الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونهيه عن تغطية رأس المحرم الذي وقَصَتْه (1) ناقته وتقريبه الطيب، وقوله:"فإنه يُبْعَثُ يَوْمَ القيامة مُلَبيًا"(2)، وقوله:"إنكم إذا فعلتم ذلك قَطَعْتُم أرحامكم"(3) ذكره تعليلًا لنهيه عن نكاح المرأة على عمتها وخالتها.
[أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عن القرآن]
وقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]، وقوله في الخمر والميسر:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} [المائدة: 91].
[عود إلى الحديث]
وقوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن بيع الرُّطَب بالتمر: "أَيَنْقُصُ الرطب إذا جَفَّ؟ قالوا: نعم، فَنَهَى عنه"(4)، وقوله: "لا يتناجى اثنان دون الثالث فإن ذلك
= (1/ 70)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 18)، وابن سعد (8/ 478)، من طريق إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، عن حُميدة بنت عُبيد، عن كبشة بنت كعب أن أبا قتادة.
وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح، وهو مما صححه مالك، واحتج به في الموطأ، ووافقه الذهبي. . وصححه البخاري والعقيلي والدارقطني؛ كما في "التلخيص الحبير"(1/ 41)، وقد اعترض بأن حميدة لم يوثقها إلا ابن حبان، وكبشة قيل: إنها صحابية وهو على الاحتمال. . . ويظهر أن تصحيح من صححه إنما اعتمد على إخراج مالك له في "الموطأ" وله طرق وشواهد ذكرها الحافظ في "التلخيص" فلتنظر.
وانظر "الخلافيات"(3/ 85)، وتعليقي عليه.
(1)
"كسرت عنقه"(و).
(2)
رواه البخاري (1265) في (الجنائز): باب الكفن في ثوبين، و (1266) في (الحنوط للميت)، و (1267 و 1268)، باب كيف يكفن المحرم، و (1839) في (جزاء الصيد): باب ما ينهى عن الطيب للمحرم، و (1849 و 1850): باب المحرم يموت بعرفة، و (1851) باب سنة المحرم إذا مات، ومسلم (1206) في (الحج): باب ما يفعل بالمحرم إذا مات، من حديث ابن عباس، ووقع في (ق):"إنه يبعث".
(3)
سيأتي تخريجه.
(4)
رواه مالك في "الموطأ"(2/ 624)، ومن طريقه الشافعي في "مسنده"(2/ 159)، وعبد الرزاق (14185)، والطيالسي (94)، وأحمد (1/ 175 و 179)، وأبو داود في "سننه" (3359) في (البيوع): باب في التمر بالتمر، والترمذي (1225) في (البيوع): باب النهي عن المحاقلة والمزابنة، والنسائي (7/ 269) في (البيوع): باب اشتراء التمر =
يُحْزِنُه" (1)، وقوله: "إذا وَقَعَ الذبابُ في إناء أحدكم فامقُلُوه (2)، فإن في أحد جناحيه داءً وفي الآخر دواءٌ، وإنه يَتّقِي بالجناح الذي فيه الداء" (3)، وقوله: "إن اللَّه ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمُر فإنها رجس" (4)، وقوله وقد سئل عن مَسِّ الذكر هل ينقض الوضوء؟ فقال: "هل هو إلا بضعة منك" (5)، وقوله في ابنة
= بالرطب، وابن ماجه (2246) في (التجارات) باب بيع الرطب بالتمر، والحميدي (75)، وابن أبي شيبة (6/ 182 و 14/ 204)، وابن الجارود (657)، وأبو يعلى (712 و 713 و 825)، والدورقي في "مسند سعد"(111)، وابن حبان (4997 و 5003)، والدارقطني في "سننه"(3/ 49)، والحاكم (2/ 38)، والبيهقي (5/ 294)، والبغوي (2068) من طريق عبد اللَّه بن يزيد، عن زيد أبي عياش، عن سعد بن أبي وقاص، وصححه الترمذي، وقال الحاكم:"هذا حديث صحيح لإجماع أئمة النقل على إمامة مالك بن أنس، وأنه محكم في كل ما يرويه من الحديث، إذ لم يوجد في رواياته إلا الصحيح، خصوصًا في حديث أهل المدينة".
وزيد أبو عياش هو ابن عياش المدني، وثقه الدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحح الترمذي وابن خزيمة وابن حبان حديثه؛ كما في "تهذيب التهذيب".
(1)
رواه البخاري في (الاستئذان)(6290): باب إذا كانوا أكثر من ثلاثة فلا بأس بالمساورة والمناجاة، ومسلم (2184) في (السلام): باب تحريم مناجاة الاثنين دون الثالث بغير رضاه، من حديث ابن مسعود.
(2)
"اغمسوه فيه"(و).
(3)
رواه البخاري (3320) في (بدء الخلق): باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، و (5782) في (الطب): باب إذا وقع الذباب في الإناء، من حديث أبي هريرة.
ويظهر أن ابن القيم دمج الحديثين في حديث، إذ أن لفظة:"امقلوه" واردة في حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد وغيره.
(4)
رواه البخاري (2991) في (الجهاد): باب التكبير عند الحرب، و (4199) في (المغازي): باب غزوة خيبر، و (5528) في (الذبائح): باب لحوم الحمر الأنسية، ومسلم (1940) في (الصيد): باب تحريم أكل لحم الحمر الأنسية، من حديث أنس بن مالك.
زاد مسلم: "فإنها رجس أو نجس".
(5)
رواه ابن أبي شيبة (1/ 165)، وأبو داود (182 و 183) في (الطهارة): باب الرخصة في ذلك، والترمذي (85) في (الطهارة): باب ما جاء في الوضوء من مس الذكر، وابن ماجه (483) في (الطهارة): باب الرخصة في ذلك، والنسائي (1/ 101) في (الطهارة): باب ترك الوضوء من ذلك، وأحمد في "مسنده"(4/ 22 و 23)، وعبد الرزاق (426)، وابن الجارود (20 و 21)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 75 و 76)، وابن حبان (1119 - 1121)، والطبراني في "الكبير"(8233 و 8234)، والدارقطني (1/ 149)، والبيهقي في "السنن"(1/ 134)، وابن سعد في "الطبقات"(5/ 552)، وأبو داود =
حمزة: "إنها لا تحلُّ لي؛ إنها ابنة أخي من الرضاعة"(1)، وقوله في الصدقة:"إنها لا تحل لآل محمد، إنما هي أوساخُ الناس"(2).
وقد قَرَّب النبي صلى الله عليه وسلم الأحكام لأمته (3) بذكر نظائرها وأسبابها، وضَرَبَ لها الأمثال، فقال له عمر: يا رسول اللَّه صَنَعْتُ اليوم أمرًا عظيمًا (4)؛ قَبَّلْتُ وأنا صائم، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو تَمَضْمَضْتَ بماء وأنت صائم؟ فقلت (5): لا بأس بذلك، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: فَصُمْ" (6) ولولا أنَّ حكم المثل حكم مثله، وأنَّ المعاني والعِلَلَ مؤثرة في الأحكام نفيًا وإثباتًا لم يكن لذكر هذا التشبيه معنى، فذكرهُ ليدل به على أنَّ حكم النظير حكمُ مثله، وأن نسبة القُبْلة التي هي وسيلة للوطء كنسبة وَضْع الماء في الفم الذي هو وسيلة إلى شُرْبِه، فكما أن هذا الأمر
= الطيالسي (204 - منحة)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1675) من طريق قيس بن طلق عن أبيه.
والحديث صححه عمرو بن علي الفلاس، وابن المديني، والطحاوي، وابن حبان، والطبراني، وابن حزم؛ كما في "التلخيص"(1/ 125)، وتكلم فيه غير واحد -أيضًا- وانظر "الخلافيات" للبيهقي (2/ 306)، وتعليقي عليه.
(1)
رواه أحمد (1/ 82 و 114 و 126 و 158)، ومسلم (1446) في (الرضاع): باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة، من حديث علي رضي الله عنه.
وأخرجه البخاري (4251) في (المغازي): باب عمرة القضاء، من حديث البراء، وفيه قصة.
(2)
رواه مسلم في "الصحيح"(كتاب الزكاة): باب ترك استعمال آل النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة (1072) من حديث المطلب بن ربيعة بن الحارث.
(3)
في المطبوع و (ك): "إلى أمته"، وفي (ك):"وقد فَرَّق"!.
(4)
في المطبوع و (ق) و (ك): "صنعت اليوم يا رسول اللَّه أمرا عظيمًا" كذا بتقديم وتأخير.
(5)
في (ق): "فقال".
(6)
رواه ابن أبي شيبة (3/ 61)، وأحمد (1/ 21، 52)، والدارمي (2/ 13)، وأبو داود (2385) في (الصوم): باب القبلة للصائم، والنسائي في "الكبرى"(3048)، وابن حبان (3544)، والحاكم (1/ 431)، والبيهقي (4/ 218 و 261)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2/ 89) من طريق الليث بن سعد، عن بُكير بن عبد اللَّه بن الأشج، عن عبد الملك بن سعيد، عن جابر بن عبد اللَّه أن عمر قال. . .
وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي! لكن عبد الملك بن سعيد من رجال مسلم فقط.
وقوله: "فصم" وقعت في (ك) و (ق): "نعم".
لا يضر فكذلك الآخر (1)، وقد [قال صلى الله عليه وسلم للرجل الذي] (2) مسألة فقال: إنَّ أبي أدركه الإسلام وهو شيخ كبير لا يستطيع ركوبَ الرَّحْلِ، والحجُّ مكتوب عليه، أفأحجُّ عنه؟ قال (3):"أنْتَ أكْبَرُ ولده؟ قال: نعم، قال: أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته عنه أكان يُجْزي عنه؟ قال: نعم، قال: فَحُجَّ عنه"(4) فقرَّب الحكمَ من الحكم، وجعل دَيْن اللَّه [سبحانه](5) في وجوب القضاء أو في قبوله بمنزلة دَيْن الآدمي، وألحق النظير بالنظير، وأكَد هذا المعنى بضَرْب من الأوْلى، وهو قوله:"اقْضُوا اللَّه؛ فاللَّه أحَقُّ بالقَضَاء"(6) ومنه الحديث الصحيح أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:
(1) في (ق): "فكذلك نظيره"، وفي (ك):"فكذلك".
(2)
ما بين المعقوفتين في (ك): "قال لرجل النبي"، وفي (ق):"قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل".
(3)
في (ق): "فقال".
(4)
رواه بهذا اللفظ أحمد (4/ 5)، والدارمي (2/ 41) في (الحج): باب الحج عن الميت، والنسائي في (الحج)(5/ 117) باب تشبيه قضاء الحج بقضاء الدين، وأبو يعلى (6812)، والبيهقي (4/ 329) من طريق جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن يوسف بن الزبير عن عبد اللَّه بن الزبير.
قال البيهقي: اختلف في هذا على منصور، فرواه جرير بن عبد الحميد هكذا، ورواه عبد العزيز بن عبد الصمد عن منصور عن مجاهد عن مولى لابن الزبير يقال له: يوسف بن الزبير، أو الزبير بن يوسف عن ابن الزبير عن سودة، وأرسله الثَّوري عن منصور فقال: عن يوسف بن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، والصحيح عن مجاهد، عن يوسف بن الزبير، عن ابن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ كذلك قاله البخاري.
أقول: رواية عبد اللَّه بن الزبير عن سودة: رواها أحمد (6/ 429)، والدارمي (2/ 41)، وأبو يعلى (6818)، والطبراني في "الكبير"(24/ 101)، والبيهقي (4/ 429).
ومثل هذا الاختلاف لا يضر؛ لكن يبقى النظر في حال يوسف بن الزبير أو الزبير بن يوسف، إذ أنه روى عنه أكثر من واحد، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي في "الكاشف":"وثق"، وذكر حديثه هذا في "الميزان"(4/ 465)، وقال:"هذا حديث صحيح الإسناد"، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 282): رجاله ثقات.
على كل حال يوسف هذا حديثه يرتقي إلى الحسن في أحسن أحواله.
وشاهده عند البخاري في "صحيحه"(كتاب جزاء الصيد): باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة: (4/ 66/ رقم 1853، 1854)، وفي (باب الحج والنذور عن الميت):(4/ 64/ رقم 1852) من نفس الكتاب، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الحج): باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما أو للموت، (2/ 973 /رقم 1334)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه.
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(6)
رواه البخاري في (جزاء الصيد)(1852): باب الحج والنذور عن الميت، و (6699) في =
"وفي بُضْع أحَدكم صدقة، قالوا: يا رسول اللَّه يأتي أحَدُنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضَعَها في حرام أكان يكن (1) عليه وِزْر؟ قالوا: نعم، قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له أجر"(2) وهذا من قياس العكس الجَليّ البيّن (3)، وهو إثبات نقيض حكم الأصل في الفرع لثبوت ضد علته فيه، ومنه الحديث الصحيح:"أن أعرابيًا أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: إن امرأتي وَلَدَتْ غلامًا أسْوَدَ، وإني أنكَرْتُه، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هل لَكَ من إبل؟ قال: نعم، قال: فما ألوانها؟ قال: حُمْر، قال: هل فيها من أوْرَقَ؟ قال: إن فيها لوُرْقًا، قال: فأنَّى ترى ذلك جاءها؟ قال: يا رسول اللَّه عِرْق نَزَعه، قال: ولعلَّ هذا عرق نزعه"(4)، ولم يرخَّصْ له في الانتفاء منه، ومن تراجم البخاري على هذا الحديث "باب مَنْ شَبَّه أصلًا معلومًا بأصل مُبين قد بَيِّن اللَّه حكمهما ليفهم السائل" ثم ذكر بعده حديث ابن عباس:"أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نَذَرَتْ أن تحجَّ فماتت قبل أن تحج، أفأحجُّ عنها؟ قال: نَعَمْ حُجي عنها، أرأيتِ لو كان على أمك دين أكنتِ قاضيتَهُ؟ قالت: نعم، فقال: اقضوا اللَّه [فإن اللَّه] (5) أحقُّ بالوفاء"(6).
= (الأيمان والنذور): باب من مات وعليه نذر، و (7315) في (الاعتصام): باب من شبه أصلًا معلومًا بأصل مُبَيَّن، من حديث ابن عباس.
ولفظ الحديث في الموطن الأول والثالث: "فإن اللَّه أحق بالوفاء".
(1)
في (ق): "يكون".
(2)
أخرجه مسلم في "الصحيح"(كتاب الزكاة) باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، (2/ 697/ رقم 1006) من حديث أبي ذر.
ووقع في (ك): "قال نعم، قال أرأيتم".
وفي الحديث ثبتَ عليه الصلاة والسلام الأجر لوضع الشهوة في حلال مقارنًا له على وجه التمثيل بثبوت الوزر بوضعها في حرام، وهذا ما يسميه الأصوليون قياس العكس، وهو الاستدلال بنقيض العلة على الحكم، والتحقيق أنه بطريق أضعف من قياس الشبه؛ فلا يستقل بتفصيل الحكم، ومن الجائز أن يكون ثبوت الأجر لوضع الشهوة في الحلال متلقى من طريق الوحي، وتكون مقارنته بوضعها في حرام، واردة لغرض آخر كتقريب المعنى إلى فهم المخاطب، لا للتنبيه على دخول هذا النوع في المقاييس المعتد بها في أصول الأحكام.
(3)
في (ق): "المبين".
(4)
رواه البخاري (5305) في (الطلاق): باب إذا عَرَّض بنفي الولد، و (6847) في (الحدود): باب ما جاء في التعريض، و (7314) في (الاعتصام): باب من شَبَّه أصلًا معلومًا بأصل مبين، ومسلم (1500) في (اللعان)، من حديث أبي هريرة.
(5)
بدلها في (ق): "فاللَّه".
(6)
رواه البخاري (1852) في (جزاء الصيد): باب الحج والنذور عن الميت، و (6699) في =