الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ صدقة التّطوّع
3460 -
قول " المنهاج "[ص 371]: (وتحل لغني) أي: ولو من ذوي القربى، فالأصح: حلها لهم.
نعم؛ تحرم على النبي صلى الله عليه وسلم في الأظهر، وقد ذكره " الحاوي " في الخصائص فقال [ص 451]:(وحرمة الصدقتين، والزكاة على قريبيه).
3461 -
قول " المنهاج "[ص 371]- والعبارة له - و" الحاوي "[ص 450]: (ودفعها سرًا وفي رمضان ولقريب وجارٍ أفضل)، وفي " التنبيه " [ص 64]:(يستحب الإكثار منها في شهر رمضان وأمام الحاجات)، وقال في زيادة " الروضة " بعد ذكر رمضان: وكذا عند الأمور المهمة، وعند الكسوف والمرض، والسفر، وبمكة والمدينة، وبالغزو، والحج، والأوقات الفاضلة؛ كعشر ذي الحجة وأيام العيد، ففي كل هذه المواضع هي آكد من غيرها (1).
وقال شيخنا ابن النقيب: إن الحاجات التي في " التنبيه "[ص 64] هي الأمور المهمة التي في " الروضة "(2).
وتقديم " المنهاج "[ص 371]: القريب في الذكر أولى من تقديم " الحاوي " الجار (3)؛ لأن الصدقة على القريب أفضل منها على الجار، وإطلاقهما القريب يتناول من تلزم نفقته، وكذا صرح به في " شرح المهذب " عن الأصحاب، ثم حكى عن البغوي: أن دفعها إلى قريب تلزمه نفقته أفضل من دفعها لأجنبي (4)، لكن مقتضى تصحيحهم في الوصية للأقارب أنها لا تتناول الأبوين والولد: عدم دخولهم في لفظ القريب هنا؛ ويؤيده أنه في " أصل الروضة " لما فصل ذلك .. لم يذكرهم، بل قال: فالأولى: أن يبدأ بذوي الرحم المحرم؛ كالأخوة والأخوات
…
إلى آخره (5)، وقد عرفت أن المنقول خلافه، والرجوع إلى التصريح أولى من الرجوع إلى إفهام وإشعار.
3462 -
قول " المنهاج "[ص 371]: (ومن عليه دينٌ أو له من تلزمه نفقته .. يُستحب ألا يتصدق حتى يؤدي ما عليه. قلت: الأصح: تحريم صدقته بما يحتاج إليه لنفقة من تلزمه نفقته، أو لدين لا يرجو له وفاء) فيه أمور:
(1) الروضة (2/ 341).
(2)
انظر " السراج على نكت المنهاج "(5/ 287).
(3)
الحاوي (ص 450).
(4)
المجموع (6/ 209، 210).
(5)
الروضة (2/ 341).
أحدها: أن مقتضى كلامه: أنه لا تحرم صدقته بما يحتاج إليه لنفقه نفسه، وكذا صرح بتصحيحه في " الروضة " من زيادته (1)، لكن في " التنبيه " [ص 64]:(ولا يحل ذلك لمن هو محتاج إلى ما يتصدق به في كفايته) وصححه في " شرح المهذب "(2).
ثانيها: أنه قيد الدين بألَّا يرجوا له وفاء، وكذا في زيادة " الروضة "، وعبر بالمختار، فقال: المختار: أنه إن غلب على ظنه حصول وفائه من جهة أخرى .. فلا بأس بالتصدق، وإلا .. فلا يحل (3)، وأطلق " التنبيه " أنه لا يحل التصدق لمن هو محتاج إلى ما يتصدق به في قضاء دينه، وأطلق النووي في " شرح مسلم " جواز ذلك (4).
ثالثها: أنه لا يكفي رجاء الوفاء، بل لا بد من استناد ذلك إلى سبب ظاهر كما ذكره الغزالي في " الإحياء "(5)، ويوافقه قول " الروضة " (6) من زيادته في (الشهادات): تباح الاستدانة لحاجة في غير معصية ولا سرف إذا كان مرجو الوفاء من جهة أو سبب ظاهر.
رابعها: أن عبارة " المحرر " و" الروضة " وأصلها: (لا يستحب أن يتصدق حتى يؤدي ما عليه)(7) فعدل عنها في " المنهاج " إلى قوله [ص 371]: (يستحب ألا يتصدق) وبينهما تفاوت ظاهر (8).
خامسها: قال ابن الرفعة: الأولى: حمل المنع على كفايته وكفاية ممونه في الحال، وقضاء دين تعين وفاؤه على الفور، إما بطلبه أو بغيره على ما في (التفليس)، والجواز على كفاية الأبد، وكلام بعضهم يرشد إليه، ودين لم يجب أداؤه على الفور.
قال: وعلى التحريم هل يملكه المتصدق عليه؟ ينبغي أن يكون فيه خلاف؛ كهبة الماء بعد الوقت، وقال السبكي في الدين: إن التحريم ظاهر إذا قلنا: يجب أداؤه من غير طلب، أو وجد الطلب، قال: وينبغي أن يتحتم سواء رجي له وفاء أم لا، أما المؤجل، أو حال لم يطالب به ولم نوجبه قبله .. فيظهر الجواز إن رجي الوفاء، وإلا .. فينبغي التحريم إن حرم سببه، وإلا .. فلا.
(1) الروضة (2/ 342).
(2)
المجموع (6/ 225).
(3)
الروضة (2/ 342، 343).
(4)
شرح مسلم (7/ 125).
(5)
إحياء علوم الدين (1/ 230).
(6)
الروضة (11/ 246).
(7)
المحرر (ص 287)، فتح العزيز (7/ 420)، الروضة (2/ 342).
(8)
قال في " مغني المحتاج "(3/ 122): (وبيانه أن عبارة المصنف أفادت أن عدم التصدق مستحب، فيكون التصدق خلاف الأولى، وعبارة " المحرر " وغيره: أن التصدق غير مستحب، فتصدق بأن يكون واجبًا أو حرامًا أو مكروهًا؛ فإن ذلك كله غير مستحب).
وقال في " المهمات ": متى طالب صاحب الدين به .. فلا سبيل إلى القول بالجواز؛ لوجوب أدائه على الفور.
سادسها: خرج بالصدقة الضيافة، فلا يشترط في جوازها الفضل عن نفقته ونفقة عياله كما في " شرح المهذب "، وقال: ليست الضيافة صدقة، واستدل بحديث الأنصاري الذي نزل به الضيف فأطعمه قوت صبيانه (1)، وقال في " شرح مسلم ": لا تجوز الضيافة في هذه الحالة، وحمل الحديث على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين إلى الأكل، وإنما طلبوه على عادة الصبيان في الطلب من غير حاجة (2).
3463 -
قول " المنهاج "[ص 371]: (وفي استحباب الصدقة بما فضل عن حاجته أوجهٌ؛ اْصحها: إن لم يشق عليه الصبر .. استحب، وإلا .. فلا) فيه أمور:
أحدها: أن المراد: الصدقة بجميع ما فضل، أما التصدق ببعضه .. فلا تردد في استحبابه.
ثانيها: أن المراد: حاجته لنفسه ولممونه ولقضاء دينه.
ثالثها: أنه ذكر فيما إذا شق عليه الصبر .. أنه لا يستحب، وزاد " التنبيه " على ذلك فقال: إنه مكروه، وعبارته [ص 64]:(ويكره لمن لا يصبر على الإضافة أن يتصدق بجميع ماله) ولا يرد على هذه العبارة الأمران الأولان، لكن مفهمومها: أن من صبر على الإضافة .. لا يكره له التصدق بجميع ماله، وليس فيها أنه مستحب، وقد تقدم استحبابه، وعبارة " الحاوي " [ص 408]:(والمحتاج لا يتصدق بكل ماله) وهي عبارة تحتاج إلى تنقيح؛ فالمحتاج تحرم عليه الصدقة بالمحتاج إليه لدينه أو عياله، وغير المحتاج يكره له التصدق بكل ماله إن لم يصبر على الإضافة وقد تقدم ذلك، والله أعلم (3).
(1) المجموع (6/ 225).
(2)
شرح مسلم (14/ 12).
(3)
في (أ): (تم الجزء الأول بحمد الله وعونه وحسن توفيقه، يتلوه أول الجزء الثاني كتاب النكاح، ووافق الفراغ من تعليقه في الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة من شهور سنة اثنين وعشرين وثمان مئة).