الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَطْرة من بَحْرٍ بحسب أذهاننا الواقفة، وقلوبنا المخبطة (1)، وعلومنا القاصرة، وأعمالنا التي توجبُ التوبةَ والاستغفار، وإلا فلو طَهُرَتْ منا القلوب، وصفت الأذهانُ، وزكَتِ النفوسُ، وخَلُصت الأعمالُ، وتجرَّدت الهِمَم للتَلقِّي عن اللَّه ورسوله؛ لشَاهَدْنَا من معاني كلام اللَّه وأسراره وحِكَمه ما تضمحِلُّ عنده العلوم، وتتلاشى عنده معارفُ الحق، وبهذا تعرف (2) قدرَ علوم الصحابة ومعارفهم [رضي الله عنهم](3)، وأنَّ التفاوت الذي بين علومهم وعلوم مَنْ بعدهم كالتفاوت الذي بينهم في الفضل، واللَّه أعلم حيث يجعل مواقعَ فضله، ومَنْ يختصُّ برحمته.
فصل [مثل الكافر: مثل الكلمة الخبيثة]
ثم ذكر [سبحانه](3) مثل الكلمة الخبيثة (4) فشبَّهها بالشَّجرة الخبيثة التي اجْتُثَّتْ من فوق الأرض [ما لها من قرار](3)، فلا عِرْقٌ ثابت، ولا فَرعْ عالٍ، ولا ثمرة زاكية، ولا ظل، ولا جَنًى، ولا ساقٌ قائم، ولا عرق في الأرض ثابت، فلا أسفلها مُغْدِق، ولا أعلاها مُوْنِق، ولا جَنَى لها، ولا تعلوا بل تُعْلى.
واذا تأمل اللبيبُ [أكثر](5) كلام هذا الخلق في خطابهم وكُتبهم (6) وجَدَه كذلك؛ فالخسران [كل الخسران](7) الوقوفُ معه والاشتغال به عن أفضل الكلام وأنفعه.
قال الضحاك: ضرب اللَّه مثلًا للكافر بشجرة اجْتُثَّتْ من فوق الأرض ما لها من قرار، يقول: ليس لها أصل ولا فرع، وليس لها ثمرة، ولا فيها منفعة (8)، كذلك الكافر ليس يعمل (9) خيرًا ولا يقوله، ولا يجعل اللَّه فيه بركة ولا منفعة (10).
(1) كذا في (ق)، وفي سائر النسخ:"المخطئة".
(2)
في (ق): "يعرف".
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(4)
{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)} [إبراهيم: 26](و).
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(6)
في (ن) والمطبوع: "وكسبهم".
(7)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(8)
في (ن): "وليس لها ثمرة طيبة فيها منفعة".
(9)
في المطبوع: "لا يعمل".
(10)
أخرجه الطبري في "تفسيره"(13/ 213)، وقال في أوله:"حُدِّثتُ. . . ".
وقال ابن عباس: ومثلُ كلمةٍ خبيثة -وهي الشرك- كشجرة خبيثة، يعني: الكافر، [قال]:{اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} ، يقول: الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر ولا برهان، ولا يقبل اللَّه مع الشرك عملًا (1)، فلا يُقبل عملُ المشرك، ولا يصعد إلى اللَّه، فليس له أصل ثابت في الأرض ولا فرع في السماء؛ يقول: ليس له عمل صالح في [الدنيا ولا في الآخرة](2).
وقال الربيع بن أنس: مثل الشجرة الخبيثة مثلُ الكافر، ليس لقوله ولا لعمله أصل ولا فرع، [ولا يستقر قولُه ولا عملُه على الأرض] ولا يصعد إلى السماء (3).
وقال سعيد، عن قتادة في هذه الآية: إن رجلًا لَقِيَ رجلًا من أهل العلم فقال له: ما تقول في الكلمة الخبيثة؟ قال: لا أعلم لها في الأرض مستقرًا، ولا في السماء مَصْعدًا، إلا أن تلزم عُنُقَ صاحبها حتى يوافي [بها يوم القيامة](4).
وقوله: {اجْتُثَّتْ} أي: استُؤْصِلَت من فوق الأرض، ثم أخبر سبحانه عن فضله وعَدْله في الفريقين، أصحاب الكلم الطيب والكلم الخبيث، فأخبر أنه يُثَبِّتُ الذين آمنوا بإيمانهم بالقول الثابت أحْوَجَ ما يكونون إليه في الدنيا والآخرة، وأنه يُضِل الظالمين وهم المشركون عن القول الثابت، فأضَلَّ هؤلاء -بعَدْله- لظُلْمهم (5)، وثَبَّتَ المؤمنين -بفضله- لإيمانهم.
(1) كلام ابن عباس إلى هنا أخرجه الطبري في "تفسيره"(13/ 213) قال: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد اللَّه بن صالح، قال: ثنا معاوية، عن علي عن ابن عباس وعلي هو ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس أخذ مجاهد أو عكرمة أو سعيد بن جبير عنه، وما بين المعقوفتين منه.
(2)
من قوله: "فلا يقبل عمل المشرك، إلى هنا أخرجه -أيضًا- الطبري في "التفسير" (13/ 212) قال: حدثني محمد بن سعد: قال: حدثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس. وهو إسناد مسلسل بالضعفاء والمجاهيل كما تقدم.
قلت: وبدل ما بين المعقوفتين في (د) و (ح) و (ط): "السماء ولا في الأرض"، وفي (ق) و (ك):"السماء ولا في الآخرة".
(3)
رواه الطبري (13/ 213) من طريق أبي جعفر عنه.
وبدل ما بين المعقوفتين في "جامع البيان": "ولا قوله ولا عمله يستقر على الأرض".
(4)
أخرجه الطبري في "جامع البيان"(13/ 213) من طريق سعيد عنه.
وبدل ما بين المعقوفتين في (و): "بها القامة"!.
(5)
في (ق): "بظلمهم".