الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب إزالة النجاسة
(1)
يجزئ في غسل النجاسات كلها إذا كانت على الأرض غسلة واحدة تذهب
بعين النجاسة
(2)
، وعلى غيرها سبع
(3)
إحداها بتراب في نجاسة كلب وخنزير
(4)
(1)
(إزالة النجاسة) أي تطهير موارد الأنجاس.
(2)
(بعين النجاسة) المائعة كالبول والخمر ونحوهما، طهورهما أن تغمر بالماء بحيث يذهب لون النجاسة وريحها، فإن لم يذهبا لم تطهر، لأن بقاءهما دليل بقاء النجاسة، والدليل على ذلك ما روى أنس قال "جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم. فلما قضى بوله أمر بذنوب من ماء فأهرق عليه" متفق عليه، ولا نعلم في ذلك خلافًا.
(3)
(سبع) لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا أولاهن بالتراب" رواه مسلم.
(4)
(وخنزير) لا يختلف المذهب في نجاسة الكلب والخنزير وما تولد منهما، روى ذلك عن عروة وهو قول الشافعي وأبى عبيد وبه قال أبو حنيفة في السؤر. وقال مالك والأوزاعي: سوءرهما طاهر، وإن ولغ في طعام لم يحرم أكله، وروى أبو سعيد "أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة تردها السباع والكلاب والحمر وعن الطهارة بها فقال: لها ما حملت في بطونها، ولنا ما غبر طهور" رواه ابن ماجة. ولنا ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا" متفق عليه. ولمسلم "فليرقه ثم ليغسله سبع مرار" ولو كان سؤره طاهرًا لم يجز إراقته ولا وجب غسله.
ويجزئ عن التراب أشنان ونحوه
(1)
. وفي نجاسة غيرهما سبع بلا تراب. ولا يطهر متنجس بشمس، ولا ريح
(2)
، ولا دلك، ولا استحالة
(3)
غير الخمرة
(4)
(1)
(أشنان ونحوه) كالصابون إلنخالة، وقال ابن حامد: إنما يجوز العدول إلى غير التراب عند عدمه.
(2)
(ولا ريح) وممن روى عنه ذلك أبو ثور وابن المنذر والشافعي في أحد قوليه، وقال أبو حنيفة ومحمد ابن الحسن: تطهر إذا ذهب أثر النجاسة. وقال أبو قلابة: جفاف الأرض طهورها، لأن ابن عمر روى "إن الكلاب كانت تبول وتقبل وتدبر في المسجد فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك" رواه أبو داود. ولنا قوله صلى الله عليه وسلم "صبوا عليه ذنوبًا من الماء".
(3)
(ولا استحالة) فلو حرق سرجينًا فصار رمادًا أو وقع كلب في ملاحة فصار ملحًا لم يطهر كالدم إذا استحال قيحًا أو صديدًا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الجلالة وألبانها لأكلها النجاسة، فلو كانت تطهر بالاستحالة لم يؤثر أكلها النجاسة لأنها تستحيل.
(4)
(غير الخمرة) إذا انقلبت بنفسها خلا فإنها تطهر لا نعلم في ذلك خلافًا، لأن نجاستها لشدتها المسكرة الحادثة لها، وقد زال ذلك من غير نجاسة خلفتها فوجب أن تطهر كالماء الذي تنجس بالتغير إذا زال تغيره بنفسه.
فإن خللت
(1)
أو
تنجس دهن مائع لم يطهر
(2)
. وإن خفى موضع نجاسة غسل حتى يجزم بزواله
(3)
.
(1)
(فإن خللت) لم يطهر في ظاهر المذهب، روى عن عمر وهو قول مالك، لما روى "أن أبا طلحة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرًا، فقال: اهرقها، قال: أفلا أخللها؟ قال: لا" من المسند. ورواه الترمذي.
(2)
(لم يطهر) في ظاهر المذهب، اختاره القاضي وابن عقيل، لحديث أبى هريرة.
(3)
(بزواله) وإن رآها في بدنه أو ثوبه الذي عليه وأراد الصلاة به غسل كل ما يدركه بصره، وبذلك قال النخعي ومالك، وإن كانت في فضاء واسع صلى حيث شاء، وإن كان صغيرًا غسله كله.
ويطهر بول غلام لم يأكل الطعام بنضحه
(1)
. ويعفى في غير مائع
(2)
. ومطعوم عن
يسير دم نجس
(1)
(بنضحه) معنى النضح أن يغمره بالماء وإن لم ينزل عنه، لما روت أم قيس بنت محصن "أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسه في حجره فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله" متفق عليه، وعن لبابة بنت الحارث قالت "كان الحسن بن علي في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال عليه فقلت: البس ثوبًا آخر وأعطنى إزارك حتى أغسله، قال: إنما يغسل من بول الأنثى وينضح من بول الذكر" رواه أبو داود. فعلى هذا ما يسقاه الصبي أو يلعقه للتداوي لا يعد طعامًا يوجب الغسل، والنبي حنك بالتمر بل ما يطعمه لغذائه وهو يريده ويشتهيه.
(2)
(مائع) فلو وقعت قطرة من دم في مائع يسير تنجس وصار حكمه حكم الدم في العفو عن يسيره.
من حيوان طاهر
(1)
، وعن أثر استجمار بمحله
(2)
. ولا ينجس الآدمي بالموت
(3)
(1)
(من حيوان طاهر) وممن يروى عنه العفو عن ذلك ابن عباس وأبو هريرة وجابر وابن أبي أوفى وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وطاوس وعروة والنخعي وأصحاب الرأي، لما روت عائشة قالت "قد يكون لإحدانا الدرع فيه تحيض وفيه تصيبها الجنابة ثم ترى فيه قطرة من دم فتقصعه بريقها" وفي رواية "بلته بريقها، ثم قصعته بظفرها" رواه أبو داود. وهذا يدل على العفو عنه لأن الريق لا يطهر ولا ينجس به ظفرها، وهو إخبار عن دوم العفو وعلى أن دم الحيض كغيره في العفو عنه.
(2)
(بمحله) أثر الاستجمار لا نعلم خلافًا في العفو عنه بعد الإنقاء واستيفاء العدد، ويحكم بمهارة محله بعد الإنقاء في أحد الوجهين لظاهر الأخبار، وهذا ظاهر كلام أحمد فإنه قال في المستجمر يعرق في السراويل: لا بأس به لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الروث والرمة "إنهما لا يطهران" فمفهومه أن غيرهما يطهر.
(3)
(بالموت) ظاهر المذهب أن الآدمي طاهر حيًا وميتًا لقوله عليه الصلاة والسلام "المؤمن لا ينجس". متفق عليه. وقال أبو حنيفة: ينجس ويطهر بالغسل لأنه له نفس سائلة. وللشافعي قولان كالروايتين، والصحيح الأول للخبر.
وما لا نفس له سائلة متولد من طاهر
(1)
، وبول ما يؤكل لحمه وروثه ومنيه،
ومني الآدمي
(2)
، ورطوبة
(1)
(من طاهر) لأن العرب تسمى الدم نفسًا، ومنه قيل للمرأة "نفساء" لسيلان دمها. ولا ينجس الماء إذا مات فيه ما لا نفس له سائلة في قول عامة الفقهاء إلا ما كان من قول الشافعي ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم يطرحه، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء" رواه البخاري.
(2)
(الآدمى) طاهر وهو قول سعد بن أبي وقاص وابن عمر وابن عباس، وهو مذهب الشافعي وأبي ثور وابن المنذر، وقال أصحاب الرأي: هو نجس ويجزى فرك يابسه. وعن عائشة قالت "كنت أفرك المنى من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركًا فيصلي فيه" متفق عليه. وقال ابن عباس. هو كالبزاق.
فرج المرأة
(1)
، وسؤر الهرة وما دونها في الخلقة طاهر
(2)
،
وسباع البهائم والطير
(3)
(1)
(ورطوبة فرج المرأة) طاهر في إحدى الروايتين، لأن المنى طاهر لما بينا، وإذا كان من جماع فلابد أن يصيب رطوبة فرج المرأة.
(2)
(طاهر) كابن عرس والفأرة ونحو ذلك من حشرات الأرض لا نعلم فيه خلافًا في المذهب أنه يجوز شربه والوضوء به ولا يكره، هذا القول أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وعن عائشة أنها قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أنها ليست بنجس، إنها هي من الطوافين عليكم. وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها" رواه أبو داود.
(3)
(والطير) نجس، وهو اختيار الخرقي لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الماء وما ينوبه من السباع فقال "إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس" ولو كانت طاهرة لم يحدّ بالقلتين.
والرواية الثانية: أنها طاهرة، يروى ذلك عن الحسن وعطاء والزهري ومالك والشافعي وابن المنذر لما في حديث أبي سعيد "لها ما أخذت في أفواهها ولنا ما غير" و"مر عمرو بن العاص بحوض فقال عمرو: يا صاحب الحوض ترد حوضك السباع؟ فقال عمر: يا صاحب الحوض لا تخبرنا، فإنا نرد عليها وترد علينا" رواه مالك في الموطأ.