الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مطلب العقل يختلف)
(1)
قوله: (والعقل يختلف، فعقل بعض الناس أكثر من بعض وقاله أصحابنا وخالف ابن عقيل والمعتزلة والأشعرية) قال القاضي أبو يعلى: ذكر أصحابنا أنه يصح أن يكون عقل أكمل من عقل وأرجح، فقال أبو محمد البربهاري في شرح السنة العقل مولود أعطي كل إنسان من العقل ما أراد الله (2)، يتفاوتون في العقول مثل الذرة في السموات ويطالب كل إنسان على قدر ما أعطاه (3) من العقل (4)، واحتج (5) هو وغيره بما رواه أبو الحسن التميمي في كتاب العقل له عن طاوس (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1) العنوان من الهامش.
انظر: هذا المبحث في العدة (1/ 94) والتمهيد لأبي الخطاب (1/ 52 - 56)، والمسودة (56)، وشرح الكوكب المنير (1/ 85 - 88).
(2)
في العدة "ما أراده".
(3)
في العدة "أعطاه الله تعالى".
(4)
العدة (1/ 94).
(5)
من هنا نقل الجراعي معنى كلام القاضي.
(6)
هو طاووس بن كيسان الخولاني الهمذاني- التابعي المشهور كان من سادات التابعين وأعلمهم بالحلال والحرام مستجاب الدعوة، وقيل: =
أنه لما قضى بين المهاجرين والأنصار قال: تبارك الذي قسم العقل بين عباده واستأثر، إن الرجلين لتستوي أعمالهما وبرهما وصلاتهما وصومهما ويتفرقان في العقل حتى يكون بينهما كالذرة في جنب أحد (1).
وروى أبو الحسن بإسناده عن أنس قال جاء ابن سلام (2) إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الخبر إلى أن قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل إني خلقت العقل أصنافًا شتى كعدد الرمل، فمن الناس من أعطي من ذلك حبه واحدة، وبعضهم الحبتين والثلاث والأربع وبعضهم أعطي فرقا (3). وبعضهم أعطي وسقا (4) وبعضهم وسقين وبعضهم
= إن اسمه كان "ذكوان" و"طاووس لقبه" وتوفي حاجا بمكة سنة (106 هـ) وصلى عليه هشام بن عبد الملك.
انظر ترجمته: في الطبقات الكبرى لابن سعد (5/ 537 - 542)، وشذرات الذهب (1/ 233 - 134) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/ 8).
(1)
أخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول ص (242) " وراوي هذا الحديث "أبو الحسن التميمي متهم بوضح الحديث كما سبق.
(2)
هو عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي ثم الأنصاري (أبو يوسف) من بني "القينقاع" اسمه حية أسلم "الحصين" فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم "عبد الله" ونزلت فيه رضي الله عنه آيات من الكتاب العزيز، توفي سنة (543).
انظر ترجمته: في الإصابة لابن حجر (2/ 320)، وأسد الغابة (3/ 264 - 265)، وشذرات الذهب (1/ 53).
(3)
الفرق: مكيال بالمدينة وهو للجامدات والمائعات على السواء يسع ثلاثة يصع: وهي: ستة عشر رطلا فهو يعادل (6528) غرامًا من القمح.
انظر: القاموس المحيط (3/ 283 - 284)، الإيضاح والتبيان لابن الرفعة بتحقيق د/ محمد الخاروف ص (69 - 70).
(4)
الوسق: ستون صاعًا أو حمل بعير، القاموس المحيط (3/ 299).
أكثر من ذلك ما شاء الله من التضعيف (1)، وروى يزيد ابن (2) أبي زياد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"العقل عشرة أجزاء فتسعة في الأنبياء وواحد في سائر الناس"(3).
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "للنساء أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل قلن بلى قال فذلك من نقصان عقلها"(4) وهذه الأخبار كلها تدل على التفاضل.
قال القاضي وأبو الخطاب: ولأنه إجماع الناس مستفيض فيهم القول بأن أحد العاقلين أكمل عقلا وأوفر وأرجح من الآخر (5) وقال بعضهم:
(1) أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ص (242) مع اختلاف يسير وذكره ابن عراق في "تنزيه الشريعة (1/ 219) ضمن الأحاديث الموضوعة في "العقل".
(2)
يزيد بن أبي زياد الكوفي قال عنه الذهبي أحد علماء الكوفة لمشاهير على سوء حفظه وقال يحيى بن معين لا يحتج به، وتوفي سنة (136).
انظر: شذرات الذهب (1/ 206)، وميزان الاعتدال (4/ 423)، والطبقات لابن سعد (6/ 340)، وتقريب التهذيب ص (382).
(3)
لم أقف على من أخرج هذا الحديث كما أورد أبو الخطاب في التمهيد (1/ 54).
(4)
هذه قطعة من حديث أخرجه البخاري في كتاب الإيمان (2745)، عن ابن عمر رضي الله عنه وأخرجه بمثله مسلم وأبو داود (4679) في كتاب السنة وابن ماجة في كتاب الفتن (4003) وأحمد.
وأخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري والترمذي (2745) عن أبي هريرة، انظر صحيح البخاري (1/ 405)، وصحيح مسلم بشرح النووي (2/ 65 - 68)، وسنن أبي داود (5/ 59)، وجامع الترمذي (7/ 358)، وسنن ابن ماجه (2/ 1326)، ومسند أحمد (2/ 66 - 67).
(5)
هذه عبارة القاضي في العدة وبمعناه عبارة أبي الخطاب.
انظر: العدة (1/ 98)، والتمهيد (1/ 55 - 56).
يزين الفتى في الناس كثرة عقله
…
وإن لم يكن في قومه بحسيب (1)
(واحتج المخالف (2) بأن قال أجمعنا بأن العقل هو بعض العلوم الضرورية من استحالة اجتماع الضدين وكون الجسم في مكانين والعقلاء في هذا متساوون، والجواب أن العقلاء وإن كانوا في هذا متساوين لكن من عقله أكثر يتدبر دقائق العلوم ويتفكر في الأشياء وليس كل الأجسام تظهر ولا كل ضدين تعرف وإنما الكثير العقل يتدبر ذلك بكثرة عقله) (3).
تنبيه: ذكر بعض علمائنا أن مراد الأصحاب غير الضروري بل الغريزي والتجربي (4) وسلم القاضي أن ما يدرك بالحواس لا يختلف ولا يختلف الإحساس، بخلاف العقل فإنه يختلف ما يدرك به وهو التمييز والفكر فلهذا اختلف (5).
(1) هذا البيت ذكره أبو يعلى في العدة، وذكره الماوردي في أدب الدين والدنيا ص (20) بلفظ:
يزين الفتى في الناس صحة وعقله
…
وإن كان محظورًا عليه مكاسبه
وعزاه إبراهيم بن حسان.
انظر: العدة لأبي يعلى بتحقيق المباركي (1/ 99).
(2)
وهم ابن عقيل والأشعرية والمعتزلة كما ذكره المصنف وهو قول الرازي في التلخيص وسليم الرازي في التقريب وابن القشيري وصححه الزركشي. انظر: البحر المحيط للزركشي (1/ 27 ب).
(3)
ما بين المعكوفين نقله الشارح عن التمهيد لأبي الخطاب (1/ 56) مع اختلاف يسير.
(4)
كذا العبارة في الأصل وصوابها (غير الضروري الغريزي بل التجريبي) وذكر الطوفي هذا في شرح مختصر الروضة (1/ 50 أ- 51 أ) حيث جمع بين القولين بأن الغريزي لا يختلف والتجريبي يختلف.
انظر: أدبي الدين والدنيا للماوردي ص (20 - 22)، والبحر المحيط للزركشي (1/ ق 27 ب).
(5)
انظر: العدة لأبي يعلى (1/ 100).