الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب موانع الشهادة وعدد الشهود
لا تقبل شهادة عمودي النسب بعضهم لبعض
(1)
، ولا شهادة أحد الزوجين
لصاحبه
(2)
، وتقبل
(1)
(لبعض) هذا ظاهر المذهب وهم الآباء وإن علوا والأبناء وإن سفلوا وسواء في ذلك ولد البنين والبنات وسواء جده وجداته من قبل أبيه وأمه وإن علوا وبه قال شريح والحسن والشعبي والنخعي ومالك وإسحق والشافعي وأبو عبيد وأصحاب الرأي.
(2)
(لصاحبه) في إحدى الروايتين وهي المذهب وبه قال الشعبي والنخعي ومالك وأبو حنيفة، وعنه تقبل وبه قال شريح والحسن والشافعي وأبو ثور لأنه عقد على منفعة فلا يمنع قبول الشهادة كالإِجارة، وقال الثوري وابن أبي ليلى: تقبل شهادة الرجل لامرأته لأنه لا تهمة في حقه ولا تقبل شهادتها له لأن يساره زيادة في حقها، ولنا أن كل واحد من الزوجين يرث الآخر من غير حجب وينبسط في ماله عادة فلم تقبل شهادته له كالابن مع أبيه.
عليهم
(1)
، ولا من يجر إلى نفسه نفعًا أو يدفع عنها ضررًا، ولا
عدو على عدوه
(2)
كمن شهد على من قذفه أو قطع الطريق عليه، ومن سره مساءة شخص أو غمه فرحه فهو عدوه.
(1)
(عليهم) هذا المذهب وبه قال عامة أهل العلم لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} .
(2)
(على عدوه) وبه قال أكثر أهل العلم منهم ربيعة والثوري ومالك والشافعي وإسحق والمراد ههنا العداوة الدنيوية، وتقبل لعدوه، وعليه في عقد نكاح.
(فصل) ولا يقبل في الزنا والإِقرار به إلا أربعة
(1)
، ويكفي على من أتى بهيمة رجلان، ويقبل في بقية الحدود والقصاص
(2)
وما ليس بعقوبة ولا مال ولا يقصد به
المال ويطلع عليه الرجال غالبًا كنكاح
(1)
(إلا أربعة) رجال يشهدون به، أو أنه أقر به أربعًا لقوله تعالى:{لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} الآية، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أربعة وإلا حد في ظهرك".
(2)
(والقصاص إلخ) رجلان، ولا تقبل فيه شهادة النساء لأنه يسقط بالشبهة.
وطلاق ورجعة وخلع ونسب وولاء وإيصاء إليه يقبل فيه رجلان، ويقبل في المال وما يقصد به كالبيع والأجل والخيار فيه ونحوه رجلان أو رجل وامرأتان
(1)
أو رجل ويمين المدعي
(2)
، وما لا يطلع عليه الرجال غالبًا
كعيوب النساء تحت الثياب والبكارة والثيوبة والحيض والولادة والرضاع والاستهلال ونحوه
(1)
(وامرأتان) لقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} وسياق الآية يدل على اختصاص ذلك بالأموال.
(2)
(ويمين المدعي) لقول ابن عباس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد" رواه أحمد وغيره.
تقبل فيه شهادة امرأة عدل
(1)
، والرجل فيه كالمرأة. ومن أتى برجل وامرأتين أو شاهد ويمين فيما يوجب القود لم يثبت به قود ولا مال
(2)
. وإن أتى بذلك في سرقة
ثبت المال
(3)
دون القطع، وإن أتى
(1)
(عدل) لحديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة وحدها ذكره الفقهاء في كتبهم، وقد روي عن علي أنه أجاز شهادة القابلة وحدها في الاستهلال، وعن عقبة بن الحارث قال "تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب فأتت أمة سوداء فقالت قد أرضعتكما، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأعرض عني فأتيته فقلت يا رسول الله إنها كاذبة فقال: كيف وقد زعمت ذلك".
(2)
(ولا مال) لأن قتل العمد يوجب القصاص والمال بدل منه، فإذا لم يثبت الأصل لم يجب بدله.
(3)
(ثبت المال) لكمال بينته، ولم تكمل بينة القطع.
بذلك في خلع ثبت له العوض، وتثبت البينونة بمجرد دعواه.
(فصل) ولا تقبل الشهادة على الشهادة
(1)
إلا في حق يقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي
(2)
، ولا
(1)
(على الشهادة) هذا المذهب وبه يقول مالك والشافعي وأصحاب الرأي.
(2)
(إلى القاضي) وهو حقوق الآدميين دون حقوق الله وهذا قول الشعبي والنخعي وأبي حنيفة، وقال مالك والشافعي في قول وأبو ثور: تقبل في الحدود في كل حق لأن ذلك يثبت بشهادة الأصل فثبت بشهادة الفرع كالمال، ولنا أن الحدود مبنية على الستر والدرء بالشبهات والإِسقاط بالرجوع عن الإِقرار والشهادة على الشهادة فيها شبهة لأنه يتطرق إليها الغلط والسهو.
يحكم بها إلا أن تتعذر شهادة الأصل بموت أو مرض أو غيبة مسافة قصر
(1)
. ولا يجوز لشاهد الفرع أن
(1)
(مسافة قصر) ولا بد من تعذر شهود الأصل إلى الحكم، وحكي عن أبي يوسف ومحمد جوازها مع القدرة على شهود الأصل.
يشهد إلا أن يسترعيه شاهد الأصل
(1)
فيقول
أشهد على شهادتي بكذا
(2)
أو يسمعه يقر بها عند الحاكم
(3)
(1)
(الأصل) الاسترعاء من قول المحدث لمن يحدثه أرعني سمعك يريد اسمع مني فيقول أشهد على شهادتي أنى أشهد أن فلان ابن فلان وقد عرفته أقر عندي وأشهدني على نفسه طوعًا بكذا أو شهدت عليه قال أحمد لا تكون شهادة إلا أن يكون يشهدك، فأما إن سمعه يتحدث فإنما ذلك حديث، وبما ذكرنا قال الشافعي وأصحاب الرأي وأبو عبيد.
(2)
(بكذا) فإن لم يؤدها الفرع على صفة تحمله لم يحكم بها للاختلاف في كيفية الاسترعاء.
(3)
(عند الحاكم) هذا المذهب وبه قال الشافعي فيقول أشهد أن فلان شهد على فلان ابن فلان عند الحاكم بكذا.
أو يعزوها إلى سبب من قرض أو بيع أو نحوه
(1)
، وإذا رجع شهود المال بعد الحكم لم ينقض
(2)
ويلزمهم الضمان
(3)
دون من زكاهم
(4)
، وإن حكم بشاهد ويمين ثم رجع الشاهد غرم المال كله
(5)
.
(1)
(أو نحوه) نجيقول أشهد أن فلانًا بن فلان قال أشهد أن لفلان ابن فلان على فلان ابن فلان كذا من جهة كذا.
(2)
(لم ينقض) الحكم، لأنه قد تم ووجب المشهود به للمشهود له لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في قول أهل الفتيا من علماء الأمصار وإن رجعوا قبل الحكم لغت ولا ضمان.
(3)
(ويلزمهم الضمان) بدل المال الذي شهدوا به قائمًا كان أو تالفًا، لأنهم أخرجوه من ملكه بغير حق وحالو بينه وبينه.
(4)
(دون من زكاهم) فلا غرم على مزك إذا رجع المزكى، لأن الحكم تعلق بشهادة الشهود. وأما المزكون فأخبروا بظاهر حال الشهود وأما باطنه فعلمه إلى الله تعالى.
(5)
(كله) هذا المنصوص عن أحمد في رواية جماعة ويتخرج أن يضمن النصف وبه قال مالك والشافعي لأنه أحد حجتي الدعوى فكان عليه النصف كما لو كانا شاهدين. ولنا أن الشاهد حجة الدعوى فكان الضمان عليه لأن اليمين قول الخصم وقول الخصم ليس مقبولًا على خصمه وإنما هو شرط الحكم فهو كطلب الحكم ولا حكم بشهادته بعد رجوعه عنها ولو أداها بعد ذلك، قاله في شرح المنتهى.