الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُهفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفَاضَةٍ
…
تَرَائبُهَا مَصْقُولَة كَالسَّجَنْجَلِ (1)
وهذا لا (2) يدلّ على اختصاص الترائب بالمرأة، بل يُطْلَق على الرجل والمرأة، قال الجوهري: التَّرَائب عِظَامُ الصدر ما بين التَّرْقُوة إلى الثنَّدُوة (3).
وقوله: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8)} الصحيح أن الضمير يرجع على الإنسان (4) أي: إن اللَّه على ردِّه [إليه لقادر يوم القيامة](5)، وهو اليوم الذي تُبْلَى فيه السرائر، ومَنْ قال:"إن الضمير يرجع إلى (6) الماء أي: إن اللَّه على رَجْعه في الإحليل أو في الصَّدر أو حَبْسه عن الخروج لقادر" فقد أبْعَد، وإن كان اللَّه [سبحانه](7) قادرًا على ذلك، ولكن السياق ياباه، وطريقه القرآن -وهي (8) الاستدلالُ بالمبدأ والنشأة الأولى على المعَاد والرجوع إليه- وأيضًا فإنه قَيَّده بالظرف، وهو:"يوم تُبلى السرائر".
[عود إلى الدعوة إلى النظر]
والمقصود أنه سبحانه دعا الإنسان أن ينظر في مَبْدَأ خلقه ورزقه، فإن ذلك يدلُّه دلالةً ظاهرة على مَعَاده ورجوعه إلى ربه.
وقال تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ
(1) قال (ط): "البيت رقم 31 من معلقة امرئ القيس".
قلت: انظر "شرح المعلقات السبع"(27) لأبي عبد اللَّه الحسين الزوزني، قال (و):"المهفهفة: اللطيفة الخصر، الضامرة البطن، و"المفاضة": المرأة العظيمة البطن، المسترخية اللحم، و"الترائب": جمع التريبة: وهي موضع القلادة من الصدر، و"السقل والصقل": إزالة الصدأ، والدنس وغيرهما، و"السجنجل": المرآة لغة رومية، عربتها العرب، وقيل: بل هو قطع الذهب والفضة، يقول: هي امرأة دقيقة الخصر، ضامرة البطن، وغير عظيمة البطن، ولا مسترخيته، وصدرها براق اللون، متلألئ الصفا تلألؤ المرآة، (الزوزني في شرح المعلقات) "، ونحوه في (د) و (ط) و (ح).
(2)
سقطت من (ك).
(3)
انظر: "الصحاح"(1/ 91 - ط: دار العلم للملايين) للجوهري، ووقع في (ق):"الترقوة والثندوة".
(4)
أفاض المصنف في كتابه: "التبيان في أحكام القرآن"(100 - 108) في تصويب هذا القول، وذكر عشرة أوجه تدل عليه.
(5)
في (ق) و (ك): "يوم القيامة إليه لقادر".
(6)
في المطبوع: "يرجع على".
(7)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(8)
في (ق): "وطريقة القرآن هي".
شَقًّا (26)[فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا](1)(30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31)} [عبس: 24 - 31]؛ فجعل سبحانه نَظَره في إخراج طعامه من الأرض دليلًا على إخراجه هو منها بعد موته، استدلالًا بالنظير على النظير.
ومن ذلك قوله سبحانه ردًا (2) على الذين [قالوا: {(وَقَالُوا)](3) أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49)} [الإسراء: 49]، {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [الإسراء: 99]، أي: مثلَ هؤلاءِ المكذِّبين، والمراد به النشأة [الثانية](4)، وهي الخلق الجديد، وهي المثل المذكور في غير موضع، وهم [هم](4) بأعيانهم، فلا تنافي في شيء من ذلك، [بل هو الحق](5) الذي دل عليه العقل والسَّمْع، ومَنْ لم يفهم ذلك حَق فهمه تخبَّطَ عليه أمرُ المعاد، وبقي منه في أمر مَرِيج؛ والمقصودُ أنه دَلَّهم [سبحانه](6) بخلق السموات والأرض على الإعادة والبَعث، وأكد هذا القياسَ بضرب من الأَوْلى، وهو أن خلق السَّموات والأرض أكْبرُ من خلق الناس، فالقادر على خلق ما هو أكبر وأعظم منكم أقْدَر على خلقكم، وليس أول الخلق بأهْوَنَ عليه من إعادته، فليس مع المكذبين بالقيامة إلا مجردُ تكذيب اللَّه ورُسُله وتعجيز قدرته، ونسبة علمه إلى القصور، والقدح في حكمته؛ ولهذا يخبر [اللَّه](6) سبحانه عمن أنكر ذلك بأنه كافر بربه (7)، جاحد له، لم يُقِرَّ بربِّ العالمين فاطِرِ السموات والأرض (8) كما قال تعالى:{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ} [الرعد: 5]، وقال المؤمن للكافر الذي قال:{وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا (9) مُنْقَلَبًا (36)} [الكهف: 36]؛ فقال له: {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37)} [الكهف: 37]، فمنكر المعاد كافر برب العالمين وإن زعم أنه مُقِر به.
ومنه قوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ
(1) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "إلى قوله".
(2)
في (ك): "رادًا".
(3)
بياض في (ك) وفى الهامش: "لعله: أنكروا البعث" وما بين الهلالين سقط من (ق).
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(5)
في (ق) و (ك): "بالحق".
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(7)
في (ق): "به".
(8)
انظر: "بدائع التفسير"(3/ 82 - 83).
(9)
"منها: الضمير يعود على الجنة، وقرأ نافع والشامي وابن كثير "منهما" أي: من الجنتين"(ط) و (خ).