الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعًا: موانع إنفاذ الوعيد لأصحاب الكبائر من المسلمين:
يعتقد الصاوي وجود مكفرات للذنوب سوى التوبة، وقد يذكر ذلك إما على سبيل إبطال حجة الخصم أو على سبيل تقرير مذهب أهل السنة والجماعة في هذه القضية، ويمكن تحديدها وفق هذا الحصر التالى من حواشيه المتعددة:
1 -
التوبة، يقول:"فالصدقات لا تكفر جميع السيئات بخلاف التوبة فتكفر جميعها". (1)
2 -
الأعمال الصالحة، فالنص السابق يدل مفهومه على أن الصدقة تكفر الذنوب.
3 -
المصائب، يقول في حال من مات من المسلمين متلبسًا بذنب بلا توبة:"الغالب المغفرة؛ لأن فضل الله واسع، ورحمته تغلب غضبه، وكل ذلك ما لم يمت هديمًا أو غريقًا أو مقتولًا ظلمًا مثلًا، وإلا فيقوم ما ذكر مقام التوبة". (2)
4 -
الحدود، يقول:"وأما حدود المسلمين فالمعتد أنها جوابر". (3)"فمتى قتل ولو من غير توبة فقد سقطت الحقوق كلها؛ لأن السيف يجب ما قبله". (4)
5 -
الشفاعة، يقول: فـ "العاصى إذا مات مصرًا على المعاصى تحت المشيئة إن شاء عذبه مدة ثم يعفو عنه؛ بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وإن شاء لم يعذبه، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة". (5)
6 -
العفو، كما دل عليه النص السابق.
خامسًا: الرد على شبه الوعيدية:
يقول في الرد على كل من جزم بإنفاذ الوعيد لأهل الكبائر على جهة المكث الأبدى:
(1) المرجع السابق: (1/ 121).
(2)
المرجع السابق: (1/ 210).
(3)
المرجع السابق: (1/ 265).
(4)
المرجع السابق: (1/ 269).
(5)
المرجع السابق: (2/ 276).
"وقال أبو هاشم الجبائى وجمهور المعتزلة: إن المتقين هم الذين اتقوا جميع إلمعاصى، فلا يثبت دخول الجنة إلا لمن ترك جميع المعاصى، وهذا مذهب باطل؛ لمخالفته النصوص القرآنية والأحاديث النبوية". (1)
وفي معرض آخر يصرح بالأدلة التي يبطل بها مذهبهم من النصوص الشرعية، يقول:"أما المعاصى فلا تبطل ثواب الأعمال الصالحة خلافًا للمعتزلة القائلين بأن الكبائر تحبط الأعمال كالردة، ورد كلامهم بقوله تعالى: {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] "(2).
وكان هذا ردًا منه بالدليل الشرعي الذي يقطع ببطلان مذهبهم القائم على وجوب إنفاذ الوعيد للعصاة، حيث دل على أن الأمر راجع إلى مشيئته سبحانه، فقد يجازي بالعقاب المتوعد به، وقد يعفو فلا معقب لحكمه سبحانه.
وهذا من حيث الأصل في إنفاذ الوعيد لأهل الكبائر، أما في وقوعه على جهة التأبيد لهم، كما يعتمدونه في جانب الذم الموجب لمماثلة حكم أهل الكفر ويستدلون له بالشبه العقلية والنقلية، فللرد عليهم في هذا الباب يوجه أجوبة متعددة، كلها من القوة بمكان، مصوبًا بها أقوى الأدلة النقلية التي يستندون إليها في دعم مذهبهم، قال تعالى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].
فأجاب أولًا بـ:
- سبب نزول هذه الآية، فبعد أن أورد القصة التي اشتهرت في سبب النزول وهى أن من قام بالقتل رجع إلى الكفر؛ معلنًا بذلك ارتداده عن دين الإسلام، وأن الوعيد في الآية قد توجه إليه بناء على ما آل إليه فعله، قال:"فعلى هذا الخلود في الآية على ظاهره" أي أنه استحق ذلك لأنه ارتد عن دينه بعد وقوع القتل منه.
(1) المرجع السابق: (276/ 2).
(2)
المرجع السابق: (4/ 89).