الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(إذا علق وجوب العبادة)
(1)
قوله: (مسألة: إذا علق وجوب العبادة بوقت موسع كالصلاة تعلق بجميعه أداء عند الجمهور، ولنا في وجوب العزم إذا أخر وجهان. وقال بعض المتكلمين: يتعلق الوجوب بجزء غير معين، كخصال الكفارة، واختاره ابن عقيل في موضع، وحمل أبو البركات مراد أصحابنا عليه، قلت: صرح القاضي وغيره بالفرق).
هذه مسألة الواجب الموسع والذي عليه أصحابنا والمالكية والشافعية والبلخي (2) وأبو علي وأبو هاشم. قال أبو الطيب:
(1) العنوان من الهامش.
انظر: مبحث الواجب الموسع في التمهيد (1/ 339 - 341)، والواضح (1/ ق 28 أ - 283 ب) القواعد والفوائد الأصولية ص (70 - 71)، تحرير المنقول للمرداوي (1/ 158 - 159)، والبحر المحيط للزركشي (1/ ق 64 أ - 67 أ) وبيان المختصر للأصبهاني (1/ 356 - 362).
(2)
هو الثلجي كما ذكر السرخسي والزركشي وغيرهما وهو محمد بن شجاع الثلجي البغدادي الحنفي (أبو عبد الله) فقيه العراق وتفقه بالحسن بن زياد اللؤلؤي وهو متروك الحديث ومن كتبه: تصحيح الآثار، النوادر في فروع الفقه والكفارات، وتوفي سنة (226 هـ).
انظر: أصول السرخسي (1/ 31)، البحر المحيط (1/ ق 64 ب)، =
هو مذهب الشافعي وأصحابنا أن جميع الوقت وقت للأداء (1).
زاد التاج السبكي قيدا فقال: جميع وقت الظهر جوازا (2) قال شارحه (3): واحترز بقوله: (جوازا) عن وقت الضرورة فإنه أوسع من ذلك، وهذا قيد (زاده)(4) على المصنفين لابد منه. انتهى.
لكن هل يشترط لجواز التأخير عن أول الوقت العزم؟ فيه وجهان للحنابلة والشافعية.
أحدهما: هو شرط اختاره الجمهور من الحنابلة وأبو نصر (5) المالكي على أصول أصحابه، وأبو الطيب وابن الباقلاني وصححه النووي (6)
= وشذرات الذهب (2/ 151)، تقريب التهذيب ص (301)، ومعجم المؤلفين (1/ 64)، سلم الوصول للمطيعي (1/ 162).
(1)
انظر: المسودة ص (26 - 28)، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد (1/ 241)، شرح تنقيح الفصول ص (150)، الأحكام للآمدي (1/ 79 - 82)، المعتمد لأبي الحسين (1/ 125)، والمجموع للنووي (3/ 47 - 49).
(2)
عبارة التاج (الأكثر أن جميع وقت الظهر جوازًا ونحوه) جمع الجوامع (1/ 187).
(3)
هو الزركشي. انظر تشنيف المسامع (ق 16 ب).
(4)
في التشنيف "زاده".
(5)
هو القاضي عبد الوهّاب بن علي بن نصر البغدادي، حيث ذهب هو والقاضي أبو بكر الباقلاني إلى اشتراط العزم، وتقدمت ترجمة عبد الوهّاب ص (253)، انظر: نشر البنود على مراقي السعود لسيدي عبد الله الشنقيطي (1/ 182) ط. دار الكتب بلبنان ..
(6)
هو يحيى بن شرف بن مري النووي (أبو زكريا محيي الدين) شيخ الإِسلام وشيخ المذهب الشافعي بلا منازع ولد سنة (631 هـ) وكان آية في العلم =
في "شرح المهذب"(1) وبه جزم في المستصفى (2).
والثاني: عدم وجوبه. واختاره أبو الخطاب، ومال إليه القاضي أبو يعلى في "الكفاية"(3) واختاره المجد، وهو قول أبي علي وأبي هاشم والجويني وأنكره الرازي وأبو الحسين البصري (4).
= والتقوى والزهد والورع وله المصنفات العظيمة كـ "رياض الصالحين والمجموع وشرح صحيح مسلم والروضة والأذكار وغيرها، وتوفي سنة (676 هـ).
انظر ترجمته: في شذرات الذهب (5/ 354 - 356)، الفتح المبين (2/ 81 - 82)، ومعجم المؤلفين (13 - 202 - 203)، طبقات الشافعية للأسنوي (2/ 476 - 477).
(1)
المهذب كتاب في فقه الشافعية لأبي إسحاق الشيرازي، المتوفي سنة (476 هـ) وشرحه النووي وسمى الشرح "المجموع".
(2)
انظر: روضة الناظر للموفق ص (18 - 19)، والمغني له (1/ 395)، ومختصر ابن الحاجب (1/ 241) وما بعدها والأحكام للآمدي (1/ 80)، والمجموع للنووي (3/ 49)، والمستصفى للغزالي (1/ 68 - 70) نهاية السول (1/ 167)، البحر المحيط للزركشي (1/ ق 64 ب).
(3)
والذي ذهب إليه القاضي في العدة (1/ 311) اشتراط العزم.
(4)
أي أنكر وجوب اشتراط البدل الرازي وأبو الحسين وممن ذهب إلى عدم اشتراط البدل، الآمدي واختاره الغزالي في المنخول، والتاج السبكي ونقله والده تقي الدين عن جمهور الفقهاء.
انظر: التمهيد لأبي الخطاب (1/ 240) وما بعدها، المسودة ص (28) والمعتمد لأبي الحسين (1/ 141)، والمحصول (1/ 1/ 292)، والأحكام للآمدي (1/ 80)، والمنخول ص (121) وجمع الجوامع بشرح المحلى (1/ 188) والإبهاج بشرح المنهاج، (1/ 95) تشنيف المسامع (ق 17 ب).
الحنفية: يتعلق بآخره فلو قدمه ففعل يسقطه (1).
وبعضهم مراعًا إلى آخر الوقت بصفة التكليف يقول الكرخي (2) وهو خرق للإجماع. وعن الكرخي أيضًا: بالدخول في الفعل في أي آخر الوقت كان.
وقيل: الوجوب يتعلق بأول الوقت وبعده قضاء.
وقال الرازي وأبو الحسن الكرخي: يتعلق بجزء من الوقت غير معين كالتعلق في الكفارة ويتأدى الوجوب بالمعين.
قال ابن حمدان في "مقنعه": وهو أقيس، وقال الشيخ مجد الدين: هذا أصح (عندي)(3) وأشبه بأصولنا في الكفارات فيجب أن يُحمل مراد أصحابنا عليه ويكون الخلل في العبارة (4).
دليل الأول: قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} (5) وقول النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى أول الوقت وآخره "الوقت ما
(1) انظر: أصول السرخسي (1/ 31 - 33)، ومسلم الثبوت (1/ 73 - 76)، تيسير التحرير (2/ 191).
(2)
هو عبيد الله بن الحسن بن دلال الكرخي الحنفي (أبو الحسن) ولد سنة (260 هـ) وانتهت إليه رئاسة الحنفية في عصره بعد ابن حازم وأبي سعيد البردعي ومن كتبه: رسالة في الأصول، المختصر في الفقه وتوفي سنة (340 هـ).
انظر ترجمته: في الفتح المبين للمراغي (1/ 186 - 187) وتاج لا تراجم ص (39)، الفوائد البهية ص (108 - 109).
(3)
ليست موجودة في المسودة.
(4)
المسودة ص (29).
(5)
سورة الإسراء: (78).
بين هذين" (1) والتخصيص بأولى الوقت دون آخره وبالعكس تحكم لا دليل عليه.
الحنفية: لو وجب أولًا لعصى بتأخيره، قيل: التعجيل والتأخير مخير كخصال الكفارة.
والكرخي والرازي قالا: لما كان المكلف مخيرًا في الأوقات كلها صارت الأوقات كالأعيان المخيَّر بينها في كفارات التخيير (2).
وصرح القاضي وابن عقيل وغيرهما بالفرق لظاهر النص المتقدم.
وقال ابن عقيل: التعميم يزيل معنى توسعة التخيير في التكفير، وتوسعة قيام شخص مقام آخر في الكفاية بالبعض، وهنا لم تزل الرخصة (3).
(1) رواه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري ولفظ مسلم "الوقت بين هذين" ورواه أبو داود (395) والنسائي وأحمد بلفظ "الوقت فيما بين هذين" وأخرجه الدارقطني وأبو عوانة والطحاوي.
انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (5/ 115 - 116) سنن أبي داود (1/ 279 - 280)، سنن النسائي (1/ 260 - 263) ومسند أحمد (4/ 416) وإرواء العليل للألباني (1/ 271 - 272).
(2)
انظر: المحصول (1/ 1/ 298).
(3)
في الواضح (وهاهنا إذا علقنا الوجوب على جميع الأوقات لم تزل الرخصة لأن الوقت الأول والثاني والثالث ظروف لفعل واحد في أيها فعل أجزأه).
وفيه فائدة وهي: تعلق المأثم بالترك في كل الوقت لا يختصر بالأخير (1).
قال القاضي في العدة: وأما من شبه ذلك بالكفارة فهو الدليل، عليه لأن الكفارة واجبة عليه من حيث الحنث في يمينه، وبأي نوع من أنواع الكفارة كفر كان وجوب الكفارة سابقًا لفعله، وكان مؤديًا لما سبق وجوبه، كذلك يجب أن يكون في أول وقت من أوقاته فعل أن يكون فاعلًا لما سبق وجوبه (2).
واحتج من قال باشتراط العزم بأنه بدل عن الفعل في أول الوقت، وهو المانع من حصول المأثم بالتأخير.
فقيل لهم: لو كان بدلًا لسد مسد المبدل منه، كسائر أبدال الشرع كالماء عن التراب، والإطعام عن الصوم، والصيام عن العتق، والصوم عن الدم في الإحرام، فلما لم يسد مسد المبدل منه بل كان في الذمة بحاله بطل كونه بدلًا.
قالوا: إنما هو بدل عن تقديم الفعل وتعجيله لا عن أصله، فإذا عزم كان عزمه بدلًا عن تقديم الفعل في كل وقت كان فيه عازمًا على الفعل في الوقت الذي يليه، فصار كأن الشرع يقول للمكلف: لك تأخير الفعل عن أول الوقت بشرط أن يكون عازمًا لا مهلًا قال لهم المعترض: فأين لنا بدل عن وصف فعل لا عن أصله؛ لأن التقديم وصف للصلاة، قالوا: لنا مثل ذلك في الفدية الواجبة على الحامل والمرضع إذا خافتا على الجنين والرضيع
(1) عن الواضح لابن عقيل (1/ ق 281 ب) بتصرف.
(2)
انظر: العدة لأبي يعلى (1/ 315).
ويجب إطعام مسكين عن كل يوم، والصوم واجب في الذمة فلم تكن الفدية بدلًا عن أصل الصوم لكن عن تأخيره فكما لم يخل الوقت الأول في باب الصلاة عن عزم لم يخل زمان رمضان عن إطعام وهو بدل عن الصوم فيه لا عن أصل الصوم.
تنبيه: قول المصنف: "اختاره ابن عقيل في موضع" أخذها من كلامه في الفصول حيث جعل مسألة الواجب الموسع كالواجب المخير وقاسها عليه.
قال المصنف "فهو موافق لما اختاره أبو البركات" مع ابن عقيل صرح بالفرق.
* * *