الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مطلب المكره)
(1)
قوله: (مسألة: المكره المحمول كالآلة غير مكلف عند الأكثر خلافًا للحنفية، وهو مما لا يطاق.
وذكر بعض أصحابنا عنا كالحنفية.
وبالتهديد والضرب مكلف عند أصحابنا والشافعية خلافًا للمعتزلة) المكره ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: المحمول كالآلة فهذا ذكر المصنف فيه قولين تبعًا لابن مفلح. لكن ابن مفلح قال: وذكر بعض أصحابنا قولا وبعضهم رواية في اليمين يحنث، وبعضهم كالحنفية (2) وهو سهو.
قلت: لعله أراد به الطوفي (3).
(1) العنوان من الهامش. وراجع هذا المبحث في البحر المحيط للزركشي (1/ ق 109 أ-112 أ) رفع الحرج في الشريعة الإسلامية ص (239 - 257).
(2)
ذهب الأحناف والشيرازي والجويني إلى أن المكره مكلف مطلقًا.
انظر: اللمع للشيرازي ص (11)، والبرهان للجويني (1/ 106) وفواتح الرحموت (1/ 166).
(3)
ذهب الطوفي إلى أن المكره لا يكلف مطلقًا، وبهذا قالت المعتزلة والتاج السبكي ومن تبعه. =
وأما ابن قاضي الجبل فقال: إذا انتهى الإكراه إلى سلب القدرة والاختيار فهذا غير مكلف إجماعًا.
قال الآمدي: "والحق إنه إذا خرج بالإكراه إلى حد الاضطرار وصار نسبة ما يصدر عنه من الفعل إليه نسبة حركة المرتعش إليه أن تكليفه به إيجادًا وعدمًا ما غير جائز إلا على القول بتكليف ما لا يطاق، وإن كان ذلك جائز عقلًا لكنه ممتنع الوقوع سمعًا، لقوله عليه السلام: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه" والمراد منه رفع المؤاخذة، وهو مستلزم لرفع التكليف وأما ما يلزمه من الغرامات فقد سبق جوابه غير مرة" انتهى كلام الآمدي (1) يعني أنه من باب ربط الحكم بالسبب.
القسم الثاني: المكره بالتهديد والضرب، فهذا مكلف عند
أصحابنا والشافعية (2) لصحة الفعل منه وتركه، ونسبة الفعل إليه حقيقة، ولهذا يأثم المكره بالقتل بلا خلاف.
وقال في المغني مع أنه علل أحد القولين لنا وللشافعية فيما
= انظر: مختصر الروضة للطوفي ص (12)، وشرحها له (1/ ق 60 أ)، وجمع الجوامع (1/ 22) وما بعدها، والمسودة ص (33) وشرح الكوكب المنير (1/ 508).
(1)
انظر: الأحكام (1/ 117) وهذا التفصيل الذي ذكره الآمدي هو الأظهر واختاره الرازي والأسنوي.
وانظر: المحصول (1/ 449) والتمهيد للأسنوي ص (120).
(2)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 508)، ونهاية السول (1/ 323).
إذا علق طلاقًا بقدوم زيد مكرهًا لا يحنث لزوال اختياره بالإكراه (1).
وقال ابن مفلح: وهذه المسألة مختلفة الحكم في الفروع في المذهب بالنسبة إلى الأقوال والأفعال في حق الله تعالى وحق العبد على ما لا يخفى (2).
والأشهر عندنا نفيه في حق الله تعالى وثبوته في حق العبد.
وعن المعتزلة لا يجوز تكليفه بعبادة، لأن من أصلهم وجوب إثابة المكلف والمحمول على الشيء لا يثاب عليه.
وأطلق جماعة عنهم لا يكلف.
وألزمهم ابن الباقلاني الإكراه على القتل.
قال أبو المعالي: وهو هفوة عظيمة، لأنهم لم يمنعوا النهي عن الشيء مع الإكراه بل الاضطرار إلى فعل شيء مع الأمر به (3).
وذكر الأسنوي (4) في شرح المنهاج عن ابن التلمساني أنه
(1) انظر: المغنى لابن قدامة (7/ 645 و 7/ 118 - 125) وروضة الناظر ص (27).
(2)
قال البعلي في القواعد والفوائد الأصولية ص (39)، وضابط المذهب أن الإكراه لا يبيح الأقوال وإن اختلف في بعض الأفعال واختلف الترجيح.
وانظر: شرح الكوكب المنير (1/ 509).
(3)
انظر: البرهان (1/ 107).
(4)
هو عبد الرحيم بن الحسن بن علي بن عمر الأموي الأسنوي الشافعي (جمال الدين أبو محمد) الإمام المدقق الأصولي النحوي النظار المتكلم المؤرخ، ولد سنة (704 هـ) وانتهت إليه رئاسة الشافعية في الديار المصرية، ومن كتبه:"نهاية السول في شرح منهاج الوصول للبيضاوي وزوائد الأصول" وطبقات الفقهاء وشرح المنهاج في الفقه وتوفي سنة (772 هـ). =
قال وفيما قاله أبو المعالي نظر، لأن القاضي إنما أورده عليهم من جهة أخرى وذلك لأنهم (1) منعوا أن المكره قادر على عين الفعل المكره عليه، فبين القاضي أنه قادر وذلك لأنهم كلفوه بالضد، وعندهم أن الله تعالى لا يكلف العبد إلا بعد خلق القدرة له. والقدرة عندهم على الشيء قدرة على ضده، فإذا كان قادرًا على القتل كان قادرًا على ترك القتل (2).
وذكر ابن عقيل وغيره أنه لا يجب على الله عز وجل شيء عقلًا ولا شرعًا (3).
ومعنى كلام جماعة من أصحابنا يجب شرعًا بفضله وكرمه، ولهذا أوجبوا إخراج الموحدين من النار بوعده.
وقال ابن الجوزي في قوله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (4). أي واجبًا أوجبه هو (5).
وذكره بعض الشافعية عن أهل السنة.
= انظر ترجمته: في الفتح المبين (2/ 186 - 187)، وشذرات الذهب (6/ 223 - 224)، ومعجم المؤلفين (2/ 203 - 204)، ومقدمة كتاب التمهيد للدكتور محمد حسن هيتو (19 - 33).
(1)
في نهاية السول "إنهم".
(2)
نهاية السول (1/ 328).
(3)
وعند المعتزلة أنه يجب على الله تعالى رعاية الأصلح، وما ذهبوا إليه مردود، ومذهب السلف أن الله عز وجل يثيب المطيع بفضله ورحمته وكرمه، انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 515 - 517)، والمسودة ص (63 - 65)، وتحرير المنقول للمرداوي (1/ 188).
(4)
سورة الروم: (47).
(5)
انظر: زاد المسير له (6/ 308).