الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الأعيان المنتفع بها قبل السمع على الإباحة)
(1)
قوله: (مسألة: الأعيان المنتفع بها قبل السمع على الإباحة عند التميمي وأبي الفرج المقدسي وأبي الخطاب والحنفية، وعلى الحظر عند ابن حامد والحلواني، فعليه يباح تنفس وسَدُّ رمق وذكره بعضهم إجماعًا، وعلى الوقف عند أبي الحسن الجزري (2) والصيرفي (3) وهو المذهب عند ابن عقيل وغيره.
(1) العنوان من الهامش.
انظر: هذا المبحث في: مختصر الطوفي ص (29)، شرح الكوكب المنير (1/ 322) وما بعدها والمدخل لابن بدران ص (64) والمستصفى للغزالي (1/ 63) واللمع للشيرازي ص (68 - 69)، وإرشاد الفحول للشوكاني ص (582).
(2)
في الأصل الخرزي وهو تصحيف وسبق التنبيه عليه ص (201).
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 323).
(3)
هو محمد بن عبد الله البغدادي الشافعي (أبو بكر) الملقب بـ "الصيرفي" الإمام الفقيه الأصولي تفقه على أبي العباس بن سريج قال عنه القفال: ما رأيت أحدًا أعلم بالأصول بعد الشافعي من أبي بكر الصيرفي ومن كتبه البيان في دلائل الإعلام على أصول الأحكام وكتاب في الإجماع، وتوفي سنة (330 هـ).
انظر ترجمته: في الفتح المبين (1/ 180)، وشذرات الذهب (2/ 325)، ومعجم المؤلفين (10/ 220).
فعليه لا إثم بالتناول كفعل البهيمة، وفي إفتائه بالتناول خلاف لنا.
وفرض ابن عقيل المسألة في الأقوال والأفعال قبل السمع).
ذكر المصنف في هذه المسألة ثلاثة مذاهب:
أحدهما: الإباحة، وممن قال به من غير من ذكره المصنف الظاهرية وابن سريج وأبو حامد (1) المروزي الشافعيان (2) واختاره القاضي في مقدمة "المجرد" (3) وقال: أومأ إليه أحمد، لأنه سئل عن قطع النخل؟ قال: لا بأس لم نسمع في قطعه شيئًا (4).
(1) كذا في الأصل وصوابه "المَرْوَ الرُّوذي" وهو: أحمد بن بشر بن عامر العامري المَروروذي الفقيه الأصولي الأديب وأحد أئمة الشافعية في عصره وتفقه على أبي إسحاق المروزي ومن كتبه: الإشراف على الأصول في أصول الفقه، والجامع الكبير وشرح مختصر المزني في الفقه، وتوفي سنة (362 هـ).
انظر ترجمته في الفتح المبين (1/ 199 - 200) وشذرات الذهب (3/ 40) طبقات الشافعية للأسنوي (2/ 377 - 378).
(2)
وهو قول جمهور الحنفية.
انظر: التمهيد لأبي الخطاب (4/ 269) وفواتح الرحموت (1/ 49)، الأحكام لابن حزم (1/ 58 - 67)، والمستصفي (1/ 63)، واللمع للشيرازي ص (68 - 69)، والإبهاج بشرح المنهاج (1/ 142).
(3)
هو كتاب في الفقه الحنبلي لأبي يعلى.
انظر: طبقات الحنابلة (1/ 205).
(4)
انظر: المسودة ص (478)، والقواعد والفوائد الأصولية للبعلى ص (107).
الثاني: الحظر، واختاره القاضي في "العدة"، وقال: أومأ إليه أحمد: "لا يخمس السلب ما سمعنا"(1).
وقال في الحليِّ يوجد لقطة: إنما جاء الحديث في الدراهم والدنانير (2).
الثالث: الوقف قال أبو الخطاب وأراه أقوى على أصل من يقول: العقل لا يحرم ولا يقبح (3).
قال في الروضة: هو اللائق بالمذهب (4).
قال بعضهم: لا يجوز على المذهب غيره.
وهذا قول الصيرفي، وأبي علي (5) الطبري الشافعيين
(1) في العدة ص (478)"ما سمعنا أن النبي صلى الله عليه وسلم خمس السلب".
(2)
الأصل في اللقطة حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها، والحديث أخرجه مالك في الموطأ (1520) والبخاري (2372) ومسلم وأبو داود (1704)، والترمذي (1388)، والنسائي مختصرًا وابن ماجه (2504) وأحمد مختصرًا.
انظر: موطأ مالك (4/ 50 - 53) صحيح البخاري (5/ 16) وصحيح مسلم بشرح النووي (12/ 20) وسنن أبي داود (2/ 331) وجامع الترمذي بتحفة الأحوذي (4/ 618) وسنن النسائي (5/ 44)، وسنن ابن ماجه (2/ 837)، ومسند أحمد (4/ 116)(5/ 193)، ونيل الأوطار للشوكاني (5/ 338) وسبل السلام للصنعاني (3/ 94)، والمغني لابن قدامة (5/ 691).
(3)
انظر: التمهيد لأبي الخطاب (4/ 270 - 271).
(4)
انظر: روضة الناظر لابن قدامة ص (22).
(5)
هو الحسين بن القاسم (أبو علي الطبري) أحد شيوخ الشافعية ببغداد =
والأشعرية (1).
قال ابن مفلح: ولا نفتي بالتناول وفيه خلاف لنا.
وقال ابن عقيل أيضًا: الأليق بمذهبه أن يقال: لا ندري ما الحكم؟
وعند المعتزلة: يباح ما يحتاج إليه وما حكم العقل فيه بشيء اتبع، فينقسم إلى الأقسام الخمسة بحسب ترجيح فعله على تركه وذم تاركه وعدمه وعكسه واستوائه (2).
قال ابن مفلح: وهو معنى كلام التميمي وغيره من أصحابنا.
قالت المعتزلة: وما لم يحكم العقل فيه بشيء فثالثها (3) الوقف عن الحظر والإباحة وفيه نظر لعدم الدليل.
= تفقه على علي بن أبي هريرة وله مؤلفات كثيرة منها: "المحرر" وهو أول كتاب صنف في الخلاف و"المجرد" و "الإيضاح" وتوفي سنة (350 هـ).
انظر ترجمته: في الفتح المبين (1/ 196 - 197)، وشذرات الذهب (3/ 3)، وطبقات الشافعية للأسنوي (2/ 154).
(1)
وهو قول الجويني وبعض الحنفية وأبي إسحاق الشيرازي وغالب أهل الحديث.
انظر: البرهان للجويني (1/ 99) تيسير التحرير (2/ 168)، التبصرة للشيرازي ص (532).
(2)
انظر: مذهب المعتزلة في المعتمد لأبي الحسين البصري (2/ 315 - 323).
(3)
كذا في الأصل والمعنى أن ما لم يحكم فيه العقل بقبح ولا حسن فللمعتزلة فيه ثلاثة أقوال:
الأول: أنه مباح وهذا مذهب أبي علي وأبي هاشم.
الثاني: أنه محظور وإليه ذهب بعض شيوخ المعتزلة البغداديين.
الثالث: الوقف.
انظر: المرجع السابق (2/ 315)، والقواعد والفوائد الأصولية للبعلي ص (109).
القائل بالحظر (1): تصرف في ملك غيره بلا إذن.
رد: فيمن يلحقه ضرر.
القائل بالإباحة (2): خلقه وخلق المنتفع به لفائدة وليست إليه فالحكمة تقتضي إباحته، وليس المراد الاستدلال بطعمه على خالقه لحصوله من نفسه فالمراد غيره.
رد: خلق ليصبر فيثاب.
قال القاضي: لا يمتنع أن نقول قبل ورود الشرع إن العقل يحرم ويقبح إلى أن ورد الشرع فمنع ذلك إذ ليس قبل ورود الشرع ما يمنعه (3).
قال: وقد قيل (4): علمناه من طريق شرعي وهو إلهام من الله عز وجل لعباده بحظره وإباحته، كما ألهم أبا بكر (5)(6) رضي الله عنه أشياء.
(1) هذا استدلال القائلين بأن الأعيان المنتفع بها قبل السمع على الحظر.
انظر: روضة الناظر لابن قدامة ص (22).
(2)
هذا استدلال القائلين بالإباحة.
(3)
انظر: المسودة ص (477).
(4)
هذا اعتراض على القول السابق.
انظر: المرجع السابق.
(5)
هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن مرة التيمي "أبو بكر بن أبي قحافة" خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصديق الأكبر ومناقبه رضي الله عنه كثيرة، وتوفي في جمادى الأولى سنة (13 هـ) وله ثلاث وستون سنة.
انظر ترجمته: في الطبقات الكبرى لابن سعد (3/ 169 - 213)، وشذرات الذهب (1/ 24 - 26)، وتقريب التهذيب ص (181).
(6)
هو عمر بن الخطاب بن نافيل بن عبد العزى القرشي العدوي أمير المؤمنين أبو حفص رضي الله عنه استشهد رضي الله عنه في ذى الحجة سنة (23 هـ). =
وكذلك قال الحلواني وغيره.
وضعفها بعض الأصحاب على هذا الأصل (1).
والقائلون بالحظر اختلفوا في القدر الذي لا تقوم النفس إلا به، كالتنفس في الهواء وشرب الماء وتناول ما يسد الرمق هل هو مباح أو محظور على قولين: الإباحة دفعًا للحرج المنفي شرعًا، والحظر لأنه من جملة المحظور (2) لكن من يقول بحظر هذا فإنه من باب تكليف ما لا يطاق، ذكره بعضهم (3).
القائل بالوقف: للتعارض الواقع في الأدلة.
قيل: إن أراد الأدلة الواقعة من أهل الحظر والإباحة ففاسد وإن أراد لتوقف الحكم على السمع فصحيح.
تنبيهان:
أحدها: قال قوم: لا فائدة لهذه المسألة (4)، لأنه لم يخل
= انظر ترجمته: في الطبقات الكبرى لابن سعد (3/ 265 - 376)، وشذرات الذهب (1/ 33 - 34)، تقريب التهذيب ص (253)، الإصابة لابن حجر (2/ 318 - 519)، أسد الغابة (4/ 145 - 181).
(1)
وهو القاضي أبو يعلى حيث صرح بأن عدم حكم العقل معلوم بالشرع ولهذا إنما استدل عليه بالنصوص، وحكى في الإلهام هل هو طريق شرعي قولين. أهـ بتصرف. عن المسودة ص (478).
(2)
في الأصل "الحضر" و "المحضور".
(3)
انظر: المرجع السابق ص (476)، والقواعد والفوائد الأصولية للبعلى ص (109).
(4)
انظر: المسودة ص (485 - 488)، والقواعد والفوائد الأصولية للبعلي ص (109 - 110).
وقت من شرع، لأنه أول ما خلق الله آدم قال له:{يَاآدَمُ اسْكُنْ} (1) الآية أمرهما ونهاهما، وكذا قال أبو الحسن الجزري: لم تخل الأمم (2) من حجة، واحتج بقوله:{أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ} (3) وقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا} (4).
قال القاضي: هذا ظاهر كلام أحمد قال: ويتصور فيمن خلقه ببرية ولم يعرف شرعًا وعنده فواكه (5).
وكذا قال أبو الخطاب (6): لو قدرنا خلو شرع من حكمها ما حكمها؟ قال القاضي: ويفيد في الفقه أن من حرم شيئًا أو أباحه فقال بقيت على حكم العقل، هل يصح ذلك، وهل يلزم خصَمه احتجاجُه بذلك؟
وهذا مما يحتاج إليه الفقيه (7).
وكذا في التمهيد والروضة (8).
الثاني: ذكر المصنف أن المسألة مفروضة في الأعيان المنتفع بها، وكذا العلامة ابن مفلح.
(1) سورة البقرة: (35).
(2)
في المسودة (497) لم تخل الأمم قط من حجة.
(3)
سورة القيامة: (36) وتمامها {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36)} .
(4)
{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا} من الآية: (36) من سورة النحل.
(5)
انظر: المسودة ص (486).
(6)
في التمهيد (1/ 272)"وهذه الأشياء لو قدرنا" الخ.
(7)
انظر: المسودة ص (486).
(8)
أي في التمهيد والروضة بمعنى ما قاله القاضي.
انظر: التمهيد لأبي الخطاب (1/ 217)، وروضة الناظر ص (22).
قال القاضي أبو يعلى: إنما يتصور الخلاف في الشرعيات من تحريم لحوم الخيل وإباحة الأنعام، فأما ما لا يجوز حظره بحال كمعرفة الله تعالى ووحدانيته وما لا يجوز عليه الإباحة كالكفر وجحد التوحيد فلا يقع فيه خلاف، بل هو على صفة واحدة" (1).
وأما ابن عقيل فطرد الخلاف في الجميع.
وأما العقود والمعاملات فظاهر ما قدمه المصنف وابن مفلح أنها غير داخلة في المسألة وإنما هي داخلة في قول ابن عقيل.
وأما ابن قاضي الجبل فإنه قال: العقود والمعاملات قبل الشرع حكمها حكم الأعيان، بل قد دخلت في كلام الجمهور.
* * *
(1) هذا كلام القاضي بتصرف.
انظر: المسودة ص (485).