الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مطلب لا يعتبر لصحة الإجماع انقراض العصر)
(1)
قوله: (مسألة: لا يعتبر لصحة الإجماع انقراض العصر عند الأكثر وأومأ إليه إمامنا.
واعتبره أكثر أصحابنا، وهو ظاهر كلام أمامنا، فعليه لهم ولبعضهم الرجوع لدليل لا على الأول.
وقال الإمام: يعتبر إن كان عن قياس).
لا يعتبر انقراض العصر لصحة الإجماع عند أبي الخطاب، وقال: وأومأ إليه أحمد، وقاله عامة العلماء وفاقًا لأبي حنيفة ومالك والشافعي (2).
(1) العنوان من الهامش.
(2)
واختار هذا القول الطوفي. انظر: التمهيد لأبي الخطاب (3/ 346 - 348)، ومختصر الروضة للطوفي ص (133)، والمدخل لابن بدران ص (281) وأصول السرخسي (3/ 315)، وكشف الأسرار (3/ 243)، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد (2/ 38)، وشرح تنقيح الفصول ص (33) والأحكام للآمدي (1/ 89)، والتبصرة للشيرازي ص (375).
واعتبره أكثر أصحابنا وجزم به القاضي وغيره وأنه ظاهر كلام أحمد رحمه الله.
وقاله ابن فورك وسليم (1) الرازي من الشافعية (2).
وذكر ابن برهان أنه مذهبهم (3).
وذكر بعضهم قولا ثالثًا عن الشافعية إن كان مطلقًا لم يعتبر وإن كان بشرط كقولهم إن ظهر خلاف قولنا صرنا إليه اعتبر (4). فعلى اعتباره لهم ولبعضهم الرجوع لدليل لا على الأول (5).
(1) هو سليم بن أيوب بن سليم الرازي الشافعي (أبو الفتح) الفقيه الأصولي المفسر اللغوي وله مؤلفات منها ضياء القلوب في التفسير والمجرد في الفقه وغرائب الحديث، وتوفي غرقًا سنة (447 هـ).
انظر: شذرات الذهب (3/ 275 - 276)، وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 321)، ومعجم المؤلفين (4/ 243).
(2)
وممن اعتبر هذا القول الحلواني وابن قدامة وابن عقيل.
انظر: روضة الناظر ص (73)، والمسودة ص (320)، وتحرير المنقول للمرداوي (1/ 221)، وشرح الكوكب المنير (2/ 246)، والمحصول للرازي (2/ 1/ 206).
(3)
ذكره عنه المجد في المسودة ص (320) ولم أجده في الوصول إلى الأصول لابن برهان ولعله ذكره في كتاب آخر له كما أشار إلى ذلك محققه. انظر: الوصول (2/ 97 - 102).
(4)
قال عنه الجويني في التلخيص (156 أ): وهذا أضعف الأقوال. وانظر: المسودة (320).
(5)
أي على القول باعتبار انقراض العصر للمجتهدين لبعضهم الرجوع لدليل، أما على القول الأول بأن انقراض العصر ليس شرطًا فليس لهم الرجوع ..
واعتبر أبو المعالي إن كان عن ظني (و)(1) مضى زمن طويل حتى لو مضى استقر قبل موتهم، ولو لم يمض لم يستقر ولو ماتوا (2).
وقيل: يشترط في السكوتي دون غيره (3).
والمشترطون منهم من اعتبر وفاة كل المجتهدين ومنهم من اعتبر وفاة الأغلب ومنهم من اعتبر موت علمائهم (4).
وجه الأول: أدلة الإجماع، ولأنه لو اعتبر امتنع الإجماع للتلاحق، احتج به أبو الخطاب وجماعه (5).
ورده القاضي وجماعة بأنه لا يعتبر التابعي مع الصحابة في رواية، ثم أن اعتبر لم يعتبر تابع تابعي أدركه مجتهدًا لأنه لم يعاصر الصحابة زاد ابن عقيل لندرة إدراكه مجتهدًا.
وللأول أن يقول: التابعي في هذا الإجماع كالصحابي
(1) الواو ليست في الأصل والسياق يقتضيها.
(2)
راجع البرهان للجويني (1/ 694 - 695)، والمسودة ص (320).
(3)
وذلك لضعف السكوتي، واختار هذا القول الآمدي وأبو علي الجبائي ونقل عن أبي منصور البغدادي ونقله الجويني عن الأستاذ أبي إسحاق واختاره البندنيجي.
انظر: الأحكام (1/ 189)، وشرح الكوكب المنير (2/ 247)، وإرشاد الفحول ص (84).
(4)
راجع المسودة ص (321).
(5)
راجع الأدلة ومناقشتها في التمهيد لأبي الخطاب (3/ 348 - 357)، ومختصر ابن الحاجب بشرح العضد (2/ 38 - 39).
لاعتبار قوله فيه فلا فرق. واستدل بحجة قولهم فلم يعتبر موتهم كالرسول (1).
رد محل النزاع، وقول الرسول عليه الصلاة والسلام عن وحي فلم يقابله غيره وقولهم عن اجتهاد (2).
واستدل باحتجاج الحسن به زمن أنس وغيره (3).
رد: بالمنع، ثم لأن قول الصحابي عنده حجة، وضعف هذا أبو العباس بأنا إذا اشترطنا انقراض العصر في المجمعين فلأن نشترطه في الواحد أولى، وأنه يتوجه أن يحتج بالإجماع في حياتهم مع اعتبار انقراضه لظاهر الآيات والأصل عدم رجوعهم، ثم إن رجعوا فلم يدُم الخطأ وعصمتهم من دوامه (4).
قالوا: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (5) ومن منع رجوعهم جعلهم شهداء على أنفسهم (6).
رد: بأنهم من الناس وبأنهم شهداء الله على غيرهم لأنه
(1) انظر: شرح الكوكب المنير (2/ 252).
(2)
انظر: الأحكام للآمدي (1/ 93).
(3)
هذا الدليل مما استدل به القائلون بعدم اشتراط انقراض العصر لصحة الإجماع وحاصله أن التابعين احتجوا بإجماع الصحابة في عصر الصحابة ومن ذلك استدلال الحسن البصري بإجماع الصحابة وأنس رضي الله عنه حي. انظر: المسودة ص (321).
(4)
راجع المسودة ص (321 - 322)، حيث نقل الجراعي كلام شيخ الإسلام باختصار شديد.
(5)
سورة البقرة: (143).
(6)
انظر: التمهيد لأبي الخطاب (3/ 351)، والأحكام (1/ 192).
صواب ولأن من قبل قوله على (1) غيره فهو أولى، ثم المفهوم هنا ليس بحجة (2).
قالوا خالف علي عمر بعد موته في بيع أم الولد وأن حد الخمر ثمانون وعمر خالف أبا بكر في قسمة الفيء (3).
رد بمنع الإجماع في ذلك، بل في الأخبار ما يدل على عدمه.
قالوا: يلزم ترك نص اطلع عليه.
رد بأنه بعيد.
وقيل: محال العصمة، ثم يلزم لو انقرضوا فلا أثر له لأن الإجماع قاطع ولأنه إن كان عن نص لم يتغير وإلا لم يجز نقض اجتهاد بمثله لا سيما لقيام الإجماع هنا (4).
وقول المصنف (وقال الإمام يعتبر إن كان عن قياس) المراد بالإمام هنا إمام الحرمين من الشافعية وتارة يعبر عنه بالجويني وتارة بأبي المعالي.
واختلف النقل عنه فمنهم من نقل كما نقل المصنف، وهذا ذكره ابن الحاجب (5).
(1) ويحتمل رسمها في الأصل "عند".
(2)
راجع التلخيص للجويني (ق 157 ب)، التبصرة للشيرازي ص (376).
(3)
راجع الأحكام (1/ 191).
(4)
انظر: الأحكام (1/ 193).
(5)
حيث قال في مختصر المنتهى (2/ 38)، وقال الإمام إن كان عن قياس.
ومنهم من نقل كما ذكرته عند مضي زمن طويل وهذا ذكره في المسودة، وكذا ابن قاضي الجبل (1) ومنهم من نقل عنه حتى يطول الزمن وتتكرر الواقعة وهذا ذكره الصفي الهندي.
* * *
(1) وهذا ذكره في البرهان كما سبق، وقال في التلخيص (156 أ) بعد حكاية المذاهب في اشتراط انقراض العصر: والصحيح من المذاهب ألا يشترط في انقراض العصر الانقراض ولأنه - أو لكن - مهما أجمع علماء الأمة على حكم في حادثة فهو الحق عند الله قطعًا وقد قامت حجة الإجماع وحرم الخلاف ولا يتصور منهم بأجمعهم أن يرجعوا عما أجمعوا عليه إذ لو رجعوا لكانوا مخالفين للإجماع الأول وهو ضلال ولا تجتمع الأمة على ضلالة، ويتصور إن خالف بعضهم بعد انعقاد الإجماع لكنا نعلم أنه خطأ وضلال وابتداع بعد انعقاد الإجماع. أ. هـ.
ثم استدل لهذا القول وأجاب على أدلة القائلين باشتراط انقراض العصر. انظر: التلخيص له (156/ أ- 157/ب).