الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول في [أحكام](1) شرائع الدين بالاستحسان والظُّنون، والاشتغال بحفظ المعْضِلات والأغلوطات، ورَدِّ الفروع [والنوازل](2) بعضها على (3) بعضٍ قياسًا، دون ردها على أصولها والنظر في عللها واعتبارها، فاستُعْمِل فيها الرأي قبل أن [تنزل](4)، وفُرِّعت وشُققت (5) قبل أن تقع، [وتُكّلِّم فيها قبل أن تكون بالرأي المضارع للظن](6)، قالوا: وفي الاشتغال بهذا والاستغراق فيه تعطيل السنن، والبعث على [جهلها](7)، وترك الوقوف على ما يلزم الوقوف عليه منها، ومن كتاب اللَّه [عز وجل] ومعانيه، واحتجوا (8) على [صحة](9) ما ذهبوا إليه [من ذلك](10) بأشياء.
[لَعْنُ مَنْ يسأل عَمَّا لم يكن]
ثم ذكر من طريق أسد بن موسى: ثنا شَرِيك عن لَيْث، عن طاوس، عن ابن عمر قال: لا تسألوا عما لم يكن، فإني سمعت عمر يلعن مَنْ سأل (11) عما لم يكن (12)، ثم
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(2)
ما بين المعقوفتين من مطبوع "جامع بيان العلم".
(3)
في (ن): "إلي".
(4)
في المطبوع من: "الإعلام": "ينزل" ولعل الصواب ما أثبتناه.
(5)
في (ق): "وشقت".
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(7)
في "الجامع" بدلها: "حملها" وأشار المحقق في الهامش إلى أنه في نسخة أخرى "جهلها".
(8)
سقطت من (ق).
(9)
في نسخ "الإعلام": "احتجوا" والواو من "الجامع" لابن عبد البر.
(10)
ما بين المعقوفتين من مطبوع "جامع بيان العلم".
(11)
في نسخ "الإعلام": "يسأل".
(12)
أخرجه ابن عبد البر في "الجامع"(2/ 1054 - 1055/ رقم 5362) من طريق أسد بن موسى به.
وإسناده ضعيف لضعف شريك وليث بن أبي سُليم.
وأخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه"(2/ 7) عن شربك عن ليث عن نافع مولى ابن عمر به، وأخرجه أبو خيثمة في "العلم"(143) والخطيب (2/ 8) عن جرير عن ليث عن مجاهد بن جبر به.
وأخرجه الدارمي في "السنن"(1/ 47) -ومن طريقه البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(رقم 293) -، وابن بطة في "الإبانة"(317)، وابن عبد البر في "الجامع"(2051، 2052) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن طاوس قال: قال عمر وهو =
ذكر من طريق أبي داود: ثنا إبراهيم بن موسى الرَّازي (1): ثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن عبد اللَّه بن سعد، عن الصُّنابحي، عن معاوية [رضي الله عنه](2) أن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الأُغُلُوطات (3).
= على المنبر: "أحرِّج باللَّه على كل امرئ مسلم سأل عن شيء لم يكن؛ فإن اللَّه قد بين ما هو كائن".
ورجاله ثقات؛ إلا أنه ضعيف لانقطاعه فإن طاوسًا لم يلق عمر.
وأخرجه أبو خيثمة في "العلم"(رقم 125)، وابن عبد البر في "الجامع"(رقم 2056) من طريق حبيب بن الشهيد، والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(رقم 292) من طريق سفيان، كلاهما عن ابن طاوس عن طاوس؛ قال: قال عمر: لا يحل لكم أن تسألوا عما لم يكن. . "، وإسناده منقطع كالذي قبله.
وأخرجه الدارمي في "السنن"(1/ 47) من طرق حماد بن يزيد المنقري -وفي مطبوعه: ابن زيد، وهو خطأ- عن أبيه، قال: جاء رجل يومًا إلى ابن عمر، فسأله عن شيء لا أدري ما هو، فقال له ابن عمر. . . (وذكره). وإسناده مقبول.
وأشار إليه البخاري في "التاريخ الكبير"(8/ 358).
وأخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه"(712) من طريق يعلى بن عبيد عن أبي سِنان عن عمرو بن مُرَّة؛ قال: خرج عمر على الناس؛ فقال: "أُحرِّج عليكم أن تسألونا عما لم يكن. .".
وإسناده ثقات؛ إلا أنه منقطع أيضًا، عمرو بن مرة لم يلق عمر.
والأثر بمجموع هذه الطرق يدل على أن له أصلًا.
وهناك شواهد كثيرة عن السلف تدل على كراهيتهم السؤال عن الحوادث قبل وقوعها، تراها في مقدمة "سنن الدارمي" باب كراهية الفتيا، و"الفقيه والمتفقه"(2/ 7)، باب القول في السؤال عن الحوادث والكلام فيها قبل وقوعها، و"جامع بيان العلم"(2/ 1037 وما بعدها - ط ابن الجوزي)، باب ما جاء في ذم القول في دين اللَّه تعالى بالرأي والظن والقياس على غير أصل، وعيب الإكثار من المسائل دون اعتبار، و"المدخل إلى السنن الكبرى"(ص 218) وما بعدها، باب من كره المسألة عما لم يكن ولم ينزل به وحي، و"الآداب الشرعية"(2/ 76 - 79) لابن مفلح.
وانظر في الكلام على هذا المسلك في الفقه وتأريخه والمقدار المحمود منه في: "أحكام القرآن" لابن العربي (2/ 700)، و"أحكام القرآن" للجصاص (2/ 483)، و"جامع العلوم والحكم"(شرح الحديث التاسع 1/ 243)، و"الفقيه والمتفقه"(2/ 9 - 12)، و"الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي"(2/ 117 - 122)، و"منهج السلف في السؤال عن العلم وفي تعلم ما يقع وما لم يقع"، وما سيأتي في آخر الكتاب (الفائدة 38).
(1)
في (ق): "الداري".
(2)
ما بين المعقوفتين من "الجامع".
(3)
أخرجه أبو داود في "السنن"(كتاب العلم): باب التوَّقي في الفُتيا، (3/ 321/ رقم 3656)، وأحمد في "المسند"(5/ 435)، والفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 305)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والطبراني في "الكبير"(19/ 380/ رقم 982)، والآجري في "أخلاق العلماء"(183)، وتَمَّام في "الفوائد"(رقم 114، 115، 116 - مع ترتيبه الروض البسام)، وابن بطة في "الإبانة"(300، 302)، والدارقطني في "الأفراد"(ق 246/ أ - ب مع أطراف الغرائب)، والخطابي في "غريب الحديث"(1/ 354)، والهروي في "ذم الكلام"(ص 135)، والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(رقم 303، 305)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(2/ 10 - 11)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 1055 - 1056/ رقم 2037، 2038)، والمزِّي في "تهذيب الكمال"(ق 687) من طريقين عن الأوزاعي به. وفي إحدى الطريقين أبهم اسم الصحابي.
وإسناده ضعيف؛ من أجل عبد اللَّه بن سعد بن فروة؛ فإنه مجهول كما قال أبو حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 2/ 64)، وترجمه ابن حبان في "الثقات"(7/ 39)، وقال:"يخطئ"، وبه أعله المنذري في "مختصر سنن أبي داود"(5/ 250)، ولذا قال فيه ابن حجر في "التقريب":"مقبول"؛ أي: إذا توبع، ولم يتابع. وانظر ترجمته في "ميزان الاعتدال"(2/ 428).
نعم، له شواهد، ولكن لا يفرح بها.
فقد أخرجه الطبراني في "الكبير"(19/ 913)، وفي "مسند الشاميين"(رقم 2130) من طريق سليمان بن داود الشاذكوني، عن عبد الملك، عن عبد اللَّه، عن إبراهيم بن أبي عَبْلة، عن رجاء بن حَيْوَة، عن معاوية مرفوعًا، والشاذكوني متهم.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(19/ رقم 865)، وفي "مسند الشاميين"(رقم 2257)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 1056/ رقم 2039) من طريق سليمان بن أحمد الواسطي، عن الوليد بن مسلم، عن عبد اللَّه بن سعد، عن عبادة بن نُسي، عن الصنابحي، عن معاوية مرفوعًا بلفظ:"نهى عن عُضَل المسائل".
وهذا إسناد واه، فيه علل كثيرة:
الأولى: مخالفة الوليد بن مسلم لكل من عيسى بن يونس وروح بن عبادة؛ إذ روياه عن الأوزاعي، عن عبد اللَّه بن سعد، عن الصنابحي، قال الأول: عن معاوية، وقال الآخر: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسمه.
الثانية: الوليد بن مسلم مدلس، ولم يصرح بالسماع.
الثالثة: جهالة عبد اللَّه بن سعد كما تقدم.
الرابعة: سليمان بن أحمد الواسطي، متروك، بل اتهمه ابن معين.
قال الدارقطني في "العلل"(7/ 67/ رقم 1219): "والصحيح حديث عيسى بن يونس، وأفاد أن عبد الملك بن محمد الصنعاني رواه فوهم فيه؛ فقال: "عن الأوزاعي عن عمرو (!!) بن سعد عن عبادة بن نُسي عن معاوية".
وعلى أيّ حال الحديث ضعبف، لا يجوز الاحتجاج به.
قال بعض أهل العلم: الأغلوطات: أي: التي يغالط بها العلماء ليزلوا فيهيج بذلك شرٌّ وفتنة، وإنما نهى عنها لأنها مع إيذائها غير نافعة في الدين.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي بإسناده [مثله] (1)؛ وقال: فسَّره الأوزاعي يعني صِعَاب المسائل. وقال الوليد بن مسلم: عن الأوزاعي، عن عبد اللَّه بن سَعْد، عن عبادة بن [نسي، عن](2) الصُّنَابحي، عن معاوية بن أبي سُفيان أنهم ذكروا المسائل [عنده](3)، فقال: أتعلمون أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم[نهى عن عُضَل المسَائِل (4).
قال أبو عمر: واحتجوا أيضًا بحديث سهل [بن سعد](5) وغيره أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم] (6) كره المسائل وعَابَها (7)، وبأنه صلى الله عليه وسلم قال:"إن اللَّه [عز وجل] (8) يكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال"(9).
[وقال ابن أبي خَيْثمة: ثنا أبي: [ثنا عبد](10) الرحمن بن مهدي: ثنا مالك، عن الزُّهْري، عن سهل بن سعد قال: لعن رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها (11).
قال أبو بكر: هكذا ذكره أحمد بن زهير بهذا الإسناد، وهو خلاف لفظ "الموطأ"(12).
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).
(2)
بدل ما بين المعقوفتين في نسخ "الإعلام" و (ق) و (ك): "قيس"، والتصويب من "الجامع".
(3)
ما بين المعقوفتين ليس في "الجامع".
(4)
مضى في التخريج السابق.
(5)
ما بين المعقوفتين من "الجامع".
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(7)
رواه البخاري (5259) في (الطلاق): باب من جَوَّز الطلاق الثلاث، ومسلم (1492) في أول اللعان.
(8)
ما بين المعقوفتين من "الجامع".
(9)
رواه البخاري (1477) في (الزكاة): باب قول اللَّه تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} ، و (2408) في (الاستقراض): باب ما يُنهى عن إضاعة المال، و (5975) في (الأدب): باب عقوق الوالدين من الكبائر، ومسلم (3/ 1341) (593) في (الأقضية): باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة من حديث المغيرة، ورواه مسلم (1715) من حديث أبي هريرة.
(10)
بدل ما بين المعقوفتين في نسخة (د) بياض، وأثبته من (ق) و (ك) ومن النسخ الأخرى، و"الجامع".
(11)
رواه أبو خيثمة في (العلم)(77) بلفظ "كره رسول اللَّه. . ." ورواه ابن عبد البر (2042، ص 1057) من طريقه؛ ولكن قال: "لعن رسول اللَّه".
ورواه مالك في الموطأ (2/ 566) في (الطلاق): باب ما جاء في اللعان، ومن طريقه البخاري (5259) في (الطلاق) باب من جوز الطلاق الثلاث، ومسلم (1492) في (اللعان) أوله عندهم "كره رسول" وهو جزء من حديث طويل.
(12)
انتهى بطوله من "الجامع" لابن عبد البر (2/ 1054 - 1057) باختصار يسير.
وما بين المعقوفتين سقط من (ن) ووقع في (ق): "وهي خلاف لفظ "الموطأ"".
قال أبو عمر: وفي سماع أشهب: سئل مالك عن قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أنهاكم عن قيل وقال، وكثرة السؤال"، فقال: أما كثرة السؤال [فلا أدري أ](1) هو ما أنتم فيه مما أنهاكم عنه من كثرة المسائل؛ فقد كره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المسائل وعَابَها (2)، وقال اللَّه [عز وجل] (3):{لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] فلا أدري أهو هذا أم السؤال في مسألة الناس في الاستعطاء؟!.
وقال الأوزاعي، عن عَبْدة بن أبي لُبَابة: وددت أن [حَظِّيَ](4) من أهل هذا الزمان أن لا أسالهم عن شيء ولا يسألوني [عن شيء](5)، يتكاثرون بالمسائل كما يتكاثر أهل الدَّراهم بالدَّراهم (6).
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(2)
قال ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 1059/ رقم 2047): "وفي سماع أشهب: سئل مالك عن قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . (وذكره) ".
وأخرج زهير بن حرب أبو خيثمة في "العلم"(رقم 77) -ومن طريقه أبو ذر الهروي في "ذم الكلام"(ص 132)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 1057/ رقم 2042) - عن عبد الرحمن بن مهدي، ثنا مالك، عن الزهري، عن سهل بن سعد؛ قال:"كره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها".
هكذا ذكره زهير بن حرب، ورواه عنه ابنه أحمد -كما عند ابن عبد البر-؛ فقال:"لعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها". وهذا خلاف لفظ "الموطأ" وكذا خلاف لفظ غير واحدٍ ممن رواه عن مالك على الجادة بلفظ: "كره. ." كما عند مالك في "الموطأ"(2/ 566 - رواية يحيى) -ومن طريقه البخاري في "الصحيح"(كتاب الطلاق): باب من جوَّز الطلاق الثلاث. . .، (9/ 361/ رقم 5259)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب اللعان): باب منه (2/ 1129/ رقم 1492)، وأحمد في "المسند"(5/ 334)، وأبو داود في "السنن" (كتاب الطلاق): باب في اللعان، (2/ 273 رقم 2245)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(رقم 2043، 2044) - عن الزهري به، وفيه قصة طويلة.
وأخرجه من طرق عن الزهري به: البخاري في "صحيحه"(كتاب التفسير): باب {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ} . . . (8/ 448/ رقم 4745)، و (كتاب الاعنصام بالكتاب والسنة): باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلوّ في الدين والبدع، (13/ 276/ رقم 7304)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب اللعان): باب منه (2/ 1130/ رقم 1492 بعد 2، 3)، والنسائي في "المجتبى" (كتاب الطلاق): باب بدء اللعان (6/ 170/ رقم 3466)، وابن ماجه في "السنن" (كتاب الطلاق): باب اللعان (2/ 667/ رقم 2066)، وأحمد في "المسند"(5/ 336، 337).
(3)
في (ق): "سبحانه".
(4)
في "الجامع": "أحظى".
(5)
ما بين المعقوفتين من "الجامع".
(6)
أخرجه ابن عبد البر في "الجامع"(2045، ص 1058) وأخرجه الدارمي (1/ 67) وأبو زرعة الدمشقي في "تاريخه"(1/ 355) من طريق رجاء بن أبي سلمة عن عبدة مختصرًا.