الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالرهن لك لا يصح البيع
(1)
. وإن باعه وشرط البراءة من كل عيب مجهول لم يبرأ
(2)
. وإذ باعه دارًا على أنها عشرة أذرع فبانت أكثر أو أقل صح. ولمن جهله وفات غرضه الخيار
(3)
.
باب الخيار
(4)
(1)
(لا يصح البيع) لقوله عليه الصلاة والسلام "لا يغلق الرهن من صاحبة" رواه الأثرم وفسره أحمد بذلك وكذا كل بيع علق على شرط مستقبل غير "إن شاء الله".
(2)
(لم يبرأ) وهذا الصحيح من المذهب، لأن هذا شرط مجهول، والبراءة قبل ثبوت الحق لا تجدي نفعًا، فأما إذا أبرأه بعد العقد برأ مطلقًا سواء شرط عليه قبل العقد أم لا.
(3)
(الخيار) فلكل منهما الفسخ ما لم يعط البائع الزيادة للمشتري مجانًا في المسئلة الأولى أو يرض المشتري بالنقص بأخذه بكل الثمن في الثانية لعدم فوات الغرض، وإن تراضيا على المعاوضة عن الزيادة والنقص جاز ولا إجبار.
(4)
(باب الخيار) هو طلب خير الأمرين من الإِمضاء والفسخ لحديث "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" متفق عليه من حديث ابن عمر وحكيم بن حزام.
وهو أقسام: الأول (خيار المجلس
(1)
) يثبت في البيع
(2)
. والصلح بمعناه، وإجارة، والصرف،
(1)
(خيار المجلس) بكسر اللام، وأصله مكان الجلوس، والمراد هنا مكان التبايع على أي حال كانا.
(2)
(يثبت في البيع) في قول أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، لما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعًا أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فباعا على ذلك وجب البيع" متفق عليه.
والسلم
(1)
دون سائر العقود
(2)
. ولكل من المتبايعين الخيار ما لم يتفرقا عرفا بأبدانهما
(3)
وإن نفياه أو
(1)
(والسلم) على الأصح، وعنه لا يثبت فيهما قياسًا على خيار الشرط فإنه لا يثبت فيهما.
(2)
(دون سائر العقود) كالمساقاة والحوالة والوقف والرهن والضمان ونحوه.
(3)
(بأبدانهما) لقوله عليه الصلاة والسلام "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" رواه الأئمة.
أسقطه سقط
(1)
. وإن أسقطه أحدهما بقى خيار الآخر وإذا مضت مدته لزم البيع. (الثاني) أن يشترطاه في العقد مدة معلوهة ولو طويلة
(2)
وابتداؤها من العقد، وإذا مضت مدته أو قطعاه بطل ويثبت في البيع
(1)
(سقط) اختارها ابن أبي موسى، وهذا مذهب الشافعى، وهو الصحيح إن شاء الله لقوله في حديث ابن عمر "فإن خير أحدهما صاحبه فباعا على ذلك فقد وجب البيع" يعنى لزم.
(2)
(ولو طويلة) هذا قول أبي يوسف ومحمد وابت المنذر وأجازه مالك فيما زاد على الثلاثة بقدر الحاجة، وقال أبو حنيفة والشافعى: لا يجوز أكثر من ثلاث، ولنا أنه حق يعتمد الشرط فرجع في تقديره إلى مشترطه لأجل.
والصلح بمعناه، والإجارة في الذمة أو على مدة لا تلى العقد. وإن شرطاه لأحدهما دون صاحبه صح. وإلى الغد أو الليل يسقط بأوله
(1)
. ولمن له الخيار الفسخ ولو مع غيبة الآخر وسخطه
(2)
. والملك مدة
(1)
(يسقط بأوله) وهذا مذهب الشافعى، وعنه يدخل وهو مذهب أبي حنيفة لأن "إلى" تستعمل بمعنى "مع". ولنا أن موضوع "إلى" لانتهاء الغاية فلا يدخل ما بعدها فيما قبلها كقوله (ثم أتموا الصيام إلى الليل) وكالأجل.
(2)
(وسخطه) وبهذا قال مالك والشافعى وأبو يوسف، وقال أبو حنيفة ليس له الفسخ إلا بحضور صاحبه ولنا أنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضا.
الخيارين للمشتري
(1)
. وله نماؤه المنفصل كسبه
(2)
. ويحرم ولا يصح تصرف أحدهما في المبيع وعوضه
(1)
(للمشتري) وهو المذهب، وهو أحد قولي الشافعى.
(2)
(وكسبه) لقوله "الخراج بالضمان" رواه الترمذي وصححه، فهذا من ضمان المشتري فيجب أن يكون خراجه له.
المعين فيها بغير إذن الآخر بغير تجربة المبيع
(1)
إلا عتق المشتري
(2)
. وتصرف المشترى فسخ لخياره ومن مات منهما بطل خياره
(3)
(الثالث) إذا غبن في المبيع غبنا يخرج عن العادة .. وبزيادة الناجش
(4)
،
(1)
(بغير تجربة المبيع) كوب الدابة ينظر سيرها والطحن على الرحى وحلب الشاة ليعلم قدر لبنها.
(2)
(إلا عتق المشترى) لمبيع زمن الخيارين فينفذ، هذا المذهب ويسقط خيار البائع حينئذ، وظاهره أن عتق البائع لا ينفذ وهو ظاهر المذهب، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعى: ينفذ عتقه لأنه ملكه.
(3)
(بطل خياره) فلا يورث إن لم يكن طالب به قبل موته كالشفعة وحد القذف.
(4)
(بزيادة الناجش) قال البخاري: الناجش آكل ربا خائن، وهو خداع باطل لا يحل. لما روى ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النجش" متفق عليه، فإن اشترى مع النجش فالشراء صحيح في قول أكثر العلماء منهم الشافعى وأصحاب الرأي.
والمسترسل
(1)
.
الرابع (خيار التدليس) كتسويد شعر الجارية وتجعيده، وجمع ماء الرحى وإرساله عند عرضها
(2)
.
الخامس (خيار العيب) وهو ما ينقص قيمة المبيع كمرضه وفقد عضو أو سن أو زيادتهما
(3)
. وزنا الرقيق، وسرقته، وإباقه، وبوله في الفراش
(4)
فإذا علم المشتري العيب بعد أمسكه بأرشه وهو
(1)
(والمسترسل) فيثبت له الخيار بين الفسخ والإِمضاء، وبه قال مالك، ومذهب أبى حنيفة لا فسخ له.
(2)
(عند عرضها) للبيع لأنه إذا أرسله بعد حبسه اشتد دوران الرحى حين ذلك فيظن المشتري أن ذلك عادتها فيزيد في الثمن.
(3)
(أو زيادتهما) وبه قال أبو حنيفة والشافعي، قال ابن المنذر: أجمع من نحفظ عنه من أهل العلم في الجارية تشتري ولها زوج أنه عيب.
(4)
(وبوله في الفراش) من مميز ابن عشر سنين فصاعدًا وهو المذهب نص عليه.
قسط ما بين قيمة الصحة والعيب، أو رده وأخذ الثمن. وإن تلف المبيع أو عتق العبد تعين الأرش
(1)
. وإن اشترى ما لم يعلم عيبه بدون كسره كجوز هند وبيض نعام فكسره فوجده فاسدًا فأمسكه فله أرشه، وإن رده رد أرش كسره
(2)
وإن كان كبيض دجاج رجع بكل الثمن
(3)
. وخيار عيب متراخ ما لم يوجد دليل الرضا، ولا يفتقر إلى حكم ولا رضا ولا حضور صاحبه
(4)
. وإن اختلفا عند من حدث العيب، فقول مشتر مع يمينه
(5)
. وإن لم يحتمل إلا قول أحدهما قبل بلا يمين
(السادس) خيار في البيع بتخبير الثمن متى بان أقل أو أكثر. ويثبت في التولية
(6)
والشركة والمرابحة والمواضعة. ولابد في جميعها من
(1)
(تعين الأرش) وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي، إلا أن أبا حنيفة قال في المقتول خاصة: لا أرش له، لأنه زال ملكه بفعل مضمون أشبه البيع.
(2)
(رد أرش كسره) هذا المذهب وأخذ الثمن، وقال أبو حنيفة والشافعى: له الأرش، وفي رواية لا يرجع على البائع بشئ وهو مذهب مالك لأنه ليس من البائع تدليس ولا تفريط.
(3)
(رجع بكل الثمن) لأن هذا يبين به فساد العقد من أصله. لكونه وقع على ما لا نفع فيه.
(4)
(ولا حضور صاحبه) وبه قال الشافعى، لأنه رفع عقد مستحق له فلم يفتقر إلى رضا صاحبه ولا حضوره كالطلاق، والمبيع بعد الفسخ أمانة بيد مشتر.
(5)
(مع يمينه) إن لم يخرج عن يده، والظاهر أنها المشاهدة فلو دفعه إلى زوجته لم يجز له الحلف.
(6)
(ويثبت في التولية) قال أحمد: لا بأس ببيع الرقم، والرقم هو الثمن المكتوب عليه إذا كان معلومًا حال العقد وهذا قول عامة العلماء فإن لم يعلم فالبيع باطل لجهالة الثمن.
معرفة المشتري رأس المال. وإن اشترى بثمن مؤجل
(1)
أو ممن لا تقبل شهادته له
(2)
أو بأكثر من ثمنه حيلة، أو باع بعض الصفقة بقسطها من الثمن
ولم يبين ذلك في تخبيره بالثمن فللمشتري الخيار بين الإمساك والرد، وما يزاد في ثمن أو يحط منه في مدة خيار، أو يؤخذ أرشًا لعيب أو جناية عليه، يلحق برأس ماله ويخبر به
(3)
. وإن كان ذلك بعد لزوم البيع لم يلحق به
(4)
وإن أخبر بالحال
فحسن. (السابع)
(1)
(بثمن مؤجل) يؤجل على المشري ولا خيار لزوال الضرر، هذا المذهب، ومذهب أبي حنيفة والشافعي يخير بين أخذه بالثمن الذي وقع عليه العقد حالًا وبين الفسخ، لأن البائع لم يرض بذمة المشتري.
(2)
(شهادته له) حتى يبين ذلك، وبهذا قال أبو حنيفة، وقال الشافعى وأبو يوسف ومحمد: يجوز وإن لم يبين لأنه اشتراه بعقد صحيح وأخبره بثمنه، ولنا أنه متهم في الشراء منهم لكونه يحابيهم ويسمح لهم.
(3)
(ويخبر به) فإن تغير سعر السلعة بأن حط بعض الثمن عن المشتري أو اشتراه في مدة الخيار لحق بالعقد وأخبر به في الثمن وبه قال الشافعى وأبو حنيفة ولا نعلم عن غيرهما خلافهما.
(4)
(لم يلحق به) لأن الزيادة بعده هبة تعتبر لها شروط الهبة، والنقص إبراء، وبه قال الشافعي.
خيار لاختلاف المتبايعين فإذا اختلفا في قدر الثمن تحالفا
(1)
، فيحلف البائع أولًا ما بعته بكذا
(1)
(تحالفا) إذا لم يكن لأحدهما بينة، وهذا المذهب وبه قال شريح وأبو حنيفة والشافعي، وهي رواية عن مالك، وله رواية أخرى القول قول المشتري مع يمينه، وعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة فالقول ما قال البائع ويترادان البيع" رواه سعيد وابن ماجة، وحكاه ابن المنذر عن أحمد.
وإنما بعته بكذا، ثم يحلف المشتري ما اشتريته بكذا. وإنما اشتريته بكذا ولكل الفسخ إذا لم يرض أحدهما بقول الآخر
(1)
، فإن كانت السلعة تالفة رجعا إلى قيمة مثلها
(2)
فإن اختلفا في صفتها فقول مشتر، وإذا فسخ
(1)
(إذا لم يرض أحدهما بقول الآخر) فإن حلف البائع فنكل المشتري عن اليمين قضى عليه، وكذلك البائع، ووجه ذلك حديث ابن عمر وزيد.
(2)
(إلى قيمة مثلها) ويقبل قول المشتري فيها لأنه غارم. واختاره أبو بكر، وهو قول النخعي والثوري والأوزاعي وأبى حنيفة لقوله عليه الصلاة والسلام، والسلعة قائمة، مفهومه أنه لا يشرع التحالف عند تلفها.
العقد انفسخ ظاهرًا وباطنًا
(1)
وإن اختلفا في أجل أو شرط فقول من ينفيه، وإن اختلفا في عين المبيع تحالفا وبطل البيع
(2)
. وإن أبي كل منهما تسليم ما بيده حتى يقبض العوض - والثمن عين - نصب عدل يقبض منهما ويسلم المبيع ثم الثمن، وإن كان دينًا حالا أجبر بائع ثم مشتر إن كان الثمن في المجلس، وإن كان غائبًا
(1)
(انفسخ ظاهرًا وباطنًا) في حق المظلوم ولم ينفسخ في حق الظالم باطنًا، وعليه إثم الغاصب، قال القاضي: وظاهر كلام أحمد أنه ينفسخ باطنًا كاللعان.
(2)
(وبطل البيع) كما لو اختلفا في الثمن، وعنه القول قول البائع بيمينه وهو المذهب لأنه كالغارم، ولاتفاقهما على وجوب الثمن واختلافهما في التعيين، وجزم به في الإقناع والمنتهى وغيرهما.
في البلد حجر عليه في المبيع وبقية ماله حتى يحضره، وإن كان غائبًا بعيدًا عنها والمشتري معسر فللبائع الفسخ
(1)
. ويثبت الخيار للخلف في الصفة ولتغيير ما تقدمت رؤيته.
(فصل) ومن اشترى مكيلًا ونحوه صح ولزم بالعقد
(2)
ولم يصح تصرفه فيه حتى يقبضه
(3)
، وإن
(1)
(فللبائع الفسخ) لأن عليه ضررًا في تأخير الثمن فكان له الفسخ والرجوع في عين ماله كالمفلس.
(2)
(ولزم بالعقد) ذكره الشيخ إجماعًا حيث لا خيار.
(3)
(حتى يقبضه) لأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الطعام قبل قبضه متفق عليه، وقال ابن عمر "ارأيت الذين يشترون الطعام مجازفة يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى يؤوه إلى رحالهم" متفق عليه.
تلف قبله فمن ضمان البائع
(1)
وإن تلف بآفة سماوية بطل البيع، وإن أتلفه آدمي خير مشتر بين الفسخ وإمضاء ومطالبة متلفه ببدله، وما عداه يجوز
تصرف المشترى فيه قبل قبضه
(2)
وإن تلف - ما عدا المبيع بكيل ونحوه - فمن ضمانه
(3)
ما لم يمنعه بائع من قبضه، ويحصل قبض ما بيع بكيل أو وزن أو عد أو ذرع بذلك
(4)
وفى صبرة وما ينقل بنقله
(5)
وما يتناول بتناوله، وغيره بتخليته
(6)
.
و (الإقالة) فسخ
(7)
تجوز
(1)
(فمن ضمان البائع) وهو ظاهر كلام الخرقي، وكذلك في المعدود سواء كان متعينًا كالصبرة أو غير متعين كقفيز منها، وهو ظاهر كلام أحمد، ونحوه قول إسحق.
(2)
(قبل قبضه) لما روى ابن عمر قال "كنا نبيع الإبل بالبقيع بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير ونبيع بالدنانير ونأخذ عنها الدراهم، فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك: فقال: لا بأس إذا تفرقتما وليس بينكما شئ" وفي لفظ "لا بأس أن يؤخذ بسعر يومها ما لم يفترقا وبينهما شئ" رواه الخمسة، وهذا تصرف في الثمن قبل قبضه، وهو أحد العوضين، وحديث ابن عمر في البكر، وحديث جابر في الزوائد.
(3)
(فمن ضمانه) أي المشترى لقوله عليه الصلاة والسلام "الخراج بالضمان" وهذا المبيع نماؤه للمشتري فضمانه عليه. وقول ابن عمر "مضت السنة أن ما أدركته الصفقة حبا مجموعًا من مال المبتاع".
(4)
(أو ذرع بذلك) وبه قال الشافعي، وقد روي عن أحمد رواية أخرى أن القبض في كل شئ التخلية مع التمييز، ولنا ما روى عثمان بن عفان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل" رواه البخاري، وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يكتاله" رواه مسلم.
(5)
(وما ينقل بنقله) لأن ابن عمر قال "كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا الطعام جزافًا أن يبيعوه في مكانه حتى يحوزوه" وهذا بين أن الكيل إنما وجب فيما بيع بالكيل.
(6)
(بتخليته) بلا حائل، بأن يفتح له باب الدار أو يسلمه مفتاحها، وكذا العقار والثمرة على الشجر.
(7)
(والإقالة فسخ) لا بيع، وهي مستحبة لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من أقال نادمًا بيعته أقاله الله عثرته يوم القيامة" رواه ابن ماجة، ورواه أبو داود ولم يقل "يوم القيامة".