الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأوّل
الجغرافية والتاريخ
1 -
الجغرافية
(1)
تقع موريتانيا فى الشمال الغربى من إفريقيا جنوبى المغرب الأقصى والجزائر، وفى أقصى شمالها الشرقى الصحراء الغربية، ويحاذيها فى الغرب المحيط الأطلسى، ويشغل الشرق منها دولة مالى، وتحاذيها فى الجنوب دولة السنغال واسمها تحريف لكلمة صنهاجة التى نزلت بها قبائلها البربرية وامتدت إلى نهر النيجر وشواطئه وإلى إقليم مالى.
وهى تشغل الجزء الغربى من الصحراء الكبرى التى تمتد حزاما بين بلاد السودان والبلاد المغربية، وتتناثر على رقعتها مناطق جبلية أشبه بهضاب متسعة، ونلتقى فيها من حين إلى حين بآبار وواحات صغيرة، وقد نمضى مائة كيلومتر دون أن نعثر على بئر أو ماء، مما يجعل القوافل المارة بها فى حاجة إلى دليل يقودها لا سيما على الطرق التجارية الذاهبة إلى السودان والآيبة منه، وسطحها رمال سائلة وكثبان متنقلة، تنقلها الرياح والعواصف الشديدة من مكان إلى مكان، وطمرت-على مر العصور-كثير من القرى والبلدان، والجو-وخاصة فى الصيف-شديد الحرارة، ويعتدل فى المناطق الجبلية وعلى ساحل المحيط، وتهب بها صيفا ريح السيروكو الحارّة والمحملة بالرمال، والأمطار بها قليلة قلة شديدة حتى لتنعدم فى بعض الأنحاء. وقد تصبح الصحراء جافة جدا وقاحلة جدا كالمنطقة الجنوبية الشرقية بين آبار أروان وآبار أزواد، وهما فى رمال كالحة لا نبات فيها ولا زرع ولا ضرع، وهما محطتان على الطريق التجارى إلى تمبكتو وبلاد السودان. وحينما توجد آبار تنشأ قرى وبلدان يكثر فيها النخيل والكلأ، ويزرع تحت النخيل فى الخريف الشعير والدّخن والذرة وأحيانا القمح والبطيخ. وتنمو بموريتانيا أشجار صحراوية مثل السّدر والطّلح.
وفى أقصى الشمال الغربى لموريتانيا مدينة الساقية الحمراء التى أسّست سنة 1884 للميلاد،
(1) انظر فى جغرافية موريتانيا كتاب وصف إفريقيا للحسن الوزان فى مواضع متعددة ورحلة ابن بطوطة فى أواخرها حيث وصف رحلة له إلى السودان الغربى وكتاب الوسيط فى تراجم أدباء شنقيط للأستاذ أحمد بن الأمين الشنقيطى
وفى الوسط إلى الغرب إقليم آدرار، وهو جبال شامخة متصلة أشبه بهضبة كبيرة يسير الراكب فيها ستة أيام طولا وخمسة أيام عرضا ومن أهم مدن هذا الإقليم شنقيط وكانت العاصمة الثقافية لموريتانيا حتى نهاية القرن الماضى، ويقال إنها شيّدت بواحة آبير فى القرن السادس الهجرى/الثانى عشر الميلادى، وغلبت عليها الرمال فبنيت فى القرن الثامن الهجرى/الرابع عشر الميلادى. وكانت موريتانيا-من حينئذ-تسمى بلاد شنقيط، ويسمى شعبها الشناقطة، وسميت فى القرن الحاضر باسم «موريتانيا» وهو الاسم القديم الذى كان يطلقه الرومان عليها وعلى المغرب الأقصى. وتقع غربى شنقيط مدينة آطار التى بناها السماسدة فى القرن الماضى. وإلى الجنوب من شنقيط حصن أزكى ومدينة أودغشت اللذان اتخذهما المرابطون فى القرن الخامس الهجرى قاعدة لجيوشهما الناشرة للإسلام فى السنغال وغينيا ومالى. وفى الجنوب الشرقى من إقليم آدرار إقليم تكانت وهو مثله هضبة مرتفعة أو بعبارة أدق جبال متصلة عليها مدن وقرى أهمها مدينة تيججكة التى بنيت منذ ثلاثة قرون وهى كثيرة النخل والزروع، ومن مدن الإقليم مدينة تيشيت فى منطقة رملية وعلى مقربة منها-كما يقول الحسن الوزان-رقعة صالحة للزراعة بها نخيل كثير ورقعة أخرى تزرع شعيرا ودخنا. والماشية نادرة والغنم الصحراوى كثير. ويشتغل أهلها بالتجارة وحمل عروضها أو بضائعها بين السودان والمغرب الأقصى، وهى-إلى ذلك-كانت محطة مهمة للقوافل التجارية. وإلى الشمال الشرقى من شنقيط مدينة وادان وهى مبنية على مرتفعات صخرية وتشرف على واديين بهما نخل كثير، وأهلها أصحاب سبخة إجّل فى الشرق المشهورة بمناجم الملح ومنها يحمل إلى شنقيط وبلاد السودان. وحلّت محل مدينة تغازى التى كان يحمل الملح من مناجمها زمن ابن بطوطة فى القرن الثامن الهجرى، ونزل بها فى رحلته إلى السودان وفيها يقول: «من عجائبها أن بناء بيوتها ومسجدها من حجارة الملح وسقوفها من جلود الجمال، ولا شجر بها، إنما هى رمل فيه معدن الملح يحفر عليه فى الأرض فيوجد منه ألواح ضخام متراكبة كأنها قد نحتت ووضعت تحت الأرض يحمل البعير منها لوحين، ويباع الحمل منه فى ولاته بعشرة مثاقيل ذهبا وفى مالى بثلاثين مثقالا، ويقطع قطعا يتبايع بها كما يتبايع بالذهب والفضة، وقرية تغازى يتعامل فيها بالقناطير المقنطرة من التبر، ويقول الحسن الوزان إنه ليس لعمالها من أقوات إلا ما يجلب لهم من تمبكتو فى السودان أو الدرعة فى المغرب الأقصى الواقعتين على مسافة عشرين يوما من تغازى، وماء آبارها مالح. وفى الجنوب الغربى من موريتانيا مدينة بوتليميت، وهى عاصمتها الثقافية الآن لوجود معهد إسلامى بها وتشتهر الأنحاء فى الجنوب الغربى بما فيها من مناجم الحديد وهى