الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الندب لغة)
(1)
قوله: (مسألة: الندب لغة: الدعاء إلى الفعل. وشرعًا: ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه. وقيل: مأمور به يجوز تركه لا إلى بدل، وهو مرادف السنة والمستحب، وهو مأمور به حقيقة عند الأكثر، وقال الحلواني وأبو الخطاب مجازا.
وذكر أبو العباس أن المرغب فيه من غير أمر هل يسمى طاعة وأمرًا حقيقة فيه أقوال ثالثها يسمى طاعة لا مأمورًا به).
الندب في اللغة الدعاء إلى الفعل (2).
قال الشاعر (3):
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
…
في النائبات على ما قال برهانا.
وقال الآمدي: الندب في اللغة هو الدعاء إلى أمر مهم (4).
(1) العنوان من الهامش.
(2)
راجع لسان العرب (6/ 754)، وتاج العروس للزبيدي (1/ 48).
(3)
هو قريط بن أنيف الضيري. انظر: شرح ديوان الحماسة (1/ 5).
(4)
انظر: الأحكام (1/ 91).
قال بعضهم (1): وهو أخص من الأول (2) وأنسب وأمهر في كلام العرب وأغلب، وعليه يحمل عموم كلام غيره.
والندب في الأصل مصدر ندبه يندبه ندبًا والمفعول مندوب وهو المراد هاهنا لأنه المقابل للواجب، ويقال له ندب إطلاقًا للمصدر على المفعول مجازًا (3).
والندب في الشرع: ما أُثيب فاعلة ولم يعاقب تاركه.
فالأول جنس يشمل الواجب والندب. والثاني فصل يخرج الواجب.
وقيل في حده: "مأمور به يجوز تركه لا إلى بدل"(4). فـ "مأمور" جنس يتناوله والواجب و"يجوز تركه" يتناول الواجب الموسع والمخير وفروض الكفاية، لأنها مأمورات يجوز تركها لكن إلى بدل، وقولنا "لا إلى بدل" خرجت هذه الثلاثة ونحوها.
وقال الآمدي: المندوب: هو المطلوب فعله شرعًا ولا ذم على تركه مطلقًا (5).
(1) هو الطوفي انظر: شرح المختصر له (1/ 118 أ).
(2)
في شرح المختصر "مما ذكرناه".
(3)
المرجع السابق.
(4)
انظر: تعريف المندوب في العدة (1/ 162 - 163)، والواضح (1/ 27 ب)، روضة الناظر ص (20 - 21)، المسودة ص (376)، شرح الكوكب المنير (1/ 402)، والحدود للباجي ص (55)، مختصر ابن الحاجب بشرح العضد (1/ 225)، جمع الجوامع بشرح المحلى (1/ 80)، إرشاد الفحول ص (6).
(5)
انظر: منتهى السول للآمدي ص (29)، والأحكام له (1/ 91).
وقال القرافي: هو ما رجح فعله على تركه شرعًا من غير ذم (1). والأقوال متقاربة.
وقوله: (وهو مرادف السنة والمستحب) يعني المندوب مساويها في الحد والحقيقة وإنما اختلفت الألفاظ الأن المترادف هو اللفظ المتعدد لمسمى واحد.
وقوله: (مأمور به حقيقة عند الأكثر وقال الحلواني وأبو الخطاب مجازا).
عند أحمد وأكثر أصحابه أنه مأمور به حقيقة، وجزم به التميمي عن أحمد. وفي الروضة (2).
وحكاه ابن عقيل عن أكثر العلماء الأصوليين والفقهاء (3).
وعند الحلواني مجاز وفاقًا لأبي حنيفة واختاره أبو الخطاب في التمهيد في مسألة "الأمر بالشيء نهي عن ضده"(4).
(1) شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (71).
(2)
أي جزم به الموفق في روضة الناظر، واختار هذا القول القاضي أبو يعلى وأبو الخطاب وبه قال أكثر الشافعية ومنهم الباقلاني والغزالي والآمدي وقال به الفخر البزودي من الحنفية.
انظر: العدة لأبي يعلى (1/ 158 - 248) والتمهيد لأبي الخطاب (1/ 174)، وروضة الناظر ص (20 - 21)، والمسودة ص (6) وتحرير المنقول (1/ 167)، شرح الكوكب المنير (1/ 405) واللمع للشيرازي ص (7) والمستصفى (1/ 48)، والأحكام للآمدي (1/ 91 - 92)، وبيان المختصر للأصبهاني (1/ 392)، وكشف الأسرار للبزدوي (1/ 119).
(3)
انظر: الواضح (1/ ق 250 ب).
(4)
وقال به من الحنفية الكرخي وأبو بكر الجصاص الرازي والسرخسي =
وللمالكية والشافعية قولان (1):
وجه الأول: دخوله في حد الأمر، وانقسام الأمر إليهما (2) وقال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} (3) وإطلاق الأمر عليه في الكتاب والسنة، والأصل الحقيقة، ولأنه طاعة (4) الامتثال الأمر.
ووجه الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك" متفق عليه (5) ولو كان أمرًا لعُصيَ بتركه.
رد: المراد به أمر الإيجاب، ولهذا قيده بالمشقة ثم يسمى عاصيًا. قال ابن عقيل: هذا قياس المذهب لقول أحمد رضي الله عنه في تارك الوتر "رجل سوء" وهو مقتضى اللغة؛ لأن كل ما أطاع بفعله عصى بتركه.
= وبه قال بعض الشافعية ومنهم الشيرازي والرازي. انظر: التمهيد لأبي الخطاب (1/ 333 - 332)، أصول السرخسي (1/ 14)، مسلم الثبوت (1/ 111)، واللمع للشيرازي ص (7)، والمحصول للرازي (1/ 14)، مسلم الثبوت (1/ 111)، واللمع للشيرازي ص (7)، والمحصول للرازي (1/ 2 - 353).
(1)
انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد (2/ 4).
(2)
يوضحه قول الموفق في روضة الناظر ص (21)، "ولأنه شاع في ألسنة الفقهاء أن الأمر ينقسم إلى أمر إيجاب وأمر استحباب" أ. هـ.
(3)
سورة النحل: (90).
(4)
كذا في الأصل، والأوجه (طاعة لامتثال) وقال ابن قدامة في الروضة:(ولأن فعله -أي المندوب- طاعة).
(5)
أخرجه البخاري (887) في كتاب الجمعة من حديث أبي هريرة وأخرجه مسلم عنه في كتاب الطهارة - كما روى الحديث جماعة من الصحابة منهم زيد بن خالد وعلي بن أبي طالب وابن عمر وغيرهم.
انظر: صحيح البخاري (2/ 374)، وصحيح مسلم (3/ 132 - 143)، وإرواء الغليل (1/ 108) وما بعدها.
وقال: يقال خالف أمر الله إذا لم يعمله أو داوم عليه ولأنه يصح نفي الأمر عنه. رد: بالمنع.
وقال ابن عقيل: ولابد من تقييد في نفيه فيقال خالف أمر الله في النفل كإثباته فيقال أمر ندب.
قوله: (وذكر أبو العباس أن المرغب فيه من غير أمر هل يسمى طاعة وأمرًا حقيقة؟ فيه أقوال، ثالثها (1) يسمى طاعة لا مأمورًا به) (2).
مثاله قول النبي صلى الله عليه وسلم: "رحم الله من صلى قبل العصر أربعًا"(3) وجه أنه ليس بأمر ولا طاعة: أما كونه ليس بأمر فلان الأمر هو الطلب المقتضي للفعل سواء كان مع الجزم أوْ لا، وهذا منتف هنا وأما كونه ليس بطاعة فلأن الطاعة موافقة الأمر عندنا، وبه قال الفقهاء والأشعرية (4).
(1) والقول الأول أنه يسمى طاعة ومأمورًا به والثاني أنه لا يسمى طاعة ولا مأمور به والثالث ما ذكره.
(2)
المسودة ص (8).
(3)
أخرجه الترمذي (428) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا "رحم الله امرءا صلى قبل العصر أربعا" وأخرجه عنه أبو داود وأحمد وابن حبان وصححه، وصححه ابن خزيمة. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
انظر: تحفة الأحوذي (2/ 505 - 506) مختصر سنن أبي داود للمنذري (2/ 79 - 85)، والفتح الرباني (4/ 203).
(4)
انظر: تعريف الطاعة في العدة (1/ 163)، والواضح لابن عقيل (1/ ق 29 أ)، شرح الكوكب المنير (385)، المدخل لابن بدران ص (153)، والتعريفات للجرجاني ص (140).
وقالت المعتزلة: هو موافقة الإرادة، ذكره أبو العباس في أواخر المسودة (1)، ووجه أنه طاعة وأمر: أما الطاعة فلأنه مثاب عليه، وكل مثاب عليه طاعة، وأما الأمر فلأن كل طاعة مأمور بها.
قال القاضي أبو يعلى في أول "العدة" الطاعة: موافقة الأمر، والمعصية مخالفة الأمر (2).
ووجه القول الثالث وهو كونه طاعة لا مأمورًا به: لأنه مثاب عليه والمثاب عليه طاعة، حتى قال بعض أصحابنا: هو طاعة وقربة إجماعًا، والطلب منتف فليس بأمر.
قال القاضي أبو يعلى على ظهر جزء حَدُّ الأمر ما كان المأمور بفعله ممتثلًا وليس حده ما كان طاعة؛ لأن الفعل يكون طاعة بالترغيب في الفعل وإن لم يؤمر به كقوله "من صلى غفرت له ومن صام فقد أطاعني" ولا يكون ذلك أمرًا (3).
* * *
(1) المسودة ص (576).
(2)
العدة (1/ 163).
(3)
عرف القاضي أبو يعلى الأمر في العدة بأنه: "اقتضاء الفعل أو استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه. وقال: وحُكي عن أبي بكر بن فورك أنه قال: الأمر ما يكون المأمور بامتثاله مطيعًا، والأول اصح" أ. هـ، العدة (1/ 157 - 158).