الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وإلى هذا ذهب عامة أهل العلم من الفقهاء والمتكلمين وعامة الفلاسفة (1).
وقال أبو العباس بن تيمية: الحسن والقبح ثابتان، والإيجاب والتحريم بالخطاب، والتعذيب متوقف على الإرسال (2).
تنبيهات:
أحدها: الحسن والقبح يطلق بثلاثة اعتبارات (3).
أحدها: ما يلائم الطبع وينافره، كمحبة الحلوى وكراهة الأذى.
الثاني: صفة الكمال والنقص، كقولنا "العلم حسن" و "الجهل قبيح" وهو بهذين الاعتبارين عقلي بلا خلاف، إذ العقل مستقل بإدراك الحسن والقبح منهما، فلا حاجة في إدراكهما إلى شرع.
الثالث: ما يوجب المدح والذم الشرعي عاجلًا والثواب والعقاب آجلًا فهذا محل النزاع.
وقال الآمدي ومن تابعه: إطلاق اسم الحسن والقبح عندهم (4) باعتبارات (ثلاثة)(5) إضافية غير حقيقية:
أولها: إطلاق اسم الحسن على ما وافق (6) الغرض والقبيح على ما خالفه.
(1) انظر: المرجع السابق.
(2)
انظر: الرد على المنطقيين ص (420 - 422) والمسودة لآل تيمية ص (473 - 475).
(3)
في الهامش "الحسن والقبيح".
(4)
المراد الشافعية وأكثر العقلاء.
انظر: الأحكام للآمدي (1/ 61).
(5)
في الأصل "ثلاث".
(6)
كررها الناسخ في الهامش.
إلى أن قال وثانيها: إطلاق اسم الحسن على ما أمر الشارع بالثناء على فاعله، ويدخل فيه أفعال الله تعالى، والواجبات والمندوبات دون المباحات - وإطلاق اسم القبيح على ما أمر الشارع بذم فاعله ويدخل فيه الحرام دون المكروه والمباح.
إلى أن قال وثالثها: إطلاق اسم الحسن على ما لفاعله مع العلم به والقدرة عليه أن يفعله بمعنى رفع الحرج عنه في فعله، وهو أعم من الاعتبار الأول لدخول المباح فيه.
وزاد بعضهم والمكروه والمباح في مقابلته، ولا يخفى أن ذلك مما يختلف باختلاف الأصول فلا يكودن ذاتيًّا.
إلى أن قال: وذهب المعتزلة (1) والكرامية والبراهمة (2) والثنوية وغيرهم إلى أن الأفعال منقسمة إلى حسنة وقبيحة لذواتها لكن منها ما يدرك حسنه وقبحه بضرورة العقل كحسن الإيمان وقبح الكفران، أو بنظره كحسن الصدق المضر، وقبح الكذب النافع، أو بالسمع كحسن العبادات، لكن اختلفوا فزعمت الأوائل من المعتزلة أن الحسن والقبح غير مختص بصفة موجبة
(1) انظر: المعتمد لأبي الحسين (1/ 363 - 370).
(2)
البراهمة: هم قوم من الوثنيين الهنود، وأطلق على الديانة الهندوسية اسم "البراهمة" في القرن الثامن عشر نسبة إلى "برهما" ورجال دين الهندوس يعتقدون أن الإله موجود ولا تدركه الحواس وإنما يدرك بالعقل ولهم معتقدات فاسدة.
انظر: الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة ص (58 - 63)، وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي (1/ 215).
لحسنه وقبحه، ومنهم (من)(1) فصل وأوجب ذلك كالجبائية ومنهم من فصل وأوجب ذلك في القبيح دون الحسن (2).
ورد أبو العباس ابن تيمية الحسن والقبح الشرعيين إلى الملائمة والمنافرة، لأن الحسن الشرعي تضمن المدح والثواب الملائمين والقبح الشرعي تضمن الذم والعقاب المنافرين (3).
التنبيه الثاني (4): من قال بأنه عقلي لا ينكر بأن الله تعالى هو الشارع للأحكام، وإنما يقول: إن العقل يدرك أن الله شرع أحكام الأفعال بحسب ما يظهر من مصالحها ومفاسدها، فهو طريق عنده إلى العلم بالحكم الشرعي تابع لهما لا عينهما، فما كان حسنًا جوزه الشرع، وما كان قبيحًا منعه، فصار عند القائل بأنه عقلي حكمان.
أحدهما: عقلي، والآخر: شرعي تابع له.
التنبيه الثالث: اقتصر المصنف على حكاية قولين وهو المشهور، وتوسط قوم فقالوا: قبحها ثابت بالعقل، والعقاب يتوقف على الشرع وبه قال أبو العباس كما تقدم وأبو الخطاب
(1) زيادة على الأصل عن الأحكام.
(2)
ما سبق نقله الشارح عن الأحكام بتصرف يسير.
انظر: الأحكام للآمدي (1/ 61 - 62) وانظر شرح الكوكب المنير (1/ 303)، وشرح تنقيح الفصول للقرافي ص (90)، وانظر تعليق الدكتور طه العلواني على المحصول للرازي (1/ 1/ 185) وما بعدها.
(3)
انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام (8/ 90 - 91) و (11/ 675 - 677).
(4)
في الهامش "الله سبحانه هو المشرع".
وسعد بن علي (1) الزنجاني من الشافعية وذكره الحنفية، وحكوه عن أبي حنيفة نصًا (2).
قال بعضهم: وهو المنصور لقوته من حيث الفطرة وآيات القرآن المجيد وسلامته من الوهن والتناقض (3).
* * *
(1) هو سعد بن علي بن محمد بن علي الزنجاني (أبو العباس) الإمام الحافظ القدوة الزاهد نزيل الحرم، توفي سنة (471 هـ) عن تسعين سنة.
انظر ترجمته: في شذرات الذهب (3/ 339 - 340).
(2)
هو قول أبي علي بن أبي هريرة وأبي بكر القفال الشاشي وغيرهم.
انظر: الرد على المنطقيين لشيخ الإسلام ابن تيمية ص (420 - 421)، وانظر التمهيد لأبي الخطاب (4/ 295)، وأصول السرخس (1/ 63).
(3)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على المنطقيين ص (420)، وأكثر الطوائف على إثبات الحسن والقبح العقليين، ولكن لا يثبونه كما يثبته نفاة القدر من المعتزلة وغيرهم بل القائلون بالتحسين والتقبيح من أهل السنة والجماعة من السلف والخلف، كمن يقول به من الطوائف الأربعة وغيرهم، يثبتون القدر والصفات ونحوها مما يخالف فيه المعتزلة أهل السنة ويقولون مع هذا بإثبات الحسن والقبح العقلين. أهـ.