الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
أما بعد: فإن العلم بالله تعالى ومعرفة ما ينبنى عليه الإيمان به عز وجل من توحيده بأفعاله وأسمائه وصفاته، وما يستحقه من أنواع العبادة الخالصة لمن أجل العلوم والمعاوف التي تتسامى الآمال للاستزادة منها، لذا فقد حرص أهل العلم الشرعي في القديم والحديث على الاستزادة منه، ومعرفة أركانه وقواعده؛ ومن ثم كتابة المصنفات المتعددة فيه، فلا تكاد ترى عالمًا مبرزًا إلا وله في هذه الأصول مقالات وآراء.
ولظهور الانحراف في منهج التفكير عند علماء الأمة تأثرًا بالتيارات المبتدعة والاهواء المضللة؛ تباينت تلك المصنفات والاتجاهات أشد التباين، واختلفت المفاهيم وتغايرث حول تلك الأصول والمبادئ، التي كان العلم بها كما فهمها السلف الصالح محل اتفاق وإجماع في العصور المباركة.
وقد تعددت مظاهر ذلك الانحراف ما بين سلوك واعتقاد وفكر وطريقة في الفهم والاستنباط، كنتيجة حتمية وثمرة لازمة لانحرافهم في مصادر التلقى ومناهج الاستدلال.
فتأكد الدفاع عن الحق نتيجة لذلك، إذ معرفته فقط لم تعد كافية، حيث عمت البلوى بانتشار البدع العقدية في أرجاء البلاد الإسلامية، وذلك تحت مسميات المذاهب المختلفة، كالفرق التي استجدت في واقع الأمة المسلمة، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأصبح من الواجب التصدى لهؤلاء المبتدعة بما يحصل به إظهار الحق ورد الباطل، وذلك بالعودة إلى منابع الصدق واليقين: الكتاب والسنة، دون تعسف أو جور، وإنما بتحرى العدل والإنصاف تأسيًا بمنهج الكتاب والسنة وهدى علماء السلف رضى الله عنهم، فليس الهدف هو الانتصار للنفس وما تقرر فيها، وإنما إحقاق الحق والعدل الذي قامت به السموات والأرض، كل ذلك مقرونًا بتحرى الحكمة والجدال بالتى هي أحسن، كما أمرنا المولى تبارك وتعالى؛ تأسيًا بهدى المصطفى صلى الله عليه وسلم في دعوته، حيث قال آمرًا نبيه صلى الله عليه وسلم في محكم التنزيل:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
ولما كان البحث في هذه القضايا العقدية بهذه الأهمية حيث أنيط بتحرى العدل والانتصار للحق فيه: الدفاع عن عقيدة السلف الصالح ومنهجهم في تقريرها؛ وجدت أنه من المفيد النافع اختيار شخصية شعرية يكون لها بروز وأثر علمى في تقرير المسائل العقدية؛ خصوصًا وقد علم ما للمذهب الأشعري من هيمنة على كثير من المؤسسات العلمية في كثير من الدول الإسلامية في وقتنا الحاضر.
إذ تأتى الأشعرية؛ كأبرز مذهب فكرى ينتسب إلى الإسلام على أنه من خالص التعاليم وحقيقة الدين، مع ما فيه من المحدثات العقدية مقننة بشبه عقلية وفلسفية، ومع ما فيه من بدع سلوكية، روج لها المتصوفة الذين انتسبوا إلى ذلك المذهب، تحت مصطلحات بدعية، وأفكار مستوحاة من أديان وضعية ومحرفة، أثرت كثيرًا
في أوساط عامة المسلمين بل وحتى علمائهم؛ مما أدى إلى ضمور دائرة الوعى العقدى عتد كثير من العلماء والمحدثين والمفسرين في تلك المجتمعات.
وهنا تظهر أهمية دراسة هذه الفرقة، للأسباب التالية:
الأول: سعة انتشارها بين أفراد الأمة المسلمة.
ثانيا: وقوع الكثير في الالتباس بحقيقة أمرها، إذ يعتقد فيها موافقة لحقيقة الدين الموحى به من عند الله جملة وتفصيلًا.
ثالثا: تأثر الكثير من العلماء بأفكارها ومناهجها من مفسرين ومحدثين، إذ لا يكاد طالب علم ينجو من مطالعة آرائها، وتحقيقات علمائها في كتب التفسير، وشروح الحديث والفقه والأصول، مما يستدعى إلمامًا بردود السلف على مثل تلك الشبه المقننة بمناهج مفكرى ذلك المذهب.
رابعًا: انتساب الكثير من أكابر الصوفية المتأخرين للمذهب الأشعرى، حتى لا تكاد تقف على علم من أعلام الصوفية المتأخرين وإلا وهو يذهب مذهب الأشاعرة في أصول الاعتقاد، فمن الملاحظ على علماء الأشاعرة خصوصًا المتأخرين منهم ارتباط مذهبهم بالاتجاه الصوفى، حيث يمثل المنحى الأخلاقى السلوكى المنظر لأصول العقائد في واقع المريد، ودون أن يكون هناك أي تعارض بين أفكار الصوفية المغرقين في ركام الجهل بما يجب لله تعالى من تعظيم وإجلال، وبين ما انبنى عليه المذهب الأشعري في مسائل المعرفة والتوحيد (1).
هذا وقد وجدت أن في اختيار آراء الشيخ الصاوى رحمه الله محلا للدراسة والنقد ما يخدم ذلك الهدف المرجو؛ خصوصا والدراسات العقدية حول آراء المتأخرين من علماء الأشاعرة قليلة ولا تزال محل اهتمام الباحثين، مع العلم بأنها تمثل الواقع العلمى لأفكار كثير من المنتسبين للمذهب الأشعري في العصر الحديث.
ولإرادة الوقوف على أقوال السلف في مهمات العقائد المستنبطة من أدلة الكتاب
(1) وسيأتي الحديث مفصلًا في بيان أسباب هذا التناقض.
والسنة فقد وجدت من نفسى انشراحًا وإقبالًا لدراسة آراء هذا العلم البارز في الفكر الأشعري على جهة الاستقصاء والتحرى، فكانت هذه الأسباب الآنفة الذكر، يسبقها ابتغاء ما عند الله والدار الآخرة، والنصح لدين الله، وإنصاف هذا العالم؛ هي ما دعانى لاختيار موضوع هذا البحث سائلة المولى عز وجل أن يتقبله في موازين الحسنات، وأن يتجاوز عن النقص والتقصير، إنه ولى ذلك والقادر عليه.
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن الله قد أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وقد بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم الرسالة وأدى الأمانه ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين فجزاه الله خير ما يجزى نبيًا عن أمته.
ثم إن الصحابة - رضوان الله عليهم - قد سلكوا من بعده طريقه وبينوا الحق وعملوا به وردوا الباطل وجاهدوا في سبيل الله جهدهم وتتابعت على ذلك الهدى الأمة خلفًا عن سلف، وسيبقى الحق ظاهرًا إلى قيام الساعة كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
ومع ذلك فقد عرضت للأمة فترات نشأ فيها الجهل بالسنة، وغلب عليها التأثر بمناهج مخالفة ومناوئة للحق وأهله، فتحقق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من تفرق الأمة واختلافها، وأصبحت المناهج الكلامية والصوفية هي الرائجة في بعض الفترات وأصبح الإسلام الحق غريبًا بين أهله في بعض الأماكن، وبلغ الأمر إلى الجمود على هذه المناهج، وكان ذلك من أهم أسباب ضعف الأمة وتخلفها، ولا سبيل هنا إلى شرح مظاهر ذلك التخلف في الجوانب العلمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها من الجوانب؛ إذ للحديث عن هذا مجالات أخرى.
وفي مرحلة من مراحل الجمود العلمى هذه كان الشيخ أحمد الصاوى رحمه الله، وقد أشارت الباحثة الفاضلة في توطئة البحث إلى شيء من مظاهر الضعف العلمى والسياسى وغيرها.
وكانت غالب جهوده العلمية كغالب أهل عصره تعبيرًا عن هذه المرحلة، حيث اتخذ المنهج الكلامى وبخاصة الاتجاه الأشعري طريقة في الاستدلال والنظر، كما اتخذ المنهج الصوفى طريقة في السلوك والعبادة، وهذه سمة من سمات تلك
الفترات، حيث تجد المتمذهب بأحد المذاهب الفقهية المعروفة متبعًا طريقة المتكلمين في الاعتقاد سالكًا طريقة من طرق التصوف في العبادة والسلوك.
وقد كان للشيخ الصاوى رحمه الله مؤلفات كثيرة شملت جوانب متعددة وغالبها شروح وتعليقات على متون في العقائد الكلامية والتفسير والتصوف والفقه.
وقد أحسنت الأستاذة الفاضلة أسماء بنت محمد توفيق بركات، حين اختارت البحث في آراء الصاوى في العقيدة والسلوك، حيث بينت المنهج الذي سلكه وأثر ذلك عليه، وبيان موقفه من مسائل الاعتقاد والسلوك ومناقشة ذلك كله بالأدلة من الكتاب والسنة وفق منهج السلف الصالح.
وقد وفقت في ذلك كله، زادها الله توفيقًا وسدادًا، وهذه الدراسة مثال ينبغى أن يحتذى في نقد الآراء والكتب المخالفة لأهل السنة، كما ينبغى أن تتكاتف الجهود لإظهار عقيدة أهل السنة بتقريرها وبيان دلائها ونقد كل ما يخالفها.
والذي أعلمه من الطالبة أنها كانت أثناء كتابتها للبحث شديدة الحرص تبين الحق بدليله، حريصة على ألا تنسب للصاوى رحمه الله ما لم يقله بمجرد احتمال قوله لذلك، وكانت أشد حرصًا على أن يكون نقدها مستندًا إلى عقيدة أهل السنة والجماعة، وقد ظهر هذا في كتابتها فجزاها الله عن ذلك خير الجزاء.
وحيث أعلم أن في نية الباحثة الفاضلة إكمال هذا الجهد العلمى الموفق بنقد تفصيلى لحاشية الصاوى على الجلالين فإنى أرى هذا من تمام توفيقها؛ إذ علمنا ما لتفسير الجلالين وحواشيه من انتشار وشهرة.
والله أسأل أن يوفق الباحثة الفاضلة إلى كل خير، وأن ينفع بها، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم إنه سميع مجيب.
بقلم فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الله بن محمد القرني
كلية الدعوة وأصول الدين
قسم العقيدة
22/ 2/ 1426 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين. نحمده سبحانه وتعالى حمدًا كثيرًا طيبًا. والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، والمبعوث رحمة وهداية للناس أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن تمسك بسنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد ..
فقد يكون واضحًا: أن علماء الأمة الإسلامية الذين اغترفوا من بحار العلوم الإسلامية، قد قدموا للأمة انطلاقات علمية كانت رائدة، ومعالم مضيئة في طريق السائرين. ومن هؤلاء العلماء الأعلام الإمام الشيخ الصاوى الذي برز في التفسير، وعلم الكلام، والتصوف. وكان كأهل زمانه متأثرًا بالتصوف ومذاهب علم الكلام خاصة الأشاعرة، "أهل السنة" في ذلك العصر.
ومما يحسن أن نشير إليه. أن علم الكلام عنى به علماء الأمة ومفكروها الأوائل باعتباره: علم الفقه الأكبر. لأنه متعلق بأصول الدين والإلهيات وقضايا الإيمان، ولكن هذا العلم الأصيل. قد اختلط بالفلسفة والمنطق. مما جعله يتعرض لنقود علماء لا يرتضون الفلسفة ولا المنطق.
كذلك التصوف الإسلامى. قد اقتحمت عليه الأبواب المذاهب الغنوصية الباطنية فكان لا بد من محاولة رد الزيوف، وتصحيح المواقف، وبيان ما خرج عن المنهج السنى الصحيح.
ويبدو أن الباحثة: أسماء محمد توفيق في دراستها. التي قدمتها عن آراء الصاوى تميزت بالحكمة في العرض، وحسن الاستنتاج والاستنباط. وقد ساعدها على ذلك ما يلى:
أولًا: سعة اطلاع الباحثة على مسائل علم الكلام، وفهمها لقضاياه ومشاكله في
وعى ودقة. ومما هو واضح أن الذي يتعرض لدراسة علم الكلام يكون أقدر على نقده، والتنبيه على ما فيه.
ثانيًا: قدرة الباحثة على الوقوف على المصادر والمراجع ببصيرة وبصر. وقد أمدها هذا الوقوف بتفوق وحسن تدبر.
ثالثًا: مرونة الباحثة في تناول المفردات المعرفية. لذا لم تتعرض للإسقاطات، ولا النقائض التي قد تبعد في كثير من الأحوال البحوث العلمية عن الإفادة.
رابعًا: الباحثة: ذات آفاق عقلانية، وتطلعات علمية. مكناها من التطلع إلى ما هو أقدر على الاستنباط.
ولا يخفى. أن الباحثة أسماء محمد توفيق. قد استطاعت أن ترتاد طريق التأليف بعمق وموضوعية. فأخرجت للمكتبة العربية والإسلامية عملًا رائدًا في موضوعه.
وإذا كان الإمام الصاوى لم يتعرض كثيرًا لنقود العلماء فيما اشتملت عليه رؤاه، فإن الباحثة استطاعت أن تصحح كثيرًا من أفكاره. خاصة فيما يتصل بعلم الكلام والتصوف.
والنقد والتصحيح علامة صحة وعافية، ودليل علم ومعرفة، ومعلم من معالم يقظة الأمة.
وقديمًا حينما ترجمت الفلسفة الإغريقية - في عصر الترجمة - وافتتن بها كثير من المثقفين المسلمين وجهت إلى الفلسفة نقود هائلة وكبيرة. نذكر منها:
1 -
تهافت الفلاسفة للإمام أبي حامد الغزالي.
2 -
تهافت الفلاسفة للعالم علاء الدين الطوسى.
3 -
تهافت الفلاسفة للشيخ قطب الدين أبي الحسين.
4 -
تهافت الفلاسفة للخواجه زاده مصلح الدين.
5 -
تهافت التهافت. للفيلسوف ابن رشد.
هذه النقود التي جاءت على ما أدخل على المسلمين من قضايا فلسفية تخالف ما جاء به القرآن الكريم، مكنت المسلمين من الرد على ما يثار من الشبهات.
ومما هو يقينى. أن النقود التي وجهتها الباحثة العالمة: أسماء محمد توفيق لها في وعى الأمة ضرورة حياتية، وتقدير، لأن كثيرًا من المفاهيم والمصطلحات لا تنتشر بين الناس إلا عن طريق التقلب، والأخذ، والرد.
وإذا كان علم الكلام يعتبر فلسفة المسلمين، والتصوف هو علم السلوك - كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم - رحمهما الله - فإن الباحثة استطاعت أن تعرض لقضايا تناولتها من خلال المنظور العقدى.
والعقيدة الإسلامية هي النافذة التي يطل منها المسلمون على كافة حقائق العلوم، والوجود، والأفكار، والمذاهب، والاتجاهات.
وإذا كان المتأثرون بعلم الكلام والتصوف أنطلقوا من العقيدة لعمل إطار فلسفى فكرى فإن ما قامت به الباحثة من محرض ونقد وتقرير. يمثل إضافة حية. لأن المواقف تحكم بحركة الإنسان وتواجداته.
أ. د: أحمد عبد الرحيم السايح
الأستاذ في جامعة الأزهر وقطر وأم القرى
المستشار: توفيق على وهبة
المستشار الأسبق في وزارة الداخلية السعودية
(الأمن العام)