الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزوج، ولم تُرَدَّ هذه الشهادة باحتمال التهمة؛ فشهادة الولد لوالده (1) وعكسه بحيث (2) لا تُهمَة هناك أولى بالقبول، وهذا هو القول الذي نَدِينُ اللَّه به، وباللَّه التوفيق.
فصل [شاهد الزور]
وقوله (3): "إلا مُجربًّا عليه شهادة زور" يدل على أن المرة الواحدة من شهادة الزور تستقل برد الشهادة، وقد قَرَن اللَّه -سبحانه- في كتابه بين الإشراك وقول الزور، وقال تعالى:{وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ (4)} [الحج: 31]، وفي "الصحيحين" [-أيضًا-] عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول اللَّه، قال: الشرك باللَّه، ثم عقوق الوالدين (5)، وكان متكئًا فجلس، ثم قال: ألا وقَوْل الزور، ألا وقول الزور (6)، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت"(7)، وفي "الصحيحين"، [عن أنس] عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أكبر الكبائر: الإشراك باللَّه، وقَتْلُ النفس، وعُقُوق الوالدين، وقول الزور أو قال: وشهادة الزور"(8).
[الكذب في غير الشهادة من الكبائر]
ولا خلاف بين المسلمين أن شهادة الزور من الكبائر، واختلف الفقهاء في
(1) العبارة في (ق): "ولم يرد هذه الشهادة احتمال التهمة بشهادة الولد لوالده".
(2)
في (ق): "فحيث".
(3)
أي "قول عمر في كتاب القضاء الذي أرسله إلى أبي موسى"(و).
(4)
الآية في (ق): " {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا. . .} ".
(5)
في (ق): "وعقوق الوالدين" وما بين المعقوفتين قبلها سقط من (ق).
(6)
في (ق): "ألا وشهادة الزور" وسقطت: "لا وقول الزور" الثانية من (ك).
(7)
رواه البخاري (2654) في (الشهادات): باب ما قيل في شهادة الزور، ومسلم (87) في (الأيمان): باب بيان الكبائر وأكبرها، من حديث أبي بكرة.
(8)
رواه البخاري (2653) في (الشهادات): باب ما قيل في شهادة الزور، و (5977) في (الأدب): باب عقوق الوالدين، و (6871) في (الديات): باب قول اللَّه تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا} . . .، ومسلم (88) في (الإيمان): باب بيان الكبائر وأكبرها، وما بين المعقوفتين من (ق) وفي (ك) و (ق):"وفي الصحيحين أيضًا".
الكذب في غير الشهادة: هل هو من الصغائر أو من الكبائر؟ على قولين هما روايتان عن الإمام أحمد، حكاهما أبو الحسين في "تمامه"(1)، واحتج مَنْ جعله من الكبائر بأن اللَّه [-سبحانه-](2) جعله في كتابه من صفات شَرِّ البريّة، وهم الكفار والمنافقون، فلم يصف به إلا كافرًا أو منافقًا، وجعله عَلَمَ أهلِ النار وشِعارَهم، وجعل الصدق عَلَم أهل الجنة وشعارهم.
وفي "الصحيح" من حديث ابن مسعود [قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم](3): "عليكم بالصدق؛ فإنه يهدي إلى البِرّ، وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصْدُق حتى يكتب عند اللْه صدِّيقًا، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند اللَّه كَذَّابًا"(4).
وفي "الصحيحين" مرفوعًا: "آيَةُ المنافِقِ ثلاث: إذا حَدَّث كذب، وإذا وَعَدَ أخلف، وإذا ائْتُمِنَ خان"(5)، وقال معمر، عن أيوب، عن [ابن] (6) أبي مُليكة عن عائشة رضي الله عنها قالت:"ما كان خُلُقٌ أبغض إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من الكذب، ولقد كان الرجل يكذب عنده الكذبة، فما تزال (7) في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة"(8)،
(1) هو "كتاب التمام" لأبي الحسين ابن القاضي أبي يعلى، وقد نقل الروايتين عن الإمام أحمد؛ فالأولى: أنه كبيرة، والثانية: أنه صغيرة، انظر: كتابه هذا (2/ 258 - 425).
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(3)
في (ق): "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال".
(4)
أخرجه البخاري في "الصحيح"(كتاب الأدب): باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} ، (6094)، ومسلم في "الصحيح" (كتاب البر والصلة): باب قبح الكذب (2607).
(5)
أخرجه البخاري في "الصحيح"(كتاب الإيمان): باب علامة المنافق، (1/ 89/ رقم 23)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الإيمان): باب بيان خصال المنافق، (1/ 78 رقم 59)، والترمذي في "الجامع" (أبواب الإيمان): باب ما جاء في علامة المنافق (رقم 2631)، والنسائي في "المجتبى" (كتاب الإيمان): باب علامة المنافق، (8/ 117).
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(7)
في (ق): "يزال".
(8)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(20195)، ومن طريقه أحمد (6/ 152)، والترمذي في (كتاب البر والصلة): باب ما جاء في الصدق والكذب (1973)، وابن حبان (5736)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 196)، والبغوي (3576) عن معمر به؛ لكن عند عبد الرزاق وأحمد:"عن ابن أبي مليكة أو غيره" على الشك.
ورواه ابن عدي (6/ 2292) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، عن حماد عن أيوب عن ابن أبي مليكة به. ومحمد هذا متهم بوضع الحديث.
وقال مروان الطَّاطَري (1): ثنا محمد بن مسلم: ثنا أيوب، عن [ابن](2) أبي مليكة، عن عائشة قالت:"ما كان شيء أبْغَضَ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الكذب، وما جَرَّب على أحد كذبًا فرجع إليه ما كان حتى يعرف منه توبة"(3).
حديث حسن، رواه الحاكم في "المستدرك" من طريق ابن وهب، عن محمد بن مسلم، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عائشة [رضي الله عنها](4) وروى [عبد الرزاق](5)، عن مَعْمَر، عن موسى بن أبي شَيْبة (6) أن النبي صلى الله عليه وسلم:"أبطَلَ شهادة رجل في كذبة كذبها"(7)، وهو مرسل، وقد احتج به أحمد (في إحدى الروايتين عنه)، وقال قَيْس بن أبي حَازم: سمعت أبا بكر الصديق [رضي الله عنه](4) يقول: "إياكم والكذب، فإن الكذب مُجَانب الإيمان" يُروى موقوفًا ومرفوعًا (8)؛
(1)"مروان بن محمد بن حسان الأسدي الدمشقي، الطاطري -بفتح الطاءين- وثقه أبو حاتم، وقال البخاري: مات سنة عشر ومائتين"(د).
ووقع في (ق) و (ك): "مروان الطاهري".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(3)
رواه البيهقي (10/ 196) من طريق مروان به ثم قال: وأخرجه شيخنا (أي الحاكم) فيما لم يُمل من كتاب "المستدرك" عن الأصم عن ابن عبد الحكم، عن ابن وهب، عن محمد بن مسلم، عن أيوب عن محمد بن سيرين عن عائشة.
قلت: هو في "المستدرك"(4/ 98)، وصححه ووافقه الذهبي.
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(5)
في (و): "عبد الرازق".
(6)
قال في هامش (ق): "لعله: عائشة".
(7)
رواه عبد الرزاق (برقم 20197)، ومن طريقه العقيلي في "الضعفاء"(4/ 163)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 196)، وموسى هذا هو ابن أبي شيبة، ويقال: ابن شيبة، قال فيه أحمد:"روى عنه معمر أحاديث مناكير، وقال العقيلي: لا يعرف إلا به".
هذه هي عبارته في "الضعفاء"، وفي "تهذيب ابن حجر" قال العقيلي:"لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به".
وموسى هذا له مرسل آخر في "المراسيل" لأبي داود (307)، والعجيب أن الشيخ شعيب -حفظه اللَّه- قال عن موسى هذا: مجهول؛ مع أن ترجمته في "التهذيب" واضحة وكذلك في "الميزان"، وفي "التهذيب" ترجمة لآخر قبله بنفس الاسم، وهو مجهول؛ فلعله حَصَل معه سبق نظر. وقوله في آخر الحديث:"كذبها" لا توجد لا في "المصنف" ولا في "الضعفاء"، وقد وضع المحقق في "المصنف" فراغًا، وقال: في (ص) كلمة ممحوة.
(8)
أما الموقوف؛ فرواه وكيع في الزهد (399)، ومن طريقه هناد في "الزهد"(1368)، وابن المبارك في "الزهد"(255)، وأحمد في "مسنده"(1/ 5)، وابن أبي الدنيا في "الصمت"(477)، والدارقطني في "علله"(1/ 258 - 259)، والخرائطي في "مساويء الأخلاق"(رقم 133)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(8/ 592)، والبيهقي في "سننه =
وروى شعبة، عن سَلَمة بن كُهيل، عن مُصْعب بن سعد، عن أبيه قال:"المسلم يُطْبَعُ على كل طبيعة غير الخيانة والكذب"(1)، ويُروى مرفوعًا [أيضًا](2).
= الكبرى" (10/ 196 - 197) و"الشعب" (رقم 4806، 4807) من طرق عن قيس بن أبي حازم به موقوفًا، وقد صحح الوقف الدارقطني، والبيهقي.
وانظر عن وهم من رفعه: "علل الدارقطني"(1/ 258 - 259). وهو -مرفوع- عند ابن عدي في "الكامل"(1/ 43) والبيهقي في "الشعب"(4804، 4805).
وأفاد أن الموقوف رواه جماعة، وانظر "مسند أبي بكر الصديق" للمروزي (رقم 92، 95).
(1)
رواه من طريق شعبة هكذا موقوفًا: ابن المبارك في "الزهد"(ص 285 رقم 828)، وابن أبي الدنيا في "الصمت"(492)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 197).
ورواه -أيضًا- عن سلمة موقوفًا، سفيان الثوري، أخرجه ابن أبي شيبة (8/ 592 و 11/ 18)، وفي (الإيمان)(81)، والدارقطني في "العلل"(4/ 331).
قال الدارقطني في "العلل": وقيل عن الثوري عن سلمة مرفوعًا ولا يثبت.
أقول: وقد روي مرفوعًا من حديث سعد؛ كما قال ابن القيم، وهذا المرفوع رواه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"(رقم 144)، وفي "الصمت"(474)، وأبو يعلى في "مسنده"(رقم 771)، والبزار في "مسنده"(1139)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(589 و 591)، وابن عدي في "الكامل"(1/ 44)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 197) و"الشعب"(رقم 4809، 4810)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1175) من طريق داود بن رشيد عن علي بن هاشم بن البريد عن الأعمش عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه، ورواه الدورقي في "مسند سعد"(65)؛ دون ذكر أبي إسحاق؛ وقد أعله بالوقف البزار، وأبو زرعة (2/ 328 - 329) والدارقطني في "علله"(4/ 329 - 330)، والبيهقي، وابن الجوزي؛ حيث رواه كما قلنا من قبل سفيان وشعبة؛ فأوقفاه على سعد.
قال الحافظ في "الفتح"(10/ 508): "وسنده قوي وذكر الدارقطني في "العلل" أن الأشبه أنه موقوف".
وجعل ابن الجوزي الوهم من علي بن هاشم وشَنَّع عليه، مع أنه لم يُؤخذ عليه إلا تشيعه فقط.
وله شاهد من حديث ابن عمر، رواه ابن عدي (4/ 1630)، وابن أبي عاصم في "السنة"(115)، والقضاعي (590) والبيهقي في "الشعب"(رقم 4811)، وفيه عبيد اللَّه بن الوليد الوصافي، وهو ضعيف جدًّا.
ومن حديث أبي أمامة، رواه ابن أبي شيبة في "الإيمان"(82)، وابن أبي عاصم في "السنة"(114)، وأحمد في "مسنده"(5/ 252)، وابن عدي في "الكامل"(1/ 44) وهو منقطع.
قال شيخنا الألباني رحمه الله في تعليقه على "السنة": "وللحديث شواهد كلها واهية وبعضها أشد ضعفًا من بعض".
وقال السخاوي في "المقاصد الحسنة"(ص 315): وهو مما يُحكم له بالرفع على الصحيح؛ لكونه مما لا مجال للرأي فيه.
(2)
بدل ما بين المعقوفتين في (و): "إليه".