الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} " (1)[الأعراف: 193].
[إيتاؤه الآيات والانسلاخ]
وتأمَّل ما في هذا المثل من الحكم والمعاني (2): فمنها قوله: {آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا} فاخبر سبحانه أنه هو الذي آتاه آياته، فإنها نعمة، واللَّه هو الذي أنعم بها عليه، فأضافها إلى نفسه، ثم قال:{فَانْسَلَخَ مِنْهَا} أي خرج منها كما تنسلخ الحية من جلدها، وفارقها فراق الجلد يُسْلَخ عن اللحم، ولم يقل: فسلخناه منها، لأنه هو الذي تسبِّبَ إلى انسلاخه [منها](3) باتّباع هواه، ومنها قوله [سبحانه] (4):{فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} أي: لحقه وأدركه؛ كما قال [تعالى في فرعون و](5) قوم فرعون: {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} [الشعراء: 60]، وكان (6) محفوظًا محروسًا بآيات اللَّه، مَحْمِي الجانب بها من الشيطان، لا ينال منه شيئًا إلا على غِرَّة [وخطفة](3)، فلما انسلخ من آيات اللَّه ظفر به الشيطان ظَفْرَ الأسدِ بفريسته، فكان من الغاوين العاملين بخلاف عِلْمِهم (7)، الذين يعرفون الحقَّ، ويعملون بخلافه، كعلماء السوء.
[رفعناه بها]
ومنها: أنه [سبحانه](4) قال: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} فأخبر سبحانه أن الرِّفعة عنده ليست بمجرد العلم، فإن هذا كان من العلماء، وإنما هي باتباع الحق وإيثاره وقَصْدِ مرضاة اللَّه، فإنَّ هذا كان من أعلم أهل زمانه، ولم يرفعه اللَّه بعلمه ولم ينفعه به، فنعوذُ باللَّه من علم لا ينفع، وأخبر سبحانه أنه هو الذي يرفع عبده إذا
(1) انظر: "تأويل مشكل القرآن"(ص 369) لابن قتيبة.
ونقله عنه ابن الجوزي في "زاد المسير"(3/ 197)، والدميري في "حياة الحيوان الكبرى"(2/ 310) وما بين المعقوفتين قبلها سقط من (ق).
(2)
في المطبوع و (ك): "والمعنى".
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(5)
بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "في"، وسقط "قوم فرعون" من (ك) ووقع في (ق):"في فرعون وقومه".
ما بين المعقوفتين سقط من (ق)، وفي (ك):"وحفظه" وفوقها "كذا".
(6)
في (ق): "فكان".
(7)
في ط الجيل: "خلاف الذين علَّمهم".