الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المجاز اللفظ المستعمل في غير وضع أول)
(1)
قوله: (والمجاز اللفظ المستعمل في غير وضع أول على وجه يصح).
المجاز في اللغة: الانتقال، بمعنى الجواز، أو موضع الانتقال اسمًا للمكان منه (2).
وفي الاصطلاح ما تقدم، وقوله "في غير وضع أول" احتراز عن الحقيقة.
قال القطب: "ولكن يدخل فيه الوضع الجديد، كما مثلنا به، إذ يصدق عليه أنه مستعمل في غير وضع أول".
قال العضد: "فالقيد الأخير احتراز عن (3) استعمال لفظ
(1) العنوان في الهامش.
(2)
جاز على وزن مفعل مشتق من الجواز بمعنى العبور وهو إما مصدر أو اسم للمكان ثم نقل إلى اللفظ المستعمل في غير ما وضع له.
انظر: الصاحبي في فقه اللغة لابن فارس ص (322)، القاموس المحيط (2/ 176)، والصحاح للجوهري (3/ 870)، وبيان المختصر للأصبهاني (1/ 186).
(3)
في شرح المختصر المطبوع عن مثل استعمال.
الأرض في السماء، وهذا ينطبق على مذهبي وجوب النقل فيه، والاكتفاء بالعلاقة فكان أحسن مما يختص بمذهب قوم، نحو قولهم لعلاقة بينهما" (1).
وشمل هذا الحد أنواع المجاز الثلاثة من اللغوي والشرعي والعرفي، فاللفظ الواحد بالنسبة إلى المعنى الواحد قد يكون حقيقة باصطلاح مجازا باصطلاح آخر، كلفظ الصلاة مثلًا بالنسبة إلى الدعاء، فإنه حقيقة في اصطلاح أهل اللغة، مجاز في اصطلاح أهل الشرع، وبالنسبة إلى الأفعال والأقوال المخصوصة بالعكس.
تنبيه: قال ابن حمدان المجاز: استعمال اللفظ في غير ما وضع له، وقيل: كل اسم (غير ما وضع عليه الاصطلاح)(2) أولا بشرطه، والمجازي: هو اللفظ المستعمل كذلك انتهى.
فجعل المجاز استعمال اللفظ لا نفس اللفظ المستعمل، وكذا قال ابن عقيل في الواضح، إلا أنه الدل اللفظ بالكلام أو القول، فقال: وأما المجاز: فهو استعمال الكلام أو القول في غير ما وضع له (3).
وقال في التمهيد: حد المجاز: كل اسم أفاد معنى على
(1) شرح مختصر ابن الحاجب للعضد (1/ 141).
(2)
ما بين المعكوفين غير واضح في الأصل واجتهدت في قراءته.
(3)
الواضح لابن عقيل (1/ 212 أ).
غير ما وضع له وقيل: كل اسم غير (ما وقع)(1) عليه الاصطلاح حين التخاطب (2).
فظاهر كلام أبي الخطاب أن المجاز في الاسم فقط وأنه لا يدخل في الحرف والفعل، مع أن المقدم دخوله في الثلاثة كما يأتي إن شاء الله تعالى.
قوله: (ولا بد من العلاقة، وقد تكون بالشكل كالإنسان، للصورة، أو في صفة ظاهرة كالأسد على الشجاع، ولا على الأبخر لخفائها، أو لأنه كان كالعبد على العتيق، أو آيل كالخمر للعصير، أو للمجاورة مثل جرى الميزاب) لابد في المجاز من العلاقة بينه وبين الحقيقة ولا يكفي مجرد الاشتراك في أمر ما، وإلا لجاز إطلاق كل شيء على ما عداه، ويتصور من وجوه:
إحداهما: الاشتراك في الشكل كالإنسان للصورة المنقوشة على الحائط (3).
الثاني: الاشتراك في الصفة (4)، ويجب أن تكون ظاهرة
(1) في الأصل (ما وقع) والتصحيح من التمهيد.
(2)
التمهيد لابن الخطاب (1/ 77) وانظر في تعريف المجاز، العدة لابن يعلى (1/ 172)، وروضة الناظر لابن قدامة (89) وتحرير المنقول للمرداوي (1/ 109)، وشرح الكوكب المنير (1/ 154)، والمدخل لابن بدران (174) والمحصول للرازي (1/ 397)، والمستصفي (1/ 341)، التعريفات للجرجاني ص (203).
(3)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 176)، والفوائد المشوق إلى علوم القرآن ص (31)، وتشنيف المسامع (ق 37 ب)، والمحلى على جمع الجوامع (1/ 317).
(4)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 176)، وروضة الناظر لابن قدامة ص (95) شرح المحلى على جميع الجوامع (1/ 317) تشنيف المسامع (ق 37 ب).
لينتقل الذهن إليها، كإطلاق الأسد على الشجاع، بخلاف إطلاقه على الأبخر.
الثالث: لما كان كعبد على عتيق، وابن سينا يجعل هذا حقيقة، ذكره عنه ابن قاضي الجبل (1).
الرابع: لما يئول إليه (2) كالخمر للعصير، هكذا أطلق جماعتنا كابن عقيل (3) في الواضح وابن حمدان في المقنع، وابن مفلح في أصوله والمصنف ومختصر الطوفي كأصله (4).
وقيده في جمع الجوامع أو باعتبار ما يكون قطعًا أو ظنًا لا احتمالًا (5).
قال في تشنيف المسامع: لو قال: "قطعا أو غالبًا لا نادرًا " لكان أولى، وشرط إلكيَا الهراسي (6) أن يكون المال
(1) انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 167).
(2)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 168)، وتشنيف المسامع (37/ ب).
(3)
في الهامش ما يلي "مسألة مقابلة بأصله وصحح والحمد لله".
(4)
انظر: مختصر الطوفي ص (40)، وروضة الناظر ص (90).
(5)
راجع جمع الجوامع بشرح المحلى (1/ 317).
(6)
هو علي بن محمد بن علي الطبرستاني الشافعي (عماد الدين أبو الحسن) والمعروف بـ "الكيا الهراسي" ولد سنة (450 هـ) وكان أحد فحول العلماء بارعًا في الفقه والأصول الجدل والحديث وقد زامل الغزالي في التلمذة على إمام الحرمين.
من مصنفاته: كتاب في "أصول الفقه"، و"أحكام القرآن" توفي سنة (504 هـ). انظر ترجمته: في الفتح المبين (2/ 6 - 7)، وشذرات الذهب (4/ 8 - 10)، ومعجم المؤلفين (7/ 220 - 221).
مقطوعًا به ولا يكفي الظن (1)، وإطلاق الجمهور يقتضي أنه لا فرق (2).
الخامس: لما يجاوره (3) مثل جرى الميزاب، لأن الميزاب لا يجري، وإنما يجري الماء فيه، ويسمى هذا من باب إطلاق اسم المحل على الحال.
هذا ما ذكره المصنف تبعًا للعلامة ابن مفلح، ولعلهما إنما اقتصرا على هذه الخمسة لأن الآمدي قال: كل جهات التجور لا تخرج (4) عنها وقد أوصلها العلماء إلى ستة وعشرين (5)، ونحن نذكر ما أهمله المصنف فنقول:
السادس: عكس الخامس، وهو إطلاق اسم الحال على المحل قال الله تعالى:{وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)} (6) أي في الجنة لأنها محل الرحمة.
السابع: تسمية الشيء باسم ضده كقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ
(1) ومثال التجوز بما يئول إليه قطعًا إطلاق الميت على الحي ومثال التجوز بما يئول إليه غالبًا ما مثل به الشارح.
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 168).
(2)
عن تشنيف المسامع (ق 73 ب) بتصرف.
(3)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 160).
(4)
انظر: الأحكام للآمدي (1/ 23).
(5)
منهم الزركشي في كتابة البرهان في علوم القرآن (2/ 259 - 296)، وقد أوصلها التاج السبكي إلى ستة وثلاثين.
انظر: الإبهاج بشرح المنهاج (1/ 229 - 312).
(6)
سورة آل عمران: (107)، وراجع تفسير ابن كثير (1/ 390).
سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (1) أطلق على الجزاء سيئة، مع أنه ليس بسيئة (2).
الثامن: الزيادة (3) ومثلوه بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (4) فإن الكاف صلة، لأن التقدير ليس مثله شيء، وإلا لزم إثبات المثل، لئن التقدير حينئذ "ليس متل مثله شيء" وهو محال، ويجوز أن يكون غير صلة ولا يلزم المحذور لوجوه:
أحدها: أنه يجوز سلب الشيء عن المعدوم، كما يجوز سلب الكتابة عن زيد وهو معدوم.
ثانيها: أن المِثْلَ يأتي بمعنى المَثَل، كالشِّبْه والشَّبَه والمثل الصفة، قال تعالى:{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} (5) أي صفتها وحينئذ فالتقدير ليس كصفته شيء.
ثالثها: أن يكون المثل كهو في قولهم (مثلك لا يبخل) أي أنت لا تبخل (6) فلا يراد غير ما أضيف إليه وإليه أشار الشاعر بقوله (7):
(1) سورة الشورى: (40).
(2)
انظر: منهاج الوصول بشرح الإبهاج (1/ 302).
(3)
انظر: العدة لأبي يعلى (1/ 174)، شرح الكوكب المنير (1/ 169)، وشرح المحلى على جمع الجوامع (1/ 317)، وتشنيف المسامع (ق 37 ب).
(4)
سورة الشورى: (11).
(5)
سورة محمد: (15).
(6)
في الهامش: "بيان مثلك".
(7)
الشاعر هو المتنبي وهذا البيت من قصيدة له قالها في رثاء عمة عضد الدولة لما توفيت ببغداد.
انظر: ديوان المتنبي ص (557 - 559).
ولم يقل مثلك يعني به
…
غيرك بإفراد بلا شبه (1)
وهذا ضرب من الكناية، التي هي أبلغ من الصريح لتضمنها إثبات الشيء بدليله، فيكون المعنى ليس كهو شيء.
وقال شرف الدين (2) ابن أبي الفضل: اجعل الكاف أصلية ولا يلزم محذور، فأقول نفي المثل له طريقان إما بنفي ملزومه، أو بنفي لازمة، ويلزم من نفي اللازم نفي الملزوم، ومن لوازم المثل أن له مثلًا فإذا نفينا مثل المثل انتفى لازم المثل، فينتفي المثل لنفي لازمه (3).
التاسع (4): النقصان، كقوله تعالى:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (5) أي
(1) البيت في ديوان المتنبي هكذا:
ولم أقل مثلك أعني به
…
سواك يا فرد بلا شبه
انظر: المرجع السابق ص (559).
(2)
هو محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل الأندلسي السلمي (شرف الدين أبو عبد الله) الأديب النحوي المحدث المفسر الفقيه ولد سنة (570 هـ) ومن كتبه تفسير القرآن الكريم و"مختصر صحيح مسلم" توفي سنة (655 هـ).
انظر ترجمته: في شذرات الذهب (5/ 259)، ومعجم المؤلفين (10/ 244 - 245).
(3)
ذكر قول شرف الدين هذا الفتوحي في شرح الكوكب المنير (1/ 174)، بتغير بسيط.
(4)
انظر: العدة لأبي يعلى (1/ 173)، شرح الكوكب المنير (1/ 175)، وتشنيف المسامع (38/ أ).
(5)
سورة يوسف: (82).
أهلها، فإن القرية عبارة عن الأبنية، وهي لا تسأل، ويمكن أن يقال يخلق الله فيها قدرة الكلام، ويكون ذلك معجزة لذلك النبي، ويبقى اللفظ على حقيقته.
وقال الشيخ عز الدين (1) في كتاب المجاز: "ليس حذف المضاف من المجاز لأن المجاز استعمال اللفظ في غير موضوعه، والكلمة المحذوفة ليست كذلك وإنما التجوز في أن ينسب إلى المضاف إليه ما كان منسوبًا إلى المضاف، فجعله من مجاز التركيب العقلي لا من اللغوي الإفرادي"(2).
العاشر (3): إطلاق اسم السبب على المسبَّب، سواء كان السبب فاعليًا كتسمية المطر بالسماء، أو ماديًا (4) كقولك "سال
(1) هو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي الدمشقي الشافعي (عز الدين) العالم المشهور وإمام عصره والمعروف بـ "سلطان العلماء" برع في المذهب الشافعي وبلغ رتبة الاجتهاد ولد سنة (577 هـ) وله كتب كثيرة منها: "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" في أصول الفقه، الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز، وتوفي سنة (660 هـ).
انظر: الفتح المبين (2/ 73 - 74)، وشذرات الذهب (5/ 301 - 302)، ومعجم المؤلفين (5/ 249 - 398).
(2)
انظر: تشنيف المسامع (ق 38 أ).
(3)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 157)، والمحصول (1/ 1/ 449)، والفوائد المشوق ص (23)، والمدخل لابن بدران (176) نور البرهان للزركشي (2/ 260 - 262)، وتشنيف المسامع (ق 39/ أ).
(4)
في شرح الكوكب المنير والمدخل لابن بدران أو (قابليا) بمعنى أن الوادي قابل لسيلان الماء منه.
انظر: المراجع السابقة.
الوادي" أو صوريًا كتسمية الأمر والحال، يقولون هذه صورة الأمر والحال أي حقيقته، أو غائيًا كتسمية العنب خمرًا.
الحادي عشر: عكسه (1) كتسمية العرض الشديد بالموت.
الضماني عشر: إطلاق اسم الكل على البعض (2)، كقوله تعالى:{يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} (3) أي أناملهم.
الثالث عشر: (4) عكسه، كقولهم للزنجي أسود مع أن فيه بياض أسنانه.
الرابع عشر: تسمية (5) المتعلِّق باسم المتعلَّق، كتسمية المخلوق خلقًا، قال الله تعالى:{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} (6).
الخامس عشر: (7) عكسه، كقوله صلى الله عليه وسلم:"تحيَّضي في علم الله ستًّا، أو سبعًا"(8) والمعنى: تحيضي ستًّا أو سبعًا.
(1) انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 164)، والفوائد المشوق ص (26)، والمحصول للرازي (1/ 1/ 449)، والبرهان للزركشي (2/ 259 - 260)، وتشنيف المسامع (39 /أ).
(2)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 161)، والفوائد المشوق ص (36 - 37)، والبرهان للزركشي (2/ 262 - 263 و 269)، وتشنيف المسامع (39 /أ).
(3)
سورة البقرة: (19).
(4)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 166)، والفوائد المشوق ص (33 - 35)، والبرهان للزركشي (2/ 263 - 263 - 269)، وتشنيف المسامع (39/ أ).
(5)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 162)، والفوائد المشوق ص (16 - 22)، وتشنيف المسامع (ق 39 /أ)
(6)
سورة لقمان: (11).
(7)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 166)، وتشنيف المسامع (39 /أ).
(8)
هذه قطعة من حديث حمنة بنت جحش رضي الله عنها وقد أخرجه أبو داود والترمذي =
وهو معلوم الله تعالى، وقد أطلق عليه العلم.
السادس عشر: (1) إطلاق ما بالفعل على ما بالقوة، كتسمية الخمر حال كونه في الدن بالمسكر.
السابع عشر: إطلاق اسم (2) لزوم على اللازم، كقوله تعالى:{أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35)} (3) أي أنزلنا برهانًا فهو يدلهم، سميت الدلالة كلامًا لأنها من لوازمه، ومنه قول الحكماء "كل صامت ناطق" أي أن الصنعة فيه تدل على محدثه، فكأنه ينطق.
الثامن عشر: عكسه (4)، كقول الشاعر (5):
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم
…
دون النساء ............................
= وابن ماجة والدارقطني والحاكم وعنه البيهقي وأحمد وقال عنه البخاري وأحمد والترمذي "حديث حسن صحيح" كما قال عنه الحاكم صحيح الإسناد.
انظر: سنن أبو داود (1/ 287)، وتحفة الأحوذي (1/ 395)، وسنن ابن ماجة (2/ 205)، والمستدرك للحاكم (1/ 172)، ومسند أحمد (6/ 381)، وإرواء الغليل للألباني (1/ 202 - 203).
(1)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 163)، والمحلى على جمع الجوامع (1/ 319)، وتشنيف المسامع (39 / أ).
(2)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 165)، والبرهان للزركشي (2/ 269 - 270).
(3)
سورة الروم: (35).
(4)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 159)، والبرهان للزركشي (2/ 270).
(5)
هذا البيت للأخطل التغلبي.
انظر: ديوانه ص (84)، والبيت ناقص في الأصل وتمامه:
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم
…
دون النساء ولو باتت بأطهار
أراد بشد المئزر، الاعتزال، لأن شد المئزر من لوازم الاعتزال.
التاسع عشر (1): إطلاق اسم المطلق على المقيد، قال الشاعر (2):
فيا ليتنا نحيا جميعًا وليتنا
…
إذا نحن متنا ضمنا كفنان
ويا ليت كل اثنين بينهما هوى
…
من الناس قبل اليوم يلتقيان
يعني قبل يوم القيامة.
العشرون: عكسه (3) قال شريح (4): "أصبحت ونصف الخلق على غضبان" يريد أن الناس بين محكوم عليه ومحكوم له، فالمحكوم عليه غضبان، لا أن يصف الناس على سبيل التعديل والتسوية كذلك، ومنه قول الشاعر (5):
إذا مت كان الناس صنفان شامت
…
وآخر مُثْنٍ بالذي كنت أفعل
(1) انظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي (2/ 70) والإبهاج بشرح المنهاج (1/ 311).
(2)
لم أقف على القائل.
(3)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 177)، والبرهان للزركشي (2/ 270).
(4)
هو شريح بن الحارث بن قيس الكندي القاضي المشهور (أبو أمية) بعثه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاضيًا إلى الكوفة وقال بعضهم حكم سبعين سنة، وأدرك زمان المصطفى صلى الله عليه وسلم ولم يلقه وقيل له صحبة، وكان فقيهًا نبيهًا شاعرًا آية في العدل، وتوفي سنة (78 هـ).
انظر ترجمته: في طبقات ابن سعد (6/ 131 - 145)، تقريب التهذيب ص (145)، وشذرات الذهب (1/ 85 - 86).
(5)
القائل هو العجير بن عبد الله السلولي، وقد روى التاج السبكي البيت بلفظ:
إذا مت كان الناس نصفين شامت
…
وآخر مثن بالذي كنت أصنع
انظر: الإبهاج بشرح المنهاج (1/ 310)، وشرح المفصل لابن يعيش (3/ 116)، ومعجم الشواهد العربية (1/ 217)، وشرح المقدمة المحسبة لابن بابشاد ص (54).
الحادي والعشرون (1): إطلاق اسم الخاص على العام، كقوله تعالى:{وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (2) أي رفقاء.
الثاني والعشرون: (3) عكسه، كقوله تعالى: حكاية عن محمد صلى الله عليه وسلم {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (4) وعن موسى صلى الله عليه وسلم {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} (5) ولم يريد الكل، لأن الأنبياء عليهم السلام قبلهما كانوا مسلمين ومؤمنين.
الثالث والعشرون (6): إطلاق اسم آلة الشيء عليه، كقوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84)} (7) أي ذكرًا حسنًا، أطلق اسم اللسان وأراد به الذكر، إذ اللسان "آلته"(8).
الرابع والعشرون: (9) إطلاق اسم الشيء على بدله، يقال: فلان أكل الدم إذا أكل الدية.
الخامس والعشرون (10): النكرة تذكر للعموم، قال الله
(1) انظر: البرهان للزركشي (2/ 270 - 271).
(2)
سورة النساء: (69).
(3)
انظر: البرهان للزركشي (2/ 271 - 273).
(4)
سورة الأنعام: (163).
(5)
سورة الأعراف: (143).
(6)
انظر: البرهان للزركشي (2/ 282).
(7)
سورة الشعراء: (84).
(8)
هذه الكلمة مطموسة في الأصل واجتهدت في قراءتها.
(9)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 176)، والبرهان للزركشي (2/ 282 - 283)، والإبهاج بشرح المنهاج (1/ 310).
(10)
انظر: الإبهاج بشرح المنهاج (1/ 310).
تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ} (1) يعني كل نفس، ومنه (دع امرءًا أو ما اختار) أي اترك كل امرإ واختياره.
السادس والعشرون: التقديم والتأخير، كقوله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (2) تقديره من بعد دين أو وصية، وقوله تعالى:{الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)} (3) تقديره الرحمن خلق الإنسان علمه القرآن والبيان، لأن تعلمه قبل خلقه لا يصح.
* * *
(1) سورة الانفطار: (5).
(2)
سورة النساء: (12).
(3)
سورة الرحمن: (1 - 4).