الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مطلب الإجماع)
(1)
قوله: (مسألة: الإجماع لغة العزم والاتفاق.
واصطلاحًا: اتفاق مجتهد (2) العصر من هذه الأمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على أمر ديني).
هذا هو الأصل الثالث، وله معنيان في اللغة، أحدهما: العزم المؤكد على الشيء ومنه قوله تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} (3) أي اعزموا ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل"(4) أي يعزم عليه من الليل.
(1) العنوان من الهامش.
(2)
في المختصر المطبوع "مجتهدي عصر".
(3)
سورة يونس: (71).
(4)
أخرجه أبو داود (2454) عن حفصة رضي الله عنها مرفوعًا "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له" وأخرجه الترمذي (736) والنسائي، كما أخرجه ابن ماجه (1700) وأحمد والدارمي وأحمد مرفوعًا بألفاظ متقاربة.
ورواه مالك في الموطأ (643) عن ابن عمر وعائشة وحفصة موقوفًا وأخرجه أبو داود والنسائي أيضًا موقوفًا، وصوب النسائي وقفه وصحح الألباني رفعه ووقفه.
انظر: سنن أبي داود (2/ 823 - 824)، وتحفة الأحوذي (2/ 426) =
الثاني: الاتفاق، يقال "أجمعت الجماعة على كذا" إذا اتفقوا عليه (1).
وأما في الاصطلاح فهو: اتفاق مجتهد العصر من هذه الأمة بعد وفاة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على أمر ديني (2).
فـ "الاتفاق" جنس يعم الأقوال والأفعال والسكوت والتقرير، وقوله "مجتهد العصر" فصل يخرج غيرهم من المقلدين، والألف واللام في "العصر" للاستغراق فيشمل أي عصر كان، وبإضافتهم إلى العصر خرج اتفاق بعضهم.
وقوله "من هذه الأمة" يخرج غيرها من الأمم.
وقد اختلفوا في الإجماع هل هو من خصائص هذه الأمة أم لا؟ (3) قال أبو إسحاق في "اللمع": هو من خصائص هذه الأمة (4).
= وسنن النسائي (4/ 196 - 198)، وسنن ابن ماجه (1/ 542)، وموطأ مالك (2/ 156)، وسنن الدارمي (1/ 339)، ومسند أحمد (6/ 287)، وإرواء الغليل (4/ 25 - 30).
(1)
راجع الصحاح للجوهري (3/ 1198 - 1199) والقاموس المحيط (3/ 15)، والأحكام (1/ 147).
(2)
راجع تعريف الإجماع في مختصر الطوفي ص (128) وشرح الكوكب المنير (2/ 211 - 213)، والمدخل لابن بدران ص (278)، والحدود للباجي ص (63 - 64)، والأحكام للآمدي (1/ 148)، وبيان المختصر للأصبهاني (1/ 521)، وتيسير التحرير (223/ 3) وإرشاد الفحول ص (71).
(3)
راجع تحرير المنقول للمرداوي (1/ 210).
(4)
انظر: اللمع للشيرازي ص (50).
ونصره الشيخ مجد الدين خلافًا للاسفرائيني (1).
ووافقه الجويني إذا كان المستند قطعيًا وإلا فالتوقف (2).
وقوله "بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم" يخرج الإجماع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينعقد، وقوله "على أمر ديني" يخرج الأمور الدنيوية.
وقال في أوائل العدة: الإجماع: اتفاق علماء العصر على حكم النازلة (3).
وقال في أوائل التمهيد: إجماع علماء العصر على حكم حادثة (4)، وقال في "باب الإجماع" هو الاتفاق من جماعة على أمر من الأمور، إما فعل أو ترك (5).
وفي الواضح: اتفاق فقهاء العصر على حكم الحادثة (6).
وفي "المقنع" لابن حمدان: اتفاق أهل الحل والعقد من
(1) انظر: المسودة (320)، حيث قال المجد، الإجماع من الأمم الماضية لا يحتج به عندي.
(2)
وافق الجويني الأستاذ أبا إسحاق الاسفرائيني في أن إجماع أهل الملل لا يزال حجة إن كان يستند إلى حجة قاطعة أما إن استند إلى مظنون فالتوقف، وقال بالتوقف مطلقًا القاضي الباقلاني.
انظر: البرهان للجويني (1/ 718 - 719).
(3)
العدة (1/ 170).
(4)
التمهيد (1/ 16).
(5)
التمهيد (3/ 224).
(6)
الواضح (1/ق 9).
المسلمين العلماء بالأحكام الشرعية وأدلتها في عصر من الأعصار على حكم واقعة شرعية (1).
وفي الروضة: اتفاق علماء العصر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر من أمور الدين (2).
وقال الغزالي: هو اتفاق أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر ديني (3).
ويلزمه أن لا ينعقد الإجماع، لأن أهل كل عصر بعض الأمة، وإن أراد أمة عصر فلو كانوا عامه لم يعتبرهم (4).
فمن خصص بأمر ديني أخرج الدنيوية كالآراء في الحروب، ومن أطلق دخلت في كلامه، وسيأتي ذكر خلاف في المسألة فيما بعد عند كلام المصنف إن شاء الله تعالى.
قوله: (وهو حجة قاطعة عند الأكثر خلافًا للنظام في آخرين) الإجماع حجة قاطعة، ولا يجوز أن تجمع الأمة على الخطأ، نص عليه (5)، وهو قول جماعة الفقهاء والمتكلمين (6).
(1) يحتاج تعريف ابن حمدان رحمه الله للإجماع إلى قيد واحد وهو (بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم) وبذلك يكون الحد جامعًا مانعًا.
(2)
روضة الناظر ص (67).
(3)
في المستصفي (1/ 173) اتفاق أمة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة على أمر من الأمور الدينية.
(4)
أي إن صدق على الموجودين في بعض الأعصار أنهم أمة محمد عليه السلام فإن إجماعهم صحيح ولو خلا هذا العصر عن أهل الحل والعقد وكان كل الموجودين عوامًا واتفقوا على أمر ديني، وليس كذلك. انظر: الأحكام للآمدي (1/ 47).
(5)
راجع المسودة ص (315)، حيث نقل الشارح كلامه بتصرف.
(6)
راجع التمهيد لأبي الخطاب (3/ 224)، وروضة الناظر ص (67)، =
وحكي عن إبراهيم النظام (1) وطائفة من المرجئة وبعض المتكلمين أنه ليس بحجة، وأنه يجوز إجماع الكل على الخطأ.
وقالت الرافضة: ليس الإجماع بحجة، وإنما قول الإمام المعصوم وحده حجة (2).
قال في المسودة: والمشهور عن النظام إنكار تصوره، والأول حكاه القاضيان أبو يعلى وأبو الطيب (3)، وأول من استدل بالآية الشافعي (4)(5).
يعني قوله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} (6).
* * *
= ومجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (19/ 176)، وشرح الكوكب المنير (2/ 214)، والمدخل لابن بدران ص (280)، وأصول السرخسي (1/ 295 - 296)، والمعتمد لأبي الحسين (2/ 4) والمستصفى (1/ 204)، والأحكام لابن حزم (4/ 640) والأحكام للآمدي (1/ 150)، ومختصر ابن الحاجب (2/ 30)، والمحصول (2/ 1/ 46)، وفواتح الرحموت (2/ 213)، وإرشاد الفحول ص (78).
(1)
سوف يترجم له الشارح قريبًا.
(2)
وذهب الآمدي والرازي إلى أن الإجماع حجة ظنية لا قطعية. انظر: الأحكام (1/ 150)، والمحصول للرازي (2/ 1/ 214).
(3)
المراد بالأول أن الإجماع ليس بحجة عند النظام.
(4)
انظر: أحكام القرآن للشافعي (1/ 39 - 40).
(5)
انتهى كلام المجد في المسودة ص (315).
(6)
سورة النساء: (115).