما لو أفردت بالمخابرة .. فالمغل حينئذ للعامل، لكن ذكر السبكي فيما نقله عنه ابنه في "طبقاته الكبرى" من خطه: أن كل من زرع أرضًا ببذره .. فالزرع له، إلَّا أن يكون فلاحاً يزرع بالمقاسمة بينه وبين صاحب الأرض؛ كعادة الشَّام .. فإن الزرع يكون على حكم المقاسمة على ما عليه عمل الشَّام، قال: وأنا أراه وأرى وجهه من جهة الفقه: أن الفلاح كأنه خرج عن البذر لصاحب الأرض بالشّرط المعلوم بينهما، فثبت على ذلك، وإذا عرفت ذلك وتعدى شخص على أرض وغصبها، وهي في يد الفلاح، فزرعها على عادته .. لا نقول: الزرع للغاصب، بل للمغصوب منه على حكم المقاسمة. انتهى (3).
2783 -
قوله: (وطريق جعل الغلة لهما ولا أجرة: أن يستأجره بنصف البذر ليزرع له النصف الآخر ويعيره نصف الأرض)(4) قال السبكي: العبارة المحررة: (ليزرع له نصف الأرض ويعيره النصف الآخر)، وقوله:(النصف الآخر)(5) ظاهره: نصف البذر، فلا يعلم منه أين يزرعه، وإن أراد: ليزرع له نصف الأرض .. لم يحسن وصفه بالآخر.
فصل [شروط المساقاة]
2784 -
قول "المنهاج"[ص 305]: (يشترط تخصيص الثمر بهما) أورد عليه: أنَّها عبارة مقلوبة، والصَّواب: تخصيصهما بالثمرة، كما قال في القراض:(اختصاصهما بالربح)(6).
2785 -
قول "التَّنبيه"[ص 121]: (وإن ساقاه على ثمرة موجودة .. ففيه قولان)، قال في "المنهاج" [ص 305]:(الأظهر: صحة المساقاة بعد ظهور الثمر، لكن قبل بدو الصلاح) فبين
(1) المنهاج (ص 304).
(2)
الحاوي (ص 373).
(3)
طبقات الشَّافعية الكبرى (10/ 274).
(4)
انظر "المنهاج"(ص 304).
(5)
المنهاج (ص 304).
(6)
المنهاج (ص 300).
الراجح من القولين، وأن محلهما: قبل بدو الصلاح، فإن كان بعده .. لم يصح قطعًا، وهذه أصح الطرق، وفي المسألة طرق أخرى، وصحح الغزالي: الصحة مطلقاً (1)، وتبعه صاحب "الحاوي" فقال [ص 373]:(خرجت الثمار أو لا).
وأورد شيخنا الإمام البلقيني على الطريقة المصححة: أن في "الأم": وإذا أجزنا المساقاة قبل أن يكون ثمراً، وقد يخطئ الثمر، فيبطل عمل العامل، ويكثر، فيأخذ أكثر من عمله أضعافاً .. كانت المساقاة إذا بدا صلاح الثمرة وحل بيعه وظهر أجوزُ (2)، قال شيخنا: فهذا نص في جوازها بعد بدو الصلاح، فكيف يقطع فيه بالبطلان؟
2786 -
قول "التَّنبيه"[ص 121]: (وإن ساقاه على ودي إلى مدة لا تحمل فيها الشجر .. لم يصح، وهل يستحق أجرة المثل؟ فيه وجهان) الأصح: عدم الاستحقاق، قال الإمام: هذا إذا كان عالماً بأنَّها لا تثمر فيها، فإن جهل ذلك .. استحق الأجرة وجهًا واحداً (3)، كذا في "الروضة" وأصلها (4)، لكن الإمام في موضع آخر حكى في حالة الجهل أيضاً وجهين.
2787 -
قوله: (وإن كان على مدة قد تحمل وقد لا تحمل .. فقد قيل: يصح، وقيل: لا يصح)(5) الأصح: عدم الصحة، وعليه مشى "المنهاج"، فأجاب بالبطلان فيما إذا لم يثمر في المدة غالباً، ثم قال:(وقيل: إن تعارض الاحتمال .. صح)(6)، وهو مفهوم قول "الحاوي" [ص 373]:(بزمان يحصل الريع فيه غالباً، ولو آخر سنين).
2788 -
قول "الحاوي"[ص 374]: (ومع الشريك) قال "المنهاج"[ص 305]: (إذا شرط له زيادة على حصته) قال السبكي: وفيه إشكالان:
أحدهما: مذكور في الإجارة، وهو: أن عمل الأجير يجب كونه في خاص ملك المستأجر، والخلاص منه: أن يُساقي على نصيبه فقط حتَّى لا يكون العمل المعقود عليه واقعاً في المشترك.
الثَّاني: قال ابن الرفعة: استئجار أحد الشريكين على العمل في نصيبه بغير إذن شريكه يظهر بطلانه لمسائل تذكّر في الإجارة، وبإذنه محتمل، والأقرب: الجواز، وإذا كان الشريك هو الأجير .. فكإذنه، ومسألة المساقاة من هذا، لكن المنقول الجواز.
2789 -
قول "المنهاج"[ص 305]: (ويشترط ألا يشترط على العامل ما ليس من جنس أعمالها)
(1) انظر "الوسيط"(4/ 146).
(2)
الأم (4/ 11).
(3)
انظر "نهاية المطلب"(8/ 54).
(4)
فتح العزيز (6/ 60، 61)، الروضة (5/ 151).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 121).
(6)
المنهاج (ص 305).
كان الأحسن ذكر أعمالها أولاً؛ لتتميز عن غيرها، فيُجْتَنبُ شرطها، كما فعل في القراض؛ حيث قال: (ووظيفة العامل
…
كذا)، ثم قال: (فلو قارضه ليشتري حنطة
…
إلى آخره) (1).
2790 -
قوله: (ومعرفة العمل بتقدير المدة كسنة أو أكثر)(2) قد يفهم أنَّه لا يجوز أقل من سنة، وليس كذلك، وأقلها: مدة تطلع فيها الثمرة ويستغنى عن العمل، وقد ذكره "الحاوي" بقوله [ص 373]:(مؤقتة بزمان يحصل فيه الريع كالباً)، وذكر "التَّنبيه" الأكثر، فقال [ص 121]:(ويجوز ذلك إلى مدة يبقى ما يعمل عليه في أصح القولين، ولا يجوز في الآخر أكثر من سنة)، وقد تفهم عبارة "الحاوي" صحة التوقيت بإدراك الثمار، وصححه الغزالي، والجمهور على خلافه، وصححه في "المنهاج"(3)، ووهم ابن الرفعة في نقله عن الرافعي تصحيح مقابله، قال السبكي: والمراد به هنا: الجداد.
2791 -
قول "الحاوي"[ص 374]: (وشرطِ عملِ غلامه) محل جوازه: إذا شُرط أن يعاونه ويكون تحت تدبيره، فلو شرط اشتراكهما في التدبير ويعملان ما اتفقا عليه .. لم يجز؛ ولهذا قال في "التَّنبيه" [ص 121]:(وإن شرط أن يعمل معه غلمانُ رب المال، ويكونوا من تحت أمره .. جاز على المنصوص).
2792 -
قول "التَّنبيه"[ص 121]: (وينعقد بلفظ المساقاة وبما يؤدي معناها) ذكر "المنهاج" مما في معنى المساقاة [ص 305]: (سلمته إليك لتتعهده)، و "الحاوي" [ص 374]:(عاملتُ)، ولم يذكر "التَّنبيه" القبول، ولا بد منه، وقد ذكره "المنهاج" و "الحاوي"(4).
2793 -
قول "الحاوي"[ص 374]: (لا الإجارة) أي: لا تنعقد المساقاة بلفظ الإجارة، كذا صحَّحه الرافعي والنووي (5)، وصحح السبكي الصحة، وقال في "المهمات": إن تصحيح عدم الانعقاد مشكل مخالف للقواعد؛ فإن الصريح في بابه إنَّما يمتنع أن يكون كناية في غيره إذا وجد نفاذًا في موضعه؛ كقوله لزوجته: (أنت على كظهر أمي) ناوياً الطلاق .. فلا تطلق، ويقع الظهار، بخلاف قوله لأمته:(أنت طالق) .. فهو كناية في العتق؛ لأنَّه لم يجد نفاذًا في موضعه، ومسألتنا من ذلك. انتهى.
ويجري الخلاف في عكسه، وهو انعقاد الإجارة بلفظ المساقاة، ومحله: في الشجر خاصة، فلا يأتي في الدار ونحوها، ذكره في "المهمات" جزمًا، وشيخنا الإمام البلقيني بحثًا.
(1) المنهاج (ص 300).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 305).
(3)
المنهاج (ص 305).
(4)
الحاوي (ص 374)، المنهاج (ص 305).
(5)
انظر "فتح العزيز"(6/ 67)، و "الروضة"(5/ 157).
2794 -
قول "المنهاج"[ص 305]: (دون تفصيل الأعمال) مثل قول "الحاوي"[ص 374]: (وعَرَفَ العمل جملة، والعرف يفصّلُه) ومحله: ما إذا كان عرف وعلماه، فإن جهلاه أو أحدهما، أو لم يكن عرف .. وجب التفصيل جزماً.
2795 -
قول "التَّنبيه"[ص 121]: (وعلى العامل أن يعمل ما فيه مستزاد في الثمرة) قد يفهم أنَّه لا يجب عليه حفظ الثمرة، وليس كذلك؛ فالأصح: وجوبه عليه، وقد ذكره "المنهاج" و "الحاوي"(1)، ومقابله: أنَّه عليهما بحسب الشركة في الثمار، وجعله الرافعي أقيس بعد أن ذكر أن الأوَّل أظهر (2)، وأسقط الأقيس من "الروضة"(3).
وأجيب عن "التَّنبيه": بأنه إذا وجب ما فيه مستزاد .. فحفظ الأصل أولى.
2796 -
قولهما: (وتلقيح)(4) وهو داخل في قول "الحاوي"[ص 375]: (ما يتكرر، ويحتاج إليه الثمار) قد يفهم أن الطلع الذي يلقح به على العامل، وليس كذلك، بل هو على المالك.
2797 -
قول "المنهاج"[ص 306]: (وتعريش جرت به عادةٌ) أي: هناك، وهو قيد في التعريش فقط.
2798 -
قوله: (وكذا حفظ الثمر وجذاذه وتجفيفه في الأصح)(5) عبر في "الروضة" في الجذاذ والتجفيف بالصحيح (6).
2799 -
قولهما - والعبارة لـ "التَّنبيه" -: (وعلى رب المال ما يحفظ به الأصل؛ كسد الحيطان)(7) قد يتناول سد الثلم اليسيرة التي تحصل في الحيطان، وكذا صحَّحه السبكي، وقال: إنَّه المنصوص، وقال الرافعي: فيه وجهان كتنقية البئر، قال: والأشبه: أتباع العرف (8)، وعبر عنه في "الروضة" بالأصح (9)، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص 375]:(وفي ردم ثلمةٍ يُتْبَعُ العرف)، والمفهوم من تشبيه الرافعي بالخلاف في تنقية البئر: أن أحد الوجهين أنَّه على المالك
(1) الحاوي (ص 375)، المنهاج (ص 305).
(2)
انظر "فتح العزيز"(6/ 69).
(3)
الروضة (5/ 158).
(4)
انظر "التَّنبيه"(ص 121)، و "المنهاج"(ص 305).
(5)
انظر "المنهاج"(ص 306).
(6)
الروضة (5/ 159).
(7)
انظر "التَّنبيه"(ص 121)، و "المنهاج"(ص 306).
(8)
انظر "فتح العزيز"(6/ 68)،
(9)
الروضة (5/ 159، 160).
والآخر على العامل (1)، فالرجوع إلى العرف ليس واحدًا منهما؛ ولعلّه بحث للرافعي؛ ففي تعبير "الروضة" عنه بالأصح من إيهام أنَّه أحد الوجهين ما ليس في التعبير بالأشبه (2)، ولعل "المنهاج" احترز عن سد الثلم بقوله بعد حفظ الأصل [ص 306]:(ولا يتكرر كل سنة)، وقال الرافعي بعد ذكر الثلم: وكذا في وضع الشوك على رؤس الجدران وجهان (3)، وصحح في "أصل الروضة": اتباع العرف فيه أيضاً (4)، وليس ذلك في كلام الرافعي.
2800 -
قول "المنهاج"[ص 306]: (وحفر نهرٍ جديدٍ) قد يفهم أن إصلاح ما انهار من ذلك على العامل، وليس كذلك، بل هو على المالك؛ ولذلك أطلق "التَّنبيه" حفر الأنهار (5)، وكأن "المنهاج" احترز بذلك عن إصلاح النهر بالتنقية إلَّا أن عبارته لا تعطيه.
2801 -
قولهم: (والمساقاة لازمة)(6) هو المنقول للأصحاب، وقال السبكي: لم يظهر لي وجهه، وكنت أود لو قال أحد من أصحابنا بعدم لزومها .. حتَّى أوافقه، ثم إنَّه جزم باختيار ذلك في كتاب له سماه "الطريقة النافعة في الإجارة والمساقاة والمزارعة".
2802 -
قول "الحاوي"[ص 375]: (فإن هرب .. استقرض القاضي عليه واستأجر) فيه أمران:
أحدهما: أن محل الاستئجار عليه: إذا لم يتبرع المالك بإتمام العمل، فإن تبرع بذلك .. بقي استحقاق العامل، ولا حاجة للإجارة، وقد ذكره "المنهاج" فقال [ص 306]:(فلو هرب العامل قبل الفراغ وأتمه المالك متبرعًا .. بقي استحقاق العامل)، وفي معنى إتمام المالك: ما لو أتمه أجنبي متبرعاً من غير شعوره، أو شعر به ولم يمنعه، وله منعه؛ لأنَّه قد لا يأتمنه ولا يرضى بدخوله ملكه، وقد ذكره "الحاوي" بقوله بعد ذكر الفسخ [ص 375]:(وإن تبرع أجنبي)، قال الرافعي: كذا قالوه (7)، ولو قيل: وجود المتبرع كوجود مقرض حتَّى لا يجوز الفسخ .. لكان قريبًا، ويفهم من قيد التبرع أنَّه لو عمل في مال نفسه، ولم يقصد التبرع عنه .. لم يستحق العامل شيئًا، وكذا لو عمل أجنبي للمالك، كما في الجعالة، ويحتمل أن يقال: يستحق، ويفرق بينه وبين الجعالة باللزوم، قال السبكي: والأقرب: الأوَّل، قال: ومن قولهم هنا وفي الجعالة: أنَّه
(1) انظر "فتح العزيز"(6/ 70).
(2)
الروضة (5/ 160).
(3)
انظر "فتح العزيز"(6/ 70).
(4)
الروضة (5/ 160).
(5)
التنبيه (ص 121).
(6)
انظر "التَّنبيه"(ص 121)، و "الحاوي"(ص 375)، و "المنهاج"(ص 306).
(7)
انظر "فتح العزيز"(6/ 72).
يستحق إذا تبرع عنه بالعمل .. يظهر مثله في إمام المسجد ونحوه إذا استناب، وإن أفتى ابن عبد السَّلام والنووي: بعدم استحقاق الأصل والنائب.
ثانيهما: أن محل الاستقراض: إذا لم يكن له مال، فإن كان .. استؤجر منه ولو لم يكن له إلَّا حصته من الثمرة بعد التأبير، فيباع عليه جميعها، أو بعضها بقدر ما يفي بالأجرة، وعبارة "التَّنبيه" [ص 122]:(وإن هرب العامل .. استؤجر من ماله من يعمل عنه، فإن لم يكن له مال .. اقترض عليه)، فيرد عليه الأمر الأوَّل دون الثَّاني.
ومحل الاقتراض أيضاً: إذا لم نجد من نستأجره بأجرة مؤجلة مدة إدراك الثمار، وهذه واردة على "التَّنبيه" أيضاً؛ فإنَّها رتبة متوسطة بين المال والاقتراض، وعبارة "المنهاج" [ص 306]:(وإلا .. استأجر عليه الحاكم من يُتِمُّهُ)، فلم يُبين من أين يستأجر، وصدق بهذه الصور كلها، وفيه التصريح بأن الذي يستأجر هو الحاكم، ولم يصرح بذلك "التَّنبيه"(1).
وأعلم: أنَّه ينبغي حمل كلامهم في الاستئجار على ما إذا وردت المساقاة على الذمة، فإن وردت على العين وصححناه وهو الأصح .. فقال السبكي: يظهر أن لا يستأجر؛ لتمكن المالك من الفسخ، أو يقال: الفسخ حقه، وطلب العمل حقه، فإذا لم يفسخ .. يستأجر الحاكم، قال: ويتعين هذا في الحاضر الممتنع. انتهى.
وجزم صاحب "المعين" بما رجحه السبكي بحثًا، فقال في إجارة العين: لا يستأجر قطعًا، ولكن يثبت له الخيار، وكذا جزم به النسائي في "نكته"(2)، وما أدري من أين أخذه، فما عادته إطلاق ما يقول صاحب "المعين" من غير عَزوٍ.
2803 -
قول "التَّنبيه"[ص 122] فيما إذا لم يقدر رب المال على إذن الحاكم، فأنفق، وأشهد:(قيل: يرجع، وقيل: لا يرجع) الأصح: الرجوع، وعليه مشى "المنهاج" فقال [ص 306]:(وإن لم يقدر على الحاكم .. فليُشهِد على الإنفاق إن أراد الرجوع) و "الحاوي" بقوله [ص 375]: (ثم ينفق المالك بالإشهاد).
ثم صريح عبارة "المنهاج" وظاهر عبارة الآخرين: الاكتفاء بالإشهاد على الإنفاق، وقال ابن الصباغ: لا بد مع ذلك من الإشهاد على أنَّه بذل ذلك بشرط الرجوع، وإلا .. فهو كترك الإشهاد، حكاه عنه الرافعي والنووي، وأقراه (3)، وحكاه في "الكفاية" عنه وعن البندنيجي وغيرهما، وفي معنى الإنفاق: العملُ إن عمل بنفسه، فلو أنفق المالك بإذن الحاكم ليرجع .. ففيه وجهان: وجه
(1) التَّنبيه (ص 122).
(2)
نكت النبيه على أحكام التَّنبيه (ق 113).
(3)
انظر "فتح العزيز"(6/ 71، 72)، و "الروضة"(5/ 161).
المنع أنَّه متّهم في حق نفسه، فطريقه أن يُسلم المال إلى الحاكم ليأمر غيره بالإنفاق، كذا اقتصر في "الروضة" وأصلها على توجيه هذا الوجه (1)، وقد يُفهم ذلك ترجيحه، لكن الأصح في نظيره في الإجارة عند هرب الجمَّال: تصحيح الجواز، وصححه السبكي، قال: ويقع في هذا الزمان أن الحاكم يأذن لكافلة اليتيم في الإنفاق، ثم يختلف مع وليه في إنفاق ما أذن فيه الحاكم، قال: والذي يظهر القطع بقبول قولها؛ لأنها منصوبة من جهة الحاكم.
2804 -
قول "التَّنبيه"[ص 122]- والعبارة له - و "الحاوي"[ص 375]: (وإن لم يمكن ذلك - أي: الإنفاق والإشهاد - .. فله أن يفسخ، فإن لم تكن ظهرت الثمرة .. فالثمرة للمالك وللعامل أجرة ما عمل، وإن ظهرت الثمرة .. فهي لهما) الأصح: أنَّه لا يفسخ بعد ظهور الثمرة، وقال السبكي: الأقرب: جوازه، وقال الرافعي: لا يُفرض للفسخ بعد خروج الثمرة فائدة (2)، وعبارة "الروضة":(ولا يكاد يُفرض)(3).
قال في "المهمات": وليس كذلك، بل له فوائد:
أحدها: أنَّه لو لم يفسخ .. يصير متطوعاً بالباقي من العمل، ويأخذ العامل حصته من الثمرة، كما صرح به الماوردي (4).
الثَّانية: تمكينه بعد الفسخ من المساقاة عليها على جزء من ثمرة نفسه على رأي، ذكره في "الكفاية".
الثَّالثة: أنَّه قد يكون العقد لسنتين، فيتمكن بعد الفسخ من المساقاة في العام القابل قطعًا.
الرابعة: أن لنا خلافاً فيما إذا حصل الفسخ بعد خروج الثمرة في أنَّهما هل يشتركان فيها أو ينفرد بها المالك وللعامل أجرة المثل؟ وقول "التَّنبيه"[ص 122]: (فهي لهما) تفريع على الأظهر، وهو تمليك العامل بالظهور.
2805 -
قول "التَّنبيه" تفريعاً عليه [ص 122]: (فإن اختار المالك البيع .. فعل، وإن لم يختر .. بيع منه - أي: من المالك - نصيب العامل) مفرع على جواز بيع الثمرة قبل بُدُوِّ الصلاح بدون شرط القطع من صاحب الأصل، وهو الأصح في "الروضة" هنا، لكن الأصح في بابه: المنع كغيره (5)، وهو المشهور، ومراد "التَّنبيه": ما إذا ظهرت الثمرة لكن لم يبد صلاحها؛ فإنَّه لو بدا صلاحها .. أمكن بيعها للمالك وغيره من غير شرط القطع.
(1) فتح العزيز (6/ 72)، الروضة (5/ 161).
(2)
انظر "فتح العزيز"(6/ 73).
(3)
الروضة (5/ 162).
(4)
انظر "الحاوي الكبير"(7/ 382).
(5)
الروضة (5/ 160، 161).
2806 -
قول "التَّنبيه"[ص 122]: (فإن مات العامل فتطوع ورثته بالعمل .. استحقوا الثمرة) يفهم أنهم لا يجبرون على ذلك، ومحله: ما إذا لم يخلف تركة، فإن خلف .. أجبروا منها، وقد ذكره "المنهاج" بقوله [ص 306]:(ولو مات وخلف تركة .. أتم الوارث العمل منها) و "الحاوي" بقوله [ص 376]: (ولا جبر إن لم تكن تركةٌ)، ولا يقال: كلام "التَّنبيه" إنَّما هو فيما إذا لم يخلف تركة، ولا إيراد؛ لقوله بعده:(وإن لم يعملوا .. استؤجر من ماله من يعمل، فإن لم يكن له مال .. فلرب المال أن يفسخ) فدل هذا التقسيم على أن كلامه في الأعم.
فإن قلت: إنَّما عبر "التَّنبيه" بالتطوع؛ لأنَّه لو لم يفعل بنفسه، ولا استأجر غيره .. استأجر الحاكم.
قلت: استئجار الحاكم يدل على أنَّه ليس متطوعاً بذلك، وإنَّما هو حق عليه، إذا امتنع منه .. قام الحاكم مقامه في فعله عنه، ثم محل كلامهم جميعاً: فيما إذا وردت المساقاة على الذمة، فإن كانت على عينه .. انفسخت بموته.
2807 -
قول "المنهاج"[ص 306] تبعًا لـ "المحرر"[ص 228]: (ولو خرج الثمر مستحقاً .. فللعامل على المُساقي أجرة المثل) أعم من تعبير "الحاوي" و "الروضة" وأصلها بالشجر (1)؛ لأنَّ المالك قد يوصي بما سيحدث من الثمرة ثم يساقي ويموت، أشار إليه السبكي.
2808 -
قول "التَّنبيه"[ص 122]: (ويملك العامل حصته بالظهور وزكاته عليه) محل الزكاة: إذا بلغ نصيبه نصاباً، أو كان الجميع نصاباً وأثبتنا فيه الخلطة، وإلا .. لم تجب.
* * *
(1) فتح العزيز (6/ 75)، الحاوي (ص 376)، الروضة (5/ 164).