الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بيان السنة)
(1)
قوله: (والسنة لغة: الطريقة، وشرعًا: اصطلاحًا ما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولًا أو فعلًا أو إقرارًا).
هذا الأصل الثاني وهو السنة.
وهي لغة: الطريقة والعادة، فسنة كل أحد ما عهدت منه المحافظة عليه والإكثار منه سواءًا كان من الأمور الحميدة أو غيرها (2).
وأما السنة في اصطلاح أهل الشرع: فهي ما تقل عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا أو فعلا أو إقرارًا.
وقوله "شرعًا اصطلاحًا" تابع فيه الطوفي في مختصره (3).
وقال في "شرحه" إنما قال ذلك احتراز من السنة في العرف الشرعي العام، فإنها تطلق على ما هو أعم مما ذكرناه،
(1) العنوان من الهامش.
(2)
بهذا عرفها الآمدي في الأحكام (1/ 127) وانظر: الصحاح للجوهري (5/ 218)، والقاموس المحيط (4/ 239).
(3)
انظر: مختصر الطوفي ص (49).
وهو: المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين (1).
فالقول كقوله صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رأيتموني أصلي"(2) و"خذوا عني مناسككم"(3).
والفعل كما شوهد منه من الأفعال في الصلاة كرفع يديه في الركوع (4) ونحوه، وكسعيه في الوادي بين الصفا والمروة في
(1) راجع شرح الكوكب المنير (2/ 159) وما بعدها والمدخل لابن بدران ص (199)، وإرشاد الفحول للشوكاني ص (33).
(2)
هذه قطعة من حديث طويل أخرجه البخاري (631) عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه في كتاب الأذان وأخرجه أحمد والدارمي (1256)، انظر فتح الباري (2/ 111)، ومسند أحمد (5315)، وسنن الدارمي (1/ 229 - 235).
(3)
أخرجه النسائي في مناسك الحج عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة وهو على بعيره وهو يقول: "يا أيها الناس خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلى لا أحج بعد عامي هذا".
وأخرجه مسلم وأبو داود (1970) وأحمد بلفظ (لتأخذ أمتي مناسكها، وعند ابن ماجه (3023)(نسكها) وأخرجه الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما (900) مختصرًا.
انظر: صحيح مسلم بشرح النويي (8/ 44 - 45) وسنن النسائي (5/ 275) وسنن أبي داود (4/ 495 - 496) وسنن ابن ماجه (2/ 1006)، ومسند أحمد (3/ 301 و 318، 332)، وإرواء الغليل (4/ 271 - 272).
(4)
رويت عدة أحاديث في ذلك منها حديث ابن عمر المتفق عليه قال "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه، وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع ويفعل ذلك إذا رفع راسه من الركوع" الحديث.
انظر: صحيح البخاري (2/ 219)(736) وصحيح مسلم بشرح النووي (4/ 93)، واللؤلؤ والمرجان (1/ 79) نيل الأوطار (2/ 179)، وسبل السلام (1/ 167).
الحج وهو يقول: "لا يقطع الوادي إلَّا شَدَّا"(1).
والإقرار على فعل أو قول صدر من غيره ولا مانع (2) من إنكاره كما في حديث أنس كانوا إذا أذن المؤذن يعني المغرب ابتدروا السواري يصلون ركعتين الحديث وفيه "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرانا نصليها فلا يأمرنا ولا ينهانا"(3).
(1) أخرجه النسائي في كتاب المناسك عن صفية بنت شيبة عن امرأة قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى في بطن الوادي وهو يقول "لا يقطع" الحديث وأخرجه أحمد.
وأخرجه ابن ماجه (2987) عن صفية بنت شيبة عن أم ولد شيبة بلفظ (لا يقطع الأبطح إلا شدَّا) وأخرجه أحمد، وأم ولد شيبة إسمها حبيبة بنت أبي مجزأة وقيل تملك كما حكاه الحافظ ابن حجر وأخرج الحديث الطبراني والبيهقي وقال عنه الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
انظر: سنن النسائي (5/ 213)، وسنن ابن ماجه (2/ 955)، ومسند أحمد (1/ 404 - 405)، والفتح الرباني مع شرحه بلوغ الأماني (12/ 81) وتقريب التهذيب ص (480).
(2)
كذا في الأصل والأوجه (ولم يمانع).
(3)
جمع الشارح رحمه الله بين حديثين رويا عن أنس رضي الله عنه.
الأول: عن أنس قال: كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهم كذلك يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء، أخرجه البخاري (625) في كتاب الأذان وهذا لفظه، وأخرجه مسلم والنسائي والدارمي (1448) وأحمد مع اختلاف في بعض الألفاظ.
والثاني: ما رواه مسلم عن مختار بن فلفل قال: سألت أنس بن مالك عن التطوع بعد العصر فقال: كان عمر يضرب الأيدي على صلاة بعد العصر، وكنا نصلي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس =
وذلك متوقف على العصمة (1).
أما قبل البعثة فامتناع المعصية عقلًا مبني على التقبيح العقلي، فمن أثبته كالروافض (2) منعها للتنفير فينافي الحكمة، وقاله المعتزلة في الكبائر، ومن نفاه لم يمنعها (3).
أما بعد البعثة فمعصوم من تعمد ما يخل بصدقة فيما دلت المعجزة على صدقه من رسالة وتبليغ (4).
= قبل صلاة المغرب فقلت له أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما قال كان يرانا نصليها فلم يأمرنا ولم ينهانا.
انظر: صحيح البخاري (1/ 577 - و 2/ 106) وصحيح مسلم بشرح النووي (6/ 123)، وسنن النسائي (2/ 28 - 29)، وسنن الدارمي (1/ 276)، ومسند أحمد (3/ 280) والتلخيص الحبير (2/ 13).
(1)
أي إقامة السنة حجة للعصمة، وعرفها الفتوحي بأنها: سلب قدرة المعصوم على المعصية فلا يمكنه فعلها.
انظر: شرح الكوكب المنير (2/ 167)، وإرشاد الفحول ص (34).
(2)
الروافض أو الرافضية، وسموا رافضة لرفضهم زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنه لما سألوه عن رأيه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فأثنى عليهما خيرًا فانصرفوا عنه فقال رفضوني وهم عدة طوائف.
انظر: اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي ص (52) وما بعدها، والأديان والمذاهب المعاصرة ص (176) وما بعدها ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (25/ 307) وما بعدها.
(3)
والجمهور على أنه لا يمتنع من الأنبياء قبل البعثة ذنب صغير ولا كبير.
راجع تحرير المنقول للمرداوي (1/ 198) وشرح الكوكب المنير (2/ 169)، والأحكام للآمدي (1/ 128) وحاشية التفتازاني على ابن الحاجب (2/ 22) وتيسير التحرير (3/ 20 - 21)، وإرشاد الفحول ص (35).
(4)
انظر: بالإضافة إلى ما سبق بيان المختصر للأصبهاني (1/ 478)، تشنيف المسامع (ق 79 أ) وإرشاد الفحول ص (33 - 34).
وللعلماء في جوازه غلطًا ونسيانًا قولان، بناء على أن المعجزة هل دلت على صدقة فيه.
واختلف فيه كلام ابن عقيل (1).
وجوزه القاضي وغيره، واختاره ابن الباقلاني والآمدي وغيرهما وذكره بعض أصحابنا قول الجمهور، وأنه يدل عليه القرآن (2).
قال القاضي عياض (3): الخلاف في الأفعال، ولا يجوز في الأقوال البلاغية إجماعًا، ومعناه في "إرشاد ابن عقيل"(4).
ثم لا يقر عليه إجماعًا فيعلم به.
قال الأكثر: على الفور، وقالت طائفة (5) مدة حياته.
وأما ما لم يخل بصدقه فمعصوم من كبيرة إجماعًا ولا عبرة
(1) انظر: الواضح لابن عقيل (1/ ق 126 ب).
(2)
راجع المسودة، ص (190).
(3)
هو عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي المالكي (أبو الفضل) قاضي المغرب وعالمها في زمانه، وله مؤلفات كثيرة منها "الشفا بتعريف حقوق المصطفى ومشارق الأنوار" وغريب الصحيحين والموطأ ولد سنة 496 هـ وتوفي سنة 544 هـ.
انظر شذرات الذهب (4/ 138 - 139)، ومعجم المؤلفين (8/ 16 - 17).
(4)
انظر: الشفا للقاضي عياض (2/ 128)، والمسودة ص (190) وشرح الكوكب المنير (2/ 173).
(5)
وقال بذلك أبو المعالي وغيره. انظر: البرهان له (1/ 486)، والمسودة ص (190)
بالحشوية وبعض الخوارج (1).
وجوز القاضي وقوعها سهوًا وقاله الأكثر (2).
واختلف كلام ابن عقيل.
وقال ابن أبي موسى: لا يجوز، قال: ويجوز الهمة بها لا الفعل.
وذكر لنا خلافًا في جواز صغيرة لا فعلها عمدًا.
وذكر القاضي وابن عقيل وابن الزاغوني جواز صغيرة عمدًا وفاقًا للمعتزلة والأشعرية، والمنع منها سهوًا قول الشيعة.
وجزم بعض أصحابنا بأن ما أسقط العدالة لا يجوز، ولعله مراد غيره.
وهو معنى ما جزم به الآمدي ومن تبعه أن ما أوجب خسة وإسقاط مرؤة فكالكبيرة (3).
(1) راجع شرح الكوكب المنير (2/ 172)، والأحكام (1/ 28 - 29)، ومختصر ابن الحاجب بشرح العضد (2/ 22)، وبيان المختصر للأصبهاني (1/ 479)، وفواتح الرحموت (2/ 99)، والمسودة (77).
(2)
وبهذا قال الحنفية والرازي وأبو إسحاق الاسفرائيني وابن فورك والجماهير وقال ابن حزم: إنه الدين الذي ندين الله به.
انظر: بالإضافة إلى المراجع السابقة المسودة ص (188) وشرح الكوكب المنير (2/ 173 - 177)، والأحكام للآمدي (1/ 129)، وإرشاد الفحول ص (24)، والفصل في الملل والنحل لابن حزم (2/ 4 - 3) والتبصرة للشيرازي ص (524).
(3)
ومثل له الآمدي بسرقة حبة أو كسرة. انظر: الأحكام (1/ 129).
وعند الحنفية معصوم من معصية (1) وهي مقصودة، لا زلَّة، وهو فعل لم يُقصد جَرَّ إليه مباح (2).
* * *
(1) هذه الكلمة لحقها بلل في الأصل.
(2)
قسم الأحناف النبي عليه السلام التي تكون عن قصد إلى خمسة أقسام: مباح ومستحب وواجب وفرض والزلة. ويعنون بالزلة أن يقصد النبي المباح فيلزم المعصية فالقصد لم يوجد إلى عين الزلة، مثل وكز موسى للقبطي في قوله تعالى:{فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} الآية (15) من سورة القصص، انظر: أصول السرخسي (2/ 86) وفواتح الرحموت (2/ 99 - 100).