الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فرض الكفاية)
(1)
قوله: (مسألة: فرض الكفاية واجب على الجميع عند الأكثر، ونص عليه إمامنا، وقيل يجب على بعض غير معين، ويسقط بفعل البعض كما يسقط الإثم إجماعًا، وتكفي غلبة الظن بأن البعض فعله. قاله القاضي وغيره، وإن فعله الجميع دفعة واحدة فالكل فرض ذكره ابن عقيل محل وفاق ولنا فيما إذا فعل بعضهم بعد بعض في كون الثاني فرضًا وجهان، جزم في الواضح بالفرض، ولا فرق بينه وبين فرض العين ابتداء قاله في الروضة).
فرض الكفاية: كل مهم يقصد حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله (2)؟ (فكل مهم يقصد حصوله) جنس يشمل فرض العين والكفاية و (من غير نظر بالذات إلى فاعله)(3) فصل يخرج العين.
(1) العنوان من الهامش.
انظر: البحر المحيط للزركشي (1 / ق 75 أ).
(2)
انظر: تعريف فرض الكفاية في القواعد والفوائد الأصولية ص (186)، شرح الكوكب المنير (1/ 375)، جمع الجوامع بشرح المحلى (1/ 182).
(3)
ويدخل في فرض الكفاية الحرف والصناعات ونحوها من الأمور المهمة التي يحتاجها المجتمع المسلم.
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 375).
واختلفوا هل هو واجب على الكل (1) أو على البعض على قولين. الجمهور أنه واجب على الكل، ووجه (2) تأثيم الجميع عند الترك، والإثم فرع الوجوب، وإنما سقط بفعل البعض، لأن المقصود به تحصيل تلك المنافع كإنقاذ الغريق وتجهيز الميت ونحوه، ولا تتكرر المصلحة بتكرره بخلاف فرض العين، فإن القصد منه تعبد جميع المكلفين، فلا يسقط بفعل البعض لبقاء المصلحة المشروعة (3) لها وهو تعبد كل فرد فرد.
والثاني: أنه على البعض، ونسب إلى اختيار الرازي وقدمه التاج السبكي (4) واحتج بقوله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} (5) وقوله {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} (6) وبأنه سقط بفعل البعض فلا يكون واجبًا على الكل؛ لأن الواجب عليه لا يسقط بفعل غيره.
رد: لا نسلم أن الواجب لا يسقط بفعل غيره، لأن
(1) راجع تحرير المنقول للمرداوي (1/ 154)، والقواعد والفوائد للبعلي ص (187)، والمسودة ص (30)، ومختصر ابن الحاجب بشرح العضد (1/ 234)، وجمع الجوامع بشرح المحلى (1/ 184)، وفواتح الرحموت (1/ 62 - 63).
(2)
كذا في الأصل والصواب: "وجهه".
(3)
كذا في الأصل والمراد بقاء المصلحة التي من أجلها شرع فرض العين.
(4)
وهو اختيار البيضاوي، وخالف اختيار تقي الدين السبكي اختيار ابنه حيث اختار قول الجمهور.
انظر: منهاج الوصول للبيضاوي بشرحه نهاية السول (1/ 185)، وجمع الجوامع بشرح المحلى (1/ 184)، والإبهاج بشرح المنهاج (1/ 100).
(5)
سورة آل عمران: (104).
(6)
سورة التوبة: (122).
الاختلاف في طريق السقوط لا يوجب الاختلاف في الحقيقة كالقتل الواجب بسبب الرده لا يخالف القتل الواجب بسبب القصاص في الحقيقة مع سقوط الأول بالتوبة دون الثاني، والثاني بالدية و (العفو)(1) دون الأول (2).
وإذا قلنا إنه على البعض فهل هو مبهم أو معين فيه قولان: الأول منقول عن المعتزلة وهو مقتضى كلام المحصول (3).
وإذا قلنا بأنه معين فهل هو معين عند الله دون الناس، أو من قام به قولان (4).
وأما السقوط فإنه يسقط بفعل البعض عند الكل، لكن هل تكفي عليه الظن في أن البعض فعل أو لا بد من اليقين (5).
الذي ذكره القاضي أبو يعلى وأبو العباس وغيرهما الأول (6)، لأن غالب أمور الشرع مبني على الظن. وابن حمدان في "مقنعه" قال: يكفي الظن. فلو فعله الجميع دفعة واحدة فالكل فرض؛ لأنه لا مزية لأحدهم على الآخر، وأما إذا فعل البعض (7)
(1) في الأصل: "العقود".
(2)
انظر: الأحكام للآمدي (1/ 76)، وحاشية التفتازاني على شرح العضد لمختصر ابن الحاجب (1/ 235).
(3)
راجع المعتمد لأبي الحسين (1/ 138)، والمحصول للرازي (1/ 311/2)، التمهيد للأسنوي ص (75).
(4)
انظر: البحر المحيط للزركشي (1/ق 76 أ).
(5)
انظر: القواعد والفوائد الأصولية للبعلي ص (189).
(6)
انظر: المسودة ص (31).
(7)
المرجع السابق.
بعد البعض فالذي فعله البعض الأول فرض، وأما الذي فعله البعض الثاني فهل هو فرض أم لا؟ وجهان:
أحدها: ليس بفرض لأن الفرض قد سقط بالأول. وحيث سقط لم يبق فرض.
وجزم في الواضح بأنه فرض لتناول الفرض للجميع (1).
قال في الروضة في مسائل الأوامر: لا فرق بينه وبين فرض العين ابتداء (2).
* * *
(1) انظر: الواضح (1/ق 289 أ).
(2)
راجع روضة الناظر ص (108)، شرح الكوكب المنير (1/ 377).