الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالعلم؟ فقال: ما أضَرَّ الفتيا على أهلها! فقلت: فبم؟ قال: بقول الناس فيَّ ما لم يعلم اللَّه [أنه] مِنِّي (1).
قال أبو عمر: وقال سحنون يومًا: إنا للَّه، ما أشقى المفتي والحاكم! ثم قال: ها أنذا يُتعلم مني ما تُضْرَب به الرقاب، وتُوَطأ به الفروج وتُؤخذ (2) به الحقوق، أما كنت عن هذا غنيًا (3)؟.
قال أبو عمر: وقال أبو عثمان الحَدَّاد: القاضي أيْسَرُ مأْثمًا وأقرب إلى السلامة من الفقيه -يريد المفتي-؛ لأن الفقيه مِنْ شأنِهِ إصدار ما يَرد عليه من ساعته بما حَضَرَهُ من القول، والقاضي شأنه الأناة والتثبت، ومن تأنّى وتثبت تهيَّأَ له من الصواب ما لا يتهيأ لصاحب البديهة (4). انتهى.
وقال غيره: المفتي أقربُ إلى السلامة من القاضي؛ لأنه لا يلزم بفتواه، وإنما يخبر بها من استفتاه، فإن شاء قَبل قوله، وإن شاء تركه؛ وأما القاضي فإنه يلزم بقوله، فيشترك هو والمفتي في الإخبار عن الحكم، ويتميز القاضي بالإلزام (5)، والقضاء؛ فهو من هذا الوجه خَطرُه أشَدُّ.
[خطر تولي القضاء]
ولهذا جاء في القاضي من الوعيد والتخويف ما لم يأت نظيرُه في المفتي كما رواه أبو داود الطيالسي من حديث عائشة [رضي الله عنها]، أنها ذكر عندها القُضَاة فقالت: سمعت رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "يُؤتَى بالقاضي العَدْلِ يوم القيامة فَيَلْقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يَقْضِ بين اثنين في تمرة قط"(6).
(1) انظر: "الجامع"(رقم 2219) وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(2)
في (ق): "ويؤخذ".
(3)
انظر: "الجامع"(رقم 2220).
(4)
انظر: "الجامع"(رقم 2221).
(5)
في (ك) و (ق): "بالإلزام به".
(6)
رواه الطيالسي (1446)"منحة المعبود" -ومن طريقه البيهقي (10/ 96) - والبخاري في "التاريخ الكبير"(4/ 282)، ووكيع في "أخبار القضاة"(1/ 20 - 21) عن عمر بن العلاء اليشكري، حدثنا صالح بن سرج بن عبد القيس، عن عمران بن حطان؛ قال: سمعت عائشة. . . فذكره.
قال البيهقي: كذا في كتابي عمر بن العلاء.
ثم رواه من طريق آخر فقال: عن عمرو بن العلاء، وكذا في "تاريخ البخاري"، وهو الصواب، قال أبو حاتم: روى عنه أبو داود الطيالسي؛ فقال: عمر بن العلاء.
أقول: صالح بن سرج ذكره البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا =
وروى الشعبي، عن مسروق، عن عبد اللَّه يرفعه:"ما مِنْ حاكم يحكم بين الناس إلا وُكِّلَ به مَلك آخذ بقَفَاه حتى يقف به على شَفير جهنم، فيرفع رأسه إلى اللَّه، فإن أمره أن يَقْذِف قَذَفه في مَهْوى أربعين خريفًا"(1).
وفي "السنن" من حديث ابن بُرَيْدة، عن أبيه؛ قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجنة؛ رجلٌ عَرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى بين الناس بالجهل فهو في النار، ورجل عرف الحق فجار فهو في النار"(2).
= تعديلًا، وكذا عمرو بن العلاء إلا أنه روى عنه جمع من الثقات، وعمران بن حطان كان خارجيًا، إلا أنه صدوق روى له البخاري.
وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(1)
رواه أحمد (1/ 431)، وابن ماجه (2311)، والدارقطني (4/ 205)، والبيهقي (10/ 89 و 96 - 97)، ووكيع في "أخبار القضاة"(1/ 19)، من طريق مجالد بن سعيد، عن عامر الشعبي، عن مسروق، عن عبد اللَّه بن مسعود به مرفوعًا.
قال البوصيري في "الزوائد"(2/ 29): "هذا إسناد ضعيف لضعف مجالد بن سعيد".
وسقطت "قذفه" من (ك) والعبارة في (ق): "فإن أمره أن يقذفه قذفه. . . ".
(2)
رواه أبو داود في (الأقضية): باب في القاضي يخطئ (3573)، والترمذي (1322 م) في (الأحكام): باب ما جاء عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في القاضي، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف"(2/ 95)، وابن ماجه (2315) في (الأحكام): باب الحاكم يجتهد فيصيب الحق، ووكيع في "أخبار القضاة"(1/ 14)، والبيهقي (10/ 116) من طريق خلف بن خليفة عن أبي هاشم الرماني عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه، وقال أبو داود:"وهذا أصح شيء فيه، يعني: حديث ابن بريدة: القضاة ثلاثة".
أقول: خلف بن خليفة ثقة، إلا أنه تغير في آخر عمره حيث بلغ التسعين أو المئة، لكنه توبع.
فقد رواه ابن عدي (2/ 865) و (4/ 1332)، والطبراني في "الكبير"(2/ 1154)، والحاكم (4/ 90)، والبيهقي (10/ 117)، ووكيع في "أخبار القضاة"(1/ 14)، والروياني في "مسنده"(رقم 66)، من طريق شريك عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن عبد اللَّه بن بريدة، عن أبيه مرفوعًا، وصححه الحاكم على شرط مسلم! ووافقه الذهبي، وقال في "الكبائر" (ص 103 - بتحقيقي):"إسناده قوي"، قلت: نعم، في الشواهد؛ وإلا فشريك هو القاضي سيء الحفظ.
ورواه الطبراني في "الكبير"(1156) من طريق قيس بن الربيع عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.
وقيس ضعيف.
ورواه ابن عدي (6/ 2161) من طريق محمد بن جابر، عن أبي إسحاق، عن ابن =
وقال عمر بن الخطاب [رضي الله عنه](1): ويل لدَيَّان مَنْ [في](2) الأرض من ديان من في السماء، يوم يلقونه، إلا مَنْ أمر بالعدل، وقضى بالحق، ولم يقض على هوى، ولا على قرابة، ولا على رَغَب ولا رَهَب، وجعل كتاب اللَّه مرآة [بين](3) عينيه (4)
وفي "سنن أبي داود" من حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"مَنْ طلب قضاء المسلمين حتى يناله، ثم غلب عَدْلُه جورَه فله الجنة، ومن غلب جَوْرُه عدله فله النار"(5)
= بريدة، عن أبيه، وقال:"وهذا لا أعلم رواه عن أبي إسحاق غير محمد بن جابر، ومحمد هذا ضعيف".
ورواه الحاكم (4/ 90)، ووكيع في "أخبار القضاة" (1/ 15) من طريق عبد اللَّه بن بكير عن حكيم بن جبير عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه به! وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قال الذهبي:"ابن بكير الغنوي منكر الحديث". وقد ذكره -أي الحديث- الحافظ في
"التلخيص" وسكت عليه، وله شاهد من حديث ابن عمر، رواه وكيع في "أخبار القضاة"(1/ 15، 16 - 17)، والطبراني في "الكبير" -كما في "مجمع الزوائد" (4/ 193) وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" -ورجال الكبير ثقات-، ورواه أبو يعلى نحوه.
والحديث صحيح بمجموع طرقه، انظر:"إرواء الغليل"(8/ 235)، و"المجالسة"(رقم 1597 - بتحقيقي)
(1)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من نسخة (د).
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(4)
رواه الأصم، ومن طريقه ابن عساكر في "أماليه"، كما في "تخريج أحاديث العادلين"(ص 163 - بتحقيقي)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(10/ 117)، من طريق عقبة بن عقبة: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، حدثني إسماعيل بن عبيد اللَّه، عن عبد الرحمن بن غَنْم عنه.
وإسناده جيد. وتوبع عقبة، فأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه":(كتاب السياسة) -كما في "تخريج أحاديث العادلين"(ص 163)، و"كنز العمال"(5/ 757) - عن بشر بن بكر، وأبو نعيم في "العادلين"(رقم 44 - بتحقيقي) عن عبد الأعلى بن مسهر، وابن أبي شيبة -ومن طريقه وكيع في "أخبار القضاة"(1/ 30 - 31) -، وأحمد في "الزهد" (ص 155) كلاهما قال: ثنا وكيع حدثنا سعيد بن عبد العزيز به.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "مواعظ الملوك"، ومن طريقه ابن عربي في "محاضرة الأبرار"(2/ 116 - 117)، والمحاسبي في "الرعاية"(ص 48)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (ص 285 - 286 - ترجمة عمر: من طرق عن عمر بنحوه، وأخرجه الخرائطي في "فضيلة الشكر"(رقم 67)، والبيهقي في "الشعب"(6/ رقم 7393) من قول كعب الأحبار كلم عمر بن الخطاب به.
(5)
رواه أبو داود (3575) في (الأقضية): باب في القاضي يخطئ، -ومن طريقه البيهقي =
وفي "سنن البيهقي" من حديث ابن جُرَيْج (1)، عن عطاء، عن ابن عباس؛ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"اللَّه مع القاضي ما لم يَجُرْ، فإذا جار برئ [اللَّه منه ولزمه الشيطان"(2)
= (10/ 88) - من طريق ابن نجدة عن جَدّه يزيد بن عبد الرحمن، وهو أبو كثير، قال: حدثني أبو هريرة به.
وهذا إسناد ضعيف، موسى بن نجدة هذا قال فيه الذهبي: لا يعرف، وقال الحافظ: مجهول.
والحديث ذكره شيخنا الألباني -رحمه اللَّه تعالى- في "الضعيفة"(1186)، وذكره الحافظ في "الفتح"(13/ 124) ساكتًا عليه.
(1)
في (ن) و (ق) و (ك): "ابن جرير"!
(2)
هذا المتن بهذا الإسناد إنما هو حديث عبد اللَّه بن أبي أوفى، وقد وقع سبقُ نظر من الإمام ابن القيم رحمه الله حيث أن الأسناد الذي ذكره هو لحديث آخر وهو:"إذا جلس القاضي في مكانه هبط عليه ملكان يسددانه ويوفقانه ويرشدانه ما لم يجر؛ فإذا جار عرجا وتركاه"، وقد خرجناه في غير هذا المكان.
ثم ذكر البيهقي بعده حديث ابن أبي أوفى المذكور، وله لفظ آخر ذكره ابن القيم بعده.
وحديث ابن أبي أوفى رواه الترمذي (1330) في (الأحكام): باب ما جاء في الإمام العادل، وابن حبان (5062)، والحاكم (4/ 93)، والبيهقي (10/ 88 و 134) من طرق عن عمرو بن عاصم، حدثنا عمران القطان عن الشيباني (سليمان بن أبي سليمان أبي إسحاق) عنه مرفوعًا به.
وهذا إسناد على شرط الشيخين.
لكن رواه ابن ماجه (2312) في (الأحكام): باب التغليظ في الحيف والرشوة، وابن عدي في "الكامل"(6/ 2145)، ومن طريقه البيهقي (10/ 88)، والمزي في "تهذيب الكمال"(6/ 458) من طرق عن محمد بن بلال، عن عمران القطان، عن حسين. [في "سنن ابن ماجه" و"تهذيب المزي" ابن عمران وفي "الكامل":(المعلم)]. عن أبي إسحاق الشيباني به.
ومحمد بن بلال هذا صدوق يُغْرب كما قال الحافظ، وعمرو بن عاصم ليس بذاك وإن أخرج له الشيخان إلا أن له أوهامًا، فالظاهر أن عمران سمعه بواسطة ثم سمعه مباشرة، وهذا كثير الوقوع.
وفي الباب عن معقل بن يسار، رواه أحمد (5/ 26)، قال الهيثمي (4/ 193): وفيه أبو داود الأعمى وهو كذاب.
وعن زيد بن أرقم، رواه الطبراني في "الكبير"(5077)، وفيه -أيضًا- أبو داود وهو كذاب.
وعن ابن مسعود رواه الطبراني (9792)، وفيه حفص بن سليمان القارئ وهو متروك.
وعن ابن عباس وأبي موسى، عند وكيع في "أخبار القضاة"(1/ 13) بسندين ضعيفين جدًّا.
وفيه من حديث] (1) حُسَين المُعلِّم، عن الشَّيْباني، عن [ابن] (2) أبي أوفى قال: قال رسو [ل اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه مع القاضي](1) ما لم يجر، فإذا جار وكَلَه إلى نفسه" (3).
وفي "السنن الأربعة" من حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"مَنْ قعد قاضيًا بين المسلمين فقد ذَبَحَ [نفسَه] بغير سكين"(4).
وفي "سنن البيهقي" من حديث أبي حازم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم،
(1) ما بين المعقوفتين بياض في (ق).
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(3)
أخرجه ابن ماجه في "السنن"(2/ رقم 2312)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(4/ رقم 2365)، والبزار في "البحر الزخار"(8/ رقم 3335، 3337)، وابن عدي في "الكامل"(6/ 1245)، ووكيع في "أخبار القضاة"(1/ 35)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 88)، والمزي في "تهذيب الكمال"(6/ 458) عن عمران القطان، عن حسين المعلم به.
وأخرجه النرمذي في "الجامع"(2/ رقم 1345)، وابن حبان في "الصحيح"(11/ رقم 5062 - الإحسان)، والبزار في "البحر الزخار"(8/ رقم 3336)، والدينوري في "المجالسة"(رقم 4293 - بتحقيقي)، والحاكم في "المستدرك"(4/ 93)، ووكيع في "أخبار القضاة"(1/ 34)، والبيهقي في "الكبرى"(10/ 88) عن عَمرو بن عاصم الكِلابي عن عمران القطان به، وأسقط (حسين المعلم).
قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
(4)
رواه أحمد (2/ 230 و 365)، وابن أبي شيبة (7/ 238)، وأبو داود (3571) و (3572) في (الأقضية): باب في طلب القضاء، والترمذي (1325) في (الأحكام): باب ما جاء عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في القاضي، وابن ماجه (2308) في (الأحكام): باب ذكر القضاة، ووكيع في "أخبار القضاة"(1/ 8 و 9 - 12)، وأبو يعلى (5866) و (6613)، والطبراني في "الصغير"(491)، وابن عدي (1/ 224) و (2/ 465)، والدارقطني (4/ 203 و 204)، والبيهقي (10/ 96)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(395) و (396)، والبغوي في "شرح السنة"(2496)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(6/ 151)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(2/ 756 و 757)، والحاكم (4/ 91) من حديث أبي هريرة.
وقال الترمذي: "حسن غريب" وحسنه البغوي.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وقال ابن الجوزي: "لا يصح" فرده الحافظ في "التلخيص"(4/ 184)، وقال:"ليس كما قال"، وكفاه قوة تخريج النسائي له، وذكر الدارقطني الخلاف فيه على سعيد المقبري، قال:"والمحفوظ عن سعيد المقبري عن أبي هريرة" قلت: واعتنى بطرقه عنه وكيع في "أخبار القضاة"(1/ 7 - 12) وقَوَّاه العقيلي (3/ 298).
وما بين المعقوفتين سقط من (ق).