الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الحقيقة)
(1)
قوله: (مسئلة الحقيقة اللفظ المستعمل في وضع أول، وهي لغوية، وعرفية وشرعية كالأسد، والدابة والصلاة) الحقيقة (2) فعيله من الحق بمعنى فاعل كعليم، فالتاء للتأنيث أي الثابتة، أو بمعنى مفعول كجريح فالتاء لنقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية، أي المثبتة ثم نقلت إلى الاعتقاد المطابق لكونه ثابتًا أو مثبتًا ثم منه إلى القول المطابق ثم منه إلى المراد هنا.
قال القطب: فاللفظ المستعمل بمنزلة الجنس، وقوله:(في وضع أول) يعني فيما وضع له أولًا، وفيما وضع له "احتراز عن المستعمل فيما لم يوضع له كالوضع الجديد مثلًا كما لو قلت لمخاطبك" هات السكين مشيرًا إلى الكتاب فإن استعمال السكين في الكتاب يكون وضعا جديدًا غير مندرج تحت الحقيقة والمجاز، لأن اللفظ في ابتداء الوضع لا يكون حقيقة ولا مجازًا.
(1) العنوان من الهامش.
(2)
الحقيقة مشتقة من حق الشيء إذا وجب.
راجع في تعريف الحقيقة لغة الصاحبي في فقه اللغة ص (321)، والقاموس المحيط (3/ 228 - 229)، ولسان العرب (1/ 49).
وقوله "أول" احتراز عن المجاز فإنه لفظ مستعمل فيما وضع له ولكن لا أولًا بل ثانيًا.
وقال في تشنيف السامع: خرج بالمستعمل المهمل واللفظ قبل الاستعمال.
وقوله: (فيما وضع له) إما أن يكون من تمام الفصل لإخراج ما ذكرنا وإما أن يكون فصلًا برأسه ليخرج اللفظ المستعمل فيما وضع له كالوضع الجديد فإن واضع اللغة لم يضعه (1) والمستعمل في غير (2) ما وضع له غلطا (3) والمجاز الخالي عن الوضع (4).
فالمقصود أن القطب جعل المستعمل بمنزلة الجنس الذي لا يحترز به.
والزركشي (5) جعله فصلًا محتررًا به.
واعلم أن التاج السبكي قال في حد الحقيقة "فيما وضع له ابتداءا"(6) ولم يقل "أول" كما قال ابن الحاجب والمصنف (7).
(1) في التشنيف لم يضعه أصلًا وكذلك الأعلام إن قلنا أنها ليست بحقيقة فإن الواضع لم يضعها لتلك المسميات والمستعمل
…
الخ.
(2)
في التشنيف فيما غير ما وضع.
(3)
كذا في التشنيف وفي الأصل "غالطا".
(4)
تشنيف المسامع (ق 35 أ).
(5)
هو صاحب التشنيف.
(6)
عرف التاج الحقيقة بأنها: لفظ مستعمل فيما وضع له ابتداء، جمع الجوامع (1/ 300).
(7)
راجع مختصر المنتهى لابن الحاجب (1/ 138).
قال في تشنيف المسامع: إنما غيره للخلاف في أن الأول هل يستلزم ثانيًا، فإن قلنا يلزم لزم أن الحقيقة تستلزم المجاز ولا قائل بذلك وإنما اختلفوا في عكسه (1).
وقد ضايق الأصفهاني شارح المحصولى في قيد الأولية، وقال:"إنه غير محتاج إليه فإنه إنما احترز به عن المجاز، ولا حاجة إلى الاحتراز فإن لفظه "الوضع" تخرجه، لأن المجاز إن قلنا إنه غير موضوع فذاك، وإن قلنا موضوع فهو غير الوضع المعتبر في الحقيقة وهو استعمال العرب ذلك النوع لاستعماله آحادًا لنوع بخلاف الوضع في الحقيقة، فإن كان واضع الحقيقة واضع اللغة فلغوية كالأسد للحيوان المفترس، أو العرف العام كالدابة لذوات الأربع كالحمار، أو الخاص كالفاعل للاسم المعروف عند النحاة فعرفية، أو الشرع فشرعية كالصلاة للعبادة المخصوصة.
وقال في العدة في موضع: الحقيقة اللفظ المستعمل في موضوعه (2) وفي موضع: اللفظ الباقي على موضوعه (3).
وقال في التمهيد (4): الحقيقة: كل اسم أفاد معنى على ما وضع (5) له وقيل: كل اسم وقع عليه الاصطلاح على ما وضع له حين التخاطب.
(1) تشنيف المسامع (ق 35 / أ) بتصرف.
(2)
في العدة: "موضعه".
(3)
انظر: العدة لأبي يعلى (1/ 172 - 188).
(4)
في الهامش ما يلي (تعريف الحقيقة في التمهيد: الحقيقة كل اسم أفاد معنى على ما وضع له).
(5)
التمهيد لأبي الخطاب (1/ 77)، وراجع في تعريف الحقيقة روضة الناظر ص (89)، وتحرير المنقول (1/ 108)، وبيان المختصر للأصبهاني (1/ 183).
وقال ابن حمدان: "الحقيقة استعمال اللفظ فيما وضع له أولًا في الاصطلاح الذي به التخاطب، والحقيقي: هو اللفظ المستعمل كذلك".
فجعل ابن حمدان الحقيقة "استعمال اللفظ" وغيره جعلها "اللفظ المستعمل" ووجه حصر الحقيقة في الأقسام الثلاثة المتقدمة أن اللفظ إن كان موضوعًا في أصل اللغة لمعنى واستمر من غير طريان ناسخ عليه فهو الحقيقة اللغوية، وأن طرأ عليه ناسخ فنقله إلى اصطلاح آخر فإن كان لتأويل الشرع فهي الشرعية، أو العرف فهي العرفية، فثبت أن اللغوية أصل للكل.
وقد منع الأصفهاني إدخال الثلاثة في حد واحد من جهة اختلاف معنى الوضع فيها، فإن الوضع في اللغوية بمعنى الاصطلاح، وهو تعليق لفظ بمعنى، وأما في الشرعية والعرفية فليس بهذا المعنى، إذ لم ينقل عن الشرع وضع لفظ الصلاة بإزاء معناها الشرعي بل غلب استعماله لها بإزاء المعنى الشرعي بحيث صارت الحقيقة اللغوية مهجورة وكذلك العرفية إنما اشتهرت بكثرة الاستعمال دون الوضع.
قال: وحينئذ إن خصصنا لفظ الوضع في الحد بالاصطلاح خرجت الشرعية والعرفية، وإن لم نخصه (1) خرج الاشتراك، وهو مما تصان الحدود عنه قال: فيجب أن لهما حدًا غير حد اللغوية بأن يقال المستعمل فيما غلب استعماله.
(1) هذه الكلمة لحقها بلل في الأصل.
ورد ذلك بأن قيل: لا نسلم أن الشارع استعمل ولم يضع، فإن الوضع تعليق لفظ بمعنى وذلك متناول لها، إلا أن سبب نقله إلى المعنى في اللغة إعلام بالوضع والاصطلاح، وفي الشرع كثر الاستعمال كثرة تقوم مقام الوضع ابتداء (1).
* * *
(1) انظر: بيان المختصر للأصبهاني (1/ 184 - 185).