الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الصلاة في الدار المغصوبة)
(1)
قوله: (وأما الصلاة في الدار المغصوبة فمذهب إمامنا والظاهرية وغيرهم عدم الصحة خلافًا للأكثرين. قيل: يسقط الفرض عندها لا بها).
أما الصلاة في الدار المغصوبة (2) فمذهب الإِمام وأكثر
(1) العنوان من الهامش.
انظر: هذا المبحث في العدة (2/ 441 - 447)، المسودة ص (83)، مختصر الطوفي ص (26)، شرح الكوكب المنير (1/ 391 - 397).
(2)
والخلاف في هذه المسألة متفرع عن مسألة ورود النهي لوصف مجاور قد ينفك عن المنهي عنه هل يقتضي الفساد أم لا. فالصلاة في الدار المغصوبة منهي عنها لوجود وصف مفارق وهو الجناية على حق صاحب الدار. فمن قال بصحتها إنما قال ذلك لأن النهي راجع إلى أمر خارج عن الصلاة وهو حق صاحب الدار ومن ذهب إلى إنها باطلة فلان فعلها يؤدي إلى أن يكون الفعل الواحد حرامًا واجبًا وهو محال والكل متفقون على تأثيمه.
انظر: أبرز القواعد الأصولية المؤثرة في اختلاف الفقهاء لشيخنا الدكتور عمر عبد العزيز ص (218 - 220)، وأثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء للدكتور مصطفى الخن ص (361 - 362).
أصحابه لا تصح وقاله الظاهرية والزيدية (1) والجبائي وابنه وهو رواية عن مالك، وحكاه بعضهم عن أكثر المتكلمين (2)، ووهمه العلامة ابن مفلح، وحكاه ابن قاضي الجبل عن المتكلمين والرازي (3)، فعلى هذا لا يسقط الطلب بها وكذا عندها خلافًا لابن الباقلاني (4) وادعاه إجماعًا، وهي دعوى لا دليل عليها ولا إجماع، ثم لا وجه لسقوط العبادة عند فعل باطل، وأيضًا: فإن مسقطات الفرض محصورة من نسخ أو عجز أو فعل غير كالكفاية وليس هذا منها، مع أنه لا يعرف عن أحد قبله.
وعن أحمد تصح مع التحريم، اختارها الخلال (5) وابن
(1) إحدى فرق الشيعة ويقال لها الزيدية نسبة إلى زيد بن علي بن الحسين بن أبي طالب رضي الله عنه وهم عدة طوائف.
انظر: اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي ص (52 - 53)، الملل والنحل للشهرستاني (1/ 207) وما بعدها.
(2)
انظر: روضة الناظر لابن قدامة ص (24 - 25)، والمغني له (30/ 74 - 75)، والمحلى لابن حزم (4/ 45)، والمعتمد لأبي الحسين (1/ 170) وما بعدها، الفروق للقرافي (2/ 85).
(3)
انظر: المحصول (1/ 477 - 485).
(4)
قال الرازي في المحصول (1/ 2/ 485)"والصلاة في الدار المغصوبة وإن لم يكن مأمورًا بها إلا أن الفرض يسقط عندها لا بها" أ. هـ.
ومعنى هذا أن الصلاة غير صحيحة ولكن المكلف تبرأ ذمته. وانظر الأحكام للآمدي (1/ 87).
(5)
هو أحمد بن محمد بن هارون البغدادي (أبو بكر الخلال) ولد سنة (234 هـ) وأخذ الفقه عن كثير من أصحاب الإِمام أحمد. وجمع مسائل الإِمام أحمد، وكان كثير العلم شديد العناية بجمع آثار الإِمام أحمد وله مصنفات كثيرة منها:"العلل" و"السنة" و"الأرب" و"أخلاق أحمد"، وتوفي سنة (311 هـ). =
عقيل في "فنونه" وغيرهما، وفاقًا لمالك في الأشهر عنه وعن الشافعي (1)
وعنه: إن علم التحريم لم يصح وإلا صحت.
وحكى بعض أصحابنا قولًا تصح مع الكراهية، وفاقًا لأبي حنيفة (2).
لنا: تعلق الوجوب والحرمة بفعل المكلف وهما متلازمان في هذه الصلاة، فالواجب متوقف على الحرام، وما لا يتم الواجب إلا به واجب فالحرام واجبا وهو تكليف بالمحال، ولأن شغل الحيز حرام. وهو داخل في مفهومي الحركة والسكون الداخلين في مفهومها يدخل في مفهومها لأنه جزؤها، فالصلاة التي جزؤها حرام غير واجبة لوجوب الجزء الحرام، إذ استلزم وجوبها وجوب أجزائها، وإلا كان الواجب بعض أجزاء الصلاة لا نفسها لتغاير الكل والجزء.
قالوا: لو لم تصح لما سقط التكليف. قال الباقلاني: وقد سقط بالإجماع؛ لأنهم لم يؤمروا بقضاء الصلاة.
= انظر ترجمته في طبقات الحنابلة (2/ 12 - 15)، وشذرات الذهب (2/ 262)، المدخل لابن بدران ص (411)، معجم المؤلفين (2/ 166).
(1)
انظر: المغني (3/ 74)، والمستصفى (1/ 77)، والمجموع للنووي (3/ 163 - 164)، ومنتهى الوصول والأمل لابن الحاجب ص (37 - 38)، الفروق (2/ 85).
(2)
انظر: أصول السرخس (1/ 81)، التقرير والتحبير على التحرير (1/ 303)، وفواتح الرحموت (1/ 105).
قيل: لا إجماع في ذلك لعدم ذكره ونقله، كيف وقد خالف الإِمام أحمد ومن معه وهو إمام النقل وأعلم بأحوال السلف.
قال الجويني: الجميع قالوا بوجوب القضاء (1).
واعترض الآمدي وغيره: بأن العبد إذا أمر بخياطة ثوب ونُهي عن مكان مخصوص فجمع بينهما كان طائعًا عاصيًا للجهتين إجماعًا (2).
وما سبق جار فيه. فالجواب واحد، وأيضًا: متى أخل مرتكب النهي بشرط العبادة أفسدها، ونية التقرب بالصلاة شرط، والتقرب بالمعصية محال، وهذا معنى قول أبي الخطاب: من شرط الصلاة الطاعة ونيته بها أداء الواجب وحركته معصية، ونية أداء الواجب بما يعلم غير واجب بل معصية محال (3).
* * *
(1) قال الجويني في البرهان (1/ 288) والذي أدعاه -القاضي أبو بكر- من الإجماع لا يسلم، فقد كان في السلف متعمقون يأمرون بالقضاء بدون ما فرضه القاضي رحمه الله.
(2)
انظر: الأحكام (1/ 89).
(3)
راجع التمهيد (1/ 379).