الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الحَجْر
(1)
(1)
(الحجر) هو لغة المنع والتضييق، ومنه سمى الحرام حجرًا قال تعالى (ويقولون حجرًا محجورًا) أي حرامًا محرمًا، وسمى العقل حجرًا لأنه يمنع صاحبه من ارتكاب ما يقبح وتضر عاقبته.
ومن لم يقدر على وفاء شيء من دينه لم يطالب به وحرم حبسه
(1)
. ومن ماله قدر
دينه لم يحجر عليه
(1)
(وحرم حبسه) لقوله تعالى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} .
وأمر بوفائه
(1)
فإن أبى حبس بطلب ربه، فإن أصر ولم يبع ماله
باعه الحاكم وقضاه
(2)
ولا يطلب
(1)
(وأمر بوفائه) بطلب غريمه لقوله عليه الصلاة والسلام "مطل الغنى ظلم".
(2)
(وقضاه) وهذا مذهب الشافعي وأبي يوسف ومحمد. لأن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ وباع ماله في دينه رواه الخلال بإسناده.
بمؤجل
(1)
ومن ماله لا يفي بما عليه حالا وجب
الحجْر عليه بسؤال غرمائه أو بعضهم
(2)
. ويستحب
(1)
(ولا يطلب بمؤجل) لأنه لا يلزمه أداؤه، فإن أراد سفرًا يحل الدين قبل مدته فلغريمه منعه إلا أن يوثق برهن محرز أو كفيل ملئ.
(2)
(غرمائه أو بعضهم) لزم الحاكم، ولا يجوز الحجر عليه بغير سؤال غرمائه لأنه لا ولاية له على ذلك لحقهم.
إظهاره
(1)
. ولا ينفذ تصرفه في
ماله بعد الحجر ولا إقراره عليه
(2)
ومن باعه أو أقرضه شيئًا بعده
(1)
(ويستحب إظهاره) لتجنب معاملته لئلا يستضر الناس بضياع أموالهم.
(2)
(ولا إقراره عليه) هذا المذهب، ويتبع به بعد فك الحجر عنه نص عليه وبه قال مالك ومحمد بن الحسن والثورى والشافعي في قول، وقال في آخر: يشاركهم. اختاره ابن المنذر.
رجع فيه إن جهل
حجره وإلا فلا
(1)
. وإن تصرف في ذمته أو أقر بدين أو جناية توجب قودًا أو مالًا
(1)
(وإلا فلا) رجوع له في عينه، لأنه دخل على بصيرة، ويرجع بثمن المبيع وبدل القرض إذا انفك حجره.
صح ويطالب به بعد فك الحجر عنه
(1)
، ويبيع الحاكم ماله ويقسم ثمنه بقدر ديون
غرمائه. ولا يحل
(1)
(بعد فك الحجر عنه) لأنه أهل للتصرف، ولكن لا يشارك أصحاب هذه الديون الغرماء.
مؤجل بفلس
(1)
ولا بموت إن وثق ورثته برهن أو كفيل ملئ
(2)
. وإن
ظهر غريم بعد القسمة رجع
(1)
(بفلس) من هو عليه ذكره القاضي رواية واحدة، وحكى أبو الخطاب رواية أخرى أنه يحل وهو قول مالك، ولنا أن لا حق للمفلس فلا يسقط بفلسه كسائر حقوقه.
(2)
(أو كفيل ملئ) وهو قول ابن سيرين وإسحق وأبي عبيد إذا وثق الورثة.
على الغرماء بقسطه
(1)
، ولا يفك حجره إلا بحاكم
(2)
.
(1)
(بقسطه) وبهذا قال الشافعي، وحكى عن مالك.
(2)
(إلا بحاكم) لأنه ثبت بحكمه فلا يزول إلا به، وإن وفى ما عليه انفك الحجر بلا حكم لزوال موجبه.
(فصل) ويحجر على السفيه والصغير والمجنون لحظهم
(1)
. ومن أعطاهم ماله بيعًا أو قرضًا رجع بعينه
(1)
(لحظهم) الحجر على هؤلاء الثلاثة حجر عام لأنهم يمنعون التصرف في أموالهم وذممهم، والأصل قوله تعالى {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} الآية.
وإن أتلفوه لم يضمنوا، ويلزمهم أرش الجناية وضمان مال من لم
يدفعه إليهم. وإن تم لصغير خمس عشرة سنة أو نبت حول قبله شعر خشن أو أنزل، أو عقل مجنون ورشد، أو رشد سفيه، زال حجرهم
(1)
(1)
(زال حجرهم) وهذا مذهب الشافعي، وقال مالك: لا يزول إلا بحاكم لأنه موضع اجتهاد ونظر فتوقف على حكم الحاكم. ولنا قوله تعالى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} فأمرهم بالدفع عند إيناس الرشد، فاشتراط الحاكم زيادة على النص.
بلا قضاء، وتزيد الجارية
البلوغ بالحيض
(1)
وإن حملت حكم ببلوغها
…
ولا ينفك الحجر قبل شروطه
(2)
(1)
(وتزيد الجارية البلوغ بالحيض) لقوله عليه الصلاة والسلام "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" رواه الترمذي وحسنه.
(2)
(ولا ينفك قبل شروطه) وهو قول الأكثرين، منهم القاسم بن محمد ومالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد.
والرشد الصلاح في المال
(1)
بأن يتصرف مرارًا فلا يغبن غالبًا ولا يبذل ماله في حرام أو في غير فائدة.
(1)
(الصلاح في المال) وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم مالك وأبو حنيفة. وقال الحسن والشافعي وابن المنذر: الرشد الصلاح في الدين والمال، لأن الفاسق غير رشيد، ولنا قوله تعالى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا} الآية، قال ابن عباس: يعنى صلاحًا في أموالهم.
ولا يدفع إليه حتى يختبر قبل بلوغه بما يليق به. ووليهم حال
الحجر الأب ثم وصيه ثم الحاكم. ولا يتصرف لأحدهم وليه الا بالأحظ، ويتجر له مجانًا، وله دفع ماله مضاربة بجزء من الربح. ويأكل الولي الفقير من مال موليه الأقل
من كفايته أو أجرته مجانًا، ويقبل قول الولي والحاكم بعد فك الحجر في النفقة والضرورة والغبطة والتلف ودفع المال
(1)
. وما استدان العبد لزم سيده إن أذن له، وإلا
ففى
(1)
(ودفع المال) إليه بعد رشده لأنه أمين، والأصل براءته، وإن كان يجعل لم يقبل قوله في دفع المال لأنه قبضه لنفعه.