الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خدّها الأسيل
…
بدت منه أنوار
طرفها الكحيل
…
سلّ منه بتّار
ها أنا القتيل
…
فهل يؤخذ الثار
قد أسرت عبدا
…
ولم أكن بالعبد
متّ لا محاله
…
فاطلبوا دمى بعدى
وفى كتاب العذارى المائسات فى الأزجال والموشحات لفيليب الخازن موشح لابن نباتة ص 7 وقيل إنه لابن غرلة وموشح ثان لابن غرلة ص 23 وقيل إنه لصدر الدين بن الوكيل وموشح ثالث لأحمد بن حسن الموصلى ص 61 وقيل إنه لابن غرلة. والإجماع منعقد على أن له موشح العروس السالف، وهو يصور مهارته فى اصطفاء اللفظ العذب والملاءمة بينه وبين غيره فى حسن الجرس وحلاوة النغم.
ابن (1) الصباغ
يقول المقرى فى الجزء الثانى من أزهار الرياض: «هو الشيخ الإمام الصالح الزكى الصوفى أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الصبّاغ الجذامى» ويذكر المقرى أنه قرأ له موشحات فى كتاب ألفه بعض الأئمة ورفعه للسلطان المرتضى الموحدى (646 هـ/1249 م-665 هـ/1267 م) وأكثر المؤلف فيه من موشحاته وأشعاره فانتخب المقرى منها غررا من الموشحات وهى اثنتا عشرة موشحة وقصيدتين ومخمسا وجميعها فى المديح النبوى وآخر ما أورد له قوله:
تركت امتداح العالمين ولذت من
…
مدائح خير الخلق بالعروة الوثقى
سأجعلها كهفى وحصنى وملجئى
…
لعلى بالأمداح أستوجب العتقا
وموشحاته وقصائده فى الذروة من المديح النبوى، وهو يبث فيها هياما ملتاعا لأنه لا يستطيع المثول فى حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره الشريف واكتحال عينيه بنوره. ويشكو شكوى مرة من البعد عن محبوبه ويأمل دائما أملا حارا فى القرب منه ولقائه كما يأمل فى شفاعته من عذاب النار التى لا تطاق. ودائما يتمنى وقفة فى ذلك الحمى وتلك الربوع، ودائما يتجدد شوقه وتتجدد صبابته ويتجدد هيامه، ويرسل أناته وزفراته ولوعاته ودموعه المنهمرة، يقول فى مطلع أولى موشحاته:
ألف المضنى الشّجونا
…
وارتضى الأحزان دينا
فوق صفح الوجنتين
…
أرسل الدّمع الهتونا
(1) انظر فى
ابن الصباغ
وموشحاته أزهار الرياض 2/ 230 وما بعدها.
يقطع الأيام حزنا
…
وبكاء وعويلا
فارحموا صبّا معنّى
…
قلبه يذكى غليلا
ملهب الأحشاء مضنى
…
بالنّوى أضحى عليلا
ذاب شوقا وحنينا
…
وسقاما وأنينا
وشئون المقلتين
…
تسكب الدّمع المعينا (1)
ومنذ ابن عبد ربه صاحب العقد الفريد اعتاد بعض الشعراء الذين نظموا فى الخمر والمجون أن ينظموا بعض زهديات مكفرة عن أشعارهم الماجنة، وصنع ذلك بعض الوشاحين، ونرى ابن الصباغ ومعاصره ابن عربى يختمان بعض موشحاتهما الدينية بخرجات لموشحات ماجنة نظمها بعض الوشاحين، ونفس هذه الموشحة الأولى لابن الصباغ ختمها بقوله:
وبلينا وابتلينا
…
واش يقول الناس فينا
قم بنا يا نور عينى
…
نجعل الشكّ يقينا
وهذه الخرجة لموشح ابن الصباغ هى نفس خرجة ابن بقى للموشحة الثامنة فى جيش التوشيح وهى موشحة ماجنة وفيها يقول ابن بقى فى أول أغصانها:
قم بنا نجلو الكؤوسا
…
تحت أظلال السحاب
نتعاطاها عروسا
…
حليها درّ الحباب
قهوة تعطى النفوسا
…
عزّ أيام الشباب
وكأن ابن الصباغ يريد أن يكفر لابن بقى عن موشحته باستعارته لخرجتها، ولعله يريد أيضا أن يلفت عنها الشباب وقد دارت فى أفواههم إلى موشحة نبوية لعلها تدور مثلها على شفاههم. وموشحته الثانية فى التشوق إلى مكة وطيبة على ساكنها الصلاة والسلام. ختمها بخرجة استعارها من موشحة لابن خزر البجائى منشدا كما يقول عند المقام النبوى:
ثغر الزّمان الموافق
…
حيّاك منه بابتسام
وكأن نزول ابن اللبانة الوشاح الأندلسى ببجاية لم يذهب هدرا، فقد نشأ بها-فيما بعد- ابن خزر على غراره. وكما أن ابن خزر نشأ على غرار ابن اللبانة فإن ابن الصباغ نشأ-فى رأينا-على غرار ابن بقى الذى أقام طويلا فى سلا والمغرب الأقصى، وسنراه ينظم موشحات مكفرة عن بعض موشحات أخرى. ولم يوضح المقرى هل ابن الصباغ مغربى أو أندلسى ويؤكد أنه مغربى أن كتب التراجم والموشحات الأندلسية لم تذكره، ونفس تكفيره عن موشحة لابن خزر البجائى يدل أو يؤكد أنه مغربى، وموشحاته إنما عرفت فى مراكش بتقديمها للمرتضى الموحدى. وتدل خاتمة موشحته الثالثة أنها مكفرة عن موشحة لابن بقى فى التغنى
(1) شئون العين: مجارى الدمع. المعين: السائل الغزير.
بمديح بنى عشرة قضاتها وخاصة يوسف بن القاسم بن عشرة. والموشحة الخامسة مكفرة أيضا لموشحة لابن بقى جعل خرجتها خاتمة لموشحة له على هذا النمط:
ليتنى رمله على شطّ البحر
…
يا ابنى أو أطوم (1)
وترى عينىّ مذ تقلع سحر
…
لبلاد الروم
والخرجة ذكر أولها فى نهاية موشحة ابن الصباغ، وكأن كاتب النسخة لم يعن باستكمالها وهى كاملة فى موشحة دينية مكفرة عند ابن عربى (2) -وبالمثل الموشحة السادسة خاتمتها مشتركة عند ابن الصباغ وابن عربى (3) وتجرى على هذه الصورة:
جنّان يا جنّان
…
اجن من البستان الياسمين
وخلّ الرّيحان
…
بحرمة الرحمن للعاشقين
وقال الدكتور سيد غازى إنها خرجة لابن بقى فى إحدى موشحاته (4). واجتماع ابن الصباغ وابن عربى فى اقتباس هاتين الخرجتين من ابن بقى قد يدل على أن أحدهما حاكى صاحبه. وخاتمة الموشح التاسع عند ابن الصباغ فاتحة لموشحة ابن باجة فى مديح أبى بكر بن تيفلويت حاكم سرقسطة المرابطى:
جرّر الذّيل أيّما جرّ
…
وصل الشّكر منك بالشكر
والشطر الثانى فى الأصل: «وصل السكر منك بالسكر» وعدّله ابن الصباغ ليتلاءم مع موشحه النبوى. واستعار ابن الصباغ خاتمة الموشحة الثانية عشرة الأخيرة من مطلع زجل للزجال المشهور البعبع مع شئ من التعديل على هذه الشاكلة:
يا فلان إن زرت حبّى
…
افتل إذ نووا بالرّسيلا
ليش أخذ عنق الخشيف
…
وسرق فمّ الحجيلا
وأصل المطلع عند البعبع:
يا ليتنى إن ريت حبيبى
…
افتل إذ نووا بالرّسيلا
ليش أخذ عنق الغزيّل
…
وسرق فمّ الحجيلا
والرّسيلا هى الرّسيلة تصغير رسلة أى تؤدة وتمهل، يريد أن يعر؟ ؟ ؟ حبيبه فى ترفق معاتبا له، والخشف ولد الظبية والحجلة طائر فى حجم الحمام: والموشحات حب وهيام
(1) أطوم: سلحفاة.
(2)
انظر ديوان ابن عربى ص 121 وكتاب فى أصول لتوشيح للدكتور سيد غازى ص 108.
(3)
راجع ديوان ابن عربى ص 86.
(4)
انظر فى أصول التوشيح ص 110.