الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(العقل)
(1)
قوله: (والعقل: بعض العلوم الضرورية عند الجمهور.
قال أحمد: العقل غريزة، يعني غير مكتسب، قاله القاضي وذهب بعض الناس إلى أنه اكتساب، وبعضهم: أنه كل العلوم الضرورية، وبعضهم: أنه جوهر بسيط، وبعضهم أنه مادة وطبيعة).
اعلم أن مادة (ع ق ل) ترجع إلى (2) معنى الحبس والمنع (3) فمن ذلك عقال البعير، وهو الذي يربط به ساقه إلى ركبته، وهو الذي يربط به ساقه إلى ركبته لئلا يشرد، يقال "عقلت البعير"
(1) العنوان في الهامش.
انظر: مباحث العقل في: العدة لابن يعلى (1/ 83) وما بعدها، التمهيد لابن الخطاب (1/ 43) وما بعدها، الواضح لابن عقيل (1/ ق 5 ب) وما بعدها، شرح مختصر الطوفي (1/ ق 50)، المسودة ص (566)، مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (9/ 271)(9/ 303)، البحر المحيط للزركشي (1/ 26 أ) وما بعدها، تحرير المنقول للمرداوي (1/ 29) وما بعدها.
(2)
كلمة "إلى" تكررت في الأصل.
(3)
انظر: الصحاح للجوهري (5/ 1769)، لسان العرب (11/ 458)، تهذيب الأسماء واللغات للنووي (2/ 33)، والقاموس المحيط (2/ 9).
اعقله عقلا إذا فعلت به ذلك، ثم سُمِّيَ (إعطاء)(1) القاتل وأقاربه دية القتيل ونفس الإبل المدفوعة في الدية "عقلا" تسمية بالمصدر المذكور للمجاورة والملابسة، لأن الإبل تعقل بالعقال، وذلك لأن القاتل كان يأتي بدية القتيل فيعقلها بفناء أوليائه يسلمها إليهم، وكأنهم كانوا يفعلون ذلك ليكون القاتل في موقف سؤال القبول.
ومن ذلك: "تسمية العصبة""عاقلة" وفي الحديث "القرآن كالإبل المعقلة"(2) أي إن غفل عنه ذهب كما تذهب الإبل إذا خلصت.
ومنه "المعاقل" وهو (3) الحصون وأحدها "معقل" لأنه يمنع العدو من الوصول.
ومنه "اعتقال الرمح" وهو أن يجعله الفارس تحت فخذه
(1) في الأصل "أعطى" وتكررت.
(2)
أخرجه الإمام أحمد (2/ 23) عن ابن عمر مرفوعًا (مثل القرآن مثل الإبل المعقلة إن تعاهدها صاحبها أمسكها وإن تركها ذهبت). وأخرجه مالك في الموطأ عنه مرفوعًا بلفظ (إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت)، وأخرجه البخاري (5031) في كتاب فضائل القرآن ومسلم في كتاب صلاة المسافرين والنسائي في كتاب الافتتاح وابن ماجه (3783) في كتاب الأدب وأحمد. انظر: موطأ مالك (2/ 12)، وصحيح البخاري (9/ 79)، وصحيح مسلم بشرح النووي (6/ 75)، وسنن النسائي (2/ 154)، وسنن ابن ماجة (2/ 33)، ومسند أحمد (2/ 64 و 2/ 112).
(3)
كذا في الأصل وصوابه وهي.
ويجر آخره وراءه على الأرض لأنه يمنعه بذلك من السقوط (1).
و"اعتقل الشاة" إذا جعل رجليها بين رجله وفخذه ليحلبها (2) وفلان معتقل "أي محبوس".
ومنه "ذو العقال" بضم العين وتشديد القاف وتخفيفها اسم فرس كان للنبي صلى الله عليه وسلم (3) وهو أيضًا فرس من فحول الجاهلية المشهورة.
والعقال: داء يكون في رجلي الدابة، فيعقلها أي يمنعها عن الحركة وأضيف إليه هذا الفرس إما تفاؤلًا له بالنشاط على عادتهم، كالتفاؤل بالعكس كقولهم للديغ "سليم" وللمهلكة مفازة أو مبالغة في شدة جريه ونشاطه كقولهم للغرابـ "أعور" لحدة بصره، أو دفعا لعين السوء عنه، ومن ذلك العقل الذي في الإنسان الذي هو مناط التكليف سمي بمصدر "عقل يعقل عقلا" إذا منع لأنه يمنع العاقل من فعل ما لا يليق وإلى هذا ترجع فروع هذه المادة جميعها.
وقد اختلف في حقيقة العقل.
فالأكثرون على أنه نوع من علوم ضرورية قاله ابن حمدان وغيره.
وقدمه (4) في العدة وقال: هو مثل العلم باستحالة اجتماع
(1) انظر: القاموس المحيط (2/ 19).
(2)
انظر: القاموس المحيط (2/ 19).
(3)
انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي (2/ 33 - 35).
(4)
واختاره أبو الخطاب وابن عقيل وقدمه المرداوي. =
الضدين، وكون الجسم في مكانين، ونقصان الواحد عن الاثنين، والعلم بموجب العادات، فإذا أخبره مخبر بأن الفرات تجري دراهم راضية (1) لا يجوز صدقه ومن أخبره بنبات شجرة لين يديه، وحمل ثمرة وإدراكها من ساعته لا ينتظر ذلك ليأكل منها، وإذا أخبر بأن الأرض تنشق ويخرج منها فارس بسلاح يقتله لا يهرب فزعًا من ذلك.
فإذا حصل له العلم بذلك كان عاقلًا ولزمه التكليف.
وقال أبو الحسن عبد العزيز بن الحارث التميمي (2) في "كتاب العقل": العقل ليس بجسم، ولا صورة ولا جوهر، وإنما هو نور، فهو كالعلم (3).
= انظر: العدة لأبي يعلى (1/ 83)، والتمهيد لأبي الخطاب (1/ 45)، والواضح لابن عقيل (1/ ق 5 ب) وتحرير المنقول (1/ 79).
(1)
راضية: أي مرضية ومنه قوله تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21)} [الحاقة: 21]. انظر: الصحاح للجوهري (6/ 2357).
(2)
هو عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث التميمي الحنبلي (أبو الحسن) ولد سنة (317)، وكان من أكابر علماء الحنابلة فقيهًا أصوليًا فرضيًا إلا أنه متهم بالوضع، قال الذهبي:"وضع حديثًا أو حديثين في مسند أحمد" وله مصنفات في الفقه والأصول وغيرها، وتوفي سنة (371 هـ).
انظر: ترجمته في المغني في الضعفاء للذهبي (2/ 396 - 397)، ميزان الاعتدال له أيضًا (1/ 624 - 626)، تنزيه الشريعة لابن عراق (1/ 80) طبقات الحنابلة (2/ 139).
(3)
ونسبه المرداوي إلى ابن حمدان.
انظر: تحرير المنقول (1/ 80).
وقال أبو محمد (1) البربهاري: "ليس العقل باكتساب وإنما هو فضل من الله"(2).
وقال بعضهم (3): قوة بها بين حقائق المعلومات. وقال أبو بكر بن (4) فورك: هو العلم الذي يمتنع به من فعل القبيح (5).
وقال بعضهم: ما حسن معه التكليف.
ومعنى ذلك كله متقارب (6).
(1) هو الحسن بن علي بن خلف البربهاري أبو محمد شيخ الحنابلة في عصره ولد سنة (233 هـ) وكان فقيهًا قدوة آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر متقدمًا في الإنكار على المبتدعة. له مصنفات منها: "شرح السنة" وتوفي سنة (329 هـ). انظر: طبقات الحنابلة (2/ 18 - 45)، وشذرات الذهب (2/ 319 - 323)، ومعجم المؤلفين لكحالة (3/ 253).
(2)
في العدة بزيادة "ذكره في شرح السنة في جزء وقع إلي".
(3)
ونسبه المرداوي إلى أبي الفرج عبد الواحد بن محمد المقدسي المتوفي سنة (486 هـ).
انظر: تحرير المنقول (1/ 90).
(4)
هو محمد بن الحسن بن فورك الأنصاري الأصبهاني الشافعي (أبو بكر) الفقيه الأصولي المتكلم الواعظ له مصنفات كثيرة منها: "دقائق الأسرار" و"مشكل الآثار" ومات مسمومًا سنة (406 هـ).
انظر ترجمته: في الفتح المبين (1/ 226 - 227)، وشذرات الذهب (3/ 181 - 182)، ومعجم المؤلفين لكحالة (9/ 208).
(5)
كما عرف أبو الحسن الأشعري العقل بـ "العلم".
انظر: البحر المحيط (1/ ق 126 ب)، تحرير المنقول (1/ 91).
(6)
العدة لأبي يعلى (1/ 83 - 85).
قال القاضي: "ولكن ما ذكرناه أولى، لأنه مفسر، وهو قول الجمهور من المتكلمين".
وقال (الإمام)(1) أحمد فيما رواه أبو الحسن التميمي في "كتاب العقل" عن محمد بن أحمد بن مخزوم (2) عن إبراهيم الحربي (3) عن أحمد أنه قال: العقل: غريزة، والحكمة فطنة (4) والعلم: سماع، والرغبة في الدنيا هوى، والزهد فيها عفاف.
ومعنى قوله "غريزة" أنه خلق لله تعالى ابتداء وليس باكتساب للعبد (5).
قال بعضهم: القوة الغريزة توجد في الإنسان من أول وجوده ثم تتزايد بتزايد بدنه تزايدا تدريجيا حتى يبلغ سن
(1) لا توجد في العدة.
(2)
هو: محمد بن أحمد بن مخزوم أبو الحسين المقرئ، قال عنه أبو الحسن التمار: كان يكذب واتهمه ابن الجوزي بوضع الحديث ولد سنة (268) توفي سنة (330 هـ).
انظر: ميزان الاعتدال للذهبي (3/ 463)، وتنزيه الشريعة لابن عراق (1/ 100).
(3)
هو إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحربي - نسبة إلى مجلة ببغداد والمكنى بـ "أبي إسحاق" ولد سنة (198 هـ) تفقه على الإمام أحمد ونقل عنه كثيرًا من مسائله وكان ورعًا ذا عبادة فقيهًا محدثًا أديبًا وله مؤلفات كثيرة منها: "غريب الحديث""دلائل النبوة""المغازي" توفي سنة (285 هـ).
انظر ترجمته: في طبقات الحنابلة (1/ 86)، شذرات الذهب (2/ 190)، المدخل لابن بدران ص (411)، ومعجم المؤلفين لكحالة (1/ 12).
(4)
كذا في العدة وفي التمهيد لأبي الخطاب (1/ 44) "وحكمة وفطنة وراجع المسودة (556).
(5)
انتهى من العدة (1/ 85 - 86).
التكليف، فتكون قد بلغت أولى درجات كمالها، ثم تنتهي زيادتها إلى سبع وعشرين سنة.
كما روى عن أمير المؤمنين علي (1) رضي الله عنه أنه قال: يحتلم الغلام لأربع عشرة وينتهي طوله لإحدى وعشرين، وينتهي عقله لسبع وعشرين سنة إلا التجارب فإنه لا غاية لها (2).
هذا هو العقل الغريزي أما التجريبي فلا يزال في زيادة ما دام العاقل حيًّا كما قال.
وحكى عن بعض الفلاسفة: أنه اكتساب.
وقال قوم: هو عرض مخالف لسائر العلوم والأعراض.
وقال قوم: هو مادة وطبيعة.
وعند الحكماء: هو جوهر بسيط، لأنهم أدخلوه في تقسيم الجوهر، حيث قالوا: الجوهر (3): إما محل، وهو "الهيولي" - يعني:
(1) هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب القرشي الهاشمي (أبو الحسن) ابن عم المصطفى صلى الله عليه وسلم ولد قبل الهجرة بإحدى وعشرين سنة وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم وتوفي رضي الله عنه سنة (40 هـ).
انظر ترجمته: في الطبقات لابن سعد (3/ 19)، الإصابة لابن حجر (2/ 507 - 510)، أسد الغابة (4/ 91 - 125)، معجم المؤلفين الكحالة (7/ 112).
(2)
روى ابن الجوزي هذا الأثر عن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
انظر: ذم الهوى لابن الجوزي ص (8).
(3)
تعرض المصنف لتقسيم الجوهر ولم يعرفه وهو: ما يقوم بذاته "أي لا يحتاج في وجوده إلى شيء آخر يقوم بها قاله الميداني.
انظر: ضوابط المعرفة (339)، والتعريفات للجرجاني (1/ 79).
المادة المتهيئة لقبول الصورة، ومن لفظ "التهيء" اشتق لفظ الهيولي فكأنه أعجمي معرب- أو حال في المحل وهو "الصورة" أو مركب منهما وهو الجسم، أو لا محل ولا حال ولا مركب منهما، وهو إما أن يتعلق بالجسم تعلق التدبير وهو "النفس" أولا يتعلق بها كذلك وهو "العقل"(1).
وبعض الفلاسفة يزعم أن العقل من المجردات الغنية عن المحل والموضوع فهو لا داخل ولا خارج ولا متصل بالبدن ولا منفصل عنه.
قال القاضي في رده قول من قال "إنه جوهر بسيط": وهذا فاسد لأن الدليل "قد"(2) دل على أن الجواهر كلها من جنس واحد، خلافًا للملحدة في قولهم- هي مختلفة، لأن معنى "المثلين" ما سد أحدها مسد صاحبه، وناب منابه، والجواهر على هذا لأن كل واحد منها متحرك وساكن وعالم (3).
فلو كان العقل جوهرًا لكان من جنس العاقل، ولا استغنى العاقل بوجود نفسه في كونه عاقلًا عن وجود مثله وما هو من جنسه (4).
(1) انظر: المرجعين السابقين ومعيار العلم للغزالي ص (218 - 219)، وص (228 - 231)، ومجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (1/ 273) وما بعدها.
(2)
ليست في العدة.
(3)
انظر: مجموع الفتاوى (9/ 298) وما بعدها.
(4)
في العدة بزيادة "وقد ثبت أنه ليس بعاقل فمحال أن يكون عاقلًا بجوهر من نفسه".
ولأنه لو كان جوهرًا لصح قيامه بذاته، ووجوده لا بعاقل، ولصح أن "يعقل"(1) ويكلف، لأن ذلك مما يجوز على الجواهر، وفي امتناع ذلك دليل على أنه ليس بجوهر "ثبت"(2) أنه عرض.
ومحال أن يكون عرضًا غير سائر العلوم، لأنه لو كان كذلك لصح وجود العقل مع عدم سائر العلوم حتى يكون الكامل العقل غير عالم بنفسه، ولا بالمدركات، ولا شيء من الضروريات، إذ لا دليل يوجب تضمن أحدها للآخر وذلك نهاية الإحالة.
ومحال أن يكون اكتسابًا لأنه يؤدي إلى أن الصبي ومن عدمت منه الحواس الخمس ليسوا بعقلاء، لأنهم لا نظر لهم ولا استدلال يكتسبون به العقل وفي الإجماع على حصول العقل منهم دليل على فساد هذا (3).
ولا يجوز أن يكون (4) جميع العلوم الضرورية ولا العلوم التي تقع (عقيب)(5) الإدركات الخمسة (6) لأن هذا يؤدي إلى أن الأخرس
(1) كذا في العدة وفي الأصل: "يفعل".
(2)
في العدة "فثبت".
(3)
انظر: العدة (1/ 87)، حيث أسقط الجراعي ما يلي (ولا يجوز أن يكون العقل هو الحياة، ، لأن العقل يبطل ويزول ولا يخرج الحي عن كونه حيًّا، وقد يكون الحي حيًّا وإن لم يكن عالمًا بشيء أصلًا).
(4)
في العدة بزيادة: "هو".
(5)
في العدة: "عقب".
(6)
الإدراكات الخمسة هي: ما يدرك بالحواس الخمسة وهي: حاسة السمع والبصر واللمس والشم والذوق.
والأطرش (1) والأكمه ليسوا بعقلاء، لأنهم لا يعلمون المشاهدات والسموعات والمدركات التي تعلم باضطرار لا باستدلال.
ولا يجوز أيضًا أن يكون (2) هو العلم بحسن حسن، وقبح قبيح ووجوب واجب وتحريم محرم، لأن هذه الأحكام كلها معلومة من جهة السمع دون قضية العقل.
فوجب أن يكون "بعض العلوم الضرورية وهو ما ذكرناه أولًا" انتهى كلام القاضي (3).
ومما يقوي أن العقل (4) غريزة: وجوده في النائم واليقظان الذي لا يستحضر شيئًا من وجوب الواجبات واستحالة المستحيلات، وفقد العلم فيهما.
وأيضًا: فإن العقل إذا فسد تسبب الأطباء إلى إصلاحه بالعلاج ووجه الدلالة من وجهين:
أحدها: أن موضوع علم الطب إنما هو الأجسام الطبيعية وما اشتملت عليه من الطبيعات، والعلوم ليست منها.
(1) في العدة (الخرس والطرش).
(2)
في العدة (ولا يجوز أن يكون العلم بحسن حسن وقبح قبيح ووجوب واجب وتحريم من جملة العلوم التي هي عقل لأن. . .) إلخ.
(3)
العدة لأبي يعلى (1/ 86 - 88).
(4)
وقال بذلك الحارث بن أسد المحاسبي واستحسنه الجويني في البرهان.
انظر: كتاب مائية العقل للحارث المحاسبي ص (205) وما بعدها، البرهان للجويني (1/ 112 - 113)، البحر المحيط للزركشي (1/ ق 26 ب) وذم الهوى لابن الجوزي ص (5).
الثاني: إن فساد العلوم إنما هو بنسيانها وذهابها عن القوة الحافظة بحيث يتعذر على العالم استحضارها، والأطباء لا سلطان لهم على تذكير علم منسي أورد علم ذاهب، وإنما سلطانهم على القوى والغرائز بالتسبب إلى صلاحها إذا فسدت، فدل على أن العقل غريزة لازم للعلم لا نفس العلم بل لازم له (1).
وقال ابن الجوزي (2) في منهاج القاصدين (3) ومعناه في المسودة (4): اختلف الناس في حد العقل وحقيقته، وذهل
(1) انظر: مائية العقل للحارث المحاسبي ص (201) وما بعدها.
(2)
هو عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي القرشي التميمي البكري الحنبلي وأبو الفرج، جمال الدين، والمعروف بـ "ابن الجوزي" وينتهي نسبه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ولد سنة (508 هـ) وكان إمام وقته وشيخ عصره له التصانيف الكثيرة في التفسير والحديث والفقه والزهد والوعظ والتاريخ والطب وغيرها، ومن كتبه:"منهاج الوصول إلى علم الأصول""الأذكياء"، "المغني في علوم القرآن"، "المنتظم في تاريخ الأمم"، وتوفي سنة (597 هـ).
انظر ترجمته: في الذيل على طبقات الحنابلة (1/ 399 - 433)، وشذرات الذهب (4/ 329 - 331)، الفتح المبين (2/ 40 - 42)، ومعجم المؤلفين (5/ 157 - 258).
(3)
كتاب منهاج القاصدين ومفيد الطالبين لخص فيه ابن الجوزي إحياء علوم الدين للغزالي، واختصر المنهاج أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي (ت 742 هـ) والمختصر مطبوع متداول.
انظر: مؤلفات ابن الجوزي لعبد الحميد العلوجي ص (188 - 189).
(4)
انظر: المسودة ص (582)، ومعيار العلم للغزالي ص (207) وما بعدها المستصغي له (1/ 23).
الأكثرون عن كون هذا الاسم يطلق بالاشتراك على أربعة معان، فلا ينبغي أن يطلب لجميع أقسامه حد واحد، بل يفرد كل قسم بالكشف عنه.
فالأول: الوصف الذي يفارق (1) به الإنسان البهائم، وهو الذي به استعد لقبول العلوم النظرية، والصناعات الخفية الفكرية، وهو الذي أراده الحارث (2) المحاسبي حين قال في حد العقل إنه غريزة يتهيأ بها درك العلوم النظرية، وكأنه نور يقذف في القلب به يستعد لإدراك (3) الأشياء.
والثاني: ما وضع في الطباع من العلم بجواز الجائزات واستحالة المستحيلات، كالعلم بأن الاثنين أكثر من الواحد (4) وهو الذي عناه بعضهم بقوله في حد العقل إنه بعض العلوم الضرورية وهو صحيح في نفسه لأن هذه العلوم موجودة وتسميتها عقلًا ظاهر، وإنما الفاسد أن تنكر تلك الغريزة ويقال لا موجود إلا هذه العلوم.
والثالث: علوم تستفاد من التجارب تسمى عقلًا.
(1) في المنهاج "الذي به يفارق".
(2)
هو الحارث بن أسد المحاسبي البصري (أبو عبد الله) الإمام المشهور صاحب التصانيف في التصوف والزهد ومن كتبه "رسالة المسترشدين ومائية العقل" وتوفي سنة (243 هـ).
انظر: شذرات الذهب (3/ 174 - 175)، ومعجم المؤلفين (2/ 103)، ومقدمة كتاب العقل وفهم القرآن لحسين القوتلي.
(3)
راجع كتاب مائية العقل للحارث المحاسبي ص (201 - 204).
(4)
في المنهاج بزيادة "وأن الشخص الواحد لا يكون في مكانين".
والرابع: أن تنتهي قوة الغريزة إلى أن تعرف عواقب الأمور، وتقمع الشهوة الداعية إلى اللذة العاجلة وتقهرها (1).
فالأول هو الأصل، والثاني الفرع الأقرب إليه، والثالث فرع الأول والثاني، إذ بقوة الغريزة والعلوم الضرورية تستفاد علوم التجارب.
والرابع هو الثمرة الأخيرة والغاية القصوى (2).
وقال ابن حزم (3) في "أحكامه" العقل هو استعمال الطاعات والفضائل، وهو غير التمييز لأنه (4) استعمال ما ميز الإنسان فضله، فكل عاقل فهو مميز وليس كل مميز عاقلًا، وهو
(1) في المنهاج بزيادة ما يلي: وإذا حصلت هذه القوة سُمي صاحبها "عاقلًا" من حيث إن إقدامه وإحجامه بحسب ما يقتضيه النظر في العواقب، لا بحكم الشهوة العاجلة، وهذا من خصائص الإنسان التي بها تميز عن سائر الحيوانات.
(2)
منهاج القاصدين (1/ ق 43 - 44).
(3)
هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم (أبو محمد) كان شافعي المذهب ثم انتقل إلى مذهب أهل الظاهر ولد سنة (384 هـ) وبرع في علوم الشريعة واللغة والتاريخ والمنطق وغيرها وكان عاملًا بعلمه إلا أن لسانه كان شديدًا في نقد العلماء حتى قيل "إن لسان ابن حزم وسيف الحجاج بن يوسف شقيقان" وله مصنفات كثيرة منها: "الأحكام في أصول الأحكام"، "النبذ" في أصول الفقه و"المحلى بالآثار" و"الفصل في الملل والنحل" وتوفي سنة (456 هـ).
انظر ترجمته في الفتح المبين (1/ 243 - 244)، وشذرات الذهب (3/ 299).
(4)
كذا في الأحكام وفي الأصل: "لكنه".
في اللغة المنع، تقول عقلت البعير اعقله عقلا، وأهل الزمان يستعملونه فيما وافق أهواءهم وسيرهم، وزيهم، والحق هو في قول الله تعالى:{وَوَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} (1) يريد الذين يعصونه (2).
وقال صاحب كتاب: مكاسب العباد في الطاعات" (3).
قال أهل الشرع: العقل جوهر مضيء محله الدماغ ونوره في القلب، يدرك الغايات بالوسائط، والمحسوسات بالمشاهدة.
وقال أهل الحكمة: العقل نور فطري يزيد بالسمع والكسب وقال أهل الكلام: العقل الحبس (4).
وقال أهل الأدب: العقل: عقال المؤمن عن (5) ما لا يجوزه الشرع والدين.
وقال صادق (6): العقل أوله العلم، وأوسطه السنة وآخره الإخلاص وهو من أعز مواهب الله تعالى.
(1) سورة يونس: (100).
(2)
الأحكام لابن حزم (1/ 56).
(3)
لم أقف على هذا الكتاب.
(4)
هذا تعريف للعقل لغة وقد سبق.
(5)
في الأصل عن من لا ولعله خطأ من الناسخ.
(6)
لم أقف عليه ترجمته.