الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عماد الهدى أسّ الجدا معدم العدا
…
بدا وإليه الناس فى الأرض نجّع (1)
ملاك أساطين الخلافة كفؤها ال
…
معدّ لها الحصن الحصين الممنّع
إمام الهدى الهادى لكلّ ومرشد
…
بهامته التاج النفيس المرصّع
به أخبرت من قبل وقت ظهوره
…
صحاح رواها هبرزىّ وموضع (2)
وهو يقول إن المهدى العماد الذى يقوم عليه الهدى وأس العطاء ومميت الأعداء، ظهر والناس يطلبونه هو وعطاياه، إنه ملاك، ونعم الكفء المعد لأعمدة الخلافة والحصن الحصين، إمام الهدى الهادى المرشد لكل الناس، وإن رأسه ليزدان بتاج الهدى النفيس المرصّع. ويبالغ حسين زهراء مبالغة مفرطة إذ يقول إن أحاديث صحاحا بشّرت به قبل ظهوره، رواها محدث مقدام مسرع فى خطاه. ويمدحه بقصيدة دالية، وفيها ينشد:
الأمر جدّ والخطوب جداد
…
وجنود مهدىّ الورى أمجاد
حرب بمحراب الهدى من بأسه
…
بشتاتها تتزلزل الأطواد (3)
لم لا وأملاك السموات العلا
…
فى جيش مهدىّ الورى أجناد
للحق جاء وللمناكر قاتل
…
وعلى الفعال من المقال مزاد
والقصيدة حماسية، وبدأها حسين الزهراء بأن الأمر جد والخطوب متجددة وجند المهدى أمجاد أبطال، وإن حربا يقودها المهدى من محراب الهدى لتتزلزل لها الجبال، إذ ليس جندها من أسود السودان الأشداء فحسب، فإن الملائكة من السموات الرفيعة تشترك معهم فى الحرب تؤيدهم وتنصرهم، ولا عجب فقد جاء المهدى لإقرار الحق وإزالة كل منكر، وإن فعاله لأعظم من أن يحيط بها مقال.
الشيخ محمد (4) عمر البناء
ولد
الشيخ محمد عمر البناء
فى رفاعة بإقليم الجزيرة سنة 1264 هـ/1848 م وتوفى سنة 1336 هـ/1918 م وحاول الاشتغال بالتجارة فى مطالع شبابه وخسرت تجارته، فتركها إلى حلقات الشيوخ ينهل منها، وفى الثالثة والعشرين من عمره رحل إلى القاهرة واختلف إلى دروس شيوخه مدة غير قليلة، وعاد إلى موطنه. ولما قام المهدى بدعوته هاجر إليه وبايعه وأخلص فى بيعته، وامتدحه وأصبح شاعره وشاعر دعوته، ولزمه ولزم خليفته عبد الله
(1) نجع جمع ناجع: طالب الكلأ.
(2)
هبرزى: شجاع مقدام. موضع: مسرع فى خطاه.
(3)
الأطواد: الجبال.
(4)
انظر فى ترجمة الشيخ محمد عمر البناء وشعره نفثات اليراع ص 100 وشعراء السودان ص 273 وكتاب الشعر الحديث فى السودان للدكتور محمد إبراهيم الشوش ص 30 وما بعدها وفى مواضع مختلفة (نشر معهد الدراسات العربية العالية بالجامعة العربية) وشعراء الوطنية فى السودان طبع دار جامعة الخرطوم ص 88 و 317 وما بعدهما.
التعايشى، وقرّبه منه، وجعله بمنزلة مستشار له، ولما انتهى عهد التعايشى والدعوة المهدية عيّنته الحكومة الثنائية قاضيا ثم مفتّشا للمحاكم الشرعية إلى أن لبّى نداء ربه. وكان شاعرا مجيدا، بل كان أبرع شعراء السودان فى زمنه، ويتميز بأسلوب جزل رصين، وشعره فى المهدى والدعوة المهدية يكتظ بحماسة قوية على نحو ما نرى فى تائيته التى طارت شهرتها، وهو يستهلها بقوله:
الحرب صبر واللقاء ثبات
…
والموت فى شأن الإله حياة
والجبن عار والشجاعة هيبة
…
للمرء ما اقترنت بها العزمات
والصبر عند البأس مكرمة ومق
…
دام الرجال تهابه الوقعات
والفخر كلّ الفخر بيع النّفس لل
…
هـ العلىّ وأجرها الجنّات
إن الجهاد فضيلة مرضيّة
…
شهدت بمحكم أجرها الآيات
قد حاز هذا الافتخار جميعه
…
صحب الإمام السادة القادات
وهو يقول لأنصار المهدى محمسا لهم: الحرب صبر واللقاء ثبات واستماتة، وإنها لحرب عظيمة فى نصرة دين الله، والجبن والقعود عنها عار لا يماثله عار، وما أعظم الشجاعة المقترنة بالعزيمة وما أعظم الصبر حتى الموت، بل إن الموت ليهاب شجعان الرجال، وإن بيع النفس لله العلى فخر لا يماثله فخر لعظم الأجر من الجنات ونعيمها الخالد، إنها ليست حربا بل جهادا فى سبيل الله ودينه الحنيف الذى نزل القرآن الكريم بمحكم أجره وثوابه من مثل قوله:{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْااتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} ويقول إن هذا الفخر جميعه حازه صحب المهدى وقواده. ويشيد بجهادهم فى نشر الدعوة المهدية منشدا:
قوم إذا حمى الوطيس رأيتهم
…
شمّ الجبال، وللضعيف حماة
ولباسهم سرد الحديد وبأسهم
…
شهدت به يوم اللّقا الغارات
وخلوقهم صدأ الدروع، لحزمهم
…
قتل الأعادى عندهم عادات
فى السّلم تلقاهم ركوعا سجّدا
…
أثر السجود عليهم وسمات
وتخالهم يوم الجلاد ضراغما
…
أسد وأسل رماحهم غابات
ركبوا الجياد وغادروا شلو العدا
…
رزق النّسور ولحمهم أقوات
والأرض سالت بالدماء وما بها
…
غير الجماجم والشعور نبات
فهم قوم بواسل إذا دارت رحا الحرب رأيتهم جبالا شاهقة لا ينالها أحد، وهم مع ذلك حماة لكل ضعيف يأخذون بيده، لباسهم دروع متينة النسج، والغارات تشهد بشجاعتهم الخارقة، وليس لهم طيب إلا صدأ الدروع، مع اكتمال حزم فى قتل الأعادى والتنكيل بهم.