الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى القرن الحادى عشر يردّ على ما كتبه العبدرى عن طرابلس فى القرن السابع وذمه لها وقدحه فيها فقد زارها فى رحلته سنة 1059 هـ/1650 م ويصفها قائلا:
رحلة (1) ابن ناصر
هو أحمد بن محمد بن ناصر رئيس الطريقة الناصرية بتمكروت (قرية بوادى درعة جنوبى مراكش) وقد ولد بها لأبيه شيخ الطريقة سنة 1057 هـ/1647 م وعنى بتربيته وتثقيفه، واختلف إلى حلقات العلماء بفاس، وحج مرارا وكانت آخر حجة له سنة 1121 هـ/1709 م وبعد هذه الحجة كتب رحلته، وفيها سجل كثيرا عن الحركات العلمية فى البلدان العربية، ولذلك، تعد مصدرا مهما للتعرف على النشاط العلمى بها وشيوخها حينذاك. ومن قوله فى وصف موجة للحرارة عاناها مع رفاقه فى أحد شعاب الحجاز:
«نزلنا غربى الأكرة بين العشاءين، وفى هذه المسافة لما توجهنا عام تسعة (1109 هـ) هبّت على الناس ريح السموم، من نضيج اليحسوم، واشتد الحر وتوالى الكرب على الناس، وضاعت الحيل والإيناس، واشتد العطش على الرجال والجمال، يشرب كلّ، ولا يغنى شربه، بل يتزايد بتناول الماء كربه، لا يبين القدح والماء عن فيه إلا وتزايدت حرارة العطش له. فبركت الإبل وفرّت لظلال الأشجار، وتدخل رأسها فى أدنى ظل يبدو لها وإذا بركت لا تكاد
(1) انظر فى
رحلة ابن ناصر
والنص المقتبس منها كتاب الحياة الأدبية فى المغرب على عهد الدولة العلوية ص 172 وما بعدها.
تقوم ولو قطّعت إربا إربا. واشتدت الحال وبلغت القلوب الحناجر، وكلحت الوجوه، واغبرّت الغرر وتغيرت، واسودّ أبيضها وتنكرت، فترى الرجل لا باس به (سليما) فإذا به يخشى عليه الفوت، فإذا أوتى بالماء سبقه إليه الموت. وهلك من الناس كثيرون ومن الإبل أكثر، وترك الناس بضائعهم وأحمالهم مشحونة بأزوادهم وما به قوامهم، فتاهت فى الفلوات، وذهبوا بأنفسهم فى طلب النجاة. يوم يذكّر بالموقف والعرض، (فى يوم القيامة، وضاقت الدنيا على سعتها فى الطول والعرض، يود الإنسان لو يجد السبيل إلى باطن الأرض، الناس فيه حيارى، وتراهم سكارى وما هم بسكارى. مات من المغاربة زهاء الستين بالعطش من نساء وصبيان ورجال وولدان».
وهذا اليوم الشديد الحرارة لم يحدث له فى حجته الأخيرة إنما حدث له فى حجته الثالثة سنة 1109 ورحلته بذلك تتضمن أهم المشاهد التى رآها أو صادفها فى رحلاته المختلفة إلى الحج. والرحلة بأسلوب مرسل غير أنه يسجع فيها أحيانا على نحو سجعه فى مشهد هذا اليوم الحار وهى طرفة من طرف الرحلات المغربية. وتوفى سنة 1129 هـ/1717 م.
رحلة (1) الوزير الغسانى
هو أبو عبد الله محمد بن عبد الوهاب الملقب بالوزير الغسانى وزير السلطان إسماعيل العلوى المتوفى سنة 1119 هـ/1708 م وقد أرسله السلطان فى سفارة إلى ملك إسبانيا للتفاوض فى افتداء الأسرى المسلمين ولمحاولة استرجاع الكتب العربية الباقية عندهم فى المساجد الأندلسية القديمة، ولما عاد إلى وطنه فى المغرب الأقصى كتب رحلة وصف فيها إسبانيا سماها:«رحلة الوزير فى افتكاك الأسير» وكان دقيق الملاحظة، فحملت رحلته ملاحظات مهمة عن إسبانيا فى الفترة التى زارها فيها، وهى مكتوبة بأسلوب مرسل طليق لا أثر للصنعة فيه، ومن قوله فى استقبال الملك الإسبانى له:
«حين قربنا من باب القصر لقينا وكيل الميوردوم. . فسلّم ورحّب ودخل بنا الدار. . فجعلنا نمرّ بجماعات من الأعيان والأكابر، فيسلمون ويقف كلّ عند حدّه، إلى أن دخلنا قبة كبيرة ببابها كاتب الديوان الكبير، وهو رجل كبير السن بلغ منه الكبر إلى أن انحنى فلقينا أحسن الملاقاة. . ودخل بناقبة أخرى لها باب، وفى هذه القبة وجدنا الطاغية واقفا على قدميه، وقد جعل فى عنقه سلسلة من ذهب، وتلك هى عوائد ملوك العجم، إذ هى عندهم بمثابة
(1) انظر فى هذه الرحلة الحياة الأدبية فى المغرب على عهد الدولة العلوية ص 156 وما بعدها. وهى مطبوعة بطنجة.