الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بما يعرف المجاز)
(1)
قوله: (ويعرف المجاز بوجوه: بصحة النفي كقولك للبليد ليس بحمار، عكس الحقيقة، وبعدم اطراده، ولا عكس، وبجمعه على خلاف جمع الحقيقة، كأمور جمع أمر للفعل، وامتناع أوامر ولا عكس، وبالتزام تقييده مثل {جَنَاحَ الذُّلِّ} (2) و {نَارًا لِلْحَرْبِ} " (3) ويتوقفه على المسمى الآخر مثل {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} (4).
(1) العنوان من الهامش وراجع هذا البحث في:
التمهيد لأبي الخطاب (1/ 86 - 87)، وروضة الناظر ص (91)، وشرح مختصر الروضة للطوفي (1/ 179 ب - 182 أ) وشرح الكوكب المنير (1/ 180 - 184)، والمستصفي (1/ 243) وما بعدها ومختصر ابن الحاجب بشرح العضد (1/ 145) وما بعدها، والمحصول للرازي (1/ 481) وما بعدها، والأحكام للآمدي (1/ 24 - 28)، والإبهاج بشرح المنهاج (1/ 319 - 321)، وجمع الجوامع بشرح المحلى (1/ 323 - 326)، وتشنيف المسامع (ق 38 ب) وإرشاد الفحول ص (25)، والمزهر للسيوطي (1/ 362 - 364).
(2)
سورة الإسراء: (24) قال تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} .
(3)
سورة المائدة: (64) قال تعالى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} .
(4)
سورة آل عمران: (54).
يعرف المجاز بوجوه:
أحدهما: صحة النفي، كقولك للبليد ليس بحمار، وللجد ليس بأب، وصحة النفي دليل على أنه مجاز فيه، وعكسه الحقيقة، وزاد جماعة في نفس الأمر ليحترزوا به عن نفس الطارئ فإنه لا يدل عليه.
واختار صاحب"البديع"(1) أن صحة النفي كحكم من أحكام المجاز لا يعرف له معنى أنه حكم ثابت في الواقع إذا علم أنه مجاز بطريقة علم صمحة نفيه، لأن كونه معرفًا مستلزم للدور.
ثانيها: عدم الاطراد في مدلوله، كإطلاق النخلة على الإنسان الطويل إذ هو غير مطرد في كل طويل، ولا عكس كليًا أي لا يدل اطراد المنقظ في مدلوله على الحقيقة، لأن إطلاق اسم الكل على الجزء مطرد مع أنه ليس بحقيقة، فدل على أن القياس قد يطرد.
قال بعضهم: لكن لا يجب، ومن هنا زاد التاج السبكي قيد الوجوب فقال:"وعدم وجوب الاطراد"(2).
ثالثهما: جمعه على خلاف جمع الحقيقة؛ لأنه إذا علم
(1) كتاب البديع في أصول الفقه لمظفر الدين أحمد بن علي بن ثعلب الحنفي والمعروف بـ "ابن الساعاتي" المتوفى سنة (694 هـ) وقد جمع فيه بين طريقة الآمدي في كتابه الأحكام حيث عنى فيه بالقواعد الكلية على منهج المتكلمين وطريقة فخر الإسلام البزدوي في كتابه والذي سلك فيه طريقة الفقهاء.
انظر: الفتح المبين للمراعي (2/ 95)، وكتابه البحث العلمي لعبد الوهاب بن سليمان ص (444).
(2)
انظر: جمع الجوامع بشرح المحلى (1/ 323).
كونه حقيقة في شيء كالأمر في القول وجمعه أوامر، ثم جمع بمعنى الفعل على أمور فدل على المجاز، ولقائل أن يقول اختلاف الجمع لا يل على المجاز، بل قد يكون لاختلاف المسمى مع كونه حقيقة، وهذا لا ينعكس إذ المجاز قد لا يجمع بخلاف جمع الحقيقة، لأن الحمار بمعنى البليد يجمع على حمر وأحمرة كالحقيقة.
رابعها: التزام تقييده، فلا يستعمل في ذلك المعنى عند الإطلاق، "كجناح الذل""ونار الحرب"، فإن الجناح والنار قد يستعملان في حقيقتهما بدون قيد، ومتى استعملوهما في الذل والحرب قيدوهما به فدل على كونهما مجازًا فيه، وإنما قال "بالتزام تقييده" ولم يقل "بتقييده" احترازا عن الحقيقة في اللفظ المشترك فإنها قد تُقيَّد أيضًا، كما يقال "رأيت عينا جارية" لكن لا على طريق الالتزام.
خامسها: توقفه على المسمى الآخر سواء كان ذلك ملفوظًا به كقوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} (1) فلا يقال مكر الله ابتداء، أو مقدَّرًا كقوله تعالى:{قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا} (2) ولم يتقدم لمكرهم ذكر في اللفظ لكنه مذكور معنى (3).
(زاد)(4) في المختصر.
(1) سورة آل عمران: (54).
(2)
سورة يونس: (21).
(3)
انظر: مختصر الصواعق المرسلة (2/ 30).
(4)
في الأصل: "زا".
سادسًا: قال بعضهم وهو الأقوى ولهذا صدر به التاج السبكي، وهو: أن يتبادر غيره إلى الفهم لولا القرينة، والحقيقة بالعكس (1).
وأورد: المجاز الراجح، وأجيب بأنه نادر فلا يقدح، إذ الغالب أن المتبادر إنما هو الحقيقة.
وزاد جماعة منهم ابن مفلح وابن قاضي الجبل من ائمتنا ....
سابعًا: وهو أن لا يشتق منه اسم فاعل من غير مانع، فلا يقال آمر من الأمر بمعنى الفعل، بخلافه في القول.
وزاد ابن مفلح ثامنًا: وهو إضافته إلى غير قابل، وسماه التاج الإطلاق على المستحيل، فإن الاستحالة تقتضي أنه غير موضوع له فيكون مجازا (2) كقوله تعالى:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (3).
ورد: بأن المجاز العقلي كذلك مع أنه حقيقة لغوية، وأجيب بأن المراد ما يمتنع تعليقه بالبديهة، والذي في المجاز العقلي امتناعه نظرًا.
* * *
(1) انظر: مختصر ابن الحاجب (1/ 145)، وجمع الجوامع (1/ 323).
(2)
انظر: جمع الجوامع بشرح المحلى (1/ 326)، ومنتهى الوصول ص (20).
(3)
سورة يوسف: (82).