الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأوّل
الجغرافية والتاريخ
1 -
الجغرافية
(1)
السودان جنوبى مصر فى القارة الإفريقية، ويمتد على جانبى نهر النيل من وادى حلفا عند خط عرض 22 شمالا إلى خط عرض 40 - 3 إلى الجنوب، وهى مسافة تقدر بحوالى ألفى ميل طولا وتبلغ المسافة من الشرق إلى الغرب نحو ألف ميل عرضا. وتبلغ مساحة السودان حوالى مليون ميل مربع، وهو ثلاثة أقسام: السودان الشمالى الواقع بين وادى حلفا والخرطوم، والسودان الأوسط الواقع بين الخرطوم وحوضى نهر السوباط وبحر الغزال، والسودان الجنوبى الواقع بين هذين الحوضين والحوض الجنوبى لنهر النيل. وليس هناك حدود طبيعية بين السودان والكنغو ولا بينه وبين الحبشة، واتّفق على خطوط فاصلة بينه وبين القطرين جميعا.
والصحراء تطل على جانبى النيل فى السودان الشمالى وتتخللها تلال صخرية كثيرة، أما فى السودان الأوسط جنوبى الخرطوم فتقل التلال، ويصبح السطح أشبه بسهل، ويمتد السهل شرقا حتى مرتفعات الحبشة وجنوبا شاملا السودان الجنوبى حتى هضبة البحيرات الاستوائية. ويرفد النيل من الحبشة نهران: نهر النيل الأزرق ويصب فيه مياهه بالقرب من الخرطوم، ونهر عطبرة ويصب فيه شمالى مدينة الدامر حاملا ذخيرة كبيرة من الطمى. وأخصب أجزاء السودان أوسطه أو بعبارة أخرى السودان الأوسط، ففى شرقيه حتى تلال الحبشة سهل طميىّ خصب يحتضنه النيل الأزرق من جهة والنيل الأبيض من جهة ثانية، ويسمى أرض الجزيرة، وتبلغ مساحته نحو مليون فدان وتجود فيه الحبوب والقطن. وغربى السودان الأوسط سهول رملية تمتد حتى مرتفعات كردفان بل حتى جبل مرة فى دارفور وما وراءه وأيضا حتى جبال النوبة وخط تقسيم المياه بين حوض النيل وحوض بحيرة تشاد. وهذا الغرب كله مراع واسعة يتجول فيه أهله صيفا وراء قطعانهم من الأنعام: الإبل والأغنام ويزرعون فى بعض البقاع الذرة والدخن، ويعنى سكان جبال النوبة بالزراعة وخاصة زراعة القطن.
وفى الشرق الاقليم بين حوضى النيل الأزرق وعطبرة يسمى سهل البطانة وتكثر فيه التلال
(1) انظر فى جغرافية السودان كتاب السودان ووادى النيل للدكتور محمد عوض محمد والجغرافية البشرية للدكتور إبراهيم رزقانة ودائرة المعارف الإسلامية.
كلما اتجهنا شرقا حتى مدينة كسلا، وعندها يظهر خط الجبال الذى يفصل بين نهاية سهل البطانة وبداية جبال إريتريا. وفى هذا السهل مراع واسعة ومناطق زراعية على شواطئ النيل ونهر عطبرة ويزرعون الحبوب والقطن.
وعلى شواطئ النيل فى السودان الشمالى تزرع الذرة، وشرقى السودان الشمالى سهول تمتد شرقا حتى البحر الأحمر وشمالا حتى الصحراء الشرقية فى مصر، وتسكنه قبائل مختلفة أهمها البجّة وتكثر فيه المراعى ويعيش سكانه على الرحلة وراء أنعامهم من مرعى إلى مرعى. ويختلف فيه زمن نزول المطر ففى الصيف يسقط فى الداخل، ويتزايد من الشمال إلى الجنوب، وفى الشتاء يسقط على الساحل والتلال الشرقية. وأهل البجة الشماليون يسمون البشاريين، وأكثر عملهم فى مناجم الذهب، وأهل العشائر القريبة من ميناء بورسودان على البحر الأحمر يعمل كثيرون منهم فيها، والعشائر النازلة بين كسلا وسنكات فى الطريق إلى بورسودان يعملون فى دلتا خور القاش حيث يزرعون القطن والذرة، وأبناء عمومتهم النازلون على حدود إريتريا يزرعون القطن فى دلتا خور بركة عند طوكر.
والسودان الجنوبى الممتد جنوبى نهر السوباط وبحر الغزال تغطيه الحشائش والأدغال شمالا، ويتحول فى الجنوب إلى مستنقعات تغطّيها الغابات والبردى وحشائش مختلفة. وتؤثر هذه النباتات تأثيرا كبيرا على مياه النيل المنحدرة من بحيرة البرت إلى بحر الغزال إذ تفقد نحو نصفها بسبب سدود النباتات التى تعترض مسيرتها، كما تعترض مسيرة بحر العرب المنحدرة مياهه شرقا إلى بحر الغزال. وتجرى فى هذه المنطقة روافد عديدة للنيل وترتفع بها بعض أجزاء يبنى عليها سكانها قراهم ويرعون أنعامهم، ويزرعون بعض بقاعهم، مع ملاحظة أن المستنقعات تكثر كثرة مفرطة فى أقصى الجنوب. وبجانب الزراعة أحيانا والمراعى يصيدون من المياه الأسماك ومن الغابات المجاورة بعض الحيوانات وخاصة فى الأنحاء الغربية.
والمناخ فى السودان الشمالى شديد الحرارة صيفا. وهى شدة تظل من شهر أبريل إلى شهر أكتوبر، وتبلغ فى أكثر الأحيان 40 م ويزيد الجوّ الحار قسوة وشدة ما تحمله رياح السودان المحلية المسماة بالهبوب من الرمال. والسودان الأوسط والجنوبى شديدا الحرارة أيضا إلا أن حرارتهما لا تبلغ فى الشدة مبلغ حرارة الإقليم الشمالى صيفا، وأحرّ شهور السودان الجنوبى شهور يناير وفبراير، ثم يأخذ مطر الصيف فى النزول فيقلل درجة الحرارة تدريجا. ودرجة الحرارة فى دارفور أقل منها فى كردفان والخرطوم لأنها أكثر منهما ارتفاعا فوق مستوى سطح البحر. والمطر فى السودان الجنوبى غزير، ويبدأ فصله هناك من شهر مارس، ويأخذ فى الازدياد بالأشهر التالية ويبلغ الذروة فى شهرى يولية وأغسطس، ثم يأخذ فى التناقص حتى شهر نوفمبر، وأشهر ديسمبر ويناير وفبراير هناك أشهر الجفاف.