الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل) فإن أبى الذمى بذل الجزية، أو التزام حكم الإِسلام، أو تعدى على مسلم بقتل أو زنا أو قطع طريق أو تجسس أو إيواء جاسوس، أو ذكر الله أو رسوله أو كتابه بسوء انتقض عهده دون نسائه وأولاده، وحل دمه وماله.
كتاب البيع
(1)
(1)
(البيع) قال تعالى {وأحل الله البيع} وقوله {وأشهدوا إذا تبايعتم} وعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء" وحسنه الترمذي.
وهو مبادلة مال ولو في الذمة أو منفعة مباحة كممر دار بمثل أحدهما على
التأييد غير ربا وقرض
(1)
(1)
(غير ربا وقرض) فلا يسميان بيعًا وإن وجدت فيهما المبادلة، ومعنى المبادلة جعل شيء في مقابلة آخر.
و (ينعقد) بإيجاب وقبول بعده، متراخيًا عنه في مجلسه، فإن
تشاغلا بما يقطعه بطل وهي الصيغة القولية، وبمعاطاة وهي الفعلية. و (يشترط) التراضي منهما فلا يصح من مكره بلا حق
(1)
وأن يكون
(1)
(بلا حق) فالذي يكره بحق يصح بيعه كالذي يكرهه الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه.
العاقد جائز التصرف، فلا
يصح تصرف صبي وسفيه بغير إذن ولي. وأن تكون العين مباحة النفع من غير حاجة
(1)
كالبغل والحمار ودود القز وبزره والفيل وسباع البهائم التي تصلح للصيد،
إلا الكلب
(2)
(1)
(من غير حاجة) احترازًا من الميتة والمحرمات التي تباح في حال المخمصة والخمر لدفع لقمة غص بها.
(2)
(إلا الكلب) فلا يجوز بيعه وإن صلح للصيد بغير خلاف في المذهب، وبه قال الحسن وربيعة وحماد والشافعي، ورخص في ثمن كلب الصيد جابر بن عبد الله وعطاء والنخعي، وأجاز أبو حنيفة بيع الكلاب كلها، ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن، متفق عليه، وهذا الحق.
والحشرات والمصحف والميتة والسرجين النجس
(1)
والأدهان النجسة،
لا المتنجسة، ويجوز الاستصباح بها
(1)
(والسرجين النجس) هذا المذهب وبه قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: يجوز لأن أهل الأمصار يتبايعونه لزروعهم من غير نكير فكان إجماعًا. ولنا أنه مجمع على نجاسته فلم يجز بيعه كالميتة، وما ذكروه ليس بإجماع فإن الإِجماع اتفاق أهل العلم ولم يوجد.
في غير مسجد
(1)
. وأن يكون من مالك أو من
يقوم مقامه
(2)
. فإن باع ملك غيره أو اشترى بعين ماله بلا إذن
(1)
(في غير مسجد) في إحدى الروايتين وهي المذهب، وروي عن ابن عمر وهو قول الشافعي لأنه أمكن الانتفاع به من غير ضرر كالظاهر، واختاره الشيخ. والثانية لا يجوز لأنه عليه الصلاة والسلام لما سئل عن شحوم الميتة تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال "هو حرام" متفق عليه. وهذا قول ابن المنذر وهو الصحيح إن شاء الله. ولا قول لأحد مع النص.
(2)
(أو من يقوم مقامه) كالوكيل والولي، لقوله عليه الصلاة والسلام "لا تبع ما ليس عندك" رواه ابن ماجة والترمذي وصححه.
لم يصح
(1)
وإن اشترى
له في ذمته بلا إذنه ولم يسمه في العقد صح له بالإِجازة ولزم المشترى بعدمها ملكًا
(1)
(لم يصح) وهذا مذهب الشافعي وأبي ثور وابن المنذر، وعنه يصح ويقف على إجازة المالك، وبه قال مالك وإسحق وبه قال أبو حنيفة في البيع، وعن عروة بن الجعد "أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارًا ليشتري له شاة، فاشترى شاتين ثم باع إحداهما في الطريق بدينار، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالدينار والشاة، فقال: بارك الله لك في صفقة يمينك" رواه ابن ماجة والأثرم.
ولا يباع غير المساكن
(1)
مما فتح عنوة كأرض الشام ومصر والعراق بل تؤجر
(2)
. ولا
يصح بيع نقع
(1)
(غير المساكن) فيصح بيعها، لأن الصحابة اقتطعوا الخفط في الكوفة والبصرة في زمن عمر وبنوها مساكن وتبايعوها من غير نكير.
(2)
(بل تؤجر) قال في الفروع: قال ابن هبيرة رأيت بخط ابن عقيل حكى عن كسرى أن بعض عماله أراد أن يجرى نهرًا فكتب فيه أنه لا يجرى إلا في بيت عجوز، فأمره أن يشتريه منها فضاعف لها الثمن فلم تقبل فكتب كسرى أن خذوا بيتها فإن المصالح الكليات تغتفر فيها المفاسد الجزئيات. قال ابن عقيل: وجدت هذا صحيحًا فإن الله هو الغاية في العدل يبعث المطر والشمس، فإذا كان الحكم العادل لم يراع نوادر المضار لعموم المنافع فغيره أولى.
البئر
(1)
، ولا ماينبت في أرضه من كلأ وشوك، ويملكه آخذه، وأن يكون مقدورًا على تسليمه فلا يصح بيع آبق وشارد
(2)
أو طير في هواء وسمك في
ماء ولا مغصوب من غير غاصبه أو قادر على أخذه. وأن يكون معلومًا برؤية أو صفة، فإن اشترى ما لم يره أو رآه وجهله أو وصف له بما لا يكفى سلمًا لم يصح
(3)
(1)
(بيع نقع البئر) والماء الذي فيها غير مملوك في ظاهر المذهب لأنه يجري تحت الأرض. والوجه الثاني لأصحاب الشافعي يملك، لأنه نماء الملك، وروي عن أحمد نحو ذلك فإنه قيل له في رجل له أرض ولآخر ماء فيشترك صاحب الأرض وصاحب الزرع يكون بينهما، فقال: لا بأس.
(2)
(بيع آبق وشارد) وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي، لما روى أبو هريرة قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر" رواه مسلم، وهذا غرر.
(3)
(لم يصح) وبهذا قال الشعبي والنخعي والحسن والأوزاعي ومالك وإسحق وأحد قولي الشافعي وهو المذهب "لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر" وعنه يصح وهو مذهب أبي حنيفة واحتجوا بقوله تعالى {وأحل الله البيع} وبما روي عن عثمان وطلحة في الزوائد.
ولا
يباع حمل في بطن
(1)
ولبن في ضرع
(2)
منفردين ولا مسك في فأرته ولا نوى في تمر وصوف على ظهر وفجل ونحوه قبل قلعه
(3)
ولا يصح بيع الملامسة والمنابذة
(4)
، ولا عبد من عبيده
(5)
ونحوه، ولا استثناؤه
(1)
(حمل في بطن) لما روى أبو هريرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الملاقيح والمضامين" قال أبو عبيد: الملاقيح ما في البطون والمضامين ما في أصلاب الفحول، فكانوا يبيعون الجنين في بطن الناقة وما يضرب الفحل في عامه أو أعوام.
(2)
(ولبن في ضرع) وبه قال الشافعي وإسحق وأصحاب الرأي، وحكى عن مالك أنه يجوز أيامًا معلومة إذا عرفوا حلابها لسقى الصبي كابن الظئر، ولنا ما روى ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع صوف على ظهر، أو لبن في ضرع" رواه الخلال وابن ماجة.
(3)
(قبل قلعه) وصوب في الزوائد جوازه لأن أهل الخبرة يستدلون بما يظهر في العقار من ظواهره على بواطنه، كما يستدلون بما يظهر من الحيوان على بواطنه، والمرجع إلى أهل الخبرة في ذلك أهـ كلام الشيخ.
(4)
(والمنابذة) لما روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المنابذة وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع قبل أن يقلبه أو ينظر إليه، ونهى عن الملامسة والملامسة لمس الثوب لا ينظر إليه.
(5)
(ولا عبد من عبيده) سواء قلوا أو كثروا وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: إذا باعه عبدًا من عبدين أو ثلاثة بشرط الخيار له صح.
إلا معينًا، وإن استثنى بائع من حيوان يؤكل
رأسه وجلده وأطرافه صح
(1)
. وعكسه الشحم
(2)
والحمل. ويصح بيع ما مأكوله في جوفه
(3)
وبطيخ وبيع الباقلاء ونحوه في قشره والحب المشتد في سنبله
(4)
. وأن
(1)
(وأطرافه صح) نص عليه أحمد، وقال مالك: يصح في السفر دون الحفر وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يجوز لأنه لا يجوز إفراده بالبيع. ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا إلا أن تعلم وهذه معلومة، وروى "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة مروا براعي غنم فذهب أبو بكر وعامر فاشتريا منه شاة وشرطا له سلبها.
(2)
(وعكسه الشحم) نص عليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا إلا أن تعلم، ولأنه مجهول كفخدها.
(3)
(كرمان) وبيض لا نعلم فيه خلافًا، لأن الحاجة تدعو إلى بيعه كذلك لكونه يفسد إذا خرج من قشره.
(4)
(في سنبله) وبه قال أبو حنيفة ومالك، لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، وعن بيع السنبل حتى يبيض وتؤمن العاهة.
يكون
الثمن معلومًا فإن باعه برقمه
(1)
أو بألف درهم ذهبًا وفضة
(2)
أو بما ينقطع به السعر
(3)
أو بما باع زيد - وجهلاه أو أحدهما - لم يصح. وإن باع ثوبًا أو صبرة أو قطيعًا كل ذراع أو قفيز أو شاة بدرهم صح
(4)
(1)
(باعه برقمه) أما إذا كان معلومًا لهما فلا خلاف في جوازه لمعرفة الثمن، واختار الشيخ صحة بيع السلعة برقمها وبما ينقطع به السعر وبما باع به فلان أهـ إنصاف.
(2)
(ذهبًا وفضة) وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: يصح ويكون نصفين، ولنا أن قدر كل واحد منهما مجهول.
(3)
(السعر) واختار صاحب الهدى جواز البيع بما ينقطع به السعر، وهو منصوص أحمد قال شيخنا والذين يمنعون ذلك لا يمكنهم تركه بل هم واقعون فيه.
(4)
(صح) البيع ولو لم يعلما قدر الثوب والصبرة والقطيع، لأن المبيع معلوم بالمشاهدة والثمن معلوم.
وإن باع من الصبرة كل قفيز بدرهم أو
بمائة درهم إلا دينارًا أو عكسه. أو باع معلومًا ومجهولًا لا يتعذر علمه
(1)
ولم يقل كل منهما بكذا لم يصح فإن لم يتعذر صح في المعلوم بقسطه، ولو باع مشاعًا بينه
وبين غيره
(1)
(لا يتعذر علمه) كهذه الفرس وما في بطن أخرى، لأن ثمن المعلوم لا طريق إلى معرفته.
كعبد أو ما ينقسم عليه الثمن بالإجزاء صح في نصيبه بقسطه، وإن باع عبده وعبد غيره بغير إذنه أو عبدًا وحرًا، أو خلًا وخمرًا، صفقة واحدة صح في العبد وفي الخل بقسطه، ولمشتر الخيار إن جهل الحال
(فصل) ولا يصح البيع ممن تلزمه الجمعة بعد ندائها الثاني
(1)
. ويصح النكاح وسائر العقود، ولا يصح بيع عصير ممن يتخذه خمرًا
(2)
، ولا سلاح في فتنة، ولا عبد
مسلم لكافر إذا لم يعتق عليه. وإن أسلم في يده أجبر على إزالة ملكه. ولا تكفى مكاتبته، وإن جمع بين بيع وكتابة أو بيع وصرف صح في غير
(1)
(بعد ندائها الثاني) لقوله تعالى {إذا نودي للصلاة} الآية، فإن باع لم يصح للنية عنه، والنداء الذي يتعلق به المنع هو النداء عقب جلوس الإِمام على المنبر لأنه الذي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(2)
(يتخده خمرًا) وقد روي عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل فقال: يا محمد إن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وشاربها وبائعها ومبتاعها وساقيها وأشار إلى كل معاون عليها ومساعد فيها" رواه الترمذي من حديث أنس.
الكتابة
(1)
ويقسط العوض عليهما، ويحرم بيعه على بيع أخيه كأن يقول لمن اشترى سلعة بعشرة أنا أعطيك مثلها بتسعة، وشراؤه على شرائه كأن يقول لمن باع سلعة بتسعة عندي فيها عشرة ليفسخ ويعقد
(1)
(في غير الكتابة) بأن باع عبده شيئًا وكاتبه بعوض واحد صفقة واحدة فيبطل البيع لأنه باع ماله لماله، وتصح هي لأن البطلان وجد في البيع فاختص به.