الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مطلب المصلحة في العبادات)
(1)
قوله: (والصحة في العبادات: وقوع الفعل كافيًا في سقوط القضاء عند الفقهاء، وعند المتكلمين موافقة الأمر، فصلاة من ظن الطهارة صحيحة على الثاني لا الأول والقضاء واجب على القولين عند الأكثر، وفي المعاملات: ترتب أحكامها المقصودة بها عليها).
قال في الروضة: فالصحة هي اعتبار الشرع الشيء في حق حكمه (2).
وقدم التاج السبكي أن الصحة موافقة ذي الوجهين الشرع (3).
يعني الذي له وجهان كالصلاة والصوم والبيع تارة يترتب عليه حكمه وتارة لا يترتب، فإذا ترتب عليه حكمه فهو الصحيح. واحترز عما ليس له إلا وجه واحد وهو معرفة الله تعالى ورد الوديعة فلا يوصف بالصحة وعدمها. هذا حدهما من حيث الجملة.
وأما من حيث التفصيل فتارة تكون في العبادات وتارة تكون
(1) العنوان من الهامش.
(2)
روضة الناظر ص (31).
(3)
جمع الجوامع بشرح المحلى (1/ 99).
في المعاملات. أما العبادات فالفقهاء يقولون الصحة وقوع الفعل كافيًا في سقوط القضاء. والمتكلمون يقولون ما وافق الأمر (1).
وبنوا على الخلاف صلاة من ظن الطهارة وليس متطهرًا فعلى قول الفقهاء هي باطلة وعلى قول المتكلمين هي صحيحة، ولكن هل عليه قضاء مع الحكم بالصحة أو لا، فذهب الأكثر إلى أن القضاء لا بد منه (2).
قال القرافي: النزاع لفظي والأحكام متفق عليها؛ لأنهم اتفقوا على أنه موافق لأمر الله تعالى وأنه يثاب عليه وأنه لا يجب عليه القضاء إذا لم يتبين حدثه، ويجب إذا تبين لكن خلافهم في لفظ "الصحة" هل وضع لما وافق الأمر سواء أوجب القضاء أم لم يوجب أو لما لا يمكن أن يتعقبه قضاء (3).
(1) فعلى هذا يكون تعريف المتكلمين للصحة أعم من تعريف الفقهاء؛ لأن كل ما وافق الأمر فهو صحيح عند المتكلمين، وليس كل ما وافق الأمر صحيحًا عند الفقهاء، فصلاة من ظن الطهارة وهو محدث باطلة عند الفقهاء لاختلال شرط الصحة وهو الطهارة، وصحيحة عند بعض المتكلمين والمراد بالفقهاء هنا الأحناف وبالمتكلمين معظم الأصوليين من أتباع المذاهب الثلاثة الأخرى.
انظر: روضة الناظر ص (31)، ومذكرة أصول الفقه ص (44 - 45) وتشنيف المسامع ق (8) والمدخل لابن بدران ص (64)، وشرح الكوكب المنير (46511) والأحكام للآمدي (1/ 100)، وجمع الجوامع بشرح المحلى (1/ 103)، فواتح الرحموت (1/ 120 - 121).
(2)
انظر: تشنيف المسامع ق (8).
(3)
هذا بمعنى كلام القرافي. انظر: شرح تنقيح الفصول ص (76 - 77).
قال في تشنيف المسامع: وليس كذلك بل الخلاف معنوي، والمتكلمون (1) لا يوجبون القضاء (2)، ووصفهم إياها بالصحة صريح في ذلك، وأن الصحة هي الغاية من العبادة، ولا ينكر (3) هذا فللشافعي في القديم مثله فيما إذا صلى بنجس لم يعلمه ثم علمه أنه لا يجب القضاء نظرًا لموافقة الأمر حال التلبس (4).
تنبيه: ليس المراد من قولهم كافيًا في سقوط القضاء أن القضاء وجب ثم سقط بتلك العبادة؛ لأن القضاء إنما يكون عند فوات الفعل عن وقته وأما قبل الفوات فليس القضاء واجبًا عند أحد حتى تكون العبادة المؤداة في الوقت مسقطة للقضاء، بل معناه أنه سقط قضاء ما انعقد سبب وجوبه (5).
قال العضد: وهو مناقشة لفظية (6).
وأما المعاملات فمعنى صحة العقد ترتب أحكامها المقصودة بها عليها، هكذا قاله المصنف، ومعناه في الروضة،
(1) في التشنيف "فالمتكلمين".
(2)
بل أكثر المتكلمين على أن القضاء واجب خلافًا للقاضي عبد الجبار وأتباعه. انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 466)، والمدخل لابن بدران ص (164)، المستصفى (1/ 94 - 95)، والأحكام (1/ 100)، وإرشاد الفحول للشوكاني ص (105).
(3)
في التشنيف "ولا يستنكر".
(4)
تشنيف المسامع (ق 8 ب).
(5)
بمعنى أنه لا يحتاج إلى فعلها ثانية -فلا يراد بالقضاء فعلها خارج الوقت. انظر: تشنيف المسامع (ق 8 ب).
(6)
شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (2/ 8).
فإنه قال: قال كل ما كان سببًا الحاكم إذا أفاد حكمه المقصود منه فهو صحيح (1).
وقال ابن مفلح: "ترتب ثمرة العقد عليه".
وقال ابن حمدان: "ترتب ثمرة التصرف المطلوبة منه عليه".
وقال ابن قاضي الجبل: "الصحة عند الجمهور ترتب ما طلب منه من الثمرة عليه".
وقيل: ترتب ثمرته المطلوبة منه شرعًا (2).
* * *
(1) روضة الناظر ص (31).
(2)
المقصود من الصحة هو ترتب الأثر المقصود من العقد على العقد. وحول هذا المعنى تدور التعاريف المذكورة.
انظر: شرح مختصر الروضة للطوفي (1 /ق 151 - ب- 152 أ)، وشرح الكوكب المنير (1/ 467)، والمدخل لابن بدران ص (164)، والمستصفى (1/ 94)، والأحكام للآمدي (1/ 100)، وشرح تنقيح الفصول للقرافي ص (76)، ومذكرة أصول الفقه ص (45).