الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: والمسيب هذا متروك كما قال مسلم وجماعة.
وله طريق رابعة ، سأذكرها تحت الحديث (1858) .
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة وفى أسانيدها كلها ضعف ، وتجد تخريجها فى " نصب الراية " ، و" مجمع الزوائد " ، وفيما ذكرنا كفاية.
وخلاصة القول أن الحديث صحيح بلا ريب ، فإن حديث أبى موسى قد صححه جماعة من الأئمة كما عرفت ، وأسوأ أحواله أن يكون الصواب فيه أنه مرسل ، أخطأ فى رفعه أبو إسحاق السبيعى ، فإذا انضم إليه متابعة من تابعه موصولا ، وبعض الشواهد المتقدمة التى لم يشتد ضعفها عن غير أبى موسى من الصحابة ـ مثل حديث جابر من الطريق الثانية ، وحديث أبى هريرة من الطريق الأولى ـ إذا نظرنا إلى الحديث من مجموع هذه الطرق والشواهد فإن القلب يطمئن لصحته ، لاسيما ، وقد صح عن ابن عباس موقوفا عليه كما سبق ، ولم يعرف له مخالف من الصحابة ، أضف إلى ذلك كله أن فى معناه حديث عائشة الآتى فى الكتاب ، وهو حديث صحيح كما سيأتى تحقيقه ، وقد روى ابن عدى فى " الكامل " (156/2) عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: أحاديث: " أفطر الحاجم والمحجوم " ، و" لا نكاح إلا بولى " ، يشد بعضها بعضا ، وأنا أذهب إليها.
(1840) - (عن عائشة مرفوعا: " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها ، وإن اشتجروا فالسلطان ولى من لا ولى لها " رواه الخمسة إلا النسائى (ص 150)
.
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2083) والترمذى (1/204) وابن ماجه (1879) وأحمد (6/47 ، 165) وكذا الشافعى (1543) والدارمى (2/137) وابن أبى شيبة (7/2/1) والطحاوى (2/4) وابن الجارود (700) وابن حبان (1248) والدارقطنى (381) والحاكم (2/168) والبيهقى (7/105)
والطيالسى (1436) وابن عدى فى " الكامل "(ق 156/2) وابن عساكر (7/318/2 ـ 320/1) من طرق عديدة عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهرى عن عروة عنها.
ومن طريقه عنه عبد الرزاق قال: أنبأنا ابن جريج قال: أخبرنى سليمان بن موسى أن ابن شهاب أخبره أن عروة أخبره أن عائشة أخبرته.
أخرجه أحمد وابن الجارود والدارقطنى.
قلت: وهذا إسناد موصول مسلسل بالتحديث ، على أنه ليس فيهم من يعرف بالتدليس سوى ابن جريج ، وقد صرح بالتحديث أيضا فى رواية غير عبد الرزاق ، فقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل حدثنا ابن جريج ، قال أخبرنى سليمان بن موسى به وزاد فى آخره:" قال ابن جريج: فلقيت الزهرى ، فسألته عن هذا الحديث ، فلم يعرفه قال: وكان سليمان بن موسى وكان ، فأثنى عليه ".
وقول ابن جريج هذا أخرجه العقيلى أيضا فى ترجمة سليمان بن موسى (ص 164) وفيه: " قال ابن جريج: وكان سليمان وكان يعنى: فى الفضل ".
قلت: فهذا صريح فى أن الثناء على سليمان إنما هو من ابن جريج لا من الزهرى ، وهو ظاهر عبارة أحمد فى مسنده ، بخلاف ما رواه عنه الحاكم من طريق أبى حاتم الرازى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول ـ وذكر عنده أن ابن علية (هو إسماعيل شيخ أحمد فى الرواية المتقدمة) يذكر حديث ابن جريج فى " لا نكاح إلا بولى " ، قال ابن جريج ، فلقيت الزهرى ، فسألته عنه ، فلم يعرفه وأثنى على سليمان بن موسى ، قال أحمد بن حنبل: إن ابن جريج له كتب مدونة وليس هذا فى كتبه ، يعنى حكاية ابن علية عن ابن جريج ".
قلت: فظاهر قوله " أثنى
…
" إنما هو الزهرى لأنه أقرب مذكور ، وقد صار هذا الظاهر نصا فى نقل الحافظ فى " التلخيص " (3/157) لهذه العبارة عن الحاكم فزاد فيها: "
…
وسألته عن سليمان بن موسى؟ فأثنى عليه ".
فكأن الحافظ رحمه الله رواه بالمعنى الظاهر من عبارة " المستدرك " ، غير أن هذا
الظاهر غير مراد لما تقدم من رواية العقيلى التى هى نص على خلاف ما فهم.
نعم قد رواه ابن عدى على نحو ما عزاه الحافظ للحاكم ، فروى من طريق الشاذكونى حدثنا بشر بن المفضل عن ابن جريج
…
(فذكر الحديث) قال ابن جريج: فلقيت الزهرى فسألته عن هذا الحديث؟ فلم يعرفه ، فقلت له: إن سليمان بن موسى حدثنا به عنك ، قال: فعرف سليمان ، وذكر خيرا وقال ، أخاف أن يكون وهم على ".
قلت: لكن الشاذكونى هذا متهم بالكذب ، فلا يعارض بروايته رواية ابن علية عن ابن جريج.
على أن الرواية عنه من أصلها قد طعن فى صحتها الإمام أحمد كما تقدم فى رواية أبى حاتم عنه ، وروى ابن عدى بالسند الصحيح عن ابن معين أنه قال:" لا يقول هذا إلا ابن علية ، وابن علية عرض حديث ابن جريج على عبد المجيد بن عبد العزيز ، فأصلحها له ".
وطعن فيها آخرون ، فقال الحافظ: " وأعل ابن حبان وابن عدى وابن عبد البر والحاكم وغيرهم الحكاية عن ابن جريج ، وأجابوا عنها على تقدير الصحة بأنه لا يلزم من نسيان الزهرى له أن يكون سليمان بن موسى وهم فيه.
وقد تكلم عليه أيضا الدارقطنى فى " جزء من حدث ونسى " والخطيب بعده ، وأطال الكلام عليه البيهقى فى " السنن " و" الخلافيات " ، وابن الجوزى فى " التحقيق ".
وقال الترمذى عقب الحديث: " هو عندى حسن وقد تكلم بعض أصحاب الحديث فيه (ثم ذكر الحكاية المتقدمة عن ابن جريج وقال:) وذكر عن يحيى بن معين أنه قال: لم يذكر هذا الحرف عن ابن جريج إلا إسماعيل بن إبراهيم. قال يحيى: وسماع إسماعيل عن ابن جريج ليس بذاك إنما صحح كتبه على كتب عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى رواد ما سمع من ابن جريج. وضعف يحيى رواية إسماعيل بن إبراهيم عن ابن
جريج ".
قلت: وقد ذكر هذا الحرف عن ابن جريج بشر بن المفضل أيضا ، لكن الراوى عنه كما سبق ذكره.
ومما سبق يتبين أنه لا يصلح الاعتماد على هذه الحكاية فى الطعن فى سند الحديث ، فلننظر فيه ، كما ننظر فى أى إسناد فى أى حديث ، فأقول: إن الحديث رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ، إلا أن سليمان بن موسى مع جلالته فى الفقه ، فقد قال الذهبى فى " الضعفاء ":" صدوق ، قال البخارى: عنده مناكير " وقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق فقيه ، فى حديثه بعض لين ، وخلط قبل موته بقليل ".
وعلى هذا فالحديث حسن الإسناد ، وأما الصحة فهى بعيدة عنه ، وإن كان صححه جماعة منهم ابن معين كما رواه ابن عدى عنه ، ومنهم الحاكم فقال:" صحيح على شرط الشيخين "!
كذا قال ، وسليمان لم يخرج له البخارى ، وقال ابن الجوزى فى " التحقيق " (3/71/2) :" هذا الحديث صحيح ، ورجاله رجال الصحيح ".
ورده الحافظ ابن عبد الهادى فى " التنقيح "(3/261) ، بأن سليمان صدوق ، وليس من رجال الصحيحين.
نعم لم يتفرد به سليمان بن موسى بل تابعه عليه جماعة فهو بهذا الاعتبار صحيح.
فتابعه جعفر بن ربيعة عن ابن شهاب به.
أخرجه أبو داود (2084) والطحاوى والبيهقى وأحمد (6/66) ، وقال أبو
داود: " جعفر لم يسمع من الزهرى ، كتب إليه ".
وتابعه عبيد الله بن أبى جعفر عن ابن شهاب به مثله.
أخرجه الطحاوى من طريق ابن لهيعة عنه.
قلت: ورجاله ثقات غير ابن لهيعة ، فإنه سيىء الحفظ ، وهو الذى روى المتابعة التى قبل هذه.
وتابعه الحجاج بن أرطاة عن الزهرى بإسناده بلفظ: " لانكاح إلا بولى ، والسلطان ولى من لا ولى له ".
أخرجه ابن ماجه (1880) وابن أبى شيبة (7/2/2) والطحاوى والبيهقى وأحمد (6/260) .
وقال ابن عدى: " وهذا حديث جليل فى هذا الباب ، وعلى هذا الاعتماد فى إبطال نكاح بغير ولى ، وقد رواه {عن} ابن جريج الكبار ، ورواه عن الزهرى مع سليمان بن موسى حجاج بن أرطاة ، ويزيد بن أبى حبيب ، وقرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل وأيوب بن موسى وابن عيينة ، وإبراهيم بن سعيد ، وكل هؤلاء طرقهم غريبة ، إلا حجاج بن أرطاة ، فإنه مشهور ، رواه عنه جماعة ".
وللحديث شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا.
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط "(1/164/1) من طريق أبى يعقوب عن ابن أبى نجيح عن عطاء عنه.
وقال: " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد ".
قال الهيثمى فى " المجمع "(4/285) : " وفيه [أبو] يعقوب غير مسمى ، فإن كان هو التوأم ، فقد وثقه ابن حبان ، وضعفه ابن معين ، وإن كان غيره فلم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات ".