الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مطلب العزيمة)
(1)
قوله: (والعزيمة لغة القصد المؤكد، وشرعًا: الحكم الثابت بدليل شرعي خالٍ عن معارض راجح (2)، وقيل ما لزم بإلزام الله تعالى من غير مخالفة دليل شرعي وقيل: طلب الفعل الذي لم يشتهر فيه منع شرعي).
العزيمة في اللغة: هي القصد المؤكد (3) قال الله تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (4) وقال الله تعالى: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} (5).
وأما شرعًا ففيها أقوال، أحدها: هي الحكم الثابت بدليل شرعي خال عن معارض، وقوله:(الثابت بدليل شرعي) يتناول الواجب والمندوب والحرام والمكروه، وفيه احتراز من الثابت بدليل عقلي فإن ذلك لا يستعمل فيه الرخصة والعزيمة، وقوله "خال عن
(1) العنوان من الهامش.
(2)
هذه الكلمة ضبب عليها الجراعي في الأصل.
(3)
انظر: الصحاح للجوهري (5/ 198)، والقاموس المحيط (4/ 151).
(4)
سورة آل عمران: (159).
(5)
سورة طه: (115).
معارض" احتراز مما ثبت لدليل شرعي لكن لذلك الدليل معارض مساو أو راجح؛ لأن المعارض إن كان مساويًا لزم الوقف وانتفت العزيمة ووجب طلب المرجح الخارجي، وإن كان راجحًا لزم العمل بمقتضاه وانتفت العزيمة وثبتت الرخصة، كتحريم الميتة عند عدم المخمصة، وهو عزيمة لأنه حكم ثابت لدليل خلا عن معارض، فإذا وجدت المخمصة حصل المعارض لدليل التحريم وهو راجح عليه حفظًا (1) فجاز الأكل وحصلت الرخصة.
وهذا الحد هو حد الطوفي في مختصره (2) وهو معنى ما قدمه الشيخ في الروضة فإنه قال: الحكم الثابت من غير مخالفة دليل شرعي (3).
وقيل: ما لزم بإلزام الله تعالى من غير مخالفة دليل شرعي، وهذا الذي ذكره ابن مفلح واقتصر عليه وقدمه ابن حمدان في "مقنعه"(4).
وقال الآمدي: العزيمة ما لزم العباد بإلزام الله تعالى (5) وهو معنى القول الذي حكاه في الروضة فإنه قال وقيل: ما لزم بإيجاب الله تعالى (6).
(1) كذا في الأصل أي حفظا للنفس.
(2)
مختصر الروضة للطوفي ص (32).
(3)
روضة الناظر ص (32).
(4)
انظر: تعريف العزيمة في القواعد والفوائد الأصولية ص (114)، والمدخل لابن بدران ص (166 - 167)، وشرح الكوكب المنير (1/ 476)، غاية الوصول ص (231 - 234).
(5)
الأحكام للآمدي (1/ 101).
(6)
روضة الناظر ص (32).
وقال ابن قاضي الجبل: العزيمة ما لزم العباد، وقيل: ما لزم العباد بإيجاب الله، فعلى هذا تختص الواجبات (1).
وقيل: طلب الفعل الذي لم يشتهر فيه منع شرعي، وهو حد القرافي قال: وإنما قلت طلب الفعل ليخرج أكل الطيبات ونحوها الداخل في حد فخر الدين حيث عرف العزيمة بجواز الأقدام مع عدم المانع (2) فإنه يقتضي أن يكون أكل الطيبات ولبس الثياب ونحوها عزيمة لأن الإقدام عليه جائز والمانع منه منتف، و"عدم اشتهار المانع" احتراز مما إذا اشتهر المانع فإن العزيمة تنقلب رخصة (3).
تنبيه: وجد في النسخ التي وقفت عليها من هذا المختصر في حد العزيمة شرعًا بعد قوله "خال عن معارض راجح" بزيادة "راجح" على ما شرحت والذي ظهر لي أنها ليست بجيدة فأثبتها في الأصل تبعًا للنسخ وضببت عليها ما ظهر فلم أتكلم عليها لأجل ذلك والله تعالى أعلم.
(1) وإلى هذا ذهب الموفق والآمدي والغزالي، وذهب الطوفي إلى أنها تشمل الواجب والحرام والمكروه، والقرافي قال بأنها تختصر بالواجب والمندوب، وذهب البيضاوي والسبكي والفتوحي وغيرهم إلى أنها تشمل الأحكام الخمسة، وذهب الرازي إلى أنها تشمل الأحكام الخمسة عدا الحرام وكثير من أهل العلم يطلقونها على كل ما ليس برخصة.
انظر: المراجع السابقة والمستصفى (1/ 98)، وشرح تنقيح الفصول ص (85)، والإبهاج بشرح المنهاج (1/ 81)، جمع الجوامع بشرط المحلى (1/ 123)، شرح الكوكب المنير (1/ 476)، ومذكرة أصول الفقه ص (50).
(2)
راجع المحصول (1/ 154).
(3)
راجع شرح تنقيح الفصول. ص (87)، حيث نقل الجراعي عبارة القرافي بتصرف.