الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مطلب: ما لم يتواتر فليس بقرآن)
(1)
قوله: (مسألة: ما لم يتواتر فليس بقرآن، لقضاء العادة بالتواتر في تفاصيل مثله وقوة الشبهة في (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) منعت من التكفير في الجانبين، وهي بعض آية في النمل (2) إجماعًا، وآية في القرآن عند الأكثر) ما نقل آحادا (3) فليس بقرآن، لأن القرآن مما تتوفر الدواعي على نقله، لما تضمنه من التحدي والإعجاز، ولأنه أصل سائر الأحكام، والعادة تقضي بالتواتر في تفاصيل ما هو كذلك، فما لم ينقل متواترًا علم أنه ليس قرآنًا قطعًا (4).
فإن قيل: لو وجب تواتره وقطع بنفي ما لم يتواتر لكفرت
(1) العنوان من الهامش.
(2)
أي في قوله تعالى من سورة النمل: (30){إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30)} .
(3)
المراد بما نقل آحادًا أي ما ورد مخالفًا لمصحف عثمان رضي الله عنه راجع. شرح الكوكب المنير (1/ 136).
(4)
هذه المقدمة اقتبسها الشارع عن شرح العضد على ابن الحاجب (2/ 19)، وانظر: شرح الكوكب المنير (1/ 136) والإتقان للسيوطي (1/ 77).
إحدى الطائفتين الأخرى في (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) واللازم منتف، أما الأول فلأنه إن تواتر فإنكاره نفي للضروري بكونه من القرآن، وإلا فإثبات للضروري عدم كونه من القرآن، وكلاهما مظنة للتكفير فكان يقع تكفير من جانب عادة كمنكر أحد الأركان أو مثبت ركن آخر.
أما انتفاء اللازم فلأنه لو وقع لنقل، والإجماع على عدم التكفير من الجانبين؟
فالجواب: أنا لا نسلم (الملازمة)(1) وإنما تصح لو كان (كل)(2) من الطرفين لا تقوم فيه شبهة قوية تخرجه من حد الوضوح إلى حد الإشكال وأما إذا قوى عند فرقة الشبهة من الطرف الآخر فلا يلزم التكفير (3).
وهي بعض آية في النمل إجماعًا.
وهي آية من القرآن عند أحمد وأبي حنيفة والشافعي وأكثر القراء السبعة (4).
(1) في الأصل: "للازمة".
(2)
ما بين المعكوفين ليس موجودًا في الأصل وزدته من شرح مختصر ابن الحاجب.
(3)
الاعتراض السابق وجوابه اقتبسه الشارح من شرح مختصر ابن الحاجب للعضد (2/ 19 - 20)، وانظر: بيان المختصر للأصبهاني (1/ 463).
(4)
وبهذا قال عطاء والشعبي والزهري والثوري وعبد الله بن المبارك وإسحاق وأبو عبيد وداود ومحمد بن الحسن وهو الصحيح عند الحنفية.
انظر: شرح الكوكب المنير (3/ 122)، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (13/ 399)، أصول السرخسي (1/ 280)، والأحكام للآمدي (1/ 123)، وإرشاد الفحول للشوكاني ص (31)، وفتح القدير له (1/ 17).
وعن أحمد: لا وفاقًا لمالك وأبي عمرو بن العلاء وحمزة (1).
وبعض الحنفية (2) لعدم التواتر.
وجه الأول: (3) كتابتها في المصحف بخطه بإجماع الصحابة ومن بعدهم مع شدة اعتنائهم بتجريده عن غيره، حتى كرهوا التعاشير والنقط لكيلا يختلط بغيره، فعلمنا بذلك أن المكتوب في المصحف هو القرآن، وما خرج عنه فليس منه، فإن القرآن من أعظم الأمور الدينية وأقوى الحجج الشرعية وأوضح المعجزات النبوية، وهو قاعدة الإسلام وقطب الشريعة وإليه مرجع الأصول
(1) هو حمزة بن حبيب بن عمارة الكوفي التيمي مولاهم (أبو عمارة) أحد القراء السبعة.
قال عنه ابن الحزري: إليه صارت الإمامة في القراءة بعد عاصم والأعمش، وكان إمامًا ثبتًا قيما بكتاب الله، وروايا حمزة هما":
1 -
خلف بن هشام البزار المتوفي سنة (229 هـ).
2 -
خلاد بن خالد الصيرفي الكوفي المتوفي سنة (220 هـ).
وتوفي حمزة سنة (156 هـ) انظر: معرفة القراء الكبار (1/ 93)، وشذرات الذهب (1/ 240)، مرآة الجنان (1/ 332)، ومباحث في علوم القرآن ص (183)، طبقات القراء (1/ 261).
(2)
وممن قال بذلك الأوزاعي وابن جرير الطبري وأبو بكر الباقلاني.
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 124)، ومنتهى الوصول لابن الحاجب ص (46)، وتفسير الطبري (1/ 46)، والمجموع للنووي (3/ 334)، والأحكام للآمدي (1/ 123)، وتيسير التحرير (3/ 8).
(3)
انظر: الاستدلال لهذا القول في الاتفاق للسيوطي (1/ 78)، وبيان المختصر للأصبهاني (1/ 465)، والأحكام للآمدي (1/ 123 - 124).
جميعها، ولا أمر في الدين أعظم منه، وما هذا سبيله فالدواعي متوفرة على نقله وتجريده عن غيره، والهمم متفقة على حفظه، وإذا كان كذلك فيستحيل في العادة أن يختلط به ما ليس منه.
رد: لا يفيد (1)، للقطع بعدم تواترها أول السور. وقد قال الآمدي: كونها قرآنًا حاصل في الجملة قطعًا والخلاف في وضعها أوائل السور، ولا يشترط فيه تواتر (2).
ورد بضعفه لما سبق من قضاء العادة (3) وباستلزامه سقوط كثير من القرآن المكرر لجواز عدم وصوله إلينا وإثبات ما ليس بقرآن من المكرر نحو {فَبِأَيِّ} (4) الآية قرآنًا لجواز إثباته بالآحاد.
قالوا: يجوز، لكنه اتفق تواتر المكرر.
رد: وجب العلم بانتفاء السقوط لكونه قرآنًا لما سبق (5).
(1) راجع منتهى الوصول لابن الحاجب ص (46).
(2)
راجع الأحكام (1/ 124).
(3)
انظر: شرح مختصر ابن الحاجب للعضد (2012).
(4)
سورة الرحمن: (13){فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)} وقد تكررت.
(5)
راجع شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (2/ 20).
ومن أحسن ما قيل في الخلاف في البسملة: أنها آية في بعض القراءات كقراءة ابن كثير وفي بعض القراءات ليست آية ولا غرابة في هذا.
فإن لفظة هو: من قوله تعالى في سورة الحديد (فإن الله هو الغني الحميد) من القرآن في قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وحمزة والكسائي وليست من القرآن في قراءة نافع وابن عامر لأنهما قرءا فإن الله الغني الحميد وبعض المصاحف فيه لفظه هو وبعضها ليست فيه، وهذا فيه جمع بين الأقوال على ما حرره الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في مذكرة أصول الفقه ص (56).
وليست آية من الفاتحة على الأصح عن أحمد، خلافًا للشافعي (1) للحديث الذي في صحيح مسلم أن الله عز وجل يقول:"قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: (الحمد لله رب العالمين) قال الله عز وجل: حمدني عبدي" إلى آخره فعلم أنه قسم الفاتحة ولم يذكر فيها (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).
* * *
(1) انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 123)، والمجموع للنووي (3/ 333).