الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مطلب ما لا يتم الواجب إلا به أعنى واجب)
(1)
قوله: (وأما ما لا يتم الواجب إلا به كالطهارة وقطع المسافة إلى العبادة وغسل بعض الرأس فواجب عند الأكثر خلافًا لبعض المعتزلة وأوجب بعض أصحابنا وغيرهم ما كان شرطًا شرعيًّا، وإذا قلنا بوجوبه عوقب تاركه، قاله القاضي وغيره.
وفي الروضة: لا يعاقب تاركه، وذكره أبو العباس، وقال أيضًا وجوبه عقلًا وعادة، لا ينكر، والوجوب العقابي لا يقوله فقيه، والوجوب الطلبي محل النزاع وفيه نظر).
(1) العنوان من الهامش.
وراجع هذا المبحث في العدة (2/ 419 - 424)، التمهيد لأبي الخطاب (1/ 321 - 329)، الواضح (1/ ق 257 أ - 258 أ) روضة الناظر (19 - 25)، المسودة ص (61)، شرح مختصر الروضة للطوفي (1/ ق 111 أ) - 1/ 117 أ)، القواعد والفوائد الأصولية للبعلى ص (94 - 95)، تحرير المنقول للمرداوي (1/ 160 - 161)، شرح الكوكب المنير (1/ 358 - 362)، المدخل لابن بدران ص (150 - 152).
انظر: اللمع للشيرازي ص (10)، الأحكام للآمدي (1/ 83 - 85)، بيان المختصر للأصبهاني (1/ 368 - 377)، الإبهاج بشرح المنهاج (1 - 109 - 112)، جمع الجوامع بشرح المحلى (192 - 197)، فواتح الرحموت (1/ 95 - 96)، التقرير والتحبير على التحرير (2/ 136 - 138).
الوجوب ذكره أصحابنا والشافعية وأكثر الفقهاء وحكاه الآمدي عن المعتزلة (1).
وحكى بعض أصحابنا عن أكثر المعتزلة ليس بواجب (2).
وحكى ابن الجوزي لا يجب إمساك جزء من الليل في الصوم في أصح الوجهين (3).
وأوجب بعض أصحابنا ما كان شرطًا شرعيًّا كالطهارة لا غيره، قاله ابن برهان وأبو المعالي وغيرهما (4).
وجه الأول: أن الأصل وجب بالإيجاب قصدًا، والوسيلة وجبت بإيجاب المقصود فهو واجب كيفما كان. وإن اختلفت علة إيجابهما، وسواء كانت شرطًا لوقوع الفعل كالطهارة وسائر شروط الصلاة، أو غير شرط كمسح جزء من الرأس في غسل الوجه في الوضوء وإمساك جزء من الليل مع النهار في الصوم.
ووجه الثاني: أنه ليس هو الأصل وإنما هو وسيلة إلى الأصل، والواجب إنما هو الأصل لا وسيلته.
(1) انظر: روضة الناظر ص (19) والمستصفى (1/ 71)، وفواتح الرحموت (1/ 95)، والأحكام للآمدي (1/ 84).
(2)
ذكره المجد في المسودة، واختيار أبو الحسن البصري أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
انظر: المسودة ص (61)، والمعتمد لأبي الحسين (1/ 93 - 96).
(3)
انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص (94 - 95).
(4)
وبه قال ابن حمدان والطوفي وابن الحاجب.
انظر: الوصول إلى الأصول (1/ 147 - 148)، والبرهان للجويني (1/ 257)، وتحرير المنقول للمرداوي (1/ 160)، ومختصر ابن الحاجب (1/ 244).
وجه ما قاله بعض أصحابنا وهو وجوب ما كان شرطًا شرعيًّا دون غيره لأن الشرط الشرعي تعتبر له النية بخلاف غيره، ألا تر أنَّ الطهارة للصلاة يشترط لها النية كما شرطت للصلاة بخلاف غسل جزء من الرأس وإمساك جزء من الليل فإنه لا تشترط له النية.
وإذا قلنا بوجوبه فهل يعاقب تاركه أم لا؟ الذي ذكره القاضي في الحج عن ميت من ميقات أنه يعاقب كما يثاب (1)، وقاله الآمدي وغيره لما مرّ حد الواجب وهو ما عوقب تاركه، أو توعد على تركه أو ذم على الخلاف المتقدم (2).
وقال الشيخ موفق الدين وغيره: لا يعاقب عليه؛ لأن العقاب إنما يكون على الأصل لا على الوسيلة (3).
قال أبو العباس: الذي يجب أن يقال في هذه المسألة: إن الواجب له معنيان:
أحدهما: الطلب الجازم، والثاني: المعاقبة والذم على الترك والوجوب عند الجمهور من أصحابنا وغيرهم يتصور بمجرد القسم الأول، فيكون وجوب هذه اللوازم من باب الأول لا الثاني، إذ لا يعاقب المكلف على ترك هذه اللوازم، بدليل أن من بعدت داره عن المسجد أو مكة لا تزيد عقوبته على عقوبة من
(1) انظر: المغني (3/ 244) حيث ذكر الموفق أنه يحج عنه من حيث مات.
(2)
انظر: تحرير المنقول للمرداوي (1/ 161)، والأحكام للآمدي (1/ 84).
(3)
روضة الناظر ص (19 - 20).
قربت داره، وإن كان ثوابه على الفعل أكثر، إلا أن يقال: قد تكون عقوبة من كثرت واجباته (أكثر)(1) من عقوبة من قلت واجباته، وعلى هذا فقول من قال "يجب التوصل إلى الواجب بما ليس بواجب صحيح ليس كما أنكره أبو محمد متابعة للغزالي وغيره".
وكذلك مسألة ما لا يتم اجتناب المحرم إلا باجتنابه سواء، وقد يقال أيضًا: هذه اللوازم تجب وجوبًا عقليًّا لا وجوبًا طلبيًّا ولا عقابيًّا، فإن هذا النوع ثالث كما يجب لمن أراد الأكل تحريك فيه ولمن (2) أراد الكلام تحريك آلاته، فهذا وجوب عادي لا شرعي، وهذا الوجوب لا ينكره عاقل كما أن الوجوب العقابيَّ لا يقوله فقيه، يبقى الوجوب الطلبي محل النزاع وفيه نظر، ويشبه أن يقول هو مطلوب بالقصد الثاني لا الأول (3).
* * *
(1) في المسودة "أقل".
(2)
في المسودة: "أو".
(3)
المسودة ص (61 - 62).