الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حال ابن عباس]
وذكر سفيان بن عُيَيْنَة، عن عُبيد اللَّه بن أبي يزيد (1) قال: سمعت ابن عباس إذا سئل عن شيء فإن كان في كتاب اللَّه قال به، وإن لم يكن في كتاب اللَّه وكان عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال به، فإن لم يكن في كتاب اللَّه ولا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكان عن أبي بكر وعمر قال به، فإن لم يكن في كتاب اللَّه ولا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولا عن أبي بكر وعمر اجتهد رأيه (2).
[حال أبيّ بن كعب]
وقال ابن أبي خَيْثمة: حدثني أبي: ثنا عبد الرحمن بن مَهْدي، عن سُفيان، عن عبد الملك بن أبْجَر (3)، عن الشعبي، عن مسروق قال: سألتُ أبيَّ بن كعب عن شيء فقال: أكان هذا؟ قلت: لا، قال: فأجِمَّنَا (4) حتى يكون، فإذا كان اجتهدنا لك رأينا (5).
[جملة من أخذ من الصحابة بالرأي]
قال أبو عمر بن عبد البر: وروينا عن ابن عباس أنه أرسل إلى زيد بن ثابت: أفي كتاب اللَّه ثُلُثُ ما بقي؟ فقال: أنا أقول برأيي وتقول برأيك (6).
(1) في (ق) و (ك): "عبد اللَّه بن يزيد".
(2)
أخرجه الدارمي في "السنن"(1/ 59)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(7/ 242)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(2/ 366)، والحاكم (1/ 127)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 115)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(2/ 202 - 203 رقم 1600، 1601، 1602)، وابن حزم في "الإحكام"(5/ 206 و 6/ 28 - 29)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 849 - 850/ رقم 1600، 1601، 1602) من طريق سفيان بن عيينة عن، عُبيد اللَّه بن أبي يزيد؛ قال: سمعت ابن عباس: إذا سئل. . . به.
وإسناده صحيح، وصححه البيهقي، وانظر "نصب الراية"(4/ 64).
(3)
في (ق) و (ك): "عبد الملك بن الحارث".
(4)
"من الإجمام، أي: اتركنا وأرحنا"، (د) و (ح) و (ط)، ونحوه في (و).
(5)
رواه الدارمي في "السنن"(2/ 132 رقم 157 - مع "فتح المنان")، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(3/ 499)، وأبو خيثمة في "العلم" (رقم: 76)، ومن طريقه ابن عبد البر (1604)، وإسناده صحيح، ورواه ابن بطة في "الإبانة"(315) و (316) من طريق سفيان به.
(6)
هو في "الجامع" برقم (1605) دون سند.
وعن ابن عمر أنه سئل عن شيء فَعَلَهُ: أرأيتَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فعل هذا أو شيء رأيته؟ قال: بل شيء رأيته (1).
وعن أبي هريرة أنه كان إذا قال في شيء برأيه قال: هذه من كِيسِي، ذكره ابن وهْبَ، عن سُليمان بن بلال، عن كثير بن زَيْد، عن وليد بن رَبَاح (2) عن أبي هريرة (3).
وكان أبو الدرداء يقول: إيَّاكم وفِرَاسَةَ العلماء (4)، احذروا أن يشهدوا عليكم شهادَةً تكُبُّكُمْ على وجوهكم في النار، فواللَّه إنه للحَقُّ يقذف اللَّه في قلوبهم (5).
قلت: وأصل هذا في الترمذي (6) مرفوعًا: "اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور اللَّه، ثم قرأ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75].
(1) ذكره ابن عبد البر (1606) عنه من غير إسناد.
(2)
وفي (ك) و (ق): "هذا من كيسي" و"ابن أبي رباح" وزيادة "أبي" خطأ.
(3)
علقه عنه ابن عبد البر في "الجامع"(1607)، وإسناد ابن وهب حسن، كثير بن زيد هو الأسلمي، فيه كلام، ووليد بن رباح قال البخاري: حسن الحديث وقال أبو حاتم: صالح.
وروى البخاري (5355) في (النفقات) حديثًا ثم زاد فيه أبو هريرة كلامًا فقالوا: يا أبا هريرة، سمعت هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، هذا من كيس أبي هريرة.
وروى أحمد في "مسنده"(2/ 299) حديثًا -أيضًا- ثم قال أبو هريرة: "هذه من كيسي".
(4)
"الفراسة -بالكسر-: الاسم من قولك: تفرست فيه خيرًا" و"هو يتفرس" أي: "يتثبت وينظر"(د) و (ط) و (ح).
(5)
ذكره ابن عبد البر (1609) دون إسناد.
وفي (ك): "بشهادة تكبُّكم".
(6)
رواه الترمذي (3127) في (التفسبر): باب ومن سورة الحجر، والبخاري في "التاريخ الكبير"(7/ 354)، وابن جرير في "تفسيره"(14/ 46)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(7/ 2270 رقم 12427)، وأبو الشيخ في "الأمثال" رقم (127)، والعقيلي في "الضعفاء"(4/ 129)، وأبو نعيم في "الحلية"(10/ 281 و 282)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(3/ 191 و 7/ 242)، من طريق عمرو بن قيس، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا به.
قال الترمذي: "حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه".
قلت: فيه عطية العوفي وهو ضعيف.
ثم أعله العقيلي بعلة أخرى حيث رواه من طريق سفيان عن عمرو بن قيس قال: كان يقال: اتقوا فراسة المؤمن. . . =
وقال أبو عمر: ثنا عبد الوارث بن سفيان: ثنا قاسم بن أصْبغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخُشَنِي (1) ثنا إبراهيم بن أبي الفياض البَرْقّي الشيخ الصالح: ثنا سُليمان بن يَزيع الإسكندراني: ثنا مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد الأنصاريّ، عن سعيد بن المسَيَّبِ، عن علي، قال: قلت: يا رسول اللَّه الأمر ينزل بنا لم يَنْزِل فيه القرآن، ولم تَمْضِ فيه منك سنة، قال: "اجْمَعُوا له
= قال: وهذا أولى، ونحوه قال الخطيب في "تاريخ بغداد".
والحديث له شواهد عن جمع من الصحابة، منها: حديث أبي أمامة: رواه الطبراني في "الكبير"(7497)، وأبو نعيم في "الحلية"(6/ 118)، والقضاعي (663)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(5/ 99)، وابن عدي في "الكامل"(4/ 1523 و 6/ 2401)، وابن عبد البر في "الجامع"(1197) من طريق عبد اللَّه بن صالح عن معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عنه.
قال الهيثمي في "المجمع"(10/ 268): "إسناده حسن".
وقال السيوطي في "اللآلئ"(2/ 330): "فإنه بمفرده على شرط الحسن، وعبد اللَّه بن صالح لا بأس به".
قلت: هذا الطريق في رواته كلام، وإليك التفصيل:
راشد بن سعد ثقة كثير الإرسال، ومعاوية بن صالح: وثقه ابن معين، والعجلي، وابن حبان، وعبد الرحمن بن مهدي، وكان يحيى بن سعيد لا يرضاه.
وقال ابن عدي: وما أرى بحديثه بأسًا وهو عندي صدوق.
وأما عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث، فقد تكلموا فيه كثيرًا، وقد قال فيه ابن حجر في "هدي الساري":"إن حديثه في الأول كان مستقيمًا، ثم طرأ عليه فيه تخليط؛ فمقتضى ذلك: أن ما يجيء من رواينه عن أهل الحذق كيحيى بن معين، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم؛ فهو صحيح حديثه، وما يجيء من رواية الشيوخ عنه فيتوقف فيه".
وقال في "التقريب": "صدوق كثير الغلط، ثَبْتٌ في كتابه، وكانت فيه غفلة".
أقول: وكلا القولين لابن حجر فيه نظر، نَعَم الرجل كان متماسكًا ثم فسد في آخر عمره، وما يدرينا أن هؤلاء رووا عنه من صحيح حديثه فقط؛ قد يكون البخاري -إن صح أنه أخرج له في الصحيح- ينتقي من حديثه لأنه يخرج له في "الصحيح" فهل كان ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم لا يروون عن الراوي إلا صحيح حديثه؟
وأما أنه ثبت في كتابه فهذه عبارة لاين معين، لكن يظهر من ترجمته أنه كان عنده غفلة، فيُدخل له أحاديث في كتبه ثم يرويها، وقد قال هذا ابن حبان وغيره.
وعلى كل حال؛ فالإسناد هذا ضعفه مُحْتَمِل.
والحديث له طرق أخرى؛ ولكنها كلها واهية شديدة الضعف، لا تصلح في المتابعات، انظرها مفصلة في "سلسلة الأحاديث الضعيفة"(1821).
(1)
في (ق) و (ك): في "الحسني".
العالِمين (1) -أو قال: العابدين- من المؤمنين، فاجعلوه شُورى بينكم، ولا تَقْضُوا (2) فيه برأي واحد" (3).
وهذا غريب جدًّا من حديث مالك، وابراهيم البَرْقي وسُليمان ليسا ممن يحتج بهما.
وقال عمرُ لعلي وزيد: لولا رأيُكما لاجتمع رأيي ورأي أبي بكر، كيف يكون ابني ولا أكون أباه؟ يعني الجد (4).
وعن عمر أنه لقي رجلًا فقال: ما صنعت؟ قال: قضى عليٌّ وزيدٌ بكذا، قال: لو كنت أنا لقضيت بكذا، قال: فما منعك والأمر إليك؟ قال: لو كنت أردُّك إلى كتاب اللَّه أو [إلى] سنة نبيه صلى الله عليه وسلم لفعلت، ولكني أردك إلى رأيٍ، والرأي مشترك (5). فلم يَنْقُضْ ما قال علي وزيد.
وذكر الإمام أحمد عن عبد اللَّه بن مسعود أنه قال: إن اللَّه اطَّلَعَ في قلوب العباد فرأى قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد؛ فاختاره لرسالته، ثم اطلع في قلوب العباد بعده فرأى قلوب أصحابه خير قلوب العباد فاختارهم لصحبته، فما
(1) وقع في (ق): "ولم يمض" و (ق) و (ك): "الصالحين".
(2)
في (ق) و (ك): "ولا تفتوا".
(3)
رواه ابن عبد البر في "الجامع"(1611) و (1612)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(1/ 191 و 2/ 184).
قال ابن عبد البر: "هذا حديث لا يعرف من حديث مالك؛ إلا بهذا الإسناد، ولا أصل له في حديث مالك عنده، واللَّه أعلم، ولا في حديث غيره، وابراهيم البَرْقي، وسليمان بن بزيع، ليسا بالقويين، ولا ممن يحتج بهما، ولا يعوَّل عليهما".
ونقل الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" عن الدارقطني قوله في "غرائب مالك": "لا يصح، تفرد به إبراهيم بن أبي الفياض، عن سليمان، ومن دون مالك ضعيف، ونحوه نقل عن الخطيب في الرواة عن مالك".
قلت: إبراهيم وسليمان ترجمهما في "الميزان"، ونقل عن ابن يونس قوله في الأول: روى عن أشهب مناكير، وفي الثاني: منكر الحديث.
وسليمان جاء اسم أبيه في (ك): "ربيع"!!
(4)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 247) من طريق الشعبي به وقال: هذا مرسل، الشعبي لم يدرك أيام عمر، غير أنه مرسل جيد.
وذكره ابن عبد البر في "الجامع"(1613) دون إسناد.
(5)
ذكره ابن عبد البر هكذا دون إسناد (1614)(ص 854). وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
رآه المؤمنون حسنًا فهو عند اللَّه حسن، وما رآه المؤمنون قبيحًا فهو عند اللَّه قبيح (1).
وقال ابن وهب عن ابن لَهِيعة: إن عمر بن عبد العزيز استعمل عُرْوَة بن محمد السَّعْدي على اليمن، وكان من صالحي عُمَّال عمر، وإنه كتب إلى عمر يسأله عن شيء من أمر القضاء، فكتب إليه عمر: لَعَمْرِي، ما أنا بالنشيط على الفتيا وما وجدت منها بُدًّا، وما جعلتك إلا لتكفيني، وقد حَمَّلتك ذلك، فاقض فيه برأيك (2).
[و](3) قال محمد بن سعد: أخبرني رَوْح بن عُبادة: ثنا حماد بن سلمة، عن الجُرَيْري أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قال للحسن: أرأيت ما تُفْتِي به الناس، أشيء سمعته أم برأيك؟ فقال الحسن: لا واللَّه ما كُلُّ ما نفتي به سمعناه، ولكنْ رأيُنَا لهم خير من رأيهم لأنفسهم (4).
وقال محمد بن الحسن: مَنْ كان عالمًا بالكتاب والسنة وبقول أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبما استحسن فقهاء المسلمين وَسِعَهُ أن يجتهد رأيه فيما يُبتلى به، ويقضي به، ويمضيه في صلاته وصيامه وحجِّه وجميع ما أُمِرَ به ونُهي عنه، فإذا
(1) أخرجه الطيالسي في "المسند"(رقم 246)، وأحمد في "المسند"(رقم 3600 - ط شاكر) والطبراني في "الكبير"(9/ 18 رقم 8582، 8583، 8593)، والبزار في "مسنده"(رقم 130 - زوائده)، والحاكم في "المستدرك"(3/ 78 - 79)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 377 - 378)، والبيهقي في "المدخل"(ص 8)، و"الاعتقاد"(ص 162)، والبغوي في "شرح السنة"(رقم 150) بأسانيد بعضها حسن، عن ابن مسعود موقوفًا، قال الزركشي في "المعتبر" (رقم 294):"لم يرد مرفوعًا، والمحفوظ وقفه على ابن مسعود".
قلت: أخرج الخطيب في "تاريخه"(4/ 165) نحوه مرفوعًا، وفيه سليمان بن عمرو النخعي كذاب.
قال المصنف في "الفروسية"(ص 298 - بتحقيقي) عنه: "إن هذا ليس من كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، يضيفه إلى كلامه مَنْ لا عِلْم له بالحديث، وإنما هو ثابت عن ابن مسعود من قوله، ذكره الإمام أحمد وغيره موقوفًا عليه".
(2)
علقه من طريقه: ابن عبد البر (1617)، وابن لهيعة مات سنة 174 هـ، وقد ناف عن الثمانين، فيظهر أنه لم يدرك الحادثة، فهو منقطع.
(3)
ما بين المعقوفتين من (ك) و (ق).
(4)
رواه ابن سعد في "الطبقات"(7/ 165)، من هذه الطريق، وذكره ابن عبد البر عن ابن سعد (1619، ص 856)، وإسناده صحيح، رواته كلهم ثقات والجُريري هو سعيد بن إياس اختلط، لكن رواية حماد بن سلمة عنه قبل الاختلاط.