الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له] (1)، فمثلُ صاحبها وبطلان عمله كمثل صَفْوَان -وهو الحجر الأمْلَسُ- عليه تراب فأصابه وابلٌ -وهو المطر الشديد- فتركه صَلْدًا لا شيء عليه، وتأمَّلْ أجزاء هذا المثل [البليغ](2)، وانطباقها على أجزاء الممثَّل به، تعرفْ عظمةَ القرآن وجلالَتَه، فإنَّ الحجرَ في مقابلة قَلْب هذا المرائي والمانِّ والمؤذي؛ فقلبه في قَسْوَته عن الإيمان والإخلاص [والإحسان](3) بمنزلة الحجر، والعملُ الذي عمله لغير اللَّه بمنزلة التراب الذي على ذلك الحجر؛ فقسوة ما تحته وصلابته تمنعه من الثبات والنَّبَات عند نزول الوابل؛ فليس له مادةٌ متَصلة بالرّي (4) تقبل [الماء](3) وتُنبت الكلأ، وكذلك قلب المرائي ليس له ثباتٌ عند وابل الأمر والنهي والقضاء والقدر، فإذا نزل عليه وابلُ الوَحْي انكشف عنه ذلك الترابُ اليسيرُ الذي كان عليه، فبرز ما تحته حجرًا صَلْدًا لَا نبات فيه؛ وهذا مثلٌ ضربه اللَّه [سبحانه](3) لعمل المُرَائي ونفقته، لا يقدر يومَ القيامة على ثواب شيء منه أحْوَجَ ما كان إليه، وباللَّه التوفيق (5)[ولا حول ولا قوة إلا به](3).
فصل [من ينفق ماله في غير طاعة اللَّه ورضوانه]
ومنها قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ [وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ]} (6)[آل عمران: 116، 117]، هذا مثلٌ ضَرَبه اللَّه [تعالى](3) لمن أنفق ماله في غير طاعته ومرضاته، فشبَّه سبحانه ما يُنفقه هؤلاء من أموالهم في المكارم والمفاخر وكَسْب الثناء وحُسْن الذكر لا يبتغون به وَجْه اللَّه، وما ينفقونه لِيَصُدُّوا به عن سبيل اللَّه واتِّباع رسله، بالزرع الذي زرَعه صاحبُه يرجو نفعه وخيره
(1) في (ق): "الذي كان له".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(4)
تحرفت في المطبوع إلى: "بالذي"، ووقع في (ق):"تتصل".
(5)
انظر تفسير ابن القيم لهذه الآية في "طريق الهجرتين"(ص: 339 - 340)، و"مدارج السالكين"(1/ 241 - 242).
وما بين المعقوفتين من (ك) وحدها.
(6)
بدلها في (ق): "الآية".