الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
التاريخ
(1)
نلتقى فى التاريخ بكتب مختلفة ومن أوائلها كتاب «أخبار الأئمة الرستميين» لابن الصغير ومعروف أنها دولة إباضية أقامها عبد الرحمن بن رستم وأبناؤه من سنة 160 للهجرة إلى سنة 296 للهجرة، وقد ألممنا بها فى حديثنا عن تاريخ الجزائر، وكتاب ابن الصغير ينتهى حول سنة 290 فى حكم أبى حاتم يوسف (281 - 294 هـ). ولم يكن ابن الصغير إباضيا غير أنه يعرض أخبار الدولة وأئمتها عرضا حياديا ويصور ما كان يأخذ به أئمتها الرعية من العدل وما كانوا يحاولونه من ازدهار الأحوال الاقتصادية والفكرية، كما يصور ما حدث من مناظرات بين المذهب الإباضى ومذهب المعتزلة مما عرضنا له فى غير هذا الموضع. وكان المظنون أن يعنى بعض الجزائريين بتاريخ دولة بنى حماد فى القلعة وبجاية، فيكتب تاريخها مفصلا، غير أنه تكفل بذلك البيان المغرب لابن عذارى وتاريخ ابن خلدون وأعمال الأعلام لابن الخطيب.
أما تاريخ دولة بنى عبد الواد أو بنى زيان فى تلمسان فقد عنى بتاريخها وعرض حكّامها وأعمالهم مؤرخان: يحيى بن خلدون ومحمد بن عبد الله التنسى ويتوسط بينهما ابن قنفذ ولكن لا يكتب عن الدولة الزيانية وإنما يكتب عن الدولة الحفصية بتونس. أما يحيى بن خلدون المتوفى سنة 780 هـ/1379 م فيؤلف كتابا عن دولة بنى زيان باسم «بغية الرواد فى ذكر الملوك من بنى عبد الواد» حققه وقدم له وعلق عليه الدكتور عبد الحميد حاجيات، والكتاب فى القسم الأول يتحدث عن أصل قبيلة بنى عبد الواد وماضيها والبلاد التى حكموها وعاصمتهم تلمسان ويستطرد إلى ذكر علمائها وصلحائها ويترجم لمائة وتسعة منهم ثم يتحدث عن الدول التى ملكت تلمسان قبل بنى عبد الواد واستقرارهم بنواحيها. وفى القسم الثانى يترجم لمؤسس الدولة يغمراسن وخلفائه حتى استيلاء أبى الحسن المرينى على تلمسان وعودة الحكم إلى بنى عبد الواد. ويخص القسم الثالث بالحديث عن عهد أبى حمو الثانى حتى سنة 776 هـ/1375 م.
وكتب ابن قنفذ القسنطينى المتوفى سنة 809 هـ/1407 م كتابا مجملا عن الدولة الحفصية فى تونس بعنوان: الفارسية فى مبادى الدولة الحفصية. ثم يكتب محمد بن عبد الله التنسى المتوفى سنة 899 هـ/1499 م كتابا تاريخيا أدبيا بعنوان «نظم الدر والعقيان فى بيان شرف بنى زيان» وجعله فى خمسة أقسام كبيرة وزعها على أبواب، والقسم الأول فى سبعة أبواب قدّم فى ستة أبواب منها لتاريخهم بحديث طويل عن أسلافهم ونسبتهم إلى قريش وآل البيت وتاريخ الأدارسة فى المغرب. وهى أبواب تسبق الباب السابع الخاص بتاريخ بنى زيان ملوك
(1) انظر فى التاريخ الكتب المذكورة خلال هذا الحديث.
تلمسان، وينتهى القسم الأول فى الكتاب، ويتبعه بأربعة أقسام فى السياسة وفى طرف من الأخبار والنوادر من النثر والشعر. ونشر الباب السابع من القسم الأول الخاص بتاريخ ملوك بنى زيان حتى عصر المتوكل (866 - 873 هـ) الدكتور محمود بوعياد محققا له ومعلقا عليه ومقدما له.
ونمضى إلى العهد العثمانى فيكتب إبراهيم المرينى البجائى كتاب عنوان الأخيار فيما مر على بجاية من الأخبار فى القرن العاشر الهجرى مؤرخا ما مرّ بها من الأحداث فى استيلاء العثمانيين عليها بعد استيلاء الإسبان، ويكتب معاصر له يسمى بركات الشريف كتابا يصور فيه هزيمة شارل الخامس أمام مدينة الجزائر واستيلاء خير الدين (برباروس) عليها ويتحدث عنه وعمن خلفه من ولاة العثمانيين فى القرن العاشر الهجرى. والكتابان المذكوران لم ينشرا حتى الآن. ويستولى محمد بكداش على مدينة وهران من يد الإسبان سنة 1119 هـ/1708 م فيكتب محمد ميمون عنه وعن هذا الفتح كتابا باسم: التحفة المرضية فى الدولة البكداشية، ويستعيدها الإسبان سنة 1145 هـ/1733 م ويستردها الباي محمد الكبير سنة 1205 هـ/1791 وتنطم فى فتحه لها قصائد كثيرة.
وتكتب فى السيرة النبوية مؤلفات كثيرة فى العصور المتأخرة وربما كان أهمها عنوان الأنوار فى آيات النبى المختار لعبد الرحمن الثعالبى المتوفى سنة 875 هـ/1470 م وتنظم فى الرسول مدائح كثيرة تتناول سيرته وتشرح شروحا مطولة، ولأحمد البونى فى العصر العثمانى سيرة نبوية بديعة باسم تنوير السريرة بذكر أعظم سيرة.
ومنذ القرن السابع الهجرى تتكاثر كتب التراجم عن العلماء فى البلدان الكبرى بالجزائر، ومما نشر منها كتاب «عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء فى المائة السابعة ببجاية» لأحمد الغبرينى المتوفى سنة 704 هـ/1305 م وبينهم كثيرون من علماء المائة السادسة.
ويكتب محمد بن مرزوق جد المرازقة المتوفى سنة 780 هـ/1379 م كتابا عن السلطان أبى الحسن المرينى باسم «المسند الصحيح الحسن فى مآثر ومحاسن مولانا أبى الحسن» انتهى منه سنة 772 هـ/1371 م لخص فيه تاريخ الدولة المرينية ثم أرّخ لأبى الحسن تاريخا مفصلا. ولا نبالغ إذا قلنا إن أروع ما خلفه الجزائريون فى التراث العربى التاريخى والحضارى كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية لأبى الحسن على الخزاعى التلمسانى المتوفى سنة 789 هـ/1388 م والكتاب نفيس إلى أبعد حد، إذ يصور تاريخ الحضارة الإسلامية فى أقدم عهودها وما يتصل بها فى عهد الرسول وصدر الإسلام من الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والكتاب بحق مفخرة من مفاخر علماء الجزائر فى العصور الماضية.
ويؤلف ابن القنفذ المار ذكره كتاب الوفيات لأعلام الصحابة والعلماء والمحدثين والمؤلفين استهلّه بانتقال سيد الأولين والآخرين محمد صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، ثم رتبه على العقود أو على العشرات فى كل مائة يذكر أشهر من توفوا فيها حتى العشرة الأولى أو العقد الأول من المائة التاسعة أو بعبارة أدق إلى قبيل وفاته سنة 809 وقيل بل سنة 811 للهجرة وكان له كتاب فى طبقات علماء قسنطينة وهو مفقود، وحقق له الأستاذ محمد الفاسى وأدولف فور كتابه أنس الفقير وعز الحقير فى رجال من أهل التصوف كأبى مدين شعيب وأصحابه. ومن حينئذ يتكاثر تأليف الجزائريين فى المتصوفة كثرة مفرطة، من ذلك ترجمة ابن مرزوق الحفيد المتوفى سنة 842 هـ/1432 م للشيخ إبراهيم بن موسى الصنهاجى. وكان الشيخ محمد السنوسى المتوفى سنة 895 هـ/1490 م محدثا وفقيها كبيرا وكان فيه نزوع قوى إلى التصوف وترجم له غير واحد من تلاميذه وممن ترجم له منهم أحمد العبادى ومحمد بن عمر الملاتى وسمى ترجمته:«المواهب القدسية فى المناقب السنوسية» ولابن صعد المتوفى سنة 901 هـ/1495 م كتاب النجم الثاقب فى الصلحاء والمتصوفة بعامة، وله كتاب روضة النسرين فى مناقب الأربعة المتأخرين: محمد الهوارى وإبراهيم التازى والحسن أبر كان وأحمد الغمارى.
ويكبّ العلماء فى العهد العثمانى على الترجمة لمشايخ الطرق. ومن أهم كتب التراجم التى تجمع فى هذا العهد بين العلماء والمتصوفة كتاب البستان فى ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان لابن مريم وهو كتاب نفيس انتهى من تأليفه ابن مريم سنة 1011 هـ/1602 م. وهناك كتابان لا يقلان نفاسة عن كتاب البستان بل يتفوقان عليه تفوقا واضحا، هما أزهار الرياض فى أخبار عياض وما يناسبها مما يحصل به ارتياح وارتباض» وكتاب نفح الطيب فى أخبار الأندلس وابن الخطيب لأحمد بن محمد المقرى المتوفى سنة 1041 هـ/1632 م وهو يترجم فى القسم الثانى من أزهار الرياض لحافظ سبتة وفقيهها: عياض كما يترجم فى القسم الثانى من نفح الطيب لابن الخطيب أما فى القسم الأول فى الكتابين فيفيض فى أخبار الأندلس وتراجمها بحيث يصبح الكتابان موسوعتين تاريخيتين حضاريتين للأندلس على مر التاريخ، وقد نقل فيهما عن كتب فقدت أو فقد الكثير منها مع مر الزمن وقد أشرت فى سنة 1953 حين نشرت ما بقى من أوراق كتاب المغرب فى حلى المغرب من أخبار الأندلس لابن سعيد فى مجلدين أنه كاد ينقلهما إلى نفح الطيب، ومع ذلك تظل له أهمية كبيرة فى التعريف بالأندلس وتاريخها الحضارى. ونلتقى بعده فى العهد العثمانى بكثيرين يترجمون لكبار المتصوفة وخاصة أصحاب الزوايا فى كتب وأراجيز على نحو ما يلقانا لأحمد بن قاسم البونى بأوائل القرن الثانى عشر الهجرى فى أرجوزته: الدرة المصونة فى علماء وصلحاء بونة (عنابة) وهى أرجوزة طويلة. وللبونى كتاب فى تراجم مشاهير النحاة سماه «فتح المستبين فى تراجم بعض مشاهير النحاة واللغويين» .