الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأي الشيخ الصاوي:
يقول الصاوي في تفسير قوله تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} [محمد: 18]: "ورد عن حذيفة والبراء بن عازب (كنا نتذاكر الساعة إذ أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما تتذاكرون؟ قلنا: نتذاكر الساعة. قال: إنها لا تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات الدخان، ودابة الأرض، وخسفًا بالمشرق، وخسفًا بالمغرب، وخسفًا بجزيرة العرب، والدجال، وطلوع الشمس من مغربها، ويأجوج ومأجوج، ونزول عيسى، ونار تخرج من عدن)(1).
وإن من علاماتها الصغرى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم" (2).
وعن ترتيب هذه الآيات من حيث الظهور، يقول:"وروى أن أول الآيات ظهورًا الدجال، ثم نزول عيسى، ثم خروج يأجوج ومأجوج، ثم خروج الدابة، ثم طلوع الشمس من مغربها، وهو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوى، وذلك أن الكفار يسلمون في زمن عيسى، فإذا قبض ومن معه من المسلمين رجع أكثرهم إلى الكفر فعند ذلك تطلع الشمس من مغربها"(3).
* * *
وفى تفسير آيات سورة الكهف يصف يأجوج ومأجوج، فيقول:"روى أن كلِّ من الجيلين اشتمل على أربعة آلاف، لا يموت الواحد منهم حتى ينظر ألف ذكر من صلبه كلهم قد حمل السلاح، وهم أصناف منهم طوله عشرون ومائة ذراع في السماء، وصنف منهم طوله وعرضه سواء عشرون ومائة ذراع، وصنف منهم يفترش أحدهم إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى، لا يمرون بفيل ولا وحش ولا خنزير إلا أكلوه، ومن مات منهم أكلوه، والجميع كفار دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء فلم يجيبوا"(4).
(1) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الفتن وأشراط الساعة: (18/ 27).
(2)
حاشية الجلالين: (4/ 85).
(3)
المرجع السابق: (2/ 55).
(4)
حاشية الجلالين: (3/ 25).
أما عن نزول المسيح عليه السلام، فإنه يرى إمكان تفسير قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159] بنزول عيسى وإيمان الناس به أو بفتنة آحاد أهل الكتاب به عند الموت، يقول: "روى أن اليهودى إذا حضره الموت ضربت الملائكة وجهه ودبره وقالوا له: يا عدو الله أتاك عيسى نبيًا فكذبت به، فيقول: آمنت بأنه عبد الله ورسوله، ويقال للنصرانى: أتاك عيسى نبيًا فزعمت أنه الله وابن الله، فيقول: آمنت بأنه عبد الله، فأهل الكتاب يؤمنون به ولكن لا ينفعهم إيمانهم؛ لحصوله وقت معاينة العذاب.
أما التفسير الثاني؛ فيقول وهناك "تفسير آخر وهو صحيح المعنى أن عيسى حين ينزل إلى الأرض ما من أحد يكون من اليهود أو النصارى أو ممن يعبد غير الله إلا آمن بعيسى حتى تصير الملة كلها إسلامية"(1)
وكان تفسيره لقوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: 158] بأن المراد بها طلوع الشمس من مغربها هو الصحيح الذي عليه غالب أهل العلم.
يقول: "ورد أن رسول الله قال يومًا: (أتدرون أين تذهب هذه الشمس إذا غربت؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إنها تذهب إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة، فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعى فارجعى من حيث شئت، فتصبح طالعة من مطلعها، وهكذا كل يوم، فإذا أراد الله أن يطلعها من مغربها حبسها، فتقول: يا رب إن مسيرى بعيد، فيقول لها: اطلعى من حيث غربت، فقال الناس: هل لذلك من آية، فقال: آية تلك الليلة أن تطول قدر ثلاث ليالٍ، فيستيقظ الذين يخشون ربهم فيصلون ثم يقضون صلاتهم والليل مكانه لم ينقص، ثم يأتون مضاجعهم حتى إذا استيقظوا والليل مكانه؛ خافوا أن يكون ذلك بين يدى أمر عظيم، فإذا أصبحوا طال عليهم طلوع الشمس فبينما هم ينتظرونها إذ طلعت عليهم من قبل المغرب"(2).
(1) المرجع السابق: (1/ 242).
(2)
المرجع السابق: (2/ 54).
وفي حديثه عن وصف الدابة الوارد ذكرها في سورة النمل نجده يروى الكثير من الأخبار في بيان صفتها، يقول: هي الجساسة، ورد في الحديث: "أن طولها ستون ذراعًا بذراع آدم عليه السلام لا يدركها طالب لا يفوتها هارب، وروى: أن لها أربع قوائم ولها زغب وريش وجناحان.
وأن لها: "رأس ثور، وعين خنزير، وأذن فيل، وقرن إبل، وعنق نعامة، وصدر أسد، ولون نمر، وخاصرة هرة، وذنب كبش، وخف بعير، وما بين المفصلين اثنا عشر ذراعًا بذراع آدم عليه السلام.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: فيها كل لون ما بين قرنيها فرسخ للراكب.
وفى تحدد مكان خروجها وكيفيته يذكر عددًا من الروايات، يقول: "وعن على رضي الله عنه: أنها تخرج بعد ثلاثة أيام، ينظرون فلا يخرج كل يوم إلا ثلثها، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل من أين تخرج الدابة؟ فقال: من أعظم المساجد حرمة على الله تعالى.
وروى: أنها تخرج ثلاث خرجات: تخرج بأقصى اليمن ثم تكمن، ثم تخرج بالبادية ثم تكمن دهرًا طويلًا، فبينما الناس في أعظم المساجد حرمة على الله تعالى وأكرمها فما يهولهم إلا خروجها من بين الركن، حذاء دار بنى مخزوم عن يمين الخارج من المسجد".
وقيل: تخرج من الصفا لما روى: بينما عيسى عليه السلام يطوف بالبيت ومعه المسلمون؛ إذ تضطرب الأرض تحتهم حتى تتحرك تحرك القنديل، وتنشق الصفا مما يلى المسعى؛ فتخرج الدابة من الصفا ومعها عصا موسى، وخاتم سليمان - عليهما الصلاة والسلام -، فتضرب المؤمن في مسجده بالعصا فتنكت نكتة بيضاء فتفشو حتى يضئ بها وجهه، وتكتب بين عينيه مؤمن، وتنكت الكافر بالخاتم في أنفه، فتفشو النكتة حتى يسود بها وجهه، وتكتب بين عينيه كافر، ثم تقول لهم: أنت يا فلان من أهل الجنة، وأنت يا فلان من أهل النار".