الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الواو)
(1)
قوله: (الواو لمطلق الجمع لا لترتيب ولا معيه عند الأكثر، وكلام أصحابنا يدل على أن الجمع المعية.
وذكر في التمهيد وغيره ما يدل على أنه إجماع أهل اللغة، لإجماعهم أنها في الأسماء المختلفة، كواو الجمع وياء التثنية في (المتماثلة)(2).
واحتج به ابن عقيل وغيره، وفيه نظر.
وقال الحلواني وثعلب من أصحابنا وغيرهما من النحاة والشافعية: إنها للترتيب، وقال أبو بكر: إن كان كل واحد من المعطوف والمعطوف عليه شرطًا في صحة الآخر كآية الوضوء فاللترتيب وإلا فلا).
في الواو العاطفة مذاهب: أصحها: لمطلق الجمع، أي القدر المشترك بين التريب والمعية، وبهذا قال أكثر طوائف الفقهاء، منهم
(1) العنوان من الهامش.
(2)
ما بين المعكوفين كرره الناسخ في الهامش.
انظر: التمهيد لأبي الخطاب (1/ 104)، والإبهاج بشرح الإبهاج (1/ 339)، المحصول (1/ 1/ 512).
الأئمة الأربعة وأكثر النحاة والمتكلمين (1)، وذكره الفارسي إجماع نحاة البصرة والكوفة، ونص عليه سيبويه في سبعة عشر موضعًا من كتابه، فلا تدل على ترتيب ولا معية، فإذا قلت "قام زيد وعمرو" احتمل ثلاثة معان في قيامهما، أن يكون في وقت واحد وأن يكون المقدم قام أولًا، وأن يكون المتأخر قام أولًا.
قال ابن مالك (2): لكن احتمال تأخير المعطوف كثير، وتقديمه قليل، والمعية احتمال راجح، وهذا مخالف لكلام سيبويه فإنه قال: وكذلك قولك مررت برجل وحمار كإنك مررت بهما وليس في هذا دليل أنه بدأ بشيء قبل شيء ولا شيء بعد شيء. انتهى (3).
واستدل ابن مالك بقوله تعالى عن منكري البعث {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} (4)(5) فالموت بعد الحياة مع أنهم قدموه لما كان الغرض نفي الجمع لا الترتيب.
(1) انظر: القواعد والفوائد الأصولية للبعلي ص (130) والأحكام للآمدي (1/ 48)، ومنتهى الوصول لابن الحاجب ص (27)، وفواتح الرحموت (1/ 229).
(2)
هو محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجيائي الأندلسي (جمال الدين أبو عبد الله) النحوي اللغوي وكان إمامًا في القراءات وصنف فيها قصيدة دالية. ولد سنة (600 هـ).
ومن كتبه: "تسهيل الفوائد، وتكميل المقاصد، والكافية الشافية" و"الخلاصة" وهي ما يعرف بألفية ابن مالك، وتوفي سنة (672 هـ).
انظر ترجمته: في بغية الوعاة للسيوطي (1/ 53 - 57)، وشذرات الذهب (5/ 339)، ومعجم المؤلفين (10/ 234).
(3)
راجع تسهيل الفوائد لابن مالك ص (174).
(4)
في الأصل أن هي وهو خطأ.
(5)
سورة الجاثية: (24).
وإنما عبر المصنف بـ (مطلق الجمع) دون "الجمع المطلق" كما عبر ابن الحاجب (1). تنبيهًا على صواب العبارة، وهكذا عبر التاج السبكي والعلامة ابن مفلح (2)، فإن الجمع المطلق هو الجمع الموصوف بالإطلاق لأنا نفرق بالضرورة بين الماهية بلا قيد والماهية المقيدة ولو بقيد "لا"، والجمع الموصوف بالإطلاق لا يتناول غير صورة وهي قولنا مثلًا "قام زيد وعمرو" ولا يدخل فيه المقيد بالمعية ولا بالتقديم ولا بالتأخير لخروجهما بالتقييد عن الإطلاق، وأما مطلق الجمع فعام في أي جمع كان سواء مرتبًا أو غير مرتب فيدخل فيه الصور الثلاث، ونظيرة قولهم "مطلق الماء" و"الماء المطلق"(3).
والمذهب الثاني: إنها تفيد الترتيب، ونسب إلى الشافعي ولم يثبت ونصره أبو إسحاق (4).
ونقل عن الفراء (5)
(1) مختصر ابن الحاجب بشرح العضد (1/ 189).
(2)
انظر: جمع الجوامع بشرح المحلى (1/ 365).
(3)
انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (2/ 63) وما بعدها، وراجع الإبهاج بشرح المنهاج (1/ 340) وما بعدها.
(4)
هو الإسفراييني وذكر ذلك في كتابه في أصول الفقه.
انظر: البحر المحيط للزركشي (1/ 263/ أ) كما نصره أبو إسحاق الشيرازي في التبصرة ص (231).
(5)
هو يحيى بن زياد بن عبد الله الديلمي المعروف بـ "الفراء" أجل أصحاب الكسائي وكنيته (أبو زكريا) وأعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي ومن كتبه =
وأنكره السيرافي (1) وقال: لم أره في كتاب الفراء، وعزاه الماودري في "باب الوضوء" للجمهور من أصحاب الشافعي (2) واختاره الحلواني وثعلب من الحنابلة وغلامه أبو عمر (3) وقطرب (4) وعلي بن عيسى (5) الربعي.
= (معاني القرآن) و (الحدود) والمصادر في القرآن وتوفي سنة (207 هـ).
انظر ترجمته: في معجم الأدباء لياقوت (20 - 9 - 14)، وشذرات الذهب (2/ 19 - 20)، ومعجم المؤلفين لكحالة (13/ 198) بغية الوعاة (2/ 333).
(1)
هو الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي (أبو سعيد) النحوي اللغوي المقرئ كما شارك في علوم أخرى ولد سنة (284 هـ) ومن كتبه "شرح كتاب سيبويه" و"أخبار النحويين البصريين" وتوفي سنة (368 هـ).
انظر: شذرات الذهب (3/ 65 - 66)، ومعجم الأدباء (8/ 145 - 233)، ومعجم المؤلفين (3/ 242 - 243)، بغية الوعاة (1/ 507 - 509).
(2)
انظر: الإبهاج بشرح المنهاج (1/ 344).
(3)
هو محمد بن عبد الواحد بن أبي هشام البغدادي اللغوي الزاهد والمعروف بـ "غلام ثعلب" ولد سنة (261 هـ) أخذ عن ثعلب الكوفي وآخرين ومن كتبه: "شرح الفصيح لثعلب واليواقيت"، وتوفي سنة (345 هـ).
انظر ترجمته: في طبقات الحنابلة (2/ 67 - 69) معجم الأدباء لياقوت
(18 - 226 - 344)، وشذرات الذهب (2/ 270 - 271)، ومعجم المؤلفين (10/ 266 - 267)، بغية الوعاة (1/ 164 - 166).
(4)
هو محمد بن المستنير بن أحمد البصري (أبو علي) المعروف بـ "قطرب" تتلمذ على سيبويه وهو من أئمة عصره، وله كتب منها:"إعراب القرآن وغريب الحديث والاشتقاق"، وتوفي سنة (206 هـ).
انظر ترجمته: في شذرات الذهب (2/ 15 - 16)، ومعجم الأدباء (19 - 52 - 54)، ومعجم المؤلفين (12/ 25 - 16) بغية الوعاة (1/ 242 - 243).
(5)
هو علي بن عيسى بن الفرج بن صالح الربعي البغدادي الشيرازي الأصل =
ونقل عن الفراء، أنها للترتيب حيث يستحيل الجمع كقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} (1).
قال في "البرهان": اشتهر من مذهب أصحابنا أنها للترتيب وعند بعض الحنفية (2): للجمع المطلق.
قال: وقد زل الفريقان، لأن الواو لو كانت للجمع لكان القائل رأيت زيدًا وعمرًا يقتضي أنه رآهما معًا، وهذا لا يفهم من اللسان بل الواو لا تفيد الجمع ولا الترتيب بل التشريك (3).
وعلم بذلك أن ما ذكره السيرافي والفارسي والسهيلي من إجماع النحاة بصريهم وكوفيهم على أن الواو لا ترتب غير صحيح.
وقال ابن عصفور (4) في "شرح الإيضاح" الخلاف في أن
= (أبو الحسن) النحوي اللغوي وشيخ النحو ببغداد، ولد سنة (328 هـ) ومن كتبه "البديع في النحو وشرح الإيضاح لأبي علي الفارسي" وتوفي سنة (420 هـ).
انظر ترجمته: في شذرات الذهب (2/ 316)، ومعجم الأدباء لياقوت (14/ 78 - 85)، ومعجم المؤلفين (7/ 163 - 164)، وبغية الوعاة (2/ 181 - 182).
(1)
سورة الحج: (77).
(2)
في البرهان "وذهب أصحاب أبي حنيفة".
(3)
انظر: البرهان للجويني (1/ 181) وما بعدها.
(4)
هو علي بن مؤمن بن محمد بن علي الحضرمي الأشبيلي (أبو الحسن) النحوي الصرفي اللغوي والمعروف بـ "ابن عصفور" ولد سنة (597 هـ) ومن كتبه "الممتع في التصريف وشرح الجمل للزجاجي وشرح ديوان المتنبي، وتوفي سنة (669 هـ).=
الواو للترتيب محله إذا كان الفعل يمكن صدوره من واحد، فأما نحو "اختصم زيد وعمرو" فلا خلاف أنها لا تقتضي الترتيب.
وذكر في "شرح الجمل" محتجًا على القائل بالترتيب بأن هذه الأفعال لا تفيد الترتيب فكذلك غيرها (1).
واختار أبو بكر عبد العزيز إن كان كل واحد من المعطوف والمعطوف عليه شرطًا (2) في صحة الآخر كآية (3). الوضوء فللترتيب وإلا فلا.
احتجوا للأول بالإجماع السابق، وبعطفه تعالى السابق على اللاحق كأيوب ويونس وعكسه (4)، وحكايته عن قول منكري البعث {نَمُوتُ وَنَحْيَا} (5) ولو كانت للترتيب للزم التناقض في آية البقرة والأعراف {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} (6) وهي قصة واحدة.
= انظر ترجمته: في شذرات الذهب (5/ 330 - 331)، ومعجم المؤلفين (7/ 251)، بغية الوعاة (2/ 210 - 211).
(1)
انظر: شرح جمل الزجاجي لابن عصفور (1/ 227 - 228).
(2)
في القواعد والفوائد الأصولية ص (132) مرتبطًا بالآخر.
(3)
سورة المائدة: (6) وهي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}
(4)
غير واضحة في الأصل واجتهدت في قراءتها. سورة المؤمنون: (37){إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37)} .
(5)
سورة المؤمنون: (37).
(6)
سورة البقرة: (58) حيث قال تعالى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ} وقال في سورة الأعراف: (161){وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} فلو أن الواو مفيدة للترتيب لكان الأمر بدخول الباب مقدمًا =
ولكان "جاء زيد وعمرو"بعد تكرارًا، وقبله تناقضًا، وعند رؤيتهما معًا كذبًا.
واحتج من قال بالترتيب بما روى مسلم عن جابر (1): أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ "إن الصفا والمروة"(2) فقال: أبدأ بما بدأ به الله (3).
وللنسائي (4)
= على الأمر بالقول لما دلت عليه آية البقرة ولم يكن مقدمًا لما دلت عليه آية الأعراف فيلزم التناقض وأما بطلان اللازم فلأن التناقض كذب والكذب على الله عز وجل محال. أهـ.
عن بيان المختصر للأصبهاني في (1/ 267) بتصرف وانظر شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (99).
(1)
هو جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري السلمي الصحابي الجليل وأحد المكثرين عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو من أهل بيعة الرضوان وأهل السبق في الإسلام كثير العلم، وتوفي سنة (74 هـ) وقيل (68) وهو آخر من مات من أهل العقبة.
انظر ترجمته: في شذرات الذهب (1/ 84)، الإصابة لابن حجر (1/ 213)، أسد الغابة (1/ 207 - 208).
(2)
سورة البقرة: (158).
(3)
هذه قطعة من حديث جابر الطويل المشهور، انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (8/ 167 - 177).
وأخرجه أبو نعيم في المستخرج وأبو داود والدارمي وابن ماجه وقد أفرد الشيخ الألباني هذا الحديث برسالة خاصة جمع فيها طرقه والزيادات الواردة على رواية مسلم.
انظر: إرواء الغليل للألباني (4/ 201 - 209 - 316) وكتاب حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها جابر رضي الله عنه عنه.
(4)
هو أحمد بن شعيب بن علي النسائي (أبو شعيب) وينسب إلى نساء بلده مشهورة الإمام الحافظ المشهور الثقة الثبت صاحب المصنفات ولد سنة (251) =
وغيره بإسناد جيد: "فابدؤا بما بدأ به الله"(1).
ولمسلم عن عدي بن (2) حاتم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "بئس الخطيب أنت" للقائل ومن يعصهما قل "ومن يعص الله ورسوله"(3).
والجواب: أن الترتيب مستفاد من غيره.
= من كتبه (السنن الكبرى والصغرى) وهي إحدى الكتب الستة و"مسند مالك" و "مسند علي وتعتبر سننه أقل السنن حديثًا ضعيفًا بعد الصحيحين وتوفي سنة (303).
انظر ترجمته: في شذرات الذهب (2/ 239 - 241)، تهذيب التهذيب (1/ 36 - 39)، ومعجم المؤلفين (1/ 244 - 245).
(1)
أخرجه مالك عن جابر في كتاب الحج وعن طريق مالك أخرجه النسائي وأحمد.
انظر: موطأ مالك (2/ 313) سنن النسائي (2/ 4) الفتح الرباني (2/ 79).
(2)
هو عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد الطائي (أبو طريف) صحابي جليل مشهور وهو أحد المهاجرين حيث قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع للهجرة وثبت على الإسلام في الردة وحضر فتوح العراق، وتوفي سنة (68 هـ) وله مائة وعشرون سنة تقريبًا.
انظر ترجمته: في تقريب التهذيب ص (237)، الإصابة لابن حجر (2/ 468 - 469)، وأسد الغابة (4/ 8 - 10).
(3)
أخرجه مسلم عن عدي في كتاب الجمعة وأبو داود في كتاب الأدب (4981) والنسائي في كتاب النكاح وأخرجه أحمد.
انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (6/ 159 - 160)، وسنن أبي داود (5/ 259)، وسنن النسائي (6/ 74)، والفتح الرباني (6/ 88).
ولفظ الحديث عند مسلم عن عدي بن حاتم الطائي أن رجلًا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بئس الخطيب أنت قل: ومن عصى الله ورسوله فقد غوى".
والبداءة بالصفا من الأمر وإلا لما أمر.
ونهى الخطيب لتركه إفراد اسم الله تعالى بالتعظيم لأن معصيتها لا ترتيب فيها، وليس الترتيب في اللفظ من "الواو" بل لأن العرب تبدأ بالأهم.
وأما قول المصنف (لإجماعهم أنها في الأسماء المختلفة كواو الجمع وياء التثنية في المتماثلة) فمعناه أنه لا فرق بين أن تقول "رأيت زيدا وبكرًا وخالدًا" وتقول "هؤلاء الزيدون" و "رأيت الزيدين" فإن الواوين عندهم على حد سواء، ثم قد ثبت أن واو الجمع في الأسماء المتفقة لا تكون للترتيب فكذلك واو العطف.
وقول المصنف (فيه نظر) هكذا نظر العلامة ابن مفلح في أصوله وزاد لجواز ذلك.
وقال ابن قاضي الجبل لما ذكر قول ابن (1) الخطيب إنهم اتفقوا على أن ما تفيده واو الجمع غير ما تفيده واو العطف قلنا: يريدون في أصل الجمع للعامل لا من جميع الوجوه.
والذي يدل على ما قلناه وجوه:
أحدها: صحة الاستثناء في صيغة الجمع، فتقول "قام الزيدون إلا أخاك" وفي صيغة العطف يمتنع ذلك.
وثانيها: دلالة اللفظ في الأسماء المتماثلة في الجمع على كل واحد من الأشخاص بالتضمن ودلالة العطف بالمطابقة.
(1) هو الفخر الرازي كما سبق وانظر المحصول (1/ 1/ 512 - 513).