الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحنو على مسكينهم بتعطّف
…
ويسدّ ثلمهم يخفض جناح
فلذا تراهم يلهجون بذكره
…
لا يطربون بغير هذا الرّاح (1)
فالله يبقيه ويجعل سعيه
…
فى كل ما يهوى قرين نجاح
والمضوى يقول إن الزبير فخر «سنار» الذى أتاح لها عظمة ومجدا، والذى عمّ جوده بها جميع الساحات، ويذكر أن عظماءها تواضعوا له لما أسبغ الله عليه من نعم: فطنة ونزاهة ومروءة. وإنه ليسد ثلمهم وكل ما ينزل بهم من خطوب مع تواضع شديد، ولذلك يولعون بذكره ولا يطربون إلا لترداد اسمه وكأنه خمر مسكرة لهم. ويدعو له بطول العمر وأن يوفق فى كل ما يسعى إليه مقترنا بالنجاح المنشود. ويمدح عبد الرحمن شوقى السيد على الميرغنى، وكان فيما يبدو رئيس الطائفة الميرغنية الصوفية-قائلا (2):
بكم-آل طه ما حييت-متيّم
…
وفيك مديحى دون غيرك يا على
ومن ذا يرى فى العمر وجهك مرّة
…
تقرّ به عيناه يوما وتمتلى
فيسلو هوى آل النبىّ، وحبّهم
…
جرى فيه مجرى الروح فى كل مفصل
وإنك للإسلام ركن وموئل
…
لتحفظه يا خير ركن وموئل
ورثت كريم المجد عن أكرم الورى
…
ونور الهدى عن وجهه المتهلّل
وهو يقول إننى متيم صبابة بحب آل طه، حبا يتعمقنى طوال حياتى، وإنّي لأقصر عليك- لهذا النسب الكريم-مديحى، وإن من يرى وجهك فى حياته مرة تقرّ به عيناه وتمتلئ فرحا ولا يستطيع سلوا عن حب آل النبى، وكيف يسلوهم وحبهم يسرى فيه مسرى الروح فى أعطاف الجسد ومفاصله، وإنك لركن للإسلام وحصن لتصونه، يا خير ركن له وحصن، وقد ورثت عظيم المجد عن أعظم الورى محمد، وورثت نور الهدى عن وجهه المتهلل المضيئ. ونتوقف قليلا لنترجم لشاعرى المهدى: حسين زهراء ومحمد عمر البناء.
الشيخ حسين (3) زهراء
ولد الشيخ حسين إبراهيم زهراء حوالى سنة 1248 هـ/1833 م بقرية وادى شعير فى المسلمية جنوبى الخرطوم بنحو 150 كيلو مترا لأبوين عباسيين، وتوفى سنة 1313 هـ/1895 م. عنى أبوه بتعليمه لما لاحظ من فطنته وذكائه، وبعد حفظه للقرآن الكريم أخذ ينهل من حلقات علماء الدين. وفى نحو العشرين من عمره رحل إلى القاهرة والتحق بالأزهر، وظل فيه سبع سنوات مكبا على حلقات شيوخه، حتى إذا اكتمل زاده العلمى عاد
(1) الراح: الخمر.
(2)
شعراء السودان لسعد ميخائيل (طبع القاهرة). ص 202.
(3)
انظر فى ترجمة
الشيخ حسين زهراء
نفثات اليراع ص 89 وشعراء السودان ص 6 وشعراء الوطنية ص 65 و 322 وما بعدها.
إلى موطنه، والتف حوله كثير من الطلاب السودانيين يفيدون من علمه. ولما قام المهدى بثورته ظل فترة ينتظر مصيرها، حتى إذا انتصر المهدى على حملة هكس باشا الإنجليزى فى الأبيض وأبادها وفد عليه، فقابله بغير قليل من الحفاوة إلا أنه لم يسارع إلى تعيينه فى وظيفة من وظائف دولته الكبرى، فنظم قصيدة همزية طويلة بها تلميحات إلى ما ينبغى على المهدى من عناية بالعلماء من أمثاله وإسناد الوظائف المهمة إليهم. ويبدو أن المهدى لم يعجبه منه هذا التلميح، وقدم إليه مدائح أخرى، وظل غاضّا بصره عنه. حتى إذا تولى بعده رياسة الدعوة المهدية خليفته عبد الله التعايشى استقدمه وعهد إليه بتدريس مادتى الحديث النبوى وعلم الفرائض (المواريث). وخلت وظيفة قاضى القضاة فعينه فيها ولقبه بلقب قاضى الإسلام، وكان يحق الحق لا يبالى بأحد، فعرضت عليه قضية ومعها فتوى تهم الخليفة التعايشى، فحكم فيها بالحق الذى يقتضيه الشرع. وعزله التعايشى فنظم فيه قصيدة هجاء فسجنه، ويقال إنه منع عنه الأكل والشرب فتوفى صبرا. وكان شاعرا بارعا، وقصيدته الهمزية فى مديح المهدى طويلة، ومن تلويحاته فيها له بما ينبغى فى دولته من تقديم العلماء قوله فى تضاعيفها:
برح الخفا ما الحقّ فيه خفاء
…
وتوالت الآيات والأنباء
بالآية الكبرى التى بظهورها
…
كمل الرّضا وانجابت الأسواء (1)
مهدىّ ربّ العرش منتظر الورى
…
والى الولى والأكرمون وراء
علماء أمة أحمد ناشدتكم
…
ردّوا جوابى إنكم علماء
أرضى وترضون الضلال بعيد ما
…
ظهر الهدى وانجاب عنه قذاء
ويخيب ظنى فيكم وعشيرتى
…
أنتم ويقمع جمعنا الغرباء (2)
جهل الولاة أمات دين محمّد
…
وأهيله ماتوا وهم أحياء
وهو يهلل لظهور الحق وتوالى العلامات والأنباء بظهور الآية الكبرى المتجسدة فى المهدى والتى كمل للشعب السودانى بها الرضا وانزاحت الأسواء والشرور، فقد أظهر رب العرش المهدى منتظر الأمة السودانية. ولا يلبث فى الشطر الثانى أن يقول إنه يقدّم من بادروا إلى بيعته، بينما يؤخر الفضلاء ويبعدهم وراءهم، ويناشد علماء الأمة أترضون هذا الضلال، بعد ما اتضح الهدى وانحسرت الأقذاء عنه، ويخيب ظنى فيكم ويقهرنا الغرباء، ويتمادى الولاة فى جهلهم. ويتساءل ثانية أماتت شريعة محمد وأهلها من العلماء وهم أحياء. والقصيدة تحمل حملة عنيفة على المهدى وأوليائه وأنصاره الذين يقربهم قربى رفيعة. ويمدحه بقصيدة عينية يقول فيها:
(1) أسواء جمع سوء
(2)
بقمع: يقهر.