الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعرتني أو بالعكس عقب العقد قبل قول مدعى الإِعارة، وبعد مضي مدة
(1)
قول
المالك بأجرة المثل
(2)
. وإن قال أعرتني أو آجرتني قال بل غصبتني
(3)
، أو قال أعرتك قال بل أجرتني والبهيمة تالفة أو اختلفا في رد فقول المالك.
باب الغصب
(4)
(1)
(وبعد مضي مدة إلى آخره). هذا المذهب وحكى عن مالك، وقال أصحاب الرأي: القول قول الراكب وهو منصوص الشافعي، لأنهما اتفقا على تلف المنافع على ملك الراكب وادعى عوضًا لها والأصل عدمه. ولنا أنهما اختلفا في كيفية انتقال المنافع إلى الراكب فكان القول قول المالك.
(2)
(بأجرة المثل على الصحيح من المذهب صححه المصنف والشارح، وقيل: له الأقل من المسمى أو أجرة المثل.
(3)
(بل غصبتني) فإن وقع الاختلاف في عقب العقد والبهيمة باقية أخذها المالك ولا معنى للاختلاف، وإن وقع بعد مضى مدة لها أجر فيحسب عليه أجرة المثل لأن القول قول المالك على الصحيح من المذهب.
(4)
(الغصب) قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر بمنى "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا" متفق عليه. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت عنده مظلمة لأحد من عرض أو شيء فليتعلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه رواه البخاري.
وهو الاستيلاء على حق غيره قهرًا بغير حق من عقار
(1)
ومنقول
(2)
، وإن غصب كلبًا يقتني أو خمر ذمي ردهما
(3)
، ولا يرد جلد ميتة، وإتلاف الثلاثة هدر
(4)
. وإن استولى على حر لم يضمنه، وإن استعمله كرهًا أو حبسه فعليه أجرته
(5)
. ويلزم رد
المغصوب
(6)
بزيادته وإن غرم أضعافه. وإن بنى في الأرض
(1)
(من عقار) هذا المذهب، وبه قال مالك والشافعي ومحمد بن الحسن. هو الضبعة والنخل والأرض، لما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال "من ظلم شبرًا من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين" متفق على معناه. وفي لفظ "من غصب" فأخبر أنه يغصب ويظلم فيه.
(2)
(ومنقول) كالأثاث والحيوان ولو أم ولد.
(3)
(درهما) لأنه يجوز اقتناء الكلب والانتفاع به، ويقر الذمي على شرب الخمر.
(4)
(هدر) وكذا الخنزير، وبهذا قال الشافعي. وقال مالك وأبو حنيفة: يجب ضمان الخمر والخنزير إذا أتلفهما على ذمي. ولنا ما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ألا إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام" متفق عليه، ولأن ما لم يكن مضمونًا في حق المسلم لا يكون مضمونًا في حق الذمي كالمرتد.
(5)
(فعليه أجرته) لأنه استوفى منافعه وهي متقومة، وفوت بالحبس منفعته وهي ما لا يجوز أخذ العوض منها.
(6)
(رد المغصوب) إن كان باقيًا لقوله عليه الصلاة والسلام "على اليد ما أخذت حتى ترده" رواه أبو داود، وعن عبد الله بن السائب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعبًا ولا جادًا، ومن أخذ عصا أخيه فليرده "رواه أبو داود، فهو لاعب في السرقة جاد في الأذية.
أو غرس لزمه القلع
(1)
وأرش نقصها وتسويتها والأجرة. ولو غصب جارحًا أو عبدًا أو فرسًا فحصل بذلك
صيدًا فلمالكه
(2)
. وإن ضرب المصوغ
(3)
ونسج الغزل وقمر الثوب أو صبغه ونجر
الخشب ونحوه
(1)
(لزمه القلع) إذا طالبه المالك، لا نعلم فيه خلافًا لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس لعرق ظالم حق" رواه الترمذي وحسنه، ويلزمه رد الأرض إلى ما كانت عليه والحكم فيما إذا بنى في الأرض كالحكم فيما إذا غرس فيها.
(2)
(فلمالكه) هذا الصحيح من المذهب، وقيل. هو للغاصب وعليه الأجرة، وهو احتمال في المغني، قال في حاشية شرح الزاد: تتمة لو زرع الغاصب في الأرض شجرًا بنواه فالمنصوص عن أحمد وعليه الأصحاب أنه له، كما في الغراس، ويحتمل كونه لرب الأرض لدخوله في عموم أخبار الزرع، قاله الحارثي واقتصر عليه في الأنصاف، قال المنقول من جواب لشيخنا: اعلم أن الغرس النابت في الأرض المأجورة أو الموقوفة لم نظفر فيه بنص وتعبنا من زمن، وأرسلنا للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الشافعي المفتي فيمن استأجر أرضًا مدة طويلة فنبت فيها غراس الظاهر سقوطه في مدة الإِجارة ما حكمه؟ فأجاب: إذا وقع منه نوى في الأرض المذكورة ولم يعرض عنه كان النابت ملكًا للمستأجر إن تحقق أن النوى ملكه، وإن لم يتحقق أو أعرض عنه وكان ممن يصح إعراضه فهو لصاحب الأرض، وإن نما بعمل المستأجر. وفى المستوعب: ولو أعاره أرضا ببيضاء ليجعل فيها شوكًا أو دواب فتناثر فيها حب أو نوى فهو للمستعير ويجبر على قلعه، فيؤخد منه عدم وقفيته إذا نبت بعد الوقف أو الإِجارة في الأرض الوقف، وأنه للمستأجر إذا نبت ونما بعمله اهـ.
(3)
(المصوغ إلى آخره) هذا الصحيح من المذهب وبه قال الشافعي لأن عين المغصوب فيه قائمة فلزم ردها إليه، فعلى هذا لا شيء للغاصب بعمله سواء زادت العين أو لم تزد وهذا مذهب الشافعي، وعنه يكون شريكًا في الزيادة اختاره الشيخ.
أو صار الحب زرعًا أو البيضة فرخًا والنوى غرسًا وأرش نقصه، ولا شيء للغاصب، ويلزمه ضمان نقصه. وإن خصى الرقيق رده مع قيمته
(1)
، وما نقص
بسعر لم يضمن
(2)
، ولا بمرض عاد ببرئه
(3)
،
(1)
(مع قيمته) هذا المذهب، وكذا لو قطع يديه أو ما تجب فيه الدية من الحر لزمه رده ورد قيمته كلها وبهذا قال مالك والشافعي.
(2)
(لم يضمن) هذا المذهب وبه قال جمهور العلماء، وعنه يضمن وبه قال أبو ثور وابن أبي موسى والشيخ، لأنه يضمنه إذا تلفت العين. ولنا أنه رد العين بحالها لم ينقص منها عين ولا صفة فلم يلزمه شيء كما لو لم تنقص.
(3)
(ببرئه) هذا المذهب قدمه في الفروع ونصه يضمن وحكى الحارثي وجهًا للشافعية بالضمان وقواه.
وإن عاد بتعليم صنعة ضمن النقض
(1)
، وإن تعلم أو سمن فزادت قيمته ثم نسى أو هزل فنقصت
(1)
(ضمن النقص) كما لو غصب عبدًا سمينًا قيمته مائة فهزل فصار يساوى تسعين وتعلم صنعة فزادت قيمته بها عشرة لأن الزيادة الثانية غير الأولى.
ضمن الزيادة
(1)
كما لو
عادت من غير جنس الأولى، ومن جنسها لا يضمن إلا أكثرها
(2)
.
(1)
(ضمن الزيادة) كما لو غصب عبدًا أو أمة وقيمته مائة فزاد بتعليمه أو في بدنه حتى صارت قيمته مائتين ثم نقص بنقصان بدنه أو نسيان صنعته حتى صارت قيمته مائة لزمه رده ويأخذ من الغاصب مائة وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجب عليه عوض الزيادة إلا أن يطالب بردها فلا يردها لأنه رد العين كما أخذها. ولنا أنها زادت على ملك المغصوب منه فلزم ضمانها.
(2)
(إلا أكثرها) يعنى إذا نسى صنعة وتعلم أخرى وكانت الأولى أكثر ضمن الفضل بينهما لفواته وعدم عوده.
(فصل) وإن خلط بما لا يتميز كزيت، أو حنطة بمثلهما، أو صبغ الثوب، أولت سويقًا بدهن أو عكسه
(1)
- ولم تنقص القيمة ولم تزد - فهما شريكان بقدر ماليهما فيه
(2)
، وإن نقصت القيمة ضمنها،
(1)
(أو عكسه) بأن غصب دهنًا ولت به سويقًا.
(2)
(بقدر ماليهما فيه) هذا المذهب، فيباع ويوزع الثمن على القيمتين، وكذا لو خلط نقدًا بمثله.
وإن زادت قيمة أحدهما فلصاحبه، ولا
يجبر من أبى قلع الصبغ
(1)
، ولو قلع غرس المشتري أو بناءه لاستحقاق الأرض رجع على بائعها بالغرامة
(2)
، وإن أطعمه لعالم بغصبه فالضمان عليه وعكسه بعكسه، وإن
(1)
(من أبى قلع الصبغ) وقال أصحابنا: له ذلك وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: ليس له أخذه لأن فيه إضرارًا بالثوب المغصوب فلم يمكن منه.
(2)
(بالغرامة) لأنه ببيعه إياه غره وأوهمه أنها ملكه فكان ذلك سببًا في بنائه وغرسه.
أطعمه لمالكه
(1)
أو رهنه أو أودعه أو آجره إياه لم يبرأ إلا أن يعلم، ويبرأ بإعارته
(2)
،
وما تلف أو
(1)
(لمالكه) عالمًا أنه طعامه برئ غاصبه، وكذا إن أكله بلا إذنه وإن لم يعلم وقال الغاصب كله فجزم المصنف هنا أنه لا يبرأ وهو المذهب جزم به في الوجيز والفائق والهداية وغيرهم، ويتخرج أن يبرأ ذكره ابن أبي موسى والمصنف والشارح.
(2)
(ويبرأ باعارته) لأن العارية توجب الضمان على المستعير فلو وجب الضمان على الغاصب رجع به على المستعير ولا فائدة في وجوبه على الغاصب.
تغيب من مغصوب مثلي غرم مثله إذن
(1)
، وإلا فقيمته يوم تعذره
(2)
،
ويضمن غير المثلى بقيمته يوم
(1)
(إذن) هذا المذهب وعليه الأصحاب، وحكاه ابن عبد البر إجماعًا في المأكول والمشروب، وينبغى أن يستتثنى منه الماء في المفازة فإنه يضمن بقيمته في مكانه ذكره في المبدع.
(2)
(يوم تعذره) هذا المذهب وهو من المفردات، لأن القيمة وجبت في الذمة حين انقطع المثل فاعتبرت القيمة حينئذ، وقال مالك أكثر أصحاب الشافعي: تجب قيمته يوم المحاكمة.
تلفه
(1)
وإن تخمر عصير فالمثل
(2)
، فإن انقلب خلا دفعه ومعه نقص قيمته عصيرًا
(3)
.
(1)
(يوم تلفه) هذا المذهب وهو من المفردات، لقوله عليه الصلاة والسلام "من أعتق شركًا له في عبد قوم عليه قيمة عدل" متفق عليه، فأمر بالتقويم في حصة الشريك ولم يأمر بالمثل.
(2)
(فالمثل) لأن مالية المغصوب زالت تحت يد الغاصب كما لو أتلفه.
(3)
(قيمته عصيرًا) إن نقص لأنه نقص حصل تحت يده، ويسترجع الغاصب ما أداه بدلًا عنه.
(فصل) وتصرفات الغاصب الحكمية باطلة
(1)
، والقول في قيمة التالف أو قدره أو صفته قوله
(2)
،
(1)
(باطلة) في إحدى الروايتين وهي المذهب، والرواية الثانية في الزوائد.
(2)
(أو صفته قوله) لأن الأصل براءة ذمته فلا يلزمه ما لم يقم عليه حجة.
وفي رده وعدم عيبه قول ربه
(1)
، وإن جهل ربه تصدق به عنه مضمونًا
(2)
، ومن أتلف محترمًا
(3)
، أو فتح قفصًا
(4)
أو بابًا أو حل وكاء أو رباطًا أو
قيدًا فذهب ما فيه أو أتلف شيئًا ونحوه ضمنه، وإن ربط
(1)
(قول ربه) لأن الأصل عدم الرد وبقاؤه في يد الغاصب، وكذا إذا أنكر العيب ولا بينة.
(2)
(مضمونًا) ويسقط عنه إثم الغصب، وكذا رهون وودائع وسائر الأمانات والأموال المحترمة، ولا يأكل منها إذا كان من أهل الصدقة نص عليه، وأفتى الشيخ بجوازه في الغاصب إذا تاب.
(3)
(ومن أتلف محترمًا) هذا المذهب، وسواء في ذلك الخطأ والسهو، واحترز عن الكلب والسرجين النجس ونحوهما، ويستثنى من ذلك إتلاف حربي مال مسلم وعادل مال باغ وعكسهما فلا يضمنه المتلف.
(4)
(أو فتح قفصًا إلى آخره) هذا المذهب وبه قال مالك، وقال أبو حنيفة والشافعي: لا ضمان عليه إلا أن يكون أهاجهما حتى ذهبا.
دابة بطريق ضيق
(1)
فعثر به إنسان ضمن، كالكلب العقور لمن دخل بيته بإذنه أو عقره خارج منزله
(2)
وما أتلفت البهيمة من الزرع ليلًا ضمنه صاحبها
(3)
، وعكسه النهار
(4)
، إلا أن ترسل
بقرب ما تتلفه عادة وإن كانت بيد راكب أو قائد أو سائق ضمن جنايتها بمقدمها
(5)
لا بمؤخرها
(6)
وباقي جنايتها هدر كقتل الصائل عليه
(7)
(1)
(بطريق ضيق) وكذا لو أوقفها في طريق ويده عليها بأن يكون راكبًا ونحوه، لحديث النعمان، فوطأت بيد أو رجل فهو ضامن. زوائد.
(2)
(خارج منزله) لأن اقتناء الكلب العقور سبب للعقر وأذى الناس فضمن صاحبه، والرواية الثانية لا يضمن لقوله "العجماء جبار".
(3)
(ضمنه صاحبها) هذا المذهب وبه قال مالك والشافعي وأكثر فقهاء الحجاز، وقال أبو حنيفة: لا ضمان عليه. ولنا ما روي عن الزهري عن حزام بن سعيد بن محيصة "أن ناقة للبراء دخلت حائط قوم فأفسدته فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل الأموال حفظها بالنهار، وما أفسدت بالليل فهو مضمون عليهم" قال ابن عبد البر: هدا وإن كان مرسلًا فهو مشهور، وحدث به الأئمة الثقات وتلقاه أهل الحجاز بالقبول، وسواء فرط أو لم يفرط، والصحيح من المذهب لا ضمان إذا لم يفرط.
(4)
(وعكسه النهار) قال القاضي: المسألة محمولة على موضع فيه مزارع ومراع، أما القرى التي لا مرعى فيها إلا بين قراحين كساقية، وطريق وطرف زرع فليس لصاحبها إرسالها بغير حافظ عن الزرع، فإن فعل فعليه الضمان لتفريطه، وهذا قول بعض أصحاب الشافعي.
(5)
(ضمن جنايتها بمقدمها) بيد أو فم، هذا المذهب وبه قال صريح وأبو حنيفة والشافعي، وقال مالك: لا ضمان عليه، لقوله عليه الصلاة والسلام "العجماء جبار" يعنى هدر، لنا قوله عليه الصلاة والسلام "والرجل جبار" رواه سعيد بإسناده وتخصيص الرجل بكونها جبار دليل على وجوب الضمان في جناية غيرها.
(6)
(لا بمؤخرها) برجلها، وبه قال أبو حنيفة. وعن أحمد رواية أخرى أنه يضمنها، وهو قول شريح والشافعي.
(7)
(الصائل عليه) لأنه قتله دفعًا عن نفسه، فإن كان الصائل بهيمة جاز قتلها إجماعًا، ولا يضمنها إذا كانت لغيره، هذا قول مالك والشافعي وإسحق.