الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المترادف واقع)
(1)
قوله: (مسألة: المترادف واقع عند أصحابنا والحنفية والشافعية خلافًا لثعلب وابن فارس مطلقًا، وللإمام في الأسماء الشرعية).
المترادفان هما اللفظان المتغايران الموضوعان لمعنى واحد مستعملان (له)(2) مفردًا.
فبالقيد الأول: وهو التغاير خرج التأكيد اللفظي، نحو جاءني زيد زيد.
وبالثاني: التأكيد المعنوي (3) والأسماء المتباينة، والاسم،
(1) العنوان من الهامش. والترادف لغة: التتابع، قال الأصمعي: تعاونوا عليه وترادفوا بمعنى.
انظر: الصحاح للجوهري (4/ 1364) والقاموس المحيط (3/ 147 - 148).
(2)
(له) غير موجودة في الأصل ولعلها سقطت سهوا.
وانظر: تعريف المترادف في المحصول (1/ 1/ 347) والإبهاج بشرح المنهاج (1/ 238) وشرح تنقيح الفصول ص (31 - 32) والبحر المحيط (1/ 189 ب) والمزهر للسيوطي (1/ 402).
(3)
قال الرازي: الفرق بينه وبين التوكيد أن أحد المترادفين يفيد ما أفاده =
والحد، لأن الأول موضوع للمجموع من حيث هو مجموع، والثاني للأجزاء، وبالثالث بعض التأكيد المعنوي والتابع، نحو (شيطان ليطان) إذ لا يستعمل كل منهما مفردا.
وقد اختلف الناس في وقوع الترادف في اللغة على مذاهب (1) أصحها وقوعه؛ لأنه لا يمتنع ذلك من واضع ولا من واضعين ولا يشعر أحدهما بالآخر، ويشتهر ذلك مع أن لغة العرب طافحة بذلك، كأسد وليت وسبع للحيوان المعروف، وسهلب وصلهب للطويل، فأما مهند نسبة إلى الهند وصارم فمترادفان على الذات كسيف، ومتباينان صفة، وناطق وفصيح مترادفان على موصوفهما من لسان أو إنسان، متباينان معنى وقولهم "لا فائدة فيه" أجيب فائدته توسعة تكثير طرق موصله إلى الغرض، وتيسير نظم ونثر وتجنيس ومطابقة (2).
وقولهم "تعريف للمعرف" أجيب علامة ثانية ويجوز الوضع معًا.
المذهب الثاني: المنع، وحكاه ابن فارس في كتابه "فقه
= الآخر كالإنسان والبشر، وفي التوكيد يفيد الثاني تقوية الأول. قاله السيوطي في المزهر (1/ 402 - 403)
وانظر: المحصول (1/ 1/ 348).
(1)
راجع تحرير المنقول للمراوي (1/ 106)، وشرح الكوكب المنير (1/ 14)، والأحكام للآمدي (1/ 18) وما بعدها، فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت (1/ 198 - 201)، إرشاد الفحول للشوكاني ص (19)، وكتاب الترادف في اللغة لحاكم لعيبى ص (193) وما بعدها.
(2)
انظر: بيان المختصر للأصبهاني (1/ 176 - 178).
اللغة" عن ثعلب، واختاره (1)، لأن وضع اللفظين لمعنى واحد عيٌّ يجل الواضع عنه، وما ورد مما يوهم الترادف يتكلفون له التغاير.
قال بعضهم (2): والحاصل أن من جعلها مترادفة نظر إلى اتحاد دلالتها على الذات، ومن منع نظر إلى اختصاص بعضها بمزيد معنى، فهي تشبه المترادفة في الذات والمتباينة في الصفات.
قال الأصفهاني (3): يعني أن يحمل كلامهم على منعه في لغة واحدة، فأما في لغتين (4) فلا ينكره عاقل (5).
المذهب الثالث: يقع في اللغة لا في الأسماء الشرعية، وإليه ذهب فخر الدين الرازي في المحصول في آخر الحقيقة الشرعية بعد ما ذكر وقوع الأسماء المشتركة، فقال: أما المترادف فالأظهر أنه لم يوجد؛ لأنه ثبت على خلاف الأصل
(1) حكى القول بالمنع ثعلب عن أستاذه ابن الأعرابي المتوفى سنة (231 هـ) ولعله أول من أنكر الترادف.
انظر: الترادف في اللغة لحاكم مالك ص (198)، والصاحبي في فقه اللغة لابن فارس ص (114 - 115) وص (327).
(2)
القائل هو عز الدين بن جماعة في شرحه على جمع الجوامع.
انظر: المزهر للسيوطي (1/ 405).
(3)
هو محمد بن محمود بن محمد بن عياد العجلي الأصفهاني الشافعي (شمس الدين أبو عبد الله) الفقيه الأصولي المتكلم الأديب ولد سنة (616 هـ) ومن كتبه شرح المحصول للرازي، توفي سنة (688 هـ).
انظر: الفتح المبين (2/ 90 - 91)، وشذرات الذهب (5/ 406)، ومعجم المؤلفين (12/ 6 - 7).
(4)
في الأصل: "الغتين".
(5)
انظر: المزهر للسيوطي (1/ 405).
فيتقدر (1) بقدر الحاجة" (2) انتهى، مع أن فخر الدين ممن يقول بأن الفرض والواجب مترادفان وكذا السنة والتطوع (3).
تنبيه: قول المصنف (وللإمام في الأسماء الشرعية) مراده فخر الدين الرازي لا الإمام أحمد فليعلم ذلك.
قوله: (والحد والمحدود ونحو عطشان نطشان غير مترادفين على الأصح)(4).
هنا مسألتان إحداهما: قيل الحد والمحدود مترادفان، والصحيح تغايرهما، لأن كل مترادفين يدل كل منهما بالمطابقة على ما يدل عليه الآخر بالإجماع، وليس لفظ الحد والمحدود كذلك، لأن المحدود يدل على الماهية من حيث هي، والحد يدل عليها باعتبار دلالته على أجزائها (5).
واعلم أن أصل هذا الخلاف حكاه الغزالي في مقدمة المستصفي، ثم زيف قول من جعله خلافًا محققًا، فقال: اختلف في حد الحد، فقيل حد الشيء هو نفسه وذاته، وقيل هو اللفظ المفسر لمعناه على وجه يجمع ويمنع، وظن آخرون أن هذا خلاف، وليس كذلك، فإنهما لم يتواردا على محل واحد، بل الأول اسم الحد عنده موضوع لمدلول لفظ الحد، والثاني اسم
(1) في المحصول "فيقدر".
(2)
المحصول للرازي (1/ 1/ 439).
(3)
المرجع السابق (1/ 1/ 199) ص (129).
(4)
في الهامش (مطلب عطشان نطشان).
(5)
انظر: بيان المختصر للأصبهاني (1/ 180).
الحد عنده موضوع للفظ نفسه، والحاصل أن له اعتبارين، فمن نظر إلى الحقيقة في الذهن قال بالأول، ومن نظر إلى العبارة عنها قال بالثاني (1)، ولهذا قال القرافي في "التنقيح" هو غير المحدود أن أريد اللفظ، ونفسه (2) أن أريد المعنى (3).
الثانية: ما لا يستعمل إلا تبعا، نحو عطشان نطشان، وقيل هما مترادفان، والصحيح المنع، لأن التابع لا يدل على ما يدل عليه المتبوع، إلا تبعية الأول وإذا قطع عنه لا يدل على شيء أصلًا بخلاف المترادفين (4).
فائدة (5): قال في المستصفي: والمختار عندي أن الشيء له في الوجود أربع رتب: حقيقته في نفسه، وثبوت مثاله في الذهن ويعبر عنه بالعلم التصوري. الثالثة: تأليف أصوات بحروف تدل عليه، وهي العبارة الدالة على المثال الذي في النفس.
الرابعة: تأليف رقوم تدرك بحاسة البصر دالة على اللفظ وهي الكتابة، والكتابة تبع للفظ إذ تدل عليه واللفظ تبع للعلم، والعلم تبع للمعلوم فهذه الربعة متطابقة متوازية، إلا أن الأولين
(1) هذا معنى كلام الغزالي وقد أخذه الشارح عن شرح تنقيح الفصول للقرافي بتصرف.
انظر: المستصفي (2111)، وشرح تنقيح الفصول للقرافي ص (4 - 5).
(2)
في التنقيح: "عينه".
(3)
شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (6).
(4)
انظر: بيان المختصر للأصبهاني في (1/ 179).
(5)
في الهامش: (قول الغزالي في المستصفى).
وجوديان حقيقيان لا يختلفان في الأعصار والأمم، والآخرين وهما اللفظ والكتابة يختلفان في الأعصار والأمم لأنهما موضوعان بالاختيار (1).
قال القرافي: "قلت قال غيره لكل حقيقة أربع وجودات، وجود في الأعيان ووجود في الأذهان، ووجود في البيان، ووجود في البنان يريد الأربعة المتقدمة"(2).
قوله: (ويقوم كل مرادف مقام الآخر إن لم يكن تعبد بلفظه لم خلافًا للإمام مطلقًا وللبيضاوي والهندي وغيرهما إذا كانا من لغتين).
الإمام هنا هو الذي تقدم التنبيه عليه.
قال القطب وغيره: لا خلاف في جواز وقوع كل من المترادفين مقام الآخر في حال الإفراد، كما في تعديد الأشياء من غير عامل ملفوظ به ولا مقدر، فأما في حال التركيب فاختلفوا، فقيل بجوازه مطلقًا، وهو اختيار ابن الحاجب والأصفهاني والتاج وابن مفلح والمصنف (3) فيجوز أن يقال هذا قمح جيد وهذه حنطة
(1) عبارة الغزالي السابقة اقتبسها الشارح عن شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (5) وأخذها الأخير عن المستصفى بتصرف.
انظر: المستصفى للغزالي (1/ 21 - 22).
(2)
شرح تنقيح الفصول ص (5).
(3)
انظر: شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (1/ 137) والمحلى على جمع الجوامع (1/ 292)، وبيان المختصر للأصبهاني (1/ 181).
جيدة، لأن صحة ضم الألفاظ بعضها إلى بعض تابعة لصحة ضم المعاني بعضها إلى بعض ولا (حجر)(1) في التركيب.
والثاني: المنع اختاره في الحاصل والتحصيل، وقال في المحصول: إنه الحق، لأن صحة الضم قد تكون من عوارض الألفاظ (2).
والثالث: وهو اختيار البيضاوي والصفي الهندي، إن كانا من لغة واحدة صح وإلا فلا، لأن اختلاط اللغتين يستلزم ضم مهمل إلى مستعمل، فإن لفظة إحدى اللغتين بالنسبة إلى الأخرى مهملة (3).
وأشار المصنف بقوله: (إن لم يكن تعبد بلفظه) إلى تقييد محل الخلاف بذلك، أما ما تعبدنا بلفظه فلا يجوز كالتكبير في الصلاة.
قال بعضهم: هذا القيد غير مناسب للمسألة فإن علة المنع في التعبدي ليس هو لامتناع إقامة أحد المرادفين مقام الآخر، بل لما وقع التعبد بجوهر لفظه.
(1) في الأصل "ولا حجة" وهو خطأ من الناسخ ومعنى لا حجر في التركيب: أي لا مانع في التركيب لأن صحة الضم من عوارض المعنى لا اللفظ.
انظر: بيان المختصر للأصبهاني (1/ 181).
(2)
انظر: المحصول للرازي (1/ 253 - 254)
(3)
انظر: نهاية السول للأسنوي (2/ 110).
تنبيه: لفظة يكن في قول المصنف "إن لم يكن تعبد" إن جعلت ما بعدها اسما فهي تامة وإن جعلته فعلا مبينًا للمفعول فهي ناقصة.
* * *